«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)
سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)
سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي السابق ثيودور روزفلت، ذات يوم، أن «قناة بنما» هي «واحدة من المآثر التي سينظر إليها شعب هذه الجمهورية بفخر كبير». وبعد أكثر من قرن من الزمان، يهدد دونالد ترمب باستعادة الممر المائي.

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ. ويقول إنه إذا لم تتغير الأمور بعد توليه منصبه الشهر المقبل، «سنطالب بإعادة قناة بنما إلى الولايات المتحدة الأميركية، بالكامل، وبسرعة ودون أدنى شك».

وهدد ترمب حلفاءه منذ فترة طويلة باتخاذ إجراءات عقابية على أمل الحصول على تنازلات. لكنَّ الخبراء في كلا البلدين واضحون: ما لم يشن حرباً مع بنما، فلن يتمكن ترمب من إعادة تأكيد سيطرته على قناة وافقت الولايات المتحدة على التنازل عنها في سبعينات القرن العشرين.

وأكّد وزير الخارجية البنمي خافيير مارتينيز-آشا، الثلاثاء، أنّ سيادة بلاده «ليست قابلة للتفاوض»، وذلك ردّاً على تهديدات ترمب بإعادة السيادة على قناة بنما إلى الولايات المتّحدة.

وقال الوزير إنّ «الرئيس خوسيه راوول مولينو سبق أن أعلن أنّ السيادة على قناتنا ليست قابلة للتفاوض وهي جزء من تاريخنا النضالي»، مشدّداً على أنّ القناة «أُعيدت إلى غير رجعة».

والرئيس الأميركي المنتخب الذي يعود إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري أثار مؤخراً سخط السلطات البنمية بتهديده باستخدام القوة العسكرية لاستعادة القناة التي تربط بين المحيطين والممتدّة على 80 كيلومتراً، إذا لم تخفّض رسوم العبور بالنسبة إلى السفن الأميركية.

ورفض ترمب، الثلاثاء، مجدّداً استبعاد اللجوء إلى القوة العسكرية للسيطرة على قناة بنما، مكرراً انتقاداته قرار منح بنما السيطرة على الممر المائي الذي اتخذه الرئيس الأسبق جيمي كارتر، الذي توفي الشهر الماضي.

وخلال مؤتمر صحافي في منتجعه مارالاغو بولاية فلوريدا، قال ترمب ردّاً على سؤال بشأن ما إذا كان يستبعد تنفيذ تحرك عسكري ضدّ قناة بنما وغرينلاند: «يمكنني أن أقول التالي: نحتاج إليهما من أجل الأمن الاقتصادي»، مضيفاً: «لن أعلن التزامي بذلك (أي عدم القيام بتحرك عسكري). قد نضطر إلى فعل أمر ما».

وهنا، نلقي نظرة على تاريخ قناة بنما، وفقاً لشبكة «أسوشييتد برس»:

ما هي قناة بنما؟

القناة عبارة عن ممر مائي من صنع الإنسان يستخدم سلسلة من الأقفال والخزانات على مسافة 51 ميلاً (82 كيلومتراً) لقطع وسط بنما وربط المحيطين الأطلسي والهادئ. وهي توفر على السفن قطع مسافة إضافية تبلغ نحو 7 آلاف ميل (أكثر من 11 ألف كيلومتر) للإبحار حول كيب هورن عند الطرف الجنوبي لأميركا الجنوبية.

وتقول إدارة التجارة الدولية الأميركية إن القناة توفر للمصالح التجارية الأميركية «وقتاً وتكاليف وقود كبيرة» وتمكّن من تسليم البضائع بشكل أسرع، وهو أمر «مهم بشكل خاص للشحنات الحساسة للوقت والسلع القابلة للتلف».

قناة بنما في المراحل النهائية من البناء 25 يونيو 1913 (أ.ب)

مَن الذي بناها؟

بدأت الجهود الرامية إلى إنشاء قناة عبر بنما بقيادة فرديناند ديليسبس، الذي بنى قناة السويس في مصر، في عام 1880 ولكنها ظهرت على فترة تسعة أعوام فقط قبل الإفلاس.

