انقسامات جمهورية عميقة حول «تورط» واشنطن في التصعيد الإسرائيلي – الإيراني

توسّع الهوة بين «صقور» الجمهوريين وأنصار «ماغا»

أحد أنصار الرئيس الأميركي يحمل صورته قبل ساعات من العرض العسكري في واشنطن 14 يونيو (رويترز)
أحد أنصار الرئيس الأميركي يحمل صورته قبل ساعات من العرض العسكري في واشنطن 14 يونيو (رويترز)
TT

انقسامات جمهورية عميقة حول «تورط» واشنطن في التصعيد الإسرائيلي – الإيراني

أحد أنصار الرئيس الأميركي يحمل صورته قبل ساعات من العرض العسكري في واشنطن 14 يونيو (رويترز)
أحد أنصار الرئيس الأميركي يحمل صورته قبل ساعات من العرض العسكري في واشنطن 14 يونيو (رويترز)

بينما تدُكّ إسرائيل إيران بموجات من الضربات الجوية، يتابع الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعمّق الانقسامات داخل الحزب الجمهوري حول ما إذا كان ينبغي أن تتورّط الولايات المتحدة في صراع خارجي جديد. ويخشى المعسكر «الانعزالي» أن تجرّ إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، في حين يدعو «صقور» الحزب ومؤيدو إسرائيل إلى هذا النوع من العمل العسكري ضد إيران منذ سنوات. ويبدو أن ترمب يتأرجح بين الطرفين، إذ يحاول أن ينأى بالولايات المتحدة عن الهجوم الإسرائيلي على إيران، بينما يحتفل بنجاح الهجمات ويحذر إيران من أن المزيد قادم. وفي هذا الصدد، قال تشارلي كيرك، الناشط اليميني ومذيع البودكاست، في مدونته الصوتية، الخميس: «أعتقد أن هذا الأمر سيسبب الآن انشقاقاً كبيراً في مجتمع (ماغا) على الإنترنت».

وكان ترمب قد ثنى إسرائيل عدة مرات هذا العام عن شنّ هجوم، قائلاً إنه يريد التوصل إلى تسوية تفاوضية مع إيران. وبعد فترة وجيزة من بدء الهجوم، أرسل البيت الأبيض بياناً من وزير الخارجية ماركو روبيو أكد فيه أن الولايات المتحدة لم تشارك في العملية العسكرية الأولية. وقال روبيو: «اتخذت إسرائيل إجراءً أحادي الجانب ضد إيران. نحن لا نشارك في الضربات ضد إيران، وأولويتنا القصوى هي حماية القوات الأميركية في المنطقة». لكن في مقابلات لاحقة، قال الرئيس الأميركي إنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، وإنه كان على علم بخطط الهجوم، ووصف الضربات بأنها «ممتازة». وكتب في منشور على منصّة «تروث سوشيال» أن إسرائيل «خططت بالفعل لهجمات» ستكون «أكثر وحشية». وقال مسؤول أميركي إن الجيش ساعد إسرائيل في اعتراض بعض الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران رداً على الهجمات.

منشور ترمب على منصة «تروث سوشيال»

أثناء حملته الانتخابية، وعد ترمب بإنهاء الحروب حول العالم. وقال في خطاب تنصيبه إنه يريد أن يُذكر بأنه رئيس صانع للسلام. وحتى الآن، فشلت الجهود الدبلوماسية التي بذلها ترمب في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما وعد بتحقيقه في غضون 24 ساعة، أو الحرب بين إسرائيل و«حماس». وعلى مدى الأسابيع العديدة الماضية، كانت إدارة ترمب تحاول التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وكان الرئيس قد حثّ نتنياهو على تأجيل أي أعمال عسكرية مع استمرار المحادثات.

وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض قبل ساعات فقط من وقوع الهجمات: «لا أريدهم أن يدخلوا (في مواجهة عسكرية) لأن ذلك من شأنه أن يفسد الأمر».

تأييد واسع

وبعد إطلاق إسرائيل الصواريخ، ألقى ترمب باللوم على إيران، مُوجّهاً اللوم إلى قادتها لرفضهم قبول اقتراح كان من شأنه أن يمنعها من تخصيب اليورانيوم.

