«دبلوماسية الهدايا»... وسيلة الساسة ورجال الأعمال لاتقاء غضب ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بمناسبة زيارة الثاني لواشنطن يوم 27 فبراير الماضي (رئاسة الوزراء البريطانية)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بمناسبة زيارة الثاني لواشنطن يوم 27 فبراير الماضي (رئاسة الوزراء البريطانية)
TT
20

«دبلوماسية الهدايا»... وسيلة الساسة ورجال الأعمال لاتقاء غضب ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بمناسبة زيارة الثاني لواشنطن يوم 27 فبراير الماضي (رئاسة الوزراء البريطانية)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بمناسبة زيارة الثاني لواشنطن يوم 27 فبراير الماضي (رئاسة الوزراء البريطانية)

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أن المسؤولين ورجال الأعمال حول العالم أصبحوا يضعون استراتيجياتٍ لمنح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مكاسب حقيقية أو مُفترضة لمحاولة تذليل أي صعوبات في علاقتهم مع إدارته، وتجنب العقوبات الاقتصادية أو القانونية.

وقال الموقع: «إذا كنتَ قائداً أجنبياً أو رئيساً تنفيذياً على وشك لقاء ترمب أو إذا كنتَ ترغب في تجنب انتقامه فحضّر معك هدايا».

وأضاف أن كثيراً من الشركات الأجنبية والمحلية تخشى على حدّ سواء الرسوم الجمركية والتغييرات المحتملة في قانون الضرائب، وقد حاولت تهدئة ترمب بتقديم عروض.

وقّع ترمب أمراً تنفيذياً للإفراج عن وثائق اغتيال كينيدي (أ.ب)
وقّع ترمب أمراً تنفيذياً للإفراج عن وثائق اغتيال كينيدي (أ.ب)

ولفتت إلى أن هناك شركات أعلنت عن استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة منذ انتخاب ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) وكانت بعض هذه الاستثمارات قيد الإعداد بالفعل، لكن تلك الإعلانات عن الاستثمارات المبهرة أتاحت لترمب فرصة التباهي بأنه يعيد الأنشطة الاقتصادية إلى أميركا، فبعد أن أعلنت شركة هيونداي هذا الأسبوع عن استثمار بقيمة 21 مليار دولار في الولايات المتحدة، أشاد ترمب بالشركة، وأوضح ما ستحصل عليه في المقابل: «لن تضطر (هيونداي) لدفع أي رسوم جمركية».

وتعهدت رئيسة المكسيك، كلوديا شينباوم، بإرسال 10 آلاف جندي إلى الحدود الأميركية، وساعدت ترمب في الحدّ من عمليات عبور الحدود غير القانونية، وهو وعد رئيسي قطعه خلال حملته الانتخابية.

ونتيجة لذلك، تمتعت المكسيك بعلاقة أفضل مع إدارة ترمب مقارنةً بكندا، التي انتهجت نهج الترغيب والترهيب.

وردّ الرئيس الأميركي بفرض كثير من الرسوم الجمركية والتهديدات الاقتصادية والإهانات الشخصية ضد كندا، واقترح مراراً وتكراراً أن تكون كندا الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة.

وكذلك، وافقت شركة ميتا، المالكة لـ«فيسبوك»، على تسوية بقيمة 22 مليون دولار في أواخر يناير (كانون الثاني) للمساعدة في تمويل صندوق مكتبة ترمب الرئاسية، بعد أن رفع ترمب دعوى قضائية ضد الشركة لطرده من المنصة، وكان مؤسس «ميتا» ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ ، من بين عمالقة التكنولوجيا في حفل تنصيب ترمب.

عدد من أغنى أغنياء العالم من بينهم إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس خلال حفل تنصيب ترمب (أرشيفية - رويترز)
عدد من أغنى أغنياء العالم من بينهم إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس خلال حفل تنصيب ترمب (أرشيفية - رويترز)

حتى شركة إكس، المملوكة لحليف ترمب الرئيسي، إيلون ماسك، وافقت على دفع 10 ملايين دولار كتسوية لطرد ترمب من الموقع، المعروف آنذاك باسم «تويتر»، بعد أن قام أنصاره بأعمال الشغب واقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني).

