كيف يؤثّر التوتر الذي يعقب الانتخابات في نفسية الأميركيّ؟

خيبة الأمل على وجوه أنصار كامالا هاريس (أ.ب)
خيبة الأمل على وجوه أنصار كامالا هاريس (أ.ب)
TT

كيف يؤثّر التوتر الذي يعقب الانتخابات في نفسية الأميركيّ؟

خيبة الأمل على وجوه أنصار كامالا هاريس (أ.ب)
خيبة الأمل على وجوه أنصار كامالا هاريس (أ.ب)

وسط مشاعر الترقّب والفرح وخيبة الأمل بين معسكرَي المرشحَين للانتخابات الأميركية الحالية، أُصيب البعض في الولايات المتحدة بأعراض التوتر خلال السباق الرئاسي. ورصد تقرير صادر عن «الجمعية الأميركية لعلم النفس» أن الأميركيين قلقون للغاية بشأن عواقب الانتخابات العامة لعام 2024.

ووفقاً لمسح شمل أكثر من 3 آلاف أميركي بالغ، قال 7 من كل 10 بالغين إن الانتخابات كانت مصدراً لتوتر كبير. وأكد أكثر من نصفهم أنهم قلقون من أن تؤدي نتائج هذه الانتخابات إلى عنف، ويعتقدون أن نتائج الانتخابات قد تكون نهاية الديمقراطية في الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته صحيفة «هاف بوست».

من المتوقع أن يبدأ الرئيس المنتخب دونالد ترمب العمل، فور توليه منصبه، إجراء تغييرات كبرى في مجالات الهجرة والطاقة والسياسة الخارجية.

وأشار ترمب، أواخر العام الماضي، إلى أنه لن يكون ديكتاتوراً «باستثناء اليوم الأول»، في إشارة إلى أنه ينوي استخدام السلطة التنفيذية بقوة لتنفيذ التغييرات على سياستي الهجرة والطاقة على وجه الخصوص. كما قال إنه سيتحرّك بسرعة لإلغاء الحماية للمتحولين جنسياً، وإنه سيطرد الرجل الذي يقيم دعوى جنائية ضده.

قالت أستاذة علم النفس بجامعة «كاليفورنيا» في بيركلي، إيريس موس، إن هذه الانتخابات مرهقة بشكل فريد على أنصار المعسكرين الديمقراطي والجمهوري.

وأضاف: «هناك تباين شديد في الحقائق؛ إذ لا يوجد تداخل تقريباً، يعتقد أحد الحزبين أن ترمب من السماء. ويعتقد الآخرون أنه أكثر البشر شراً في البلاد». وأكملت: «لا يوجد تداخل بين هذه الحقائق. وأعتقد أن هذا أمر مقلق حقاً».

وشارك علماء النفس والمعالجون والباحثون الأعراض التي يجب الانتباه إليها في الأيام التي تلي هذه الانتخابات، بالإضافة إلى نصائح حول كيفية التعامل مع هذه المشاعر:

تشعر بثقل في صدرك، أو قد تستيقظ وأنت تشعر بتيبس وألم: قالت المعالجة النفسية في «States of Wellness Counseling» في إلينوي وويسكونسن، شانون غارسيا: «الدافع الرئيسي للتوتر بعد الانتخابات هو هذا الغموض ومحاولة الدماغ للإجابة عن السؤال الكبير (ماذا سيحدث بعد ذلك؟)».

قالت غارسيا: «القلق لا يعيش في عقولنا فقط، وإنما يظهر في الجسم أيضاً. لهذا السبب، عندما تشعر بالقلق، قد تلاحظ ثقلاً في صدرك، وصعوبة في النوم، أو حتى تغيرات في الجهاز الهضمي».

وفي الوقت نفسه، قد تشعر أيضاً بالارتياح، بغض النظر عما إذا كنت توافق على النتيجة أم لا، كما تقول معالجة الصدمات النفسية المقيمة في كاليفورنيا، أدريانا أليخاندري. عندما يشعر جسدك بالتحرر فقد تشعر بألم بسبب التوتر الذي استمرّ أسابيع، والذي كنت تتمسّك به بداخلك.

وبوجه عام، قالت أليخاندري: «تشمل الأعراض الجسدية الشائعة التي نسمع عنها؛ مثل: الصداع، وتشنج الفك والأرداف، وتيبس الكتفين، والآلام في الجزء العلوي من الذراعين، وتهيّج المعدة، ونقر الجلد».

من الشائع أيضاً أن تشعر بالقلق أو الحزن لأسابيع أو أشهر بعد يوم الانتخابات.

الانتخابات هي مصدر ضغط عالمي يؤثر في الجميع. وقد أظهرت الكثير من الدراسات أن مجرد التصويت يمكن أن يزيد من هرمون «الكورتيزول»، لكن مزاجك السيئ قد لا يختفي بعد عودتك إلى المنزل من صناديق الاقتراع.