وكتب على موقع «تروث سوشيال»، صباح الجمعة: «لقد أعطيت إيران فرصة تلو أخرى للتوصل إلى اتفاق. قلت لهم بأقوى العبارات (افعلوا ذلك فحسب)، ولكن مهما حاولوا جاهدين، ومهما اقتربوا من ذلك، لم يتمكنوا من إنجازه». وأشار إليوت أبرامز، وهو زميل بارز لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، إلى أن ترمب غيّر موقفه بشأن ما إذا كان ينبغي لإسرائيل ضرب إيران. لكنه قال إن إسرائيل قامت بمراهنة محسوبة على أن ترمب سيوافق على الفكرة. وأوضح: «لقد راهنوا على الرئيس ترمب»، مضيفاً: «لقد كان ترمب، لفترة طويلة - معظم الوقت الذي أمضاه في منصبه (متمسّكاً) بالتفاوض»، إلا أنه سارع إلى وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه «ممتاز».

بالنسبة للكثير من الجمهوريين، كانت الضربات العسكرية الإسرائيلية متأخرة كثيراً، وسط مخاوف متزايدة من اقتراب إيران من امتلاك قدرات نووية كاملة. وقال السيناتور ليندسي غراهام، وهو جمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية وحليف مقرب من الرئيس، إن «عدد الجمهوريين الذين لا يرون في إيران المسلحة نووياً تهديداً لإسرائيل والعالم قليل جداً». وأكّد أن «الأغلبية الساحقة من الجمهوريين تؤيّد استخدام إسرائيل للقوة العسكرية لتحييد التهديد النووي الإيراني».

أميركا أولاً

أما معسكر «ماغا» المتحمّس للرئيس ترمب وسياساته، فيرى الأمر بشكل مختلف. فأنصار هذا الطرح يجادلون بأن الضربات الإسرائيلية واحتمال تورط الولايات المتحدة في الصراع يتعارضان مع أجندة «أميركا أولاً».

صورة الرئيس الأميركي على أحد المباني في واشنطن قبل ساعات من العرض العسكري 14 يونيو (رويترز)

ويقول كيرك، عن ردود الفعل التي تلقاها من مستمعيه، إن «رسائل البريد الإلكتروني تعارض إلى حد كبير قيام إسرائيل بذلك، وأود أن أقول إنها ربما تكون 99 (معارضاً) مقابل واحد». وجادل بعض مؤيدي «ماغا» بأن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المواقع النووية وكبار القادة العسكريين على حد سواء كانت جزءاً من محاولة لإشعال صراع أكبر وجرّ الولايات المتحدة إليه. وقال مسؤولون أميركيون، الجمعة، إن البنتاغون كان ينقل سفناً حربية وأصولاً عسكرية أخرى في الشرق الأوسط للمساعدة في حماية إسرائيل والقوات الأميركية في المنطقة من أي انتقام إيراني آخر.

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» في تكساس نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال ستيفن بانون، الذي كان مستشاراً بارزاً لترمب في ولايته الأولى ولا يزال مقرباً من الرئيس، في برنامجه الإذاعي «غرفة الحرب»: «خلاصة القول أنه لا يمكن جرنا إلى حرب في الشرق الأوسط أو في أوروبا الشرقية». وقال عن إسرائيل: «لقد فعلتموها يا رفاق. أنتم تضعون بلدكم أولاً. الدفاع عن بلدكم أولاً. هذا جيد، ولكن علينا أن نضع الدفاع عن مصالحنا أولاً». لكن مايكل روبن، وهو زميل بارز في معهد «أميركان إنتربرايز»، قال إن إدارة ترمب «تصرخ من على الهامش». وتابع: «من المرجح أن يبقي ترمب الولايات المتحدة خارج الصراع ويعرض الوساطة. ستتضح (توجهات الجمهوريين) في الكونغرس خلال المناقشات حول المساعدات الإسرائيلية وتجديد مخزونات الأسلحة الإسرائيلية».

* خدمة صحيفة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

نيجيريا: أميركا تضغط على دول أفريقية لاستقبال المرحلين الفنزويليين

الولايات المتحدة​ جنود أميركيون يقتادون عضواً يشتبه في انتمائه لعصابة «ترين دي أراغوا» الفنزويلية بغية ترحيله من الولايات المتحدة إلى السلفادور (رويترز)

نيجيريا: أميركا تضغط على دول أفريقية لاستقبال المرحلين الفنزويليين

قال وزير الخارجية النيجيري، يوسف توجار، إن الولايات المتحدة تضغط على دول أفريقية لقبول ترحيل فنزويليين إليها، بعضهم يتم ترحيله بعد الخروج من السجن مباشرة.

