مذكرة لخفض ميزانية «البنتاغون» بنسبة 8% رغم دعوة ترمب لإعادة بناء «قوة أميركا»

عدم استثناء مراكز القيادات الأوروبية والأفريقية والمركزية يمهد لقرارات سياسية جديدة

أبلغ وزير الدفاع بيت هيغسيث «البنتاغون» بإجراء اقتطاعات كبيرة في الميزانية (أرشيفية)
أبلغ وزير الدفاع بيت هيغسيث «البنتاغون» بإجراء اقتطاعات كبيرة في الميزانية (أرشيفية)
TT

مذكرة لخفض ميزانية «البنتاغون» بنسبة 8% رغم دعوة ترمب لإعادة بناء «قوة أميركا»

أبلغ وزير الدفاع بيت هيغسيث «البنتاغون» بإجراء اقتطاعات كبيرة في الميزانية (أرشيفية)
أبلغ وزير الدفاع بيت هيغسيث «البنتاغون» بإجراء اقتطاعات كبيرة في الميزانية (أرشيفية)

وصل «مقص» خفض الإنفاق الفيدرالي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأوكل لإيلون ماسك استخدامه، إلى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). ويوم الأربعاء، أمر وزير الدفاع بيت هيغسيث كبار المسؤولين العسكريين ووزارة الدفاع بوضع خطط لخفض 8 في المائة من ميزانية الوزارة على مدار السنوات الخمس المقبلة.

وبينما اتّفق المشرعون الأميركيون من مختلف الأطياف السياسية على ضرورة الإنفاق الضخم لردع التهديدات، خصوصاً من الصين وروسيا، فإن تنفيذ الاقتطاعات بالكامل من شأنه أن يخفض هذا الرقم بعشرات المليارات سنوياً، إلى نحو 560 مليار دولار بنهاية السنوات الخمس.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)

وصدرت مذكرة هيغسيث يوم الثلاثاء، قبل يوم واحد من إعلان ترمب دعمه لمشروع قانون في مجلس النواب لزيادة ميزانية الدفاع بمقدار 100 مليار دولار. وهي خطوة تناقض التخفيضات التي أمر بها هيغسيث؛ ما يشير إلى وجود فجوة داخل الإدارة.

ودعا هيغسيث نفسه إلى زيادة ميزانية الدفاع قبل أسبوع، خلال زيارته لشتوتغارت بألمانيا، قائلاً: «أعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إنفاق أكثر مما كانت إدارة بايدن على استعداد لإنفاقه، والتي لم تستثمر تاريخياً في قدرات جيشنا».

كما تتناقض الخطوة مع دعوات يطلقها ترمب وهيغسيث لحضّ الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على زيادة إنفاقها العسكري إلى ما نسبته 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً. وتنفق الولايات المتحدة حالياً نحو 3.4 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وستصبح عتبة الـ5 بالمائة بعيدة المنال إذا تم خفض ميزانية «البنتاغون».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين في مارالاغو بفلوريدا الثلاثاء (البيت الأبيض - د.ب.أ)

وطلب هيغسيث في مذكرته من عدد من الفروع داخل الجيش تقديم مقترحات لخفض الميزانية، بحلول يوم الاثنين 24 فبراير (شباط) الجاري الذي يتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لغزو روسيا لأوكرانيا. وكشفت المذكرة عن 17 استثناء للتخفيضات المقترحة، على رأسها العمليات العسكرية التي أمر الرئيس دونالد ترمب بتنفيذها على الحدود الجنوبية لوقف الهجرة غير الشرعية، وتحديث الأسلحة النووية والدفاع الصاروخي، وتمويل المقرّات الإقليمية على غرار قيادة المحيطين الهندي والهادئ وقيادة الفضاء. لكنّ مراكز رئيسية أخرى على غرار القيادة الأوروبية التي قادت استراتيجية الولايات المتحدة طوال الحرب في أوكرانيا، والقيادة الأفريقية والقيادة المركزية التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، لم ترد في قائمة الفئات المستثناة، وهو ما عده مراقبون تمهيداً لصدور قرارات جديدة من إدارة ترمب تتعلق بخفض عدد القوات والأسلحة الأميركية في أوروبا الذي هدد به مراراً وتكراراً، وفي منطقة الشرق الأوسط أيضاً.

