ذكر أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، أن وفد كييف بدأ العمل في جنيف حيث يناقش خطة اقترحتها الولايات المتحدة للسلام في أوكرانيا.
وقال يرماك: «بشكل عام، من المقرر عقد سلسلة من الاجتماعات بأشكال مختلفة اليوم. نواصل العمل معاً لتحقيق سلام مستدام وعادل لأوكرانيا». وأضاف: «الاجتماع المقبل سيكون مع الوفد الأميركي. إننا إيجابيون للغاية».
وأظهرت وثيقة، اطلعت عليها وكالة «رويترز»، الأحد، أن الأوروبيين قدموا نسخة معدلة من خطة الولايات المتحدة للسلام في أوكرانيا ترفض القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية، والتنازلات المرتبطة بالأراضي.
وتقترح الوثيقة، التي أُعدت للمحادثات بشأن الخطة في جنيف، أن يكون الحد الأقصى للقوات المسلحة الأوكرانية 800 ألف جندي «في وقت السلم» بدلاً من الحد الأقصى الشامل البالغ 600 ألف الذي اقترحته الخطة الأميركية.
وتنص الوثيقة أيضاً على أن «المفاوضات بشأن تبادل الأراضي ستبدأ من خط التماس»، بدلاً من التحديد المسبق بضرورة الاعتراف بمناطق معينة «بحكم الأمر الواقع» كما تقترح الخطة الأميركية.
وقال المفاوض الأوكراني رستم عمروف، الأحد، إن المسوّدة الجديدة للخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا تتضمن معظم «الأولويات الأساسية» لكييف، وذلك بعد عقد بضع جولات تفاوض في جنيف.
وتابع، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «النسخة الحالية من الوثيقة، رغم أنها ما زالت في مراحل الموافقة النهائية، تعكس بالفعل معظم الأولويات الأساسية لأوكرانيا»، مضيفاً: «نتطلّع إلى إحراز مزيد من التقدّم خلال النهار».
وقال مصدر مطلع على الوثيقة إن القوى الأوروبية الثلاث: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، هي صاحبة الاقتراح المقابل. وتتخذ الوثيقة من المقترح الأميركي أساساً.
وتقترح الوثيقة أيضاً أن تحصل أوكرانيا على ضمانة أمنية من الولايات المتحدة على غرار بند المادة الخامسة من ميثاق «حلف شمال الأطلسي».
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مصدرين أن مسؤولين أميركيين يضغطون على أوكرانيا لقبول خطة ترمب لإنهاء الحرب.
وأضافت «بلومبرغ» أن المسؤولين الأميركيين يطالبون أوكرانيا بإصدار بيان بقبول خطة ترمب للسلام كأساس للتفاوض.
ويجتمع مسؤولون أوكرانيون وأميركيون وأوروبيون في سويسرا، الأحد، لبحث خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن أوكرانيا، التي تثير مخاوف في كييف من أن تشكل مقدّمة لاستسلام قسري، لكنها لا تمثل، بحسب واشنطن، عرضاً نهائياً لإنهاء الحرب.
وأمهل ترمب أوكرانيا حتى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) للموافقة على خطة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 4 سنوات، لكن كييف تسعى إلى إدخال تعديلات على مسوّدة توافق على بعض المطالب التي اعتُبرت مواتية لروسيا.
وقال مسؤول إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وصلا إلى جنيف لإجراء المحادثات، في حين وصل وزير الجيش الأميركي دانيال دريسكول بالفعل بعد لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف.
وكتب روبيو على مواقع التواصل الاجتماعي، في ساعة متأخرة السبت: «خطة السلام صاغتها الولايات المتحدة»، مضيفاً: «إنها تُقدم كإطار عمل قوي لمفاوضات جارية، وهي تستند إلى إسهامات من الجانب الروسي، كما أنها تستند إلى إسهامات سابقة وأخرى مستمرة من أوكرانيا».
«قائمة أمنيات» روسية
وشدّدت واشنطن، السبت، على أن المقترح يعكس سياسة رسمية للولايات المتحدة، نافية ما قاله أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي أن وزير الخارجية ماركو روبيو أبلغهم أن الخطة التي يجري بحثها ليست سوى «قائمة أمنيات» روسية.
وتُلزم الخطة المكونة من 28 نقطة كييف بالتنازل عن أراضٍ، وتقليص عديد جيشها، والتعهد بعدم الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي» (ناتو).
وصرّح ترمب للصحافيين، السبت، بأن هذه الخطة ليست عرضه النهائي، مبدياً الأمل في وقف القتال «بطريقة أو بأخرى».
واعتبر الموفد الأميركي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوغ، في حديث على «فوكس نيوز»، أن الخطة «عمل قيد التنفيذ».
وقال حلفاء أوكرانيا الأوروبيون، الذين لم يشاركوا في صياغة الاقتراح، إن الخطة تتطلب «مزيداً من العمل»، وسارعوا في قمة «مجموعة العشرين» في جنوب أفريقيا للتوصل إلى مقترح في المقابل يعزز موقف كييف.