وفي إحدى الدراسات التي أجراها الخبير الاقتصادي سانكار موخوبادياي من جامعة «نيفادا» في رينو، نظر في الأعراض التي أبلغ عنها الأشخاص بعد انتخابات عام 2020، باستخدام استطلاعات مكتب الإحصاء الأميركي. وجد أن القلق والاكتئاب المعتدل إلى الشديد قد يستمران لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر بعد إجراء الانتخابات.

قال موخوبادياي لصحيفة «هاف بوست»: «ما دامت النتيجة غير واضحة فمن المحتمل أن يظل الناس قلقين بشأنها». وقارن الإجهاد بالانتظار للحصول على تشخيص طبي. وقال: «حتى تحصل على نتائج واضحة، فمن الواضح أنك قد تشعر بالقلق بشأن ما ستظهره نتيجة الاختبار».

وفي دراسته، أشار موخوبادياي إلى أن الانخفاض في أعراض الاكتئاب والقلق حدث بعد يناير (كانون الثاني)، وهو ما يتماشى مع الجدول الزمني لعام 2020 للولايات التي تُجري عمليات تدقيق وإعادة فرز الأصوات بعد الانتخابات، وأحداث 6 يناير 2021، ومصادقة «الكونغرس» على فوز جو بايدن رئيساً.

وقال موخوبادياي: «بالنسبة إلى بعض الناس، بمجرد حل حالة (عدم اليقين)، يبدأون في التغلب على القلق. ولكن بالنسبة إلى الآخرين، قد يستغرق الأمر شهوراً».

وإن قبول مدى سوء شعورك يساعدك في الواقع على الشعور بتحسّن.

وجدت دراسة أُجريت عام 2018 على 1300 شخص بالغ أن الأشخاص الذين حكموا على أشد مشاعرهم قتامة وقسوة من الاستياء وخيبة الأمل انتهى بهم الأمر إلى الشعور بمزيد من التوتر النفسي. بعبارة أخرى، فإن الأشخاص الذين يقبلون مشاعرهم السلبية قادرون على التعامل مع ضغوطهم بنجاح أكبر من أولئك الذين لا يفعلون ذلك.

قالت إحدى المؤلفين المشاركين في تلك الدراسة، موس، إن الناس غالباً ما يحاولون تجنّب «مشاعرهم الرهيبة».

ومن المهم أيضاً أن يعرف الأشخاص أن القبول العاطفي لا يعني الاستسلام. تقول موس: «يمكنك قبول مشاعرك دون قبول موقف سيئ. في كثير من النواحي، يكون الناس أكثر قدرة على القيام بذلك؛ لأنه إذا كنت غارقاً في هذا الضغط، فلن تكون فعالاً جداً في عملك الجماعي».

استشهدت موس ببحث أُجري عام 2023، ووجد أن القبول العاطفي ساعد المشاركين في الولايات المتحدة على الشعور بتحسّن، مع السماح لهم باتخاذ إجراءات سياسية، مثل التطوع أو الاحتجاج، بما يتماشى مع قيمهم.

سبب نجاح هذا النوع من القبول هو أنه يبقيك منخرطاً في المشكلة؛ على عكس إعادة التقييم، وهي تقنية تنظيم عاطفية لوضع ما حدث في المنظور الصحيح.


مقالات ذات صلة

في أول رحلة خارجية منذ فوزه... ترمب يحضر إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام بباريس

الولايات المتحدة​ كاتدرائية نوتردام في باريس (رويترز)

في أول رحلة خارجية منذ فوزه... ترمب يحضر إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام بباريس

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيتوجه مطلع الأسبوع المقبل إلى العاصمة الفرنسية باريس لحضور حفل إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيرالد فورد وريتشارد نيكسون (أ.ب)

كلينتون منحه لأخيه... أبرز حالات العفو الرئاسي في تاريخ الولايات المتحدة

سبق للرؤساء الأميركيين أن أصدروا قرارات عفو لمساعدة أفراد عائلاتهم وحلفائهم السياسيين.

ماري وجدي (القاهرة)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يوقع على الأوتوغرافات إلى جانب مسعد بولس في ديربورن، 1 نوفمبر (أ.ب)

ترمب يختار مسعد بولس مستشاراً رفيعاً للشرق الأوسط

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في الساعات الـ48 الماضية، عن 3 تعيينات بارزة جديدة، شملت الأميركي - اللبناني مسعد بولس مستشاراً رفيعاً للشؤون العربية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مسعد بولس مرشح ترمب لمنصب مستشار الشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط في ديربورن بولاية ميتشغان 1 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 02:57

من هو مسعد بولس نسيب ترمب ومستشاره للشؤون العربية؟

وُلد مسعد بولس بلبنان حيث ينتمي لعائلة أرثوذكسية، وانتقل إلى ولاية تكساس الأميركية في سن المراهقة، حيث التحق بجامعة هيوستن وحصل على شهادة في القانون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يوقع على الأوتوغرافات إلى جانب مسعد بولس في ديربورن، 1 نوفمبر (أ.ب)

ترمب يختار مسعد بولس مستشاراً رفيعاً للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأحد، أنه اختار مسعد بولس ليكون مستشاراً رفيعاً للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط. 