وقال أحد كبار المسؤولين إن التخفيضات تبدو على الأرجح جزءاً من جهد لتركيز أموال «البنتاغون» على البرامج التي تفضلها إدارة ترمب، بدلاً من خفض الميزانية العسكرية السنوية لوزارة الدفاع البالغة 850 مليار دولار.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إلى جانب رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز براون في «البنتاغون» (أ.ف.ب)

وبالفعل، فقد بدأ «البنتاغون» إنفاق المزيد من الأموال على جهود إدارة ترمب على الحدود الجنوبية، بما في ذلك الرحلات الجوية العسكرية التي نقلت المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة إلى دول أخرى، من بينها دول بعيدة مثل الهند.

وتعهد هيغسيث باستخدام الآلاف من القوات الأميركية العاملة للمساعدة في وقف تدفق المهاجرين عبر الحدود، وهو أولوية قصوى للرئيس ترمب. ولكن عمليات العبور غير القانونية التي وصلت إلى مستويات قياسية خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، تباطأت بشكل كبير قبل تولي ترمب منصبه الشهر الماضي. وفي بيان يوم الأربعاء، قال روبرت ساليسيس، نائب وزير الدفاع، إن «مهمة الرئيس للوزارة واضحة: تحقيق السلام من خلال القوة». وأضاف أن «البنتاغون» كان يتعهد بخفض الميزانية بهدف تعزيز الأولويات الأخرى. وقال: «لتحقيق تفويضنا من الرئيس ترمب، فإننا نسترشد بأولوياته، بما في ذلك تأمين حدودنا، وبناء القبة الحديدية لأميركا، وإنهاء برامج الحكومة الجذرية والمضيعة للفرص والتفضيلات».

واجهة مبنى «البنتاغون» في واشنطن (أ.ب)

وبدا أن الأقسام المستهدفة تطول خصوصاً البنية السياسية من الموظفين المدنيين من فئات دنيا في الوزارة، وليس من عناصر الجيش. ويرى البعض أن الهدف «هو سعي ترمب إلى تركيز سلطته السياسية لتجنب تكرار الصدامات مع بعض قادة (البنتاغون) العسكريين والسياسيين التي حصلت في نهاية ولايته الأولى، على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل الرجل الأسود جورج فلويد، ورفض هؤلاء، وعلى رأسهم رئيس الأركان السابق الجنرال مارك ميلي، استخدام الجيش في قمعها».

وأوردت مذكّرة هيغسيث أن وزارة الدفاع «يجب أن تعيد إحياء روحية المحارب، وأن تعيد بناء جيشنا، وأن تعيد تأسيس معادلة الردع». وأضاف في مذكرته، أنّ «ميزانيتنا ستوفّر الموارد للقوة القتالية التي نحتاجها، وتوقف الإنفاق الدفاعي غير الضروري، وتنبذ البيروقراطية المفرطة، وتدفع قدماً بالإصلاحات القابلة للتنفيذ، بما في ذلك إحراز تقدّم على صعيد التدقيق».

صورة جوية لمبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في واشنطن (أرشيفية - أ.ف.ب)

ومن المرجح أن قرار خفض الإنفاق سيواجه مقاومة من الجيش والجمهوريين في الكونغرس الذين دعا العديد منهم إلى زيادة ميزانية الدفاع، وسخروا سابقاً من إدارة بايدن بسبب الزيادات المتواضعة في الإنفاق الدفاعي. ودعا السيناتور الجمهوري روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي تدريجياً إلى أكثر من تريليون دولار سنوياً.

ويوم الأربعاء، تأثرت سلباً أسهم كبار مقاولي الدفاع الأميركيين؛ إذ تراجعت أسهم شركة «لوكهيد مارتن» لفترة وجيزة لكنها عادت وعوّضت تراجعها. أما أسهم «نورثروب غرومان» فتراجعت بنحو 2 في المائة، في حين أغلقت أسهم شركة «بالانتير» على انخفاض بأكثر من 10 في المائة.


