قضية الطالب الفلسطيني «محمود خليل» تثير بلبلة في الداخل الأميركي

هل تستطيع إدارة ترمب ترحيل حاملي «البطاقة الخضراء»؟

مظاهرات في شوارع نيويورك أمس الاثنين تدعو للإفراج عن الطالب الفلسطيني محمود خليل (أ.ف.ب)
مظاهرات في شوارع نيويورك أمس الاثنين تدعو للإفراج عن الطالب الفلسطيني محمود خليل (أ.ف.ب)
TT
20

قضية الطالب الفلسطيني «محمود خليل» تثير بلبلة في الداخل الأميركي

مظاهرات في شوارع نيويورك أمس الاثنين تدعو للإفراج عن الطالب الفلسطيني محمود خليل (أ.ف.ب)
مظاهرات في شوارع نيويورك أمس الاثنين تدعو للإفراج عن الطالب الفلسطيني محمود خليل (أ.ف.ب)

أثارت قضية الفلسطيني محمود خليل، الطالب في جامعة كولومبيا الأميركية، ردود فعل شاجبة في الولايات المتحدة، بعد اعتقاله في وقت متأخر، مساء السبت، من بهو مبنى سكن الطلاب الجامعي، على خلفية مشاركته في احتجاجات على حرب غزة.

ورغم أن خليل يحمل «البطاقة الخضراء»، فإن هذا لم يمنع عناصر الوكالة الفيدرالية للهجرة والجمارك من إلقاء القبض عليه بسبب «دعمه حماس» على حدّ تعبير البيت الأبيض، الذي نشر بياناً مقتضباً بعد احتجاز الطالب، حمل عنوان «شالوم محمود».

ويصف البيان خليل، البالغ من العمر 30 عاماً، بأنه «طالب أجنبي راديكالي داعم لـ(حماس)»، ويتوعد بمزيد من الاعتقالات والترحيلات لمؤيدي الحركة في الولايات المتحدة.

تصريحات «صادمة»

لكن خليل ليس «أجنبياً» بكل ما للكلمة من معنى، فبالإضافة إلى حمله «البطاقة الخضراء»، فهو متزوج من أميركية، وهي حالياً حامل في شهرها الثامن، ما أثار حيرة كثيرين حيال قانونية خطوة من هذا النوع وشرعيتها.

وفيما خيّم الغموض في بداية الاحتجاز على الخطوات المقبلة التي تنوي الإدارة اتباعها مع خليل، أتى تصريح أدلى به وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ليزيح قدراً من هذا الغموض، ويولّد موجة مختلفة من التساؤلات، إذ قال: «سوف نلغي تأشيرات الدخول والبطاقات الخضراء لداعمي (حماس) في أميركا حتى يتسنى ترحيلهم».

ثم جاءت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتصبّ زيتاً على نار الانتقادات، فقد توعد بمزيد من الاحتجازات وعمليات الترحيل، قائلاً: «نعلم أن هناك مزيداً من الطلاب في جامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات شاركوا في أنشطة داعمة للإرهاب ومعادية للسامية ومعادية للولايات المتحدة، وإدارة ترمب لن تتساهل مع الموضوع».

وتابع في لهجة حاسمة: «كثيرون من هؤلاء ليسوا طلاباً، بل محرضين مأجورين. وسنجدهم ونحتجزهم ونُرحّل هؤلاء المتعاطفين مع الإرهاب من بلادنا، ولن يعودوا إليها مرة أخرى».

لافتة تشير إلى حرية التعبير خلال مظاهرة داعية للإفراج عن الطالب محمود خليل في نيويورك أمس الاثنين (أ.ف.ب)
لافتة تشير إلى حرية التعبير خلال مظاهرة داعية للإفراج عن الطالب محمود خليل في نيويورك أمس الاثنين (أ.ف.ب)

وكان التصريح صادماً؛ فالتهديد بإلغاء البطاقة الخضراء والترحيل للتعبير عن الرأي خطوة جديدة من نوعها في الولايات المتحدة، وتطرح تساؤلات قانونية وإجرائية متعددة، ومن هنا أتى قرار قاضٍ في محكمة في نيويورك بوقف عملية ترحيل خليل إلى أن تجتمع الأطراف المعنية في المحكمة يوم الأربعاء للنظر في القضية.

كما تقدم فريق الدفاع الخاص بخليل بطلب لإعادته إلى نيويورك، بعد أن قررت السلطات المختصة إرساله إلى مركز احتجاز في ولاية لويزيانا، حيث النظام القضائي محافظ مقارنة بنظام نيويورك الليبرالي.