«الشرق الأوسط» (لاجوس)
شؤون إقليمية علما إيران وإسرائيل (رويترز)

4 مؤشرات على أن إيران وإسرائيل تُخاطران بالعودة إلى الحرب

لا تزال التوترات بين إيران وإسرائيل محتدمةً بعد حربهما التي استمرَّت 12 يوماً في يونيو (حزيران)، والتي تُعدُّ المواجهة الأكثر مباشرة وتدميراً بينهما حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ ترمب الملطخ وجهه بالدماء يتلقى مساعدة من جهاز الخدمة السرية، بينما دوت عدة طلقات نارية خلال تجمع انتخابي في معرض مزرعة بتلر في بتلر، بنسلفانيا، الولايات المتحدة، 13 يوليو 2024 (رويترز) play-circle

بعد سنة على محاولة اغتياله... ترمب يعرب عن ثقته بجهاز الخدمة السرّية

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «ثقة كبيرة» في جهاز الأمن الرئاسي، بعد قرابة سنة من محاولة اغتياله في حادثة اعتبرها الرئيس «يوما سيئا» لجهاز الخدمة السرّية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شعار مكتب التحقيقات الفيدرالي (رويترز)

بأجهزة كشف الكذب... مكتب التحقيقات الفيدرالي يختبر ولاء المسؤولين تجاه مدير الجهاز

كثف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي منذ تولي مديره الحالي كاش باتيل استخدام جهاز كشف الكذب بشكل ملحوظ

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي للرئيس الأميركي دونالد ترمب تظهره بطلاً خارقاً

«سوبرمان ترمب» في صورة... البيت الأبيض يلبس الرئيس الأميركي عباءة البطولة

نشر البيت الأبيض، الجمعة، على حسابه الرسمي في «إكس» صورة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، على هيئة البطل الخارق «سوبرمان».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تسريحات جماعية «قريباً» في وزارة الخارجية الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته ماركو روبيو (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته ماركو روبيو (أ.ف.ب)
TT

تسريحات جماعية «قريباً» في وزارة الخارجية الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته ماركو روبيو (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته ماركو روبيو (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أنها ستشرع «قريباً» في تنفيذ خطة لخفض عدد الموظفين، في أول إجراء بهذا الحجم منذ أن مهدت المحكمة العليا الطريق لتسريح جماعي للموظفين الفيدراليين، في خطوة سعى إليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ولا تشمل هذه الموجة من التسريحات موظفي السفارات الأميركية في الخارج.

وصادق وزير الخارجية ماركو روبيو في مايو (أيار) على خطة لتقليص عدد العاملين، وقال نائب الوزير لشؤون الموارد البشرية مايكل ريغاس، في بيان، إن الوزارة «ستبلغ قريباً المعنيين بقرارات خفض عدد الموظفين»، من دون أن يحدد موعداً دقيقاً لذلك.

وأوضح مسؤول رفيع في الوزارة أن الموظفين المعنيين سيتلقون بلاغات التسريح في اليوم نفسه عبر البريد الإلكتروني.

ختم وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن (رويترز)

وتأتي هذه الخطوة بعد يومين فقط من قرار المحكمة العليا الأميركية بإلغاء قرار صادر عن محكمة في كاليفورنيا يجمّد تنفيذ خطط للرئيس دونالد ترمب بتسريح جماعي لموظفين فيدراليين، ما فتح المجال أمام المضي قدماً في تنفيذ خطة ترمب لإعادة هيكلة الإدارة الفيدرالية.

ولم يحدد بيان الوزارة حجم التخفيض المتوقع في عدد الموظفين، لكنّ مسؤولاً رفيع المستوى قال، رداً على سؤال بشأن ما إذا كان الرقم بحدود الـ1800 موظف كما ورد سابقاً في تقرير للكونغرس: «أود أن أقول إنه قريب جداً من ذلك».

وحسب الأرقام الرسمية، بلغ عدد موظفي وزارة الخارجية داخل الولايات المتحدة نحو 18 ألفاً في سبتمبر (أيلول) 2024.

وأكد المسؤول نفسه أن عملية الخفض تشمل الموظفين العاملين داخل الأراضي الأميركية فقط، مشدداً على أنه «لا توجد حالياً أي خطط» لتقليص عدد الموظفين في الخارج.

وكان وزير الخارجية أعلن، في أواخر أبريل (نيسان)، مشروعاً لإعادة هيكلة واسعة لوزارته، ونشر حينها على «إكس» مقالاً يشير إلى خطة لخفض عدد الموظفين بنسبة تصل إلى 15 في المائة.

ولدى عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، أعطى ترمب توجيهات للوكالات الفيدرالية بإعداد خطط من شأنها أن تقلّص أعداد الموظفين، ضمن جهود أوسع لتقليص حجم الجهاز الإداري الفيدرالي، بدعم من لجنة كان يرأسها مستشاره السابق الملياردير إيلون ماسك.