لقد دمَّرت الملاريا والحمى الصفراء والأمراض الاستوائية الأخرى قوة عاملة كانت تكافح بالفعل في مواجهة تضاريس خطيرة بشكل خاص وظروف عمل قاسية في الأدغال، مما أدى في النهاية إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص، وفقاً لبعض التقديرات.

كانت بنما آنذاك مقاطعة تابعة لكولومبيا، التي رفضت التصديق على معاهدة لاحقة عام 1901 ترخِّص للمصالح الأميركية بناء القناة. وردَّ روزفلت بإرسال سفن حربية أميركية إلى سواحل بنما. كما وضعت الولايات المتحدة دستوراً جاهزاً بعد استقلال بنما، الذي يمنح القوات الأميركية «الحق في التدخل في أي جزء من بنما، لإعادة إرساء السلام العام والنظام الدستوري».

وبسبب عدم قدرة القوات الكولومبية على عبور الغابات القاسية، أعلنت بنما استقلالها دون إراقة دماء خلال ساعات في نوفمبر (تشرين الثاني) 1903. وسرعان ما وقَّعت معاهدة تسمح لفريق بقيادة الولايات المتحدة ببدء البناء.

ووفقاً لإحدى الدراسات، توفي نحو 5600 عامل في وقت لاحق في أثناء مشروع البناء الذي قادته الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت يختبر مجرفة بخارية خلال بناء قناة بنما (أ.ب)

لماذا لم تَعُدْ الولايات المتحدة تسيطر على القناة؟

افتُتح الممر المائي عام 1914، ولكن بدأ بعض البنميين على الفور تقريباً، يشككون في فكرة سيطرة الولايات المتحدة عليه، مما أدى إلى ما أصبح معروفاً في البلاد باسم «الصراع الجيلي» للسيطرة على القناة.

ألغت الولايات المتحدة حقها في التدخل في بنما في ثلاثينات القرن العشرين. وبحلول السبعينات، ومع ارتفاع تكاليفها الإدارية بشكل حاد، أمضت واشنطن سنوات في التفاوض مع بنما للتنازل عن السيطرة على الممر المائي.

عملت إدارة جيمي كارتر مع حكومة عمر توريخوس. قرر الجانبان في النهاية أن أفضل فرصة لهما للتصديق هي تقديم معاهدتين إلى مجلس الشيوخ الأميركي، «معاهدة الحياد الدائم» و«معاهدة قناة بنما».

الأولى، التي تستمر إلى الأبد، تمنح الولايات المتحدة الحق في التصرف لضمان بقاء القناة مفتوحة وآمنة. وقد نصت الاتفاقية الثانية على أن الولايات المتحدة ستسلم القناة إلى بنما في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1999.

وقد جرى التوقيع على الاتفاقيتين عام 1977، والتصديق عليهما في العام التالي. وظلت الاتفاقيات صامدة حتى بعد عام 1989، عندما غزا الرئيس جورج بوش الأب بنما لإزاحة الزعيم البنمي مانويل نورييغا.

وفي أواخر سبعينات القرن العشرين، وبينما كانت معاهدات التسليم قيد المناقشة والتصديق، وجدت استطلاعات الرأي أن نحو نصف الأميركيين يعارضون قرار التنازل عن السيطرة على القناة لبنما. ولكن بحلول الوقت الذي تغيرت فيه الملكية فعلياً في عام 1999، كان الرأي العام قد تحوَّل، حيث أيَّد القرار نحو نصف الأميركيين.

سفن الشحن تنتظر عبور قناة بنما (أ.ب)

ماذا حدث منذ ذلك الحين؟

كانت إدارة القناة أكثر كفاءة في عهد بنما مقارنةً بعهد الولايات المتحدة، حيث زادت حركة المرور بنسبة 17 في المائة بين السنوات المالية 1999 و2004.

وافق الناخبون في بنما على استفتاء عام 2006 الذي سمح بتوسيع كبير للقناة لاستيعاب سفن الشحن الحديثة الأكبر حجماً. استغرق التوسع حتى عام 2016 وكلَّف أكثر من 5.2 مليار دولار.

