لماذا يدعم ترمب قرار إسرائيل بالسيطرة على غزة؟

خبراء يُحذرون من تقويض مصداقية أميركا وعلاقاتها الدولية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

لماذا يدعم ترمب قرار إسرائيل بالسيطرة على غزة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (أرشيفية - د.ب.أ)

في ظل الاستياء والغضب والإدانة العربية والدولية لقرار الحكومة الإسرائيلية فرض سيطرتها العسكرية على قطاع غزة بالكامل، في خطوة تُمثّل تصعيداً كبيراً في الصراع الدائر مع «حماس»، ثارت التساؤلات حول الأسباب وراء موقف الإدارة الأميركية الداعم لإسرائيل، ودوافع الرئيس دونالد ترمب في إعطاء الضوء الأخضر لحكومة بنيامين نتنياهو في أن تفعل ما تشاء، رغم العواقب الوخيمة التي قد تُسفر عنها هذه العملية.

وظهر جلياً دعم الرئيس ترمب لخطة إسرائيل لاستعادة غزة، من خلال تصريحات وأفعال تعكس استمراراً لموقف إدارته المؤيد لإسرائيل. ففي مؤتمر صحافي يوم الأربعاء الماضي، صرّح ترمب بأن القرار «يعود لإسرائيل إلى حد كبير»، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستدعم احتياجات إسرائيل الأمنية، مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار الذي خلّفته غارة إسرائيلية على حي الزيتون جنوب مدينة غزة 8 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

وكرّر وزير الخارجية ماركو روبيو الأميركي هذا الموقف، قائلاً: «إن إسرائيل أدرى بما تحتاج إليه لأمنها».

وبالإضافة إلى ذلك، أفادت منشورات على موقع «إكس» بأن إدارة ترمب منحت إسرائيل «حرية التصرف» في غزة، ما يُشير إلى نهج «عدم التدخل» الذى يؤيد فعلياً الخطة الإسرائيلية.

ويشير الخبراء إلى عدة أسباب وراء انحياز ترمب لاستراتيجية إسرائيل. ويقول آرون ديفيد ميللر، الزميل البارز في «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي»، إن دعم ترمب مدفوع بحسابات سياسية محلية؛ حيث يلعب ترمب على قاعدته من المناصرين، خصوصاً المسيحيين الإنجيليين والناخبين المؤيدين لإسرائيل، الذين يرون أن الدعم الثابت لإسرائيل ضرورة أخلاقية واستراتيجية. ووفقاً لميللر، الدبلوماسي السابق الذي شارك في مفاوضات بين إسرائيليين وفلسطينيين على مدى عدة إدارات جمهورية وديمقراطية، فإن مساندة ترمب لخطة إسرائيل تُعزز موقفه قبل المعارك الانتخابية المقبلة، التي يستفيد فيها من نفوذ جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC).

لقاء الرئيس دونالد ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض 7 يوليو 2025(أ.ب)

ترمب وبيبي

وهناك عامل آخر يتمثل في علاقة ترمب الشخصية بنتنياهو، التي توطّدت خلال فترة ولايته الأولى، من خلال إجراءات مثل الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية. وقد منح تأييد ترمب لنتنياهو غطاءً سياسياً لمواصلة سياساته العدوانية دون خوف من رد فعل الولايات المتحدة.

ويُشير الخبراء إلى رؤية ترمب لغزة بعقلية المطور العقاري، ووصفه لها بأنها «ريفييرا الشرق الأوسط» المحتملة، وإشارته إلى إعادة تطوير قطاع غزة تحت إشراف إسرائيلي أو أميركي، وهو ما يتماشى مع استراتيجية ترمب الأوسع في تعزيز الحلول الاقتصادية للصراعات الجيوسياسية.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن اختيار مصطلح «الاستيلاء» بدلاً من «الاحتلال» مُتعمّد من قبل إسرائيل، فبموجب القانون الدولي، يفرض «الاحتلال» التزامات قانونية على القوة المحتلة، مثل توفير الاحتياجات المدنية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وبالتالي تتجنّب إسرائيل الاعتراف بالمسؤوليات القانونية بوصفها قوة محتلة، إلا أن حقيقة السيطرة العسكرية الكاملة ستضع إسرائيل أمام هذه الالتزامات، وقد تؤدي أفعال مثل التهجير القسري إلى توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب، ما قد يُورّط إسرائيليين وأميركيين على حد سواء.

