«أميركا أولاً»... هل يقود شعار ترمب واشنطن لتصبح دولة معزولة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT
20

«أميركا أولاً»... هل يقود شعار ترمب واشنطن لتصبح دولة معزولة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

حذر تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء من أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب من شأنها أن تدفع المزيد من الدول إلى تشكيل شبكات وتحالفات ضدها.

وأضاف التحليل الذي كتبه أندرياس كلوث، الذي يغطي الشؤون الدبلوماسية الأميركية وقضايا الأمن القومي، أن الولايات المتحدة تحت قيادة ترمب تتحول من قوة خيرية إلى قوة مهددة، وتابع أنه بسياسة «أميركا أولاً»، التي يمارسها ترمب في ولايته الثانية، سوف تتحول بدلاً من ذلك وربما عاجلاً وليس آجلاً إلى أميركا المعزولة، أو حتى المكروهة.

وتابع أنه فيما يتصل بالسياسة الخارجية، خاض ترمب حملته الانتخابية على وعد بأنه سوف يكون، من خلال الاعتماد على «القوة»، صانع سلام، ينهي الحروب، مثل حرب روسيا ضد أوكرانيا، في غضون 24 ساعة، ويمنع اندلاع حروب جديدة، ولكن منذ إعادة انتخابه، وخاصة منذ تنصيبه، تبنى ترمب لهجة جديدة، وهي لهجة اعتاد استخدامها في الشؤون الداخلية: لهجة البلطجة.

متظاهرون ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإيلون ماسك خارج مبنى «الكابيتول» في ميشيغان (أ.ف.ب)
متظاهرون ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإيلون ماسك خارج مبنى «الكابيتول» في ميشيغان (أ.ف.ب)

حيث هدد الدنمارك لأنه يريد جزيرة غرينلاند، وبنما لأنه يريد قناتها، وكندا لأنه يريد ضمها إلى الولايات المتحدة باعتبارها الولاية رقم 51، وكولومبيا لأنها رفضت لفترة وجيزة استقبال بضع طائرات محملة بالمهاجرين، وجنوب أفريقيا لأنه أصبح مقتنعاً بأن حكومتها عنصرية، أي معادية للبيض.

ولفت التحليل إلى أن ترمب هدد بشكل غير مباشر شريكين أميركيين آخرين، مصر والأردن، لأنه يريد «السيطرة» على قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب إعادة توطين مليوني شخص قسراً في بلدان أخرى في المنطقة. كما هدد ترمب بفرض تعريفات تجارية على شركاء أميركا التجاريين، بما في ذلك كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي.

وقال التحليل إن من الغريب أنه لم يتحدث حتى الآن بنفس القدر من القسوة مع خصوم أميركا، وخاصة روسيا والصين.

وطرح كاتب التحليل سؤالاً حول كيف من المرجح أن تستجيب هذه الدول وغيرها، لأن العالم بأسره يراقب؟

وقال إنه في ثمانينات القرن العشرين طور ستيفن والت، وهو باحث في المدرسة الواقعية للعلاقات الدولية، نظرية للإجابة عن هذا السؤال، حيث حدث المفهوم التقليدي القائل بأن الدول أو الإمبراطوريات تسعى عموماً إلى «توازن القوى» من خلال تشكيل تحالفات ضد أي منها هو الأقوى.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

وذكر والت أن هذا لا يمكن أن يكون صحيحاً، لأن الكثير من الدول كان ينبغي لها أن تتكتل ضد الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية عندما تحولت أميركا إلى الأقوى بين القوتين العظميين. وبعد الحرب الباردة، عندما أصبح العالم لفترة وجيزة أحادي القطب، ولم يكن هناك من يتحدى الولايات المتحدة، كان ينبغي لعدد أكبر من الدول أن تتحد ضدها، ولكن ما حدث هو العكس، فقد استمرت الولايات المتحدة في جذب المزيد من الأصدقاء بمرور الوقت، حيث يبلغ عدد حلفائها اليوم نحو 70، وعدد أكبر بكثير من الشركاء التجاريين.

وقال إن السبب يرجع لوقوف أميركا إلى جانب الهيمنة الخيرية وليس العدائية، حيث ضبطت طواعية قوتها ونشرتها لحماية نظام تجاري مفتوح، ومعايير القانون الدولي، فيما أصبح يُعرف باسم النظام الدولي «القائم على القواعد».

وشعرت دول أخرى، وخاصة الصغيرة منها، بأمان أكبر تحت القيادة الأميركية، وأرادت الانتماء إلى هذه الشبكات التي تقودها الولايات المتحدة.

وافترض والت أن الدول لا تشكل تحالفات جديدة ضد دولة مثل الولايات المتحدة إلا عندما تصبح تلك القوة عظيمة وخطيرة، كما فعلت ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر على سبيل المثال.

واقترح أن أفضل تسمية لتفسير العلاقات الدولية ليست توازن القوى، بل توازن التهديد.

وذكر التحليل أن أميركا في عصر ترمب الجديد يبدو أنها تحولت من قوة خيرة إلى قوة تهديد، فترمب يحتقر السلام الأميركي ويعتبره خدعة، ويبدو أنه يتوافق مع الإمبريالية طالما أنه مستفيد، حتى لو كان ذلك يعني السماح للعالم بالعودة إلى الفوضى.