وقالت إيمي غرير، محامية الطالب الفلسطيني: «اللعبة التي تقوم بها وكالة الهجرة والجمارك بنقل محمود إلى لويزيانا هي تكتيك غير صحيح، ولكنه مألوف، يهدف إلى إحباط اختصاص المحكمة الفيدرالية في نيويورك، وعزله بعيداً عن محاميه وبيته ومجتمعه المحلي الداعم له».

مظاهرات وانتقادات

وبالفعل، شهدت شوارع نيويورك مظاهرات يوم الاثنين تدعو للإفراج عن خليل، كما صعّد المشرعون الديمقراطيون من لهجتهم الرافضة لقرارات من هذا النوع المنتهكة - بحسب قولهم - لحقّ التعبير عن الرأي، وهو التعديل الأول من الدستور الأميركي.

وقال كبير الديمقراطيين في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، ديك دربن، إن اعتقال طالب جامعي لأنه استعمل حقّه في التعبير عن رأيه هو «أمر نتوقعه من روسيا، وليس أميركا»، وعدّ أن معاقبة خليل من خلال إلغاء وضعه القانوني في الولايات المتحدة أمر خطير، واصفاً الخطوة بأنها «استبدادية».

واستعمل الديمقراطيون «استراتيجية التخويف» في هذا الإطار، فقالت النائبة عن ولاية كاليفورنيا سارة جاكوبس: «إذا استهدفوا حقوق محمود خليل المتعلقة بالتعديل الأول، فبوسعهم استهداف حقوقكم أيضاً. هدف التعديل الأول هو حماية التعبير عن الرأي حتى إذا كان هذا الرأي غير شعبي أو لم يعجبك فحواه».

لكن من الواضح أن الإدارة الأميركية درست هذه الخطوة جيداً قبل اتخاذها، وجاء تبريرها عبر بيان لوزارة الأمن القومي، قالت فيه إن السلطات الأميركية احتجزت خليل تطبيقاً لقرارات ترمب التنفيذية المتعلقة بمنع معاداة السامية.

وأضاف البيان: «خليل قاد أنشطة تتماشى مع حركة (حماس)، وهي تنظيم إرهابي». وختم البيان بالقول إن وكالة الهجرة ووزارة الخارجية «ملتزمتان بتطبيق قرارات الرئيس ترمب وحماية الأمن القومي الأميركي».

وزيرة الأمن القومي كريستي نوم تتحدث أمس الاثنين عن احتجاز الطالب الفلسطيني محمود خليل (إ.ب.أ)
وزيرة الأمن القومي كريستي نوم تتحدث أمس الاثنين عن احتجاز الطالب الفلسطيني محمود خليل (إ.ب.أ)

إلا أن هذا التصريح لم ينجح في تهدئة الانتقادات، فوصف النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك، جيرولد نادلر، ما جرى بأنه «انتهاك مروع لقانون الهجرة». وأضاف النائب اليهودي البارز: «هذا التصرف لن يجعل الطلاب اليهود أكثر أماناً في الحرم الجامعي، بل سيغذي الحرب السياسية التي تشنّها إدارة ترامب على التعليم والخطاب الفارغ حول التمييز ضد الأقليات».

وهاجم نادلر الإدارة الأميركية قائلاً: «إذا كانت إدارة ترمب جادة في القضاء على معاداة السامية في أميركا، فعليها البدء بنفسها»، في إشارة إلى انتقادات طالت إيلون ماسك، حليف ترمب، الذي اتهمه البعض باستعمال إشارات نازية معادية للسامية.

تحديات قانونية

وفي وجه التحديات القانونية في قضية جديدة من نوعها بالولايات المتحدة، تستند الإدارة الأميركية إلى بند في قانون الهجرة والجنسية أقرّه الكونغرس عام 1952، يعطي وزير الخارجية صلاحيات واسعة لترحيل الأجانب.

وجاء في البند المذكور أن «أي أجنبي يرى وزير الخارجية أن وجوده أو أنشطته في الولايات المتحدة قد تسفر عن عواقب خطيرة على السياسة الخارجية الأميركية هو عرضة للترحيل».

مركز احتجاز الطالب محمود خليل في لويزيانا بعد نقله من نيويورك (رويترز)
مركز احتجاز الطالب محمود خليل في لويزيانا بعد نقله من نيويورك (رويترز)

وتقول إيمي بلشر، مديرة اتحاد الحقوق المدنية في نيويورك، إن هذه المرة الأولى في التاريخ الأميركي التي يجري فيها توظيف هذا البند في القانون، مشيرةً إلى أنه بند «غامض» إلى حد كبير ويطرح أسئلة حول توجيه القانون للنيل من الأشخاص الذين تعارضهم الإدارة.

