الكونغرس في تقارب حزبي نادر أمام استحقاق الحرب

تصريحات ترمب المتناقضة... مرآة للواقع أم استراتيجية إرباك؟

ترمب بعد عودته إلى الولايات المتحدة عقب مشاركته في أعمال مجموعة السبعة في كندا في 16 يونيو 2025 (رويترز)
ترمب بعد عودته إلى الولايات المتحدة عقب مشاركته في أعمال مجموعة السبعة في كندا في 16 يونيو 2025 (رويترز)
TT

الكونغرس في تقارب حزبي نادر أمام استحقاق الحرب

ترمب بعد عودته إلى الولايات المتحدة عقب مشاركته في أعمال مجموعة السبعة في كندا في 16 يونيو 2025 (رويترز)
ترمب بعد عودته إلى الولايات المتحدة عقب مشاركته في أعمال مجموعة السبعة في كندا في 16 يونيو 2025 (رويترز)

أمام التصريحات المربكة للرئيس الأميركي دونالد ترمب والمسؤولين في إدارته حيال الدور الأميركي المرتقب في الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، يسعى المشرّعون إلى خلق نوع من الاستقرار السياسي عبر حشد الدعم لرفض أي تدخل أميركي في الصراع.

فعلى رغم الانقسامات السياسية العميقة، فإن القضية جمعت أطيافاً متعددة من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري في ظاهرة نادرة يُطلق عليها توصيف «حدوة الحصان»؛ وهي ترمز إلى تقارب في وجهات نظر الأطراف المتشددة من الحزبين، من خلال مواقف سلّطت الضوء على التخوف المتزايد من دخول أميركا في حرب جديدة قد تكون «من دون نهاية».

«حدوة الحصان»

«هذه ليست حربنا»، يقول النائب الجمهوري توماس ماسي الذي عمد إلى طرح مشروع قانون مع زميله الديمقراطي رو خانا، يؤكد فيه على الدور الدستوري للكونغرس في الإعلان عن الحروب في حال قرر ترمب المشاركة في العمليات العسكرية الإسرائيلية. لتسارع النائبة التقدمية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز وتعرب عن دعمها للمشروع، في إشارة لافتة إلى إجماع بين شقي الحزبين المتناقضين من «ماغا» الداعم لترمب، والليبراليين من الديمقراطيين على ضرورة عدم الانجرار إلى الحرب.

«ماغا» ضد الحرب

لعلّ خير دليل على هذا الموقف، ما تقدمت به النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين الداعمة الشرسة لترمب والتي انتقدت في أكثر من مناسبة «المتلهفين لتوريط الولايات المتحدة في الحرب بين إسرائيل وإيران». وأشارت غرين إلى أن أولوياتهم ليست «أميركا أولاً» وقالت بلهجة حاسمة على منصة «إكس»: «لقد سئمنا من الحروب الخارجية. جميع الحروب».

موقف واضح، وافق عليه في إجماع نادر، السيناتور التقدمي المستقل برني ساندرز الذي قال: «إن حرباً أخرى في الشرق الأوسط قد تزهق أرواحاً لا تحصى وتهدر تريليونات الدولارات، وتؤدي إلى المزيد من القتل والنزاع والتهجير». وطرح ساندرز مشروع قانون في «الشيوخ» مع زملائه الديمقراطيين إليزابيث وارن وكريس فان هولان، يمنع استعمال أموال دافع الضرائب الأميركي في أي عمليات عسكرية ضد إيران من دون موافقة الكونغرس، باستثناء الدفاع عن النفس.

وأتت هذه الخطوة لتدعم مساعي السيناتور الديمقراطي تيم كاين الذي كان أول من طرح مشروع قانون لتفويض الحرب يحدّد الأطر الدستورية لدور الكونغرس في الحروب. وقال كاين: «ليس من مصلحة الأمن القومي الدخول في حرب مع إيران إلا إذا كانت تلك الحرب ضرورية تماماً للدفاع عن الولايات المتحدة... الشعب الأميركي ليس لديه مصلحة في إرسال عناصره المسلحة للقتال في حرب أبدية أخرى في الشرق الأوسط».

تخبط جمهوري

النائبة الجمهورية مارجوري غرين بالكونغرس في 20 مايو 2025 (أ.ف.ب)

وعلى رغم هذا التناغم بين شقي الحزبين، فإن ثمة تناقضاً واضحاً مع صقور الجمهوريين الداعين لدعم إسرائيل في حربها على إيران، ليس دفاعياً فحسب، بل هجومياً إذا اقتضى الأمر. ولهذا السبب؛ فإن مصير هذه المشاريع المطروحة غير محسوم في الكونغرس نظراً للأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون هناك. لكن هذا لا يعني أن ترمب لا يستمع إلى قاعدته الشعبية وداعميه الشرسين في المجلس التشريعي، فهو يعلم مواقفهم، ويسعى للحافظ على وعوده بوقف الحروب ووضع أميركا أولاً. لكنه وعد أيضاَ بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي؛ ما يضعه في موقف حرج يسعى خلاله إلى إحقاق التوازن في هذه الوعود، وبدا هذا واضحاً في تعليقاته على تصريحات تاكر كارلسون مذيع «فوكس نيوز» السابق الذي قال إن حرباً شاملة مع إيران «ستنهي رئاسة ترمب»، أمر استفز الرئيس الأميركي الذي سارع إلى «تروث سوشيال» قائلاً: «هلّا ذكَّر بعضكم تاكر كارلسون الغريب الأطوار بأن إيران لا يمكنها الحصول على سلاح نووي!».