وكما تتنبأ نظرية والت، يبدو أن الدول تعمل على تسريع جهودها لإيجاد ترتيبات بديلة في التجارة والأمن تستبعد الولايات المتحدة.

وبالفعل يتحدث الاتحاد الأوروبي إلى دول في أميركا اللاتينية وآسيا؛ وتنضم المزيد من الدول إلى مجموعة «البريكس» التي ترى نفسها بديلاً لمجموعة الدول السبع التي تقودها الولايات المتحدة؛ ولكن هل كان هذا التغيير مفاجئاً؟

وحذر التحليل من تداعيات استعراضات القوة غير الناضجة، مثل إيذاء الأصدقاء الأضعف، وقال إن اكتساب المجد يأتي من استخدام القوة لجعل العالم أكثر أماناً وأفضل، من خلال تقريب الأصدقاء، وإبقاء الأعداء بعيداً.

وقال إن أميركا في عهد ترمب أصبحت تشكل تهديداً، ولا ينبغي لأحد أن يفاجأ عندما يبحث العالم مرة أخرى عن التوازن، وتنتهي أميركا إلى أن تصبح وحيدة.


مقالات ذات صلة

إيران: سنرد على رسالة ترمب بعد «التدقيق الكامل»

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية للمتحدث باسمها إسماعيل بقائي خلال مؤتمر صحافي play-circle

إيران: سنرد على رسالة ترمب بعد «التدقيق الكامل»

قال إسماعيل بقائي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، الاثنين، إن طهران سترد على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب «بعد التدقيق الكامل».

«الشرق الأوسط» (طهران)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته لواشنطن (رويترز)

ترمب يلغي قرارات عفو أصدرها بايدن بحق مجموعة من السياسيين

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إن قرارات العفو التي أصدرها الرئيس السابق جو بايدن بحق مجموعة من السياسيين باطلة، معلناً إيقاف العمل بها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مجموعة من العاملين بالمجال الصحي في برلين (أرشيفية- رويترز)

وزيرة بولاية ألمانية تدعو إلى إعداد النظام الصحي لحرب محتملة

دعت وزيرة الصحة المحلية في ولاية بافاريا الألمانية، يوديت غيرلاخ، إلى إعداد النظام الصحي الألماني لحرب محتملة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا دبابة أوكرانية تسير على طريق في قرية بمنطقة دنيبروبيتروفسك (أ.ف.ب) play-circle

روسيا تريد «وضعاً محايداً» لأوكرانيا ورفض انضمامها للناتو في أي معاهدة سلام

قال نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات نشرت اليوم الاثنين إن روسيا ستسعى للحصول على ضمانات «صارمة» في أي اتفاق سلام بشأن أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ترمب لدى وصوله إلى قاعدة أندروز المشتركة في ماريلاند (أ.ب)

ترمب: لا إعفاءات من الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه لا ينوي فرض إعفاءات على رسوم الصلب والألمنيوم، موضحاً أنه سيتم فرض رسوم متبادلة وقطاعية في 2 أبريل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يلغي قرارات عفو أصدرها بايدن بحق مجموعة من السياسيين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته لواشنطن (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته لواشنطن (رويترز)
TT
20

ترمب يلغي قرارات عفو أصدرها بايدن بحق مجموعة من السياسيين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته لواشنطن (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته لواشنطن (رويترز)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إن قرارات العفو التي أصدرها الرئيس السابق جو بايدن بحق مجموعة من السياسيين باطلة، معلناً إيقاف العمل بها.

وأوضح أن «جو بايدن لم يوقعها ولم يعلم أي شيء عنها، وهذا هو المهم... ولكن الناس الذين علموا بشأنها ارتكبوا جريمة».

وأضاف أن «على أعضاء اللجنة الذين أتلفوا وحذفوا جميع الأدلة التي جمعت على مدى عامين من ملاحقتي وملاحقة كثير من الأبرياء، أن يعوا أنهم سيخضعون للتحقيقات على أعلى مستوى».

وقبل ساعات قليلة من تسليم السلطة إلى دونالد ترمب، منح جو بايدن، في 20 يناير (كانون الثاني)، العفو على نحو وقائي لمسؤولين وموظفين حكوميين، لحمايتهم من «الإجراءات القانونية غير المبررة وذات الدوافع السياسية».

وطال هذا العفو الرئاسي الدكتور أنتوني فاوتشي والجنرال المتقاعد مارك ميلي وأعضاء لجنة مجلس النواب التي حققت في هجوم 6 يناير (كانون الثاني) على الكابيتول.

وجاء قرار بايدن بعدما ألمح ترمب إلى احتمال ملاحقة أشخاص سعوا إلى محاسبته على محاولته إلغاء خسارته في انتخابات 2020 ودوره في اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.

وقبلها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصدر الرئيس السابق بايدن عفواً كاملاً وشاملاً عن أي جرائم يحتمل أن يكون نجله هانتر قد ارتكبها طيلة الـ11 عاماً الماضية. وكان هانتر قد واجه اتهامات بتملُّك سلاح بشكل غير قانوني، وارتكاب جرائم مالية واحتيال ضرائبي، كما واجه ملاحقات من الجمهوريين بتهمة استغلال منصب والده في إقامة علاقات مع دول أجنبية والتربح، وكسب عشرات الملايين من الدولارات.