قال الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، في مقطع فيديو، يوم الأحد، أن «كل متر مربع من القناة ينتمي إلى بنما وسيستمر في ذلك». وأضاف أنه في حين أن شعب بلاده منقسم بشأن بعض القضايا الرئيسية، «عندما يتعلق الأمر بقناتنا وسيادتنا، فسوف نتَّحد جميعاً تحت علمنا البنمي».

ارتفعت أسعار الشحن بسبب الجفاف العام الماضي الذي أثَّر على أقفال القناة، مما أجبر بنما على خفض حركة الشحن عبر القناة بشكل كبير ورفع الأسعار لاستخدامها. ورغم عودة الأمطار إلى معظم أنحاء البلاد، تقول بنما إن زيادات الرسوم في المستقبل ربما تكون ضرورية مع تعهدها بإجراء تحسينات لتلبية احتياجات الشحن الحديثة.

وقال خورخي لويس كيخانو، الذي شغل منصب مدير الممر المائي من عام 2014 إلى عام 2019، إن جميع مستخدمي القناة يخضعون لنفس الرسوم، على الرغم من أنها تختلف حسب حجم السفينة وعوامل أخرى.

وتابع: «يمكنني أن أقبل أن عملاء القناة قد يشكون من أي زيادة في الأسعار... لكنَّ هذا لا يعطيهم سبباً للتفكير في إعادتها».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

لماذا أثار ترمب هذه القضية؟

أشار الرئيس المنتخب إلى أن الولايات المتحدة «تُخدع» و«لن أقبل ذلك».

وشرح ترمب عن معاهدة عام 1977 التي قال إنها «أعطت القناة بغباء»: «لقد جرى منحها لبنما ولشعب بنما، لكنها تحتوي على أحكام - يجب أن تعاملنا بشكل عادل. ولم يعاملونا بشكل عادل».

ولكن معاهدة الحياد تمنح الولايات المتحدة الحق في التصرف إذا تعرض تشغيل القناة للتهديد بسبب صراع عسكري - ولكن ليس إعادة السيطرة.

وقال كيخانو: «لا يوجد أي بند من أي نوع في اتفاقية الحياد يسمح باستعادة القناة. ومن الناحية القانونية، لا توجد وسيلة، في ظل الظروف العادية، لاستعادة الأراضي التي استُخدمت من قبل».

في الوقت نفسه، لم يذكر ترمب كيف قد ينفِّذ تهديده.

وأوضح بنيامين جيدان، مدير برنامج أميركا اللاتينية في مركز وودرو ويلسون الدولي للعلماء في واشنطن: «لا يوجد مجال كبير للمناورة، في غياب غزو أميركي ثانٍ لبنما، لاستعادة السيطرة على قناة بنما من الناحية العملية».

وأفاد جيدان بأن موقف ترمب محيِّر بشكل خاص بالنظر إلى أن مولينو محافظ مؤيد للأعمال التجارية «قدم الكثير من المبادرات الأخرى لإظهار أنه يفضل علاقة خاصة مع الولايات المتحدة». كما أشار إلى أن بنما في السنوات الأخيرة أصبحت أقرب إلى الصين، مما يعني أن الولايات المتحدة لديها أسباب استراتيجية للحفاظ على علاقاتها الودية مع الدولة الواقعة في أميركا الوسطى.

وبنما هي أيضاً شريكة للولايات المتحدة في وقف الهجرة غير الشرعية من أميركا الجنوبية -ربما تكون أولوية سياسة ترمب الكبرى.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: بايدن سيوجّه خطاباً وداعياً إلى الأمة الأربعاء

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)

البيت الأبيض: بايدن سيوجّه خطاباً وداعياً إلى الأمة الأربعاء

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيوجّه خطاباً وداعياً متلفزاً، الأربعاء، قبل خمسة أيام من موعد عودة دونالد ترمب إلى السلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس وزراء غرينلاند موتي إيجيد خلال مؤتمر صحافي (رويترز)

رئيس وزراء غرينلاند يعلن استعداده للتحدث مع ترمب

قال رئيس وزراء غرينلاند، موتي إيجيد، إنه مستعد للتحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي قال إنه يريد السيطرة على الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