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحقيق بالكونغرس: «كورونا» نشأ في الصين... والتباعد الاجتماعي والكمامات بلا أساس علمي

مختبر ووهان في الصين (أرشيفية- أ.ف.ب)
مختبر ووهان في الصين (أرشيفية- أ.ف.ب)
TT

تحقيق بالكونغرس: «كورونا» نشأ في الصين... والتباعد الاجتماعي والكمامات بلا أساس علمي

مختبر ووهان في الصين (أرشيفية- أ.ف.ب)
مختبر ووهان في الصين (أرشيفية- أ.ف.ب)

اختتمت لجنة فرعية تابعة للكونغرس الأميركي تحقيقاتها التي استمرت عامين بشأن جائحة فيروس «كورونا» أمس (الاثنين)، ووجدت أن «كوفيد-19» ربما نشأ من مختبر في ووهان بالصين، وأن التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات لم يكن مدعوماً ببيانات علمية.

وأصدرت اللجنة الفرعية الخاصة بجائحة فيروس «كورونا» تقريرها النهائي المكون من 520 صفحة، والذي جاء فيه: «من المرجح أن (كوفيد-19) نشأ من مختبر في ووهان بالصين».

ودعماً لنظرية «تسرب المختبر»، قال التقرير إن اللجنة الفرعية أكدت أن فيروس «كورونا» له سمة بيولوجية غير موجودة في الطبيعة من قبل.

وأفاد التقرير: «وفقاً لجميع مقاييس العلوم تقريباً، إذا كان هناك دليل على أصل طبيعي، لكان قد ظهر بالفعل».

وأشار التقرير إلى أن مختبر أبحاث فيروسات «سارس» الرئيسي في الصين، والذي يقع في مدينة ووهان «لديه تاريخ في إجراء أبحاث بمستويات غير كافية من الأمان والسلامة البيولوجية». وأفاد التقرير بأن الباحثين في المختبر «أصيبوا بفيروس يشبه (كوفيد-19) في خريف عام 2019، قبل أشهر من اكتشاف (كوفيد-19) في السوق الرطبة».

انتشرت الشائعات الأولية في بداية الوباء بأن الأسواق الرطبة في الصين، المعروفة ببيع اللحوم والأسماك والمنتجات والحيوانات الغريبة في ظروف غير صحية، كانت أصل الفيروس.

وأصبح مختبر ووهان للفيروسات، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، محل جدل مع انتشار الوباء حول العالم.

رجل يرتدي قناعاً واقياً في دلهي بالهند (أ.ف.ب)

ويتم تداول نظريات حول أن الفيروس خرج من المختبر، حتى إن الرئيس الأميركي (حينها) دونالد ترمب، قال في أبريل (نيسان) 2020، إن واشنطن تحاول تحديد ما إذا كان الفيروس قد وصل للبشر لأول مرة من طريق الخطأ، خلال تجارب تنطوي على الخفافيش في مختبر ووهان.

وأصدرت وزارة الخارجية الصينية، في مايو (أيار) 2020، مقالاً مطولاً تفنِّد فيه ما وصفتها بأنها «ادعاءات غير منطقية» أطلقها بعض الساسة الأميركيين البارزين بشأن تعاملها مع تفشي فيروس «كورونا» المستجد، أبرزها أن الصين حجبت معلومات، وأن الفيروس نشأ في معمل في مدينة ووهان الصينية.

وفي سياق متصل، وجد تقرير الكونغرس الأميركي أيضاً أن التباعد الاجتماعي «لم يكن قائماً على أساس علمي»، وأفاد التقرير بأنه «خلال شهادة مغلقة، شهد الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المُعدية في الولايات المتحدة، بأن الإرشادات الخاصة بالوقاية من الفيروس لم تكن موجودة من قبل».

كان فاوتشي هو المسؤول العام عن استجابة الحكومة الفيدرالية لجائحة فيروس «كورونا». وقد واجه انتقادات شديدة بسبب تعامله مع الوباء.

كما وجدت اللجنة الفرعية «عدم وجود دليل قاطع» على أن ارتداء الأقنعة يحمي الأميركيين من «كوفيد-19». وأدت التدابير إلى تأثيرات طويلة الأمد على البالغين والأطفال الأميركيين.ووجد التقرير أن البطالة ارتفعت بشكل كبير، وأن الأطفال «خسروا عقوداً من التقدم الأكاديمي»، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.