كيف خطط الرؤساء الأميركيون لإقامة مراسم جنازاتهم؟

جنود أميركيون يحملون نعش الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب لدى وصوله إلى كاتدرائية واشنطن الوطنية في ديسمبر 2018 (رويترز)
جنود أميركيون يحملون نعش الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب لدى وصوله إلى كاتدرائية واشنطن الوطنية في ديسمبر 2018 (رويترز)
TT

كيف خطط الرؤساء الأميركيون لإقامة مراسم جنازاتهم؟

جنود أميركيون يحملون نعش الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب لدى وصوله إلى كاتدرائية واشنطن الوطنية في ديسمبر 2018 (رويترز)
جنود أميركيون يحملون نعش الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب لدى وصوله إلى كاتدرائية واشنطن الوطنية في ديسمبر 2018 (رويترز)

ستنتهي رحلة جيمي كارتر التذكارية في منزله ببلدة بلينز الصغيرة في ولاية جورجيا، حيث نشأ في مزرعة للفول السوداني. وهناك وريت زوجته روزالين الثرى العام الماضي في قطعة أرض للدفن اختاراها منذ سنوات. ولكن قبل أن يصل كارتر إلى وجهته النهائية المتواضعة، ستكون هناك رقصة بين الولايات من الحزن والاحتفال واللوجيستيات التي تميز الجنازات الرسمية، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

منذ تأسيس الدولة الأميركية، ودّعت الولايات المتحدة الرؤساء السابقين بسلسلة معقدة من الأحداث التي تنسج معاً التقاليد الراسخة واللمسات الشخصية. غالباً ما يتم التخطيط للجنازات من قِبل الرؤساء أنفسهم، الذين لديهم عادةً سنوات بعد مغادرة البيت الأبيض للتفكير في الكيفية التي يريدون بها تخليد ذكراهم.

قال ماثيو كوستيلو، المؤرخ الكبير في جمعية البيت الأبيض التاريخية، الذي شارك في تأليف كتاب بعنوان «حزن على الرؤساء: الخسارة والإرث في الثقافة الأميركية»: «إنهم يشاركون كثيراً في عملية التخطيط (لمراسم دفنهم)، والقرارات التي يتخذونها تخبرنا كثيراً عن هويتهم، وكيف يرون الرئاسة، وكيف يريدون أن يتذكرهم الشعب الأميركي».

كان لدى كارتر وقت أطول للتخطيط من معظم الناس. فقد عاش لمدة 43 عاماً بعد انتهاء رئاسته، وهي أطول فترة بعد الرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة، قبل أن يموت يوم الأحد عن عمر يناهز 100 عام. ولا يزال كثير من تفاصيل جنازته طي الكتمان.

يرقد معظم الرؤساء الأميركيين في مبنى الكابيتول الأميركي، وعادة ما تقام مراسم الجنازة في كاتدرائية واشنطن الوطنية.

أفصح الرئيس جو بايدن العام الماضي عن أن كارتر طلب منه إلقاء كلمة تأبين. وقال بايدن يوم الأحد إن فريقه يعمل مع عائلة كارتر وآخرين؛ «للتأكد من أنه سيُذكر بشكل مناسب، هنا في الولايات المتحدة وحول العالم».

إن نجل كارتر تشيب هو نقطة الاتصال الرئيسة لوالده، على الرغم من أن بايدن قال إنه تحدث مع جميع أطفال كارتر. ووصف عملية جارية بأنها «ستستغرق بعض الوقت»، لكنها ستؤدي إلى «خدمة كبرى في واشنطن العاصمة» لكارتر، والتي حددها بايدن في 9 يناير (كانون الثاني). وأحياناً يساعد الرؤساء السابقون حتى في أصغر تفاصيل المراسم.

وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن بأن يكون التاسع من يناير يوم حداد وطنياً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وستقام الجنازة بعد مراسم على مدى ثمانية أيام في ولاية جورجيا والعاصمة واشنطن، حسب صحيفة «نيويورك تايمز».

جنازة دوايت أيزنهاور

أراد الرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاور، الذي قاد قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية قبل أن يصبح سياسياً، أن يُدفن في نعش حكومي بقيمة 80 دولاراً. وبصرف النظر عن الختم الزجاجي الذي أضيف إلى التصميم، كان من غير الممكن تمييزه عن نعش أي جندي آخر.