وعلى الجانب الآخر، يعتقد ترمب وفريقه أنهم يستخدمون أدوات السلطة بطرق لم يفعلها الرؤساء الآخرون، لكن كان ينبغي عليهم فعلها، ولطالما صرّح ترمب بأنه يعتقد أن دولاً أخرى تنهب الولايات المتحدة تجارياً، ويعتقد هو وفريقه أنه انتُخب لتغيير الوضع الراهن من خلال الرسوم الجمركية وإجراءات أخرى.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض لموقع أكسيوس إن «الرئيس ترمب مفاوض بارع، يستخدم فطنته التجارية الثاقبة لإعادة تشكيل اقتصادنا وتنشيط الهيمنة الاقتصادية الأميركية. ما يجبر الشركات والدول على الجلوس على طاولة المفاوضات والتراجع عن سياساتها، لتُركز على أميركا، وتراهن مجدداً عليها».

ولفت الموقع إلى أن بعض الهدايا شخصية أكثر منها سياسية، عندما زار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر المكتب البيضاوي في فبراير (شباط) حاملاً رسالة من الملك تشارلز الثالث، يدعو فيها ترمب شخصياً لزيارة دولة.

وقال ستارمر إنها ستكون المرة الأولى في العصر الحديث التي تستضيف فيها المملكة المتحدة زيارتين رسميتين لرئيس.

وقال لترمب، الذي قام بزيارة دولة إلى هناك عام 2019، خلال ولايته الأولى: «لم يحدث هذا من قبل. هذا أمر غير مسبوق» أما ترمب، الذي لطالما كان مفتوناً بالنظام الملكي، فقد أشرق وجهه واصفاً الملك بأنه «رجل جميل ورائع».

وفي فبراير، أعلن جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، عن إعادة هيكلة قسم الرأي الليبرالي في الصحيفة ليتخذ اتجاهاً أكثر محافظة، وكشف ترمب لاحقاً أن بيزوس تناول العشاء معه في وقت لاحق، وأشاد ترمب بالتغييرات التي أجراها بيزوس في الصحيفة. وقال الأسبوع الماضي: «لقد تعرفت عليه، وأعتقد أنه يحاول القيام بعمل جيد. جيف بيزوس يحاول القيام بعمل جيد مع صحيفة (واشنطن بوست)».

كما تدفع شركة أمازون، المملوكة لبيزوس، ملايين الدولارات مقابل حقوق فيلم وثائقي عن السيدة الأولى ميلانيا ترمب.


مقالات ذات صلة

كيف تعزز الكرة الأرجنتينية حضورها في الولايات المتحدة؟

رياضة عالمية الأرجنتين هزمت البرازيل برباعية وتزايدت المكاسب في أميركا (أ.ب)

كيف تعزز الكرة الأرجنتينية حضورها في الولايات المتحدة؟

عندما انطلقت صافرة النهاية داخل ملعب مونومنتال ليلة الثلاثاء الماضي، بدا وكأن المنتخب الأرجنتيني للرجال قد فاز للتو بلقب دولي جديد.

The Athletic (ميامي)
شمال افريقيا الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع ثنائي على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الولايات المتحدة 23 سبتمبر 2019 (رويترز)

ترمب: أجريت مكالمة هاتفية مع السيسي وكانت جيدة للغاية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الثلاثاء إنه تحدث هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وناقش معه الوضع في غزة، والحلول الممكنة بشأن الحرب في القطاع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

23 ولاية تقاضي إدارة ترمب بسبب قرار سحب المليارات من تمويل قطاع الصحة

أقام ائتلاف من المدعين العامين بولايات أميركية دعوى على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الثلاثاء، بسبب قرارها سحب 12 مليار دولار من الأموال الاتحادية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم بعض المحطات الرئيسية في العلاقة بين طهران وواشنطن (رويترز)