لكن السؤال الأساسي هو: «هل ينطبق هذا على حاملي البطاقة الخضراء المحميين عبر الدستور؟». وهذا ما يسعى المحامون إلى العثور على جواب واضح له.

وفي غياب هذا الجواب حتى الآن، وسعة الصلاحيات التي تتمتع بها الإدارة الأميركية في قرارات من هذا النوع، يبدو أن الطريق سيكون طويلاً أمام تحديات قانونية من هذا النوع، في ظل التخوف والترقب الذي بات يسيطر على الطلاب الذين شاركوا في حرم جامعاتهم في احتجاجات مناهضة للحرب في غزة.

ويحبس هؤلاء الطلاب أنفاسهم بانتظار حسم مصيرهم ومستقبلهم في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

مع بدء انتخاباتها الاثنين... ترمب يقول إن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

مع بدء انتخاباتها الاثنين... ترمب يقول إن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين»

علق الرئيس دونالد ترمب أمس (الاثنين)، على يوم الانتخابات في كندا، بتجديد الإعلان عن تطلعه لجعل البلاد تتخلى عن استقلالها وتنضم إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي بمطار ليزبرغ التنفيذي يتجه إلى نادي ترمب الوطني للغولف في فرجينيا (أ.ب)

استطلاع: مخاطر الركود العالمي ترتفع بسبب رسوم ترمب

أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» أن غالبية الاقتصاديين يعتقدون أن مخاطر انزلاق الاقتصاد العالمي إلى ركود هذا العام مرتفعة

«الشرق الأوسط» (بنغالورو )
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز) play-circle 00:15

روسيا: لا مفاوضات من دون الاعتراف بضمّ أراضٍ أوكرانية

أعلنت روسيا، الاثنين، استعدادها لبدء محادثات سلام مع أوكرانيا من دون أي شروط مسبقة، بعدما شكك الرئيس الأميركي في استعداد نظيره الروسي لوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد منظر عام لمحطة «هيكينان» للطاقة الحرارية التابعة لشركة «جيرا» وسط اليابان (رويترز)

«جيرا كو» اليابانية تدرس المشاركة في مشروع لتصدير الغاز بألاسكا

تدرس شركة «جيرا كو» اليابانية المشاركة في مشروع مقترح لتصدير الغاز الطبيعي المسال في ولاية ألاسكا الأميركية، في إطار جهود اليابان للوصول لاتفاق تجاري مع أميركا.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش جنازة البابا فرنسيس في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان (إ.ب.أ) play-circle 00:20

ترمب يعتقد أن زيلينسكي مستعد للتخلي عن شبه جزيرة القرم

تدخل المفاوضات بشأن أوكرانيا أسبوعاً مفصلياً، اليوم، كما توقَّعت الولايات المتحدة التي تضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتخلي عن شبه جزيرة القرم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مع بدء انتخاباتها الاثنين... ترمب يقول إن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT
20

مع بدء انتخاباتها الاثنين... ترمب يقول إن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

علق الرئيس دونالد ترمب أمس (الاثنين)، على يوم الانتخابات في كندا، بتجديد الإعلان عن تطلعه لجعل البلاد تتخلى عن استقلالها وتنضم إلى الولايات المتحدة.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، كتب على مواقع التواصل الاجتماعي أن كندا قد تصبح «الولاية الحادية والخمسين العزيزة... لن تكون هناك حدود مرسومة بشكل مصطنع قبل سنوات مضت. تأملوا كم ستكون هذه الأرض رائعة».

أضاف «وصول حر بلا حدود. كل شيء إيجابي بلا سلبيات. كما يفترض أن يكون!».
وأشار ترمب الى أنه «لم يعد بإمكان أميركا دعم كندا بمئات المليارات من الدولارات سنويا التي كنا ننفقها في الماضي. لا معنى لهذا إلا إذا كانت كندا ولاية!».
وتشهد كندا، الاثنين، انتخابات حاسمة لاختيار رئيس حكومة قادر على معالجة أزمة غير مسبوقة مع الولايات المتحدة والتفاوض مع الرئيس دونالد ترمب الذي أثار مخاوف في الدولة المجاورة جراء حربه التجارية وتهديداته بضمّها.
ومع أنّ اسم ترمب لا يظهر على بطاقات الاقتراع في كندا، إلا أنّه يحتل حيّزاً مهماً في أذهان جميع الكنديين.
وحض ترمب الناخبين الكنديين على «انتخاب الرجل الذي يملك القوة والحكمة لخفض ضرائبكم إلى النصف، وزيادة قوتكم العسكرية، مجانًا، إلى أعلى مستوى في العالم».