​جدل حول مسيّرات غامضة تحلق في ولايات أميركية

السلطات نفت رواية تورط إيران... وترمب دعا إلى إسقاطها

صورة لمسيّرات في سماء ولاية نيوجرسي 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)
صورة لمسيّرات في سماء ولاية نيوجرسي 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT
20

​جدل حول مسيّرات غامضة تحلق في ولايات أميركية

صورة لمسيّرات في سماء ولاية نيوجرسي 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)
صورة لمسيّرات في سماء ولاية نيوجرسي 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تتفاعل قضية ظهور مسيّرات غامضة، بشكل متسارع، في سماء الولايات المتحدة، وتزداد معها نظريات مثيرة للجدل حول طبيعتها ومصدرها ومدى خطورتها، ووصل ذلك إلى حد اتهام البعض لإيران والصين بإرسالها، فيما تحدث البعض الآخر عن «تجسس الحكومة الأميركية».

وتسعى الإدارة الأميركية جاهدة لطمأنة المشككين والقلقين، مشيرة إلى أن الأمر مبالغ فيه. وحاول وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس دحض النظريات المشككة، مؤكداً أن «الحكومة الأميركية ليست على اطلاع بضلوع أي طرف أجنبي في هذه الظواهر في الولايات الشمالية الشرقية» للبلاد. وأضاف في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي»: «نحن حريصون على التحقيق في هذه المسألة في وزارة الأمن القومي، مع وجود مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في طليعة هذه التحقيقات».

مسيّرات إيرانية

صورة لما قيل إنها مسيّرات شوهدت فوق راندولف بولاية نيوجيرسي 4 ديسمبر 2024 (أ.ب)
صورة لما قيل إنها مسيّرات شوهدت فوق راندولف بولاية نيوجيرسي 4 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وبينما حاول الوزير طمأنة الأميركيين المشككين في طبيعة هذه المسيّرات الغامضة التي بدأت بالظهور في الأسابيع الأخيرة في سماء ولايات أميركية مختلفة، أبرزها نيوجيرسي، فإن من الواضح أن مساعي الإدارة باءت بالفشل حتى الساعة، وهذا ما تحدث عنه النائب الديمقراطي جيم هايمز الذي انتقد غياب رد واضح ومنسق من قبل الحكومة الفيدرالية في ظل التوتر الذي يعيشه الأميركيون وهم يرون هذه المسيّرات تحلق فوق منازلهم في ساعات الليل المتأخرة. وقال هايمز: «الكل مُستاء حالياً، والرد بـ(لا نعلم) إجابة غيرة جيدة عندما يكون الناس قلقين ومتوترين». وحذّر هايمز من أن غياب المعلومات المطلوبة سيدفع الأشخاص إلى ملء الفراغ بمخاوفهم وقلقهم، مشيراً إلى النظريات المتعلقة بضلوع إيران والصين في الظاهرة. وأكد النائب الديمقراطي، وهو عضو في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب المعنية بالحصول على إحاطات سرية حول قضايا الأمن القومي: «دعوني أقل لكم بكل ثقة إنها ليست إيران أو الصين أو كائنات من المريخ...».

وكان هايمز يشير إلى نظريات روج لها بعض زملائه في الكونغرس، مثل النائب الجمهوري جيف فان درو الذي يمثل ولاية نيوجيرسي التي شهد سكانها تحليق هذه المسيّرات في سمائها، إذ خرج درو بأكثر النظريات المثيرة للجدل قائلا إن هذه المسيّرات الغامضة أتت من «سفينة إيرانية راسية قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة». وأضاف درو في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»: «أنا في لجنة النقل وفي اللجنة الفرعية للطيران، وقد علمت من مصادر عالية المستوى أن إيران لديها سفينة منذ نحو شهر تحتوي على هذه الطائرات المسيّرة. تلك السفينة (الأم) موجودة قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية».

وهذه التصريحات المشبعة بالاتهامات التي لم يتمكن النائب من إثباتها، وتراجع عنها، ولّدت موجة من ردود الأفعال التي سارعت وزارة الدفاع إلى التطرق إليها، إذ قالت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ: «لا توجد سفينة إيرانية قبالة الساحل الأميركي، وليست هناك سفينة (أم) تطلق المسيّرات باتجاه الولايات المتحدة».

دعوات لإسقاط المسيّرات

الرئيس المنتخب دونالد ترمب دعا إلى إسقاط المسيّرات (أ.ب)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب دعا إلى إسقاط المسيّرات (أ.ب)

لكن هذه التأكيدات لم تنجح في وقف موجة الانتقادات، التي وصلت إلى حد الدعوة لإسقاط هذه المسيّرات التي ترددت على لسان أعضاء الكونغرس، ووصلت إلى الرئيس المنتخب دونالد ترمب الذي سارع لتأييدها قائلاً: «مشاهدة مسيّرات غامضة فوق بلادنا. هل يمكن أن يحصل هذا من دون معرفة حكومتنا؟ أشك في ذلك!»، وذلك في إشارة إلى اتهامات البعض، مثل النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين للحكومة الأميركية بالتحكم بهذه المسيّرات، وتابع ترمب: «أطلعوا الأميركيين على ما يجري فوراً وإلا أسقطوا هذه المسيّرات!».