ريغان وفورد

ويمكن أن تعكس تفاصيل المواكب أيضاً جوانب من حياة الرئيس. وتم حمل نعش رونالد ريغان على الدرجات الغربية لمبنى الكابيتول الأميركي. وعندما توفي جيرالد فورد، تم نقل نعشه عبر جانب مجلس النواب من المبنى، في إشارة إلى سنواته بوصفه مشرعاً.

مثوى الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن (ولايته من 1861 إلى 1865) في مقبرة أوك ريدج في سبرينغفيلد، ولاية إلينوي الأميركية (مكتبة الكونغرس)

تقع مهمة إجراء الجنازات الرئاسية على عاتق قوة المهام المشتركة - منطقة العاصمة الوطنية، التي تضم 4 آلاف فرد عسكري ومدني.

وقالت الوحدة في بيان إنها «تشرف بتقديم هذا الدعم نيابة عن الأمة».

ويمكن أن تترك الجنازات الرئاسية علامات دائمة على الوعي الأميركي، وفق «أسوشييتد برس». إن أحد أكثر الأوصاف التي لا تُنسى للأب المؤسس وأول رئيس لأميركا جورج واشنطن - «الأول في الحرب، والأول في السلام، والأول في قلوب مواطنيه» - جاء من تأبين أعيد نشره على نطاق واسع عندما توفي أول زعيم للبلاد.

نعش الرئيس الأميركي جون كينيدي أثناء موكب جنازته من البيت الأبيض إلى مبنى الكابيتول، 24 نوفمبر 1963 (رويترز)

كيندي

بعد اغتيال جون ف. كيندي، تم تصوير ابنه جون جونيور وهو يؤدي التحية التذكارية للنعش. وقد نُقِل نعش كيندي إلى شارع بنسلفانيا على الصندوق نفسه الذي حمل أبراهام لينكولن بعد اغتياله قبل قرن من الزمان، وتم تضمين حصان من دون راكب في الموكب.

كانت جنازة كيندي أول جنازة رئاسية يتم بثها على نطاق واسع. وقال المؤرخ كوستيلو: «لقد جعلت التكنولوجيا الحداد أكثر سهولة وديمقراطية. وأصبح لدى مزيد من الناس الفرصة لأخذ لحظة والتفكير فيما يعنيه هذا الشخص. وأعتقد أن هذا يفتح الباب أيضاً أمام مزيد من الناس للمشاركة في عملية الحزن».

مكتبة ومتحف رونالد ريغان الرئاسي، هي المكتبة الرئاسية ومكان الراحة الأخير لرونالد ريغان، الرئيس الأربعين للولايات المتحدة، حكم من 1981 إلى 1989 (متداولة)

يقول جيفري إنجل، مدير مركز التاريخ الرئاسي في جامعة «ساوثرن ميثوديست» في دالاس: «نظراً لعدم وجود شخصية وطنية أخرى (في أميركا) غير الرئيس، فقد أخذنا في الأساس كل الثقل التقليدي والعاطفة المدنية التي تُلقى على وفاة أو ولادة أو حفل زفاف ملك أو ملكة ووضعناها على رؤوس الرؤساء». وأضاف: «ولكي أكون صادقاً، ليس هناك الكثير منهم (الرؤساء). لذا كلما توفي أحدهم، يكون ذلك أمراً غير معتاد وأمراً كبيراً».

مراسم جنازة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور في كاتدرائية واشنطن الوطنية مارس 1969 (أرشيف المكتبة الوطنية الأميركية)

«جميعاً في هذا معاً»

وصف إنجل الجنازات بأنها لحظة للتذكر «بأننا جميعاً في هذا معاً»، و«كان هذا الرجل رئيساً لنا جميعاً، سواء كنت جمهورياً أو ديمقراطياً».