«ممثلون» مرتقبون عن روسيا
وأصدر زيلينسكي مرسوماً بتعيين وفد أوكرانيا للمحادثات برئاسة كبير مساعديه أندريه يرماك. كما نصّ المرسوم على أن المفاوضات ستشمل «ممثلين عن الاتحاد الروسي»، ولكن لم يصدر أي تأكيد فوري من موسكو بشأن انضمامها إلى المحادثات.
وقال زيلينسكي: «ستُجرى مشاورات مع الشركاء بشأن الخطوات اللازمة لإنهاء الحرب». وأضاف: «ممثلونا يعرفون كيفية الدفاع عن المصالح الوطنية لأوكرانيا، وما هو ضروري لمنع روسيا من شنّ غزو ثالث»، بعدما ضمّت شبه جزيرة القرم عام 2014، وشنّت هجوماً واسع النطاق عام 2022.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنّ مسؤولين كباراً سيجتمعون في جنيف لـ«دفع الأمور قدماً»، مشدداً على أهمية وجود «ضمانات أمنية» قوية لأوكرانيا في أي تسوية.
وصرّح للصحافيين، على هامش قمة «مجموعة العشرين» في جوهانسبرغ: «ينصبّ التركيز الآن بشكل كبير على جنيف غداً، وعلى ما إذا بإمكاننا إحراز تقدم».

وأضاف ستارمر أن مستشاره للأمن القومي جوناثان باول سيتوجه إلى جنيف. وذكرت مصادر دبلوماسية إيطالية أن روما سترسل مستشارها للأمن القومي فابريتسيو ساجيو.
وصرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي على هامش قمة «مجموعة العشرين»، بأن مسؤولين أمنيين من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا سيحضرون أيضاً.
تردد غربي
في جوهانسبرغ اجتمع ستارمر وماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لبحث خطة ترمب بشأن أوكرانيا، قبل أن ينضم إليهم قادة أوروبيون آخرون، إضافة إلى مسؤولين من أستراليا وكندا واليابان، وفق مسؤول في الاتحاد الأوروبي.
وأصدر هؤلاء لاحقاً بياناً مشتركاً اعتبروا فيه أن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا «تشكل أساساً سيتطلب المزيد من العمل». وقالوا: «نحن واضحون بشأن مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة. كما نشعر بالقلق إزاء القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية، التي من شأنها أن تجعل أوكرانيا عرضة لهجمات مستقبلية».
وأكّد ماكرون أن الخطة تتضمن نقاطاً تجب مناقشتها على نطاق أوسع؛ لأنها تتعلق بحلفاء أوروبيين، مثل علاقات أوكرانيا بـ«حلف شمال الأطلسي»، والأصول الروسية المجمّدة في الاتحاد الأوروبي.

وقال: «جميعنا نريد السلام، ونحن متفقون على ذلك. نريد أن يكون السلام قوياً ودائماً»، مشدداً على أن أي تسوية يجب أن «تراعي أمن جميع الأوروبيين».
وقال زيلينسكي، في خطاب للأمة، الجمعة، إن أوكرانيا تواجه واحدة من أصعب اللحظات في تاريخها، مضيفاً أنه سيقترح «بدائل» لخطة ترمب.
وتابع: «الضغط على أوكرانيا شديد جداً. قد تواجه أوكرانيا خياراً بالغ الصعوبة؛ بين فقدان الكرامة أو خطر فقدان شريك رئيسي»، في إشارة إلى احتمال قطيعة مع الولايات المتحدة.
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الخطة قد «تضع الأساس» لتسوية سلمية نهائية، لكنه هدّد بالاستيلاء على مزيد من الأراضي إذا انسحبت أوكرانيا من المفاوضات.