محطات رئيسية في الخصومة الطويلة بين إيران وأميركا

اتسمت العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، الحليفتَيْن الوثيقتَيْن في وقت سابق، بغياب الثقة والعداء المعلن أحياناً منذ اندلاع الثورة الإيرانية في 1979.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ جامعة هارفارد في كامبريدج ماساتشوستس بأميركا 12 ديسمبر 2023 (رويترز)

ترمب يهدد بسحب مليارات من جامعة هارفارد بسبب الاحتجاجات ضد حرب غزة

أعلنت السلطات الأميركية أن الحكومة ستعيد النظر في التمويل الممنوح لجامعة هارفارد البالغ 9 مليارات دولار على خلفية اتهامات بـ«معاداة السامية» في الحرم الجامعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

​مرشحو ترمب لتمثيله في الأمم المتحدة مؤيدون أشداء لإسرائيل

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال مناسبة انتخابية في نيوهامشير (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال مناسبة انتخابية في نيوهامشير (أ.ف.ب)
TT
20

​مرشحو ترمب لتمثيله في الأمم المتحدة مؤيدون أشداء لإسرائيل

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال مناسبة انتخابية في نيوهامشير (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال مناسبة انتخابية في نيوهامشير (أ.ف.ب)

بعد أيام من سحبه ترشيح النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن هناك سلّة من 30 شخصاً من المهتمين بمنصب المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة، بينهم السفير السابق لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، والمدير السابق للاستخبارات الوطنية بالإنابة السفير السابق لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل، وكلاهما خدم خلال الرئاسة الأولى لترمب. وغالبية الأسماء المتداولة من المؤيدين بشدة لإسرائيل.

وقال ترمب للصحافيين: «يمكنني أن أخبركم أنه بالنسبة للبديل، لدينا كثير من الأشخاص الذين سألوا عنه ويرغبون في توليه»، مضيفاً: «ديفيد فريدمان، وريك غرينيل، وربما 30 شخصاً آخرين. الجميع يحب هذا المنصب. إنه منصب يصنع النجوم. لذا سنرى ما سيحدث».

وقال غرينيل، الذي عمل في الأمم المتحدة سابقاً، لشبكة «نيوز ماكس» الأسبوع الماضي إنه «يرفض تماماً» منصب المندوب لدى الأمم المتحدة.

وفريدمان حليف قوي لترمب، واضطلع بدور رئيس في صوغ سياساته الشرق الأوسطية، التي انحازت بشدة لإسرائيل، وأدت إلى اتفاقيات إبراهيم التي أقامت علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

لا للمخاطرة

وكان ترمب أعلن الأسبوع الماضي أنه سحب ترشيح ستيفانيك لهذا المنصب، طالباً منها البقاء في مجلس النواب، حيث يتمتع الجمهوريون بغالبية ضئيلة من 218 نائباً، مقابل 213 نائباً للديمقراطيين. وبوجود أربعة مقاعد شاغرة، لا يمكن للجمهوريين في مجلس النواب تحمل خسارة سوى صوتين من الجمهوريين في أي تصويت حزبي، على افتراض الحضور الكامل. وقال ترمب بعد سحب ترشيح ستيفانيك: «لا نريد المخاطرة، لذلك ذهبت إلى إليز وقلت: إليز، هل تمانعين؟ لا نريد المخاطرة. الأمر بهذه البساطة. إنها مبادئ السياسة. إنها أساسيات السياسة. إنها تحظى بشعبية كبيرة. ستفوز بالتأكيد» عندما تحصل أي انتخابات جديدة في نيويورك.

وفاجأ قرار سحب ترشيح ستيفانيك بعض موظفيها الذين كانوا يخططون لمرافقتها.

النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال جلسة استماع في الكونغرس (أ.ب)
النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال جلسة استماع في الكونغرس (أ.ب)

وبالإضافة إلى فريدمان وغرينيل، إيلي كوهانيم التي كانت نائبة المبعوث الخاص المعني بمكافحة معاداة السامية خلال ولاية ترمب الأولى.