قد تتخذ المحكمة العليا الأميركية إجراءات سريعة في غضون أيام بشأن حظر منصة «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ براندون رود يساعد زوجته على ارتداء قناع وجه خلال تفقُّدهم الدمار الذي لحق منزلهم جراء حرائق لوس أنجليس (رويترز)

الشرطة: أصدرنا أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص جراء حرائق لوس أنجليس

قال قائد شرطة لوس أنجليس، اليوم الجمعة، إن أوامر إخلاء صدرت لنحو 153 ألف شخص جراء الحرائق، و166 ألفاً آخرين تلقوا إنذارات للاستعداد.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ فتح زلاجات الطوارئ لطائرة تتبع شركة «دلتا إيرلاينز» بمطار أتلانتا (لقطة من فيديو)

إصابة 4 ركاب في أتلانتا خرجوا من طائرة بزلاجات الطوارئ

أصيب أربعة ركاب، اليوم الجمعة، بعد إلغاء عملية إقلاع رحلة لشركة «دلتا إيرلاينز» في أتلانتا الأميركية.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا)

ترمب ينال إطلاق سراح غير مشروط في قضية «أموال الصمت»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)
TT

ترمب ينال إطلاق سراح غير مشروط في قضية «أموال الصمت»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)

تجرّع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الجمعة، الكأس المرة التي حاول تجنّبها طويلاً، إذ نطق القاضي في نيويورك خوان ميرشان بحكم يُكرّسه أول رئيس يدخل البيت الأبيض عقب إدانته بجرائم جنائية، رغم أنه لم يفرض عليه أي عقوبة.

وحكم ميرشان على ترمب، الذي سينصّب رئيساً للمرة الثانية بعد 10 أيام، بالإفراج غير المشروط من دون تغريمه أو حبسه أو وضعه تحت المراقبة، بعد أقل من 24 ساعة من رفض المحكمة العليا الأميركية المحاولة الأخيرة من وكلاء الدفاع عن ترمب لوقف النطق بالحكم على أساس أنه من شأنه أن يتعارض مع انتقاله إلى فترة ولاية ثانية رئيساً.

جانب من جلسة النطق بالحكم على دونالد ترمب في نيويورك (أ.ف.ب)

وأضفى الحكم طابعاً رسمياً على وضع ترمب بصفته أول رئيس أو رئيس منتخب يرتكب جريمة. وكان في إمكان القاضي ميرشان أن يحكم على الرئيس الجمهوري، البالغ من العمر 78 عاماً، بالسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات. ولكنه اختار بدلاً من ذلك، تجنيبه القضايا الدستورية الشائكة من خلال إنهاء القضية فعلاً.

ومع أن القاضي ميرشان لم يحكم عليه بالسجن في قضية «أموال الصمت»، التي خلصت إلى إدانة ترمب بـ34 تهمة تتمحور حول تزوير سجلات تجارية لإخفاء دفع 130 ألف دولار للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز (اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد) التي ادعت أنها كانت على علاقة معه، فإن الحكم بذاته شكّل «تأديباً قاسياً» و«إهانة شديدة» للرئيس السابق الذي أعيد انتخابه في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لما أجمعت عليه وسائل الإعلام الأميركية.

«تجربة مروعة»

وخلال جلسة النطق بالحكم في نيويورك، حمل ترمب الذي حضر الجلسة بواسطة دائرة تلفزيونية مغلقة من فلوريدا، بشدة على ما سمَّاه «حملة سياسية شعواء (...) لتدمير سمعتي»، مضيفاً أن هذه «كانت تجربة مروعة للغاية». وقال: «أعتقد أنها كانت انتكاسة لنيويورك ونظام المحاكم في نيويورك. هذه قضية لم يرغب (المدعي العام في مانهاتن) ألفين براغ في رفعها».

صورة أرشيفية لترمب خلال محاكمته في نيويورك 29 مايو (أ.ف.ب)

وتطرّق ترمب إلى انتصاره في الانتخابات، قائلاً إنه فاز بالتصويت الشعبي بـ«ملايين وملايين الأصوات»، وكذلك في «كل الولايات السبع المتأرجحة». وخاطب القاضي ميرشان قائلاً إن الناخبين «كانوا يراقبون محاكمتك». وأشار إلى الشاهد الملك في القضية محاميه السابق مايكل كوهين، الذي «سُمح له بالتحدث كما لو كان جورج واشنطن، لكنه ليس جورج واشنطن». وأصرّ على أنه غير مذنب، بالقول: «الحقيقة هي أنني بريء تماماً. لم أفعل شيئاً خاطئاً».