وقد دعا السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال إلى إسقاط المسيّرات، خاصة تلك التي تحلق فوق مواقع عسكرية حساسة كما جرى في ولاية نيوجيرسي. لكن إسقاط هذه المسيّرات، حسب وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس، قد يؤدي إلى أزمة من نوع آخر تتمثل في إيذاء الأميركيين الذين يقطنون في تلك المناطق.

وفي ظل هذا الجدل المحتدم، طالب زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر مايوركاس بنشر تقنيات خاصة للتدقيق بالمسيّرات في ولايتي نيويورك ونيوجيرسي، كما قال إنه يعمل على إقرار مشروع قانون يعطي السلطات المحلية للولايات أدوات إضافية للكشف عن المسيّرات، ويوفر للسلطات الفيدرالية والمحلية مزيداً من الصلاحيات غير الموجودة حالياً للتصدي للمسيّرات.

مشاهدات في ولايات مختلفة

زعيم الديمقراطيين بمجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث مع الصحافيين في الكونغرس 10 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
زعيم الديمقراطيين بمجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث مع الصحافيين في الكونغرس 10 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووفق إدارة الطيران الفيدرالية FAA، بدأت التقارير حول تحليق مسيّرات في سماء الولايات الأميركية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) في مقاطعة موريس بولاية نيوجيرسي، ليصبح الأمر بمثابة مشاهدات يومية تحدث عنها حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي قائلاً: «لقد عشت في نيوجيرسي طوال حياتي، هذه هي المرة الأولى التي ألاحظ فيها مسيّرات فوق منزلي». كما أشار حاكم ولاية ماريلاند السابق لاري هوغان إلى تحليق عشرات المسيّرات فوق منزله في الولاية «على مدى 45 دقيقة»، وقد تم الإبلاغ عن مشاهدات أخرى في ولايات كونيتيكت وبنسلفانيا وماساتشوستس وفيرجينيا.

وتمت رؤية مسيّرات تحلق فوق مركز أبحاث عسكري في ولاية نيوجيرسي، وفوق ملعب الغولف الخاص بترمب في بيدمينستر في الولاية نفسها. ووفق مسؤولين في الولاية، فإن هذه المسيّرات تحلق بطريقة «منسّقة» على مدى 6 ساعات في بعض الأحيان.

وتعطي القوانين الأميركية، إدارة الطيران الفيدرالية FAA صلاحية التحكم في القواعد المتعلقة بالمسيّرات من دون توفير صلاحيات كافية للسطات المحلية بالتصدي لأي خطر محتمل محدق بكل ولاية على حدة. وتسمح إدارة الطيران الفيدرالية، للمتحكمين في المسيّرات بالتحليق بها على علو 400 قدم في المجال الجوي الذي لا يخضع للتحكم الجوي من قبلها.

وفي ظل هذه التوترات، أوقفت سلطات بوسطن شخصين كانا يتحكمان بمسيّرة اقتربت بشكل خطير من مطار لوغان الدولي في المدينة، فيما لاذ شخص ثالث بالفرار.


مقالات ذات صلة

إدارة ترمب تقترح خفضاً حاداً في ميزانية وزارة الخارجية

الولايات المتحدة​ مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ب)

إدارة ترمب تقترح خفضاً حاداً في ميزانية وزارة الخارجية

اقترحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقليص ميزانية وزارة الخارجية إلى النصف، وخفض المساهمات في المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة وحلف «الناتو».

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث  للصحافيين في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض يوم في مارس الماضي (إ.ب.أ)

البيت الأبيض يتحدى أمراً قضائياً ويمنع «أسوشييتد برس» من دخول المكتب البيضاوي

أقدم البيت الأبيض أمس على منع مراسل ومصور من وكالة «أسوشييتد برس» من حضور لقاء رسمي، بين الرئيس الأميركي ونظيره السلفادوري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص فلسطينيون نازحون يسيرون يوم الاثنين على أنقاض المباني المنهارة في مخيم البريج وسط غزة (د.ب.أ) play-circle

خاص ماذا عرضت «حماس» على الوسطاء في القاهرة؟

كشفت مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» كواليس ما عرضه وفدها خلال اجتماعات في القاهرة، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب مع مستشاره السابق ستيف بانون (أ.ف.ب) play-circle

مساعد سابق لترمب: الرئيس «سيترشح لولاية ثالثة»