وبين الأسماء المتداولة السيناتور الجمهوري بيل هاجرتي، الذي عمل سابقاً سفيراً لدى اليابان. غير أن الهوامش الضئيلة التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس الشيوخ يمكن أن تؤثر على ترشيحه، إذ إن ترمب لا يمكنه الاعتماد على جميع السيناتورات الجمهوريين للتصويت مع قضاياه.

مورغان أورتاغوس

وكذلك طُرح اسم الناطقة السابقة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس، التي تعمل الآن نائبة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط. لكن موقع «بوليتيكو» الإخباري نقل عن شخص مطلع أنها أيضاً غير مهتمة.

وبصفتها نائبة المبعوث الخاص، كانت أورتاغوس الشخص الرئيس في هندسة إدارة وقف العمليات العدائية الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان.

وتعامل إدارة ترمب الأمم المتحدة بازدراء. أولاً بسبب شكوك ترمب حيال أي مؤسسة أممية يعد أنها تنتقص من سيادة الولايات المتحدة، وثانياً بسبب استيائه من طريقة تعامل المنظمة الدولية مع إسرائيل. وعلى غرار ما فعله خلال ولايته الأولى، أعلن ترمب في عهده الثاني انسحاب الولايات المتحدة من بعض المؤسسات الأممية المتعددة الأطراف، مثل منظمة الصحة العالمية.

ولا يقلل ذلك من شأن منصة الأمم المتحدة. وترك منصب المندوب الأميركي الدائم هناك شاغراً يُهدد بإضعاف مكانة الولايات المتحدة في منظمة أممية تلجأ إليها دول كثيرة في كل شيء، من المساعدات المالية إلى التعبير عن شكواها.

جلسة لمجلس الأمن في نيويورك (إ.ب.أ)
جلسة لمجلس الأمن في نيويورك (إ.ب.أ)

وللولايات المتحدة حالياً ممثلون بالنيابة في بعثتها لدى الأمم المتحدة، ويحتفظون بحق النقض (الفيتو) في اجتماعات مجلس الأمن. لكن تعيين شخص يحظى بموافقة ترمب وموافقة مجلس الشيوخ سيحمل وزناً أكبر بكثير.

وقال مسؤول سابق في وزارة الخارجية إنه «على رغم صخب الأمم المتحدة وعدم فاعليتها، فإنها تظل منتدى مهماً للولايات المتحدة لتوضيح مواقفها، وتحتاج الإدارة إلى شخص ملتزم بأجندتها هناك للقيام بذلك، بدلاً من تركه لأشخاص آخرين قد لا يكونون على وفاق تام مع رؤية الرئيس ترمب: أميركا أولاً».

كوهانيم

ويتوقع أن يُسارع مسؤولو البيت الأبيض إلى اختيار بديل لستيفانيك، مُدركين أنهم تركوا المنصب شاغراً لشهرين، ليُضطروا الآن إلى بدء العملية من جديد. وقال أحد الجمهوريين المُطلعين على المناقشات إن كوهانيم، وهي أميركية يهودية من أصل إيراني، حظيت بالثناء لعملها في مُكافحة معاداة السامية.

وعلى غرار المرشحين الآخرين، تعد كوهانيم مؤيدة قوية لإسرائيل. وباختيارها، سيُرسل ترمب إشارة قوية إلى محاولته تقويض النظام الإيراني. وغالباً ما يلجأ ترمب إلى أصدقائه وحلفائه القدامى عند البحث عن مرشحين لشغل المناصب الشاغرة، وهو اتجاه قد يُساعد فريدمان أو غيره من المستشارين المقربين على التقدم في قائمة المرشحين لعضوية الأمم المتحدة.

وحذّر مَن شارك من الجمهوريين في المناقشات من أن البحث لا يزال في مراحله الأولى، ولا يزال من غير الواضح في أي اتجاه سيتجه الرئيس، في الوقت الذي يطرح فيه مستشاروه وحلفاؤه مجموعة متنوعة من المرشحين.