وردّ القاضي ميرشان بشكر «السيد ترمب» وليس «السيد الرئيس»، قائلاً إن «النطق بالحكم هو أحد أصعب القرارات وأهمّها التي يتعين على أي قاضٍ في محكمة جنائية اتخاذها». وأكد أن ترمب يحتاج إلى سماع أسباب الحكم عليه، رغم تأكيد الأخير أنه غير مذنب. وأكد أنه «لم يسبق لهذه المحكمة أن واجهت مثل هذه الظروف الفريدة»، مضيفاً أنها «كانت استثنائية حقاً» بسبب منصب الرئاسة، وليس بسبب شاغل المنصب.

مؤيدون للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قبل النطق بالحكم ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وإذ أكّد أنه ليس بحاجة إلى تكرار العوامل المشددة التي سبق أن أوضحها في أوامره الأخيرة، لفت إلى أن الحماية القانونية الكبيرة والاستثنائية التي يتمتع بها الرئيس عامل يتغلب على كل العوامل الأخرى، مشيراً إلى أن الحماية القانونية لمنصب الرئاسة «لا تُقلّل خطورة الجريمة أو تبرر ارتكابها بأي شكل من الأشكال». وأقرّ بأن «المواطنين العاديين لا يحصلون على هذه الحماية القانونية». وشدّد تكراراً على أن «الحماية القانونية الممنوحة لمنصب رئيس الولايات المتحدة هي غير عادية، وليس شاغل المنصب».

حكم بلا عقوبة

ومع بقاء عشرة أيام على تولّي ترمب منصبه الرئاسي، أعلن ميرشان أنه يخطط لإصدار حكم بلا عقوبة يُسمّى الإفراج غير المشروط، وأن المدعين لا يعارضون ذلك. وهذا يعني عدم فرض أي عقوبة بالسجن أو فترة مراقبة أو غرامات على المدان. وأكّد المدّعون أنهم يؤيدون الحكم بلا عقوبة، لكنهم انتقدوا هجمات ترمب على النظام القانوني طوال القضية وبعدها.

أعضاء جماعة «قم وقاوم» الأميركية الناشطة يتظاهرون خارج محكمة مانهاتن الجنائية قبل النطق بالحكم على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وقال المدعي العام جوشوا شتاينغلاس: «انخرط الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة في حملة منسقة لتقويض شرعيته». وأضاف أنه بدلاً من إظهار الندم، «أثار ترمب ازدراء» لحكم هيئة المحلفين ونظام العدالة الجنائية.

وعندما ظهر من منزله في فلوريدا، كان الرئيس ترمب جالساً مع محاميه تود بلانش، الذي اختاره ليكون ثاني أعلى مسؤول في وزارة العدل في إدارته المقبلة. وقال بلانش إنه «من الناحية القانونية، لم يكن ينبغي رفع هذه القضية»، مؤكداً نية ترمب استئناف الحكم. وقبل الجلسة، تجمع عدد قليل من أنصار ترمب ومنتقديه في الخارج. وحملت إحدى المجموعتين لافتة كتب عليها «ترمب مذنب». فيما حملت المجموعة الأخرى لافتة كتب عليها «أوقفوا المؤامرة الحزبية» و«أوقفوا مطاردة الساحرات السياسية» ضد ترمب.

وأرجأ القاضي ميرشان، وهو ديمقراطي، مراراً النطق بالحكم، الذي كان مقرراً في البداية في يوليو (تموز) الماضي. ولكن في الأسبوع الماضي، حدّد يوم الجمعة موعداً لجلسة الحكم، مستشهداً بالحاجة إلى «حسم» القضية. وكتب أنه سعى إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى إصدار الحكم، وحكم الحصانة الصادر عن المحكمة العليا، والاحترام الواجب لحكم هيئة المحلفين وتوقعات الجمهور بأن «لا أحد فوق القانون».