وهبّت غرين لتدافع عن كارلسون وتقول: «كارلسون هو من أشخاصي المفضلين، ويؤمن بالأمور نفسها التي أؤمن بها من دون اعتذار. إن الحروب الأبدية والتدخل وتغيير الأنظمة تضع أميركا في المؤخرة، وتقتل الأبرياء وتؤدي إلى إفلاسنا وفي النهاية إلى تدميرنا... هذه ليست غرابة أطوار». ويبقى السؤال عمّا إذا كان هذا الجدال الداخلي في الحزب هو الذي يقود قرارات ترمب وتصريحاته المتضاربة، أم أنه ثمة استراتيجية مدروسة لإشاعة أجواء من الارتباك والتناقض؟


مقالات ذات صلة

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرياضة الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب) play-circle

لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

لفت الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأنظار بعد انتهاء مراسم قرعة كأس العالم 2026، بعدما ظهر وهو يؤدي رقصته الشهيرة احتفالاً أمام الحضور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية قرعة كأس العالم أسفرت عن مباراة افتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا (إ.ب.أ)

المكسيك تواجه جنوب أفريقيا في افتتاح مونديال 2026

ستنطلق نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة العام المقبل في 11 يونيو (حزيران) بمواجهة المكسيك، إحدى ثلاث دول تستضيف البطولة، أمام جنوب أفريقيا في استاد أزتيكا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عربية قرعة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 (رويترز)

مجموعات متباينة القوة للمنتخبات العربية في قرعة مونديال 2026

أسفرت قرعة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، التي جرت الجمعة، بمركز كيندي في العاصمة الأميركية واشنطن، عن مجموعات متباينة للفرق العربية.

مهند علي (القاهرة)

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.


المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

وافقت المحكمة العليا الأميركية ذات الغالبية المحافظة، الجمعة، على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

وأعلنت المحكمة في بيان موجز أنها ستنظر في طعن إدارة ترمب في أحكام صادرة من محاكم أدنى خلصت جميعها إلى أنه غير دستوري.

ويحظر الأمر التنفيذي على الحكومة الفيدرالية إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية للأطفال الذين تقيم أمهاتهم بشكل غير قانوني أو مؤقت في الولايات المتحدة.

كما يستهدف النص الأطفال الذين يقيم آباؤهم بشكل مؤقت في الولايات المتحدة بتأشيرة دراسة أو عمل أو سياحة.

بعد تعليق العديد من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مراسيم رئاسية وقرارات حكومية، أصدرت المحكمة العليا حكماً في 27 يونيو (حزيران) يقيّد سلطة قضاة المحاكم الأدنى في تعليق قرارات الإدارة على مستوى البلاد.

ووقع ترمب المرسوم المتعلق بحق المواطنة بالولادة فور عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، وأدرجه في سياق مساعيه لمكافحة الهجرة غير النظامية.

وتطبق الولايات المتحدة منذ 150 عاماً مبدأ المواطنة بالولادة، المنصوص عليه في التعديل الرابع عشر للدستور، ويرد فيه أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي تلقائياً.

تم اعتماد التعديل الرابع عشر عام 1868، بعد الحرب الأهلية وإلغاء العبودية، لضمان حقوق العبيد المحررين وذريتهم.


أميركا: قاضٍ فيدرالي يأمر بكشف محاضر هيئة المحلفين الكبرى في تحقيق إبستين

جيفري إبستين (أ.ب)
جيفري إبستين (أ.ب)
TT

أميركا: قاضٍ فيدرالي يأمر بكشف محاضر هيئة المحلفين الكبرى في تحقيق إبستين

جيفري إبستين (أ.ب)
جيفري إبستين (أ.ب)

أمر قاضٍ فيدرالي في فلوريدا، اليوم (الجمعة)، بكشف محاضر هيئة المحلفين الكبرى المتعلقة بقضايا الاتجار بالجنس الفيدرالية الخاصة بجيفري إبستين وغيسلين ماكسويل.

وقال قاضي المحكمة الجزئية، رودني سميث، إن القانون الفيدرالي، الذي صدر مؤخراً، والذي يأمر بالكشف عن المحاضر المتعلقة بالقضايا يتجاوز القاعدة الفيدرالية، التي تحظر الكشف عن الأمور المطروحة أمام هيئة محلفين كبرى.

والشهر الماضي، طلبت وزارة العدل الأميركية من قاضٍ فيدرالي، رفع السرية عن مواد هيئة المحلفين الكبرى، وإلغاء الأوامر الحمائية المرتبطة بقضيتي جيفري إبستين وغيلين ماكسويل، وذلك بعد توقيع الرئيس دونالد ترمب «قانون شفافية ملفات إبستين»، وفق ما نشرت شبكة «فوكس نيوز».

وبموجب القانون، الذي وقّعه ترمب في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، يتعين على وزيرة العدل بام بوندي نشر جميع السجلات والاتصالات والمواد التحقيقية غير المصنفة المرتبطة بإبستين خلال 30 يوماً.