منقسمون لمعسكرين... كيف يرى الصينيون الانتخابات الأميركية؟

كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)
كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

منقسمون لمعسكرين... كيف يرى الصينيون الانتخابات الأميركية؟

كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)
كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)

إحدى نقاط الاتفاق النادرة بين المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية هي أن الصين تمثل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة.

وقد تبنى كل من المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترمب موقفاً صارماً تجاه المنافسة الصينية. ومما لا يثير العجب كثيراً أن استطلاعات الرأي تظهر أن الآراء في أميركا بشأن الصين تراجعت لأدنى مستوياتها على الإطلاق.

ولكن كيف يرى الصينيون الانتخابات الأمريكية؟

من أجل معرفة رأي الصينيين في الانتخابات، تحدثت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية، مع ياوي ليو، مؤسس «مركز بيرسبشن مونيتور أميركا - الصين»، ومقره أتلانتا، حيث يعمل ليو مستشاراً لشؤون الصين في «مركز كارتر»، الذي يُعدّ منظمة تجمع معلومات من محاضرين صينيين وأصحاب آراء واستطلاعات رأي وتقارير إعلامية صينية.

وبسؤاله عما هو رأي الصينيين في الانتخابات الرئاسية، قال إن الصينيين حرفياً مفتونون بهذه الانتخابات.

وأوضح أنهم مفتنون بصعود وهبوط الرئيس الأميركي جو بايدن، كما أنهم يشعرون بالحماسة إزاء احتمالية أن تتولى سيدة من أصحاب البشرة الداكنة، لأول مرة، منصب رئيس الولايات المتحدة. كما أنهم يحاولون بالطبع معرفة سبب تمتع شخص، مثل ترمب، بمثل هذه الحياة السياسية الطويلة، على الرغم من جميع الفضائح، وعلى الرغم من كره نصف البلاد له.

وأشار ليو إلى أنه في الصين لا يوجد أي منفذ لأي نوع من المشاركة السياسية، لذلك القراءة بشأن الانتخابات الأميركية والتعليق عليها ترضي