مقالات ذات صلة

القمة الخليجية ــ الأميركية ترسم خريطة استقرار للمنطقة

الخليج القمة الخليجية ــ الأميركية ترسم خريطة استقرار للمنطقة

القمة الخليجية ــ الأميركية ترسم خريطة استقرار للمنطقة

رسمت القمة الخليجية - الأميركية التي عُقدت في الرياض، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في اليوم الثاني والأخير من زيارة الرئيس.

غازي الحارثي (الرياض) عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية ختم برونزي لوزارة الخزانة الأميركية على مبنى الوزارة في واشنطن 20 يناير 2023 (رويترز)

عقوبات أميركية تستهدف جهود إيران لتصنيع مكونات للصواريخ الباليستية محلياً

قالت وزارة الخزانة الأميركية إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة متعلقة بإيران اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا لقاء يجمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عام 2019 (د.ب.أ) play-circle

ترمب: بوتين يرغب في حضوره اجتماعاً بشأن أوكرانيا

كشف ترمب عن أنه سيبقي خياراته مفتوحة حتى اللحظة الأخيرة بشأن ما إذا كان سيتوجه إلى تركيا لحضور اجتماع بين بوتين وزيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الديوان الأميري بالدوحة (الديوان الأميري القطري) play-circle 00:34

أمير قطر يحث ترمب على العمل لإحلال السلام بالمنطقة

أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن قطر ساعدت بلاده فيما يتعلق بالملف الإيراني، متوقعا نجاح الجهود الدبلوماسية في هذا الشأن للوصول لاتفاق.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)
العالم المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يغادر ساحة الرهائن في تل أبيب يوم 13 مايو 2025 (أ.ف.ب)

مبعوث ترمب يتوجه إلى إسطنبول الجمعة لحضور المحادثات بين روسيا وأوكرانيا

قال ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي، إنه سيتوجه مع وزير الخارجية ماركو روبيو إلى إسطنبول، يوم الجمعة؛ للمشاركة في المحادثات المزمعة بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مرسوم رئاسي في الأرجنتين يقيد الهجرة ويسهل الترحيل

خطوة الأرجنتين تتزامن مع القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الهجرة (أ.ب)
خطوة الأرجنتين تتزامن مع القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الهجرة (أ.ب)
TT

مرسوم رئاسي في الأرجنتين يقيد الهجرة ويسهل الترحيل

خطوة الأرجنتين تتزامن مع القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الهجرة (أ.ب)
خطوة الأرجنتين تتزامن مع القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الهجرة (أ.ب)

أصدر الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير مايلي مرسوماً، أمس (الأربعاء)، يقيد الهجرة إلى البلاد، في خطوة تتزامن مع القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الهجرة، وفق ما نشرت «أسوشييتد برس».

وفي بلد لطالما افتخر بانفتاحه على المهاجرين، أثارت الإجراءات المفاجئة لمايلي وتصريحه بأن «الوافدين الجدد يجلبون الفوضى والاستغلال» انتقادات من خصومه السياسيين، وأطلقت مقارنات مع ترمب.

ورحبت حكومة مايلي بهذه المقارنات مع حليفها الأميركي المقرب؛ حيث قال المتحدث باسم الرئاسة مانويل أدورني: «حان الوقت لتكريم تاريخنا وجعل الأرجنتين عظيمة من جديد».

وينص المرسوم التنفيذي الصادر يوم الأربعاء على تشديد شروط الحصول على الجنسية، إذ يطلب من المهاجرين الإقامة في الأرجنتين بشكل متواصل لمدة عامين، أو القيام باستثمار مالي كبير في البلاد للحصول على جواز سفر أرجنتيني.

كما يتوجب على طالبي الإقامة الدائمة إثبات دخلهم أو امتلاكهم «وسائل كافية»، بالإضافة إلى تقديم سجل جنائي نظيف من بلدانهم الأصلية.

ويسهل المرسوم على الحكومة طرد المهاجرين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني، أو يزورون وثائقهم، أو يرتكبون جرائم بسيطة داخل الأرجنتين.

وكانت القوانين السابقة لا تسمح بالترحيل أو رفض الدخول إلا في حال وجود حكم بالسجن يزيد على ثلاث سنوات.

كما يطلب المرسوم من القضاء تسريع إجراءات المحاكم المختصة بقضايا الهجرة التي غالباً ما تكون طويلة ومعقدة.