متظاهرون يتجمعون أمام برج ترمب بنيويورك احتجاجاً على الحرب في غزة بعد انتشار صور لأطفال يتضورون جوعاً في غزة (أ.ف.ب)

ويُحذّر دانيال بايمان، من معهد بروكينغز، من أن تأييد ترمب لخطة إسرائيل قد يُزعزع استقرار المنطقة، من خلال تأجيج التوترات مع الدول العربية. وتخشى مصر والأردن، اللتان رفضتا مقترحات استيعاب اللاجئين الفلسطينيين، من أن يُهدد التهجير القسري معاهدات السلام بينهما مع إسرائيل.

ويقول بايمان: «هذه مقامرة عالية المخاطر قد تأتي بنتائج عكسية، تُمكّن الخصوم وتُنفّر الحلفاء، وتُهدد بإعادة تشكيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بطرق غير متوقعة. كما أن إصرار إسرائيل على إقصاء أي كيان فلسطيني لإدارة قطاع غزة يفتح الباب أمام فوضى واسعة واحتمالات عالية لظهور قوة وتنظيمات وميليشيات أكثر تطرفاً في القطاع».

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الإدانات العربية والإقليمية والدولية القوية، والإجماع العالمي الرافض للتهجير القسري للفلسطينيين، يُنذر بعزل الولايات المتحدة وإسرائيل عن عدد من حلفائهما الرئيسيين. كما يُضعف هذا الموقف من النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، ويُقلل من فرص انخراط القادة العرب في مناقشة خطة «اليوم التالي» المتعلقة بمستقبل غزة بعد الحرب.

ويُحذر خبراء من أن الاستمرار في تنفيذ هذه الخطة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، وتصعيد عمليات التهجير القسري، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما من شأنه تقويض الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإنهاء الحرب، وتحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس». كما أن هذه التطورات قد تُعوق مساعيه لتوسيع «اتفاقيات إبراهيم»، وتضعف طموحاته الشخصية في الحصول على جائزة نوبل للسلام.


مقالات ذات صلة

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

ستثير الوثيقة التي صدرت الجمعة عن البيت الأبيض استياء الحلفاء التقليديين لواشنطن في أوروبا، لما تتضمّنه من انتقادات لاذعة لسياسات قادة «القارة العجوز».

أنطوان الحاج
يوميات الشرق المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء الجمعة بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي وقال إن لديه «صوت ملاك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركي متهم بوضع قنابل قرب مقار حزبية يَمثُل أمام المحكمة للمرة الأولى

رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
TT

أميركي متهم بوضع قنابل قرب مقار حزبية يَمثُل أمام المحكمة للمرة الأولى

رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)
رسم تخيلي لجلسة المحكمة (أ.ب)

مثُل أميركي للمرة الأولى أمام المحكمة بعد توقيفه بتهمة وضع قنابل بدائية الصنع قرب مقار للحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن عشية أعمال الشغب في مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

ولم يقر بريان كول جونيور بالذنب خلال جلسة الاستماع الجمعة في المحكمة بواشنطن.

وأمرت القاضية موكسيلا أوباديايا بإبقاء كول الذي أُوقف في منزله في وودبريدج بولاية فرجينيا الخميس، قيد الاحتجاز حتى الجلسة المقبلة في 12 ديسمبر (كانون الأول).

ووجّه الادعاء إلى كول البالغ 30 عاماً تهمة نقل جهاز متفجر بين الولايات ومحاولة التدمير باستخدام مواد متفجرة.

ومثّل توقيفه أول تقدم كبير محرز في القضية التي أثارت العديد من نظريات المؤامرة في صفوف نشطاء اليمين المتطرف.

ولم تنفجر «القنابل الأنبوبية» التي وُضِعَت خارج مكاتب اللجنة الوطنية الديمقراطية واللجنة الوطنية الجمهورية في واشنطن مساء 5 يناير (كانون الثاني).

واكتشفت السلطات القنابل في اليوم التالي عندما اقتحم أنصار للرئيس دونالد ترمب مبنى الكابيتول في محاولة لمنع مصادقة الكونغرس على فوز غريمه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات.

ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) العديد من الصور ومقاطع الفيديو لمشتبه به مقنّع على مر السنوات، ورصد مكافأة مالية مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه، رفعها تدريجياً إلى نصف مليون دولار.


الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، وفق بيان صادر عنهم، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

وذكر البيان الذي نشره المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على منصة «إكس» أن «الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل.


«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.