ومع ذلك، في السياسة المنقسمة اليوم، يمكن أن تنتج الجنازات الرسمية لحظات محرجة وحتى متوترة. فأثناء جنازة جورج بوش الأب في عام 2018، كان من بين الحضور الرئيس دونالد ترمب. وقد صافح الرئيس السابق باراك أوباما، سلفه، لكنه لم يتفاعل مع هيلاري كلينتون، التي هزمها في انتخابات عام 2016، أو زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. قال إنجل: «هذه الجنازات سياسية دائماً. أياً كان ما يحدث في جنازة كارتر، فسوف يكون سياسياً، بصراحة، سواء أراد الناس حول عائلة كارتر ذلك أم لا».


مقالات ذات صلة

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

إدارة بايدن توافق على بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 8 مليارات دولار

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية السبت أن إدارة الرئيس جو بايدن وافقت على بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 8 مليارات دولار، تشمل قذائف مدفعية عيار 155 ملم وصواريخ هيلفاي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الموظفون والمديرون يستفيدون من بناء الثقة في مكان العمل (أ.ف.ب)

لا ترتبط بالذكاء... صفة أساسية و«مرغوبة» يبحث عنها المديرون في الموظفين

يقول رانجاي غولاتي، أستاذ بكلية هارفارد للأعمال، إن هناك صفة مختلفة تساعد أصحاب الأداء العالي على التميز: أن يكونوا جديرين بالثقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك صورة ملتقطة بالمجهر الإلكتروني قدمتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تُظهر مجموعة من فيروسات «نوروفيروس» (أ.ب)

وسط انتشاره بأميركا... ماذا نعرف عن «نوروفيروس»؟ وكيف نحمي أنفسنا؟

تشهد أميركا تزايداً في حالات الإصابة بفيروس «نوروفيروس»، المعروف أيضاً باسم إنفلونزا المعدة أو جرثومة المعدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأسبق جيمي كارتر يدرّس في مدرسة الأحد في كنيسة ماراناثا المعمدانية في مسقط رأسه... 23 أغسطس 2015 (أ.ب)

تستمر 6 أيام... مراسم وداع جيمي كارتر تبدأ اليوم من مسقط رأسه

يبدأ الأميركيون اليوم (السبت)، وداع الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي رحل هذا الأسبوع عن مائة عام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)
حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)
TT

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)
حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن، لوكالة «أسوشييتد برس»، بأن الرجل الذي صدم حشداً من المحتفلين برأس السنة بشاحنة صغيرة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل، وكان قد حجز السيارة المستخدمة في الهجوم الدامي قبل أكثر من 6 أسابيع.

وعثرت الشرطة الفيدرالية، التي تفتش منزل شمس الدين جبار في هيوستن، على طاولة عمل في المرآب ومواد خطرة يعتقد أنها استخدمت في صنع عبوات ناسفة، وفقاً لمسؤولي قوات الأمن المطلعين على البحث. ولم يسمح للمسؤولين بالتحدث عن التحقيق الجاري، وتحدثوا إلى وكالة «أسوشييتد برس»، بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

المشتبه بتنفيذه هجوم نيو أورليانز شمس الدين جبار (أ.ف.ب)

وقال المسؤولون إن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي كشف أيضاً عن أن جبار اشترى مبرداً في فيدور بولاية تكساس قبل ساعات من الهجوم، وزيت بندقية من متجر في سولفور بولاية لويزيانا.

كما توصلت السلطات إلى أن جبار استأجر شاحنة صغيرة في 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يشير إلى أنه ربما كان يخطط للهجوم لأكثر من 6 أسابيع.

وتقول السلطات إن 14 شخصاً قتلوا وأصيب نحو 30 آخرين في الهجوم، الذي وقع في وقت مبكر من يوم الأربعاء. وشمس الدين جندي سابق في الجيش نشر عدة مقاطع فيديو على «فيسبوك» قبل ساعات من الهجوم، يعرض العنف الذي سيطلقه ويعلن دعمه لتنظيم «داعش».

وأدرج مكتب الطبيب الشرعي سبب وفاة جميع الضحايا الـ14 على أنه «إصابات نتيجة قوة شديدة».

وأصيب جبار (42 عاماً) برصاصة قاتلة في معركة بالأسلحة النارية مع الشرطة في مكان الحادث المميت بشارع بوربون، المشهور بمظاهره الاحتفالية بالحي الفرنسي التاريخي في نيو أورليانز.