قال ستيف بانون مساعد سابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب، لمقدم البرامج بيل ماهر، إن ترمب «سيترشح لولاية ثالثة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يرفع قبضته ويصيح «كافح» بعدما أطلق عليه مسلح النار وأصابه في أذنه خلال لقاء انتخابي في بتلر (أ.ب)

ترمب ينقل صورة لأوباما في البيت الأبيض لتعليق لوحة نجاته من الاغتيال

نزع الرئيس الأميركي دونالد ترمب صورة للرئيس السابق باراك أوباما من البيت الأبيض وأمر بنقلها ووضع لوحة تظهره وهو ينجو من محاولة اغتيال مكانها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: ترمب عارض منح إيلون ماسك إحاطة عسكرية «سرية للغاية» عن الصين

ترمب وماسك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
ترمب وماسك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT
20

تقرير: ترمب عارض منح إيلون ماسك إحاطة عسكرية «سرية للغاية» عن الصين

ترمب وماسك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
ترمب وماسك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

كشف موقع «أكسيوس» أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عارض منح حليفه الملياردير إيلون ماسك إحاطة سرية للغاية في وزارة الدفاع (البنتاغون) عن الصين.

وقال الموقع إن وزير الدفاع بيت هيغسيث أوقف اثنين من كبار مسؤولي البنتاغون، دان كالدويل ودارين سيلنيك، عن العمل في إطار تحقيق لمعرفة من سرَّب خبر الإحاطة.

وذكر «أكسيوس» أنه علم بأن ماسك أو هيغسيث لم يقررا إلغاء تلك الإحاطة بعد التسريب فحسب، بل أمر ترمب نفسه بإلغائها، ونقل الموقع عن مسؤول كبير أن ترمب قال: «ما الذي يفعله إيلون هناك بحق الجحيم؟ تأكدوا من عدم ذهابه».

ولفت الموقع الأميركي إلى أن ماسك أثار استياء عدد من مسؤولي إدارة ترمب بحضوره الدائم في البيت الأبيض، ومنشوراته العشوائية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأساليبه في وزارة كفاءة الحكومة، إلا أن الإحاطة أثارت غضب ترمب.

إيلون ماسك لدى مشاركته في اجتماع لإدارة ترمب بالبيت الأبيض يوم 24 مارس (رويترز)
إيلون ماسك لدى مشاركته في اجتماع لإدارة ترمب بالبيت الأبيض يوم 24 مارس (رويترز)

وقال المسؤول لـ«أكسيوس»: «لا يزال الرئيس يُحب إيلون كثيراً، ولكن هناك بعض الخطوط الحمراء، ولدى إيلون كثير من الأعمال في الصين، ولديه علاقات جيدة هناك، وهذه الإحاطة لم تكن الخيار الأمثل».

وكان ترمب قد أعلن أنه لن يسمح بتضارب المصالح مع ماسك في عهده، على الرغم من أن المعارضين يُشككون في صدقه.

وكان تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» قد كشف في 20 مارس (آذار) أن ماسك كان من المقرر أن يتلقَّى في اليوم التالي إحاطة بالبنتاغون حول الخطط العسكرية في حالة الحرب مع الصين، ولكن ترمب وصف عبر موقع «تروث سوشيال» التقرير بأنه «خبر كاذب من (نيويورك تايمز) الفاشلة».

وكتب ترمب: «قالوا، بشكل غير صحيح، إن إيلون ماسك سيذهب إلى البنتاغون غداً لتلقي إحاطة بشأن أي حرب محتملة مع الصين، يا له من أمرٍ سخيف»، وأضاف: «لن يُذكر أو يُناقش أمر الصين حتى، يا له من أمر مُخزٍ أن تختلق وسائل الإعلام المُشوّهة مصداقيتها مثل هذه الأكاذيب. على أي حال، القصة غير صحيحة تماماً».

الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر خلف الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر خلف الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

ولكن ماسك حضر الإحاطة في البنتاغون مع هيغسيث في 21 مارس، لكن لم تُناقش الصين، وذلك اليوم، أفصح ترمب في البيت الأبيض عن مشاعره الحقيقية تجاه علاقات ماسك مع الصين، وقال للصحافيين: «كما تعلمون إيلون لديه أعمال في الصين، لكنها قصة مُزيفة تماماً».

من جانبه، كتب ماسك على منصة «إكس»: «أتطلع إلى مُحاكمة أشخاص في البنتاغون الذين يُسرّبون معلومات كاذبة خبيثة لصحيفة (نيويورك تايمز) سيتم العثور عليهم».

ولفت «أكسيوس» إلى أن كالدويل وسيلنيك يخضعان لتحقيق بشأن إحاطة ماسك، وكذلك تسريب خطط عسكرية متعلقة بقناة بنما، وعمليات في البحر الأحمر، وجمع المعلومات الاستخبارية في أوكرانيا، وفقاً لما ذكره موقع «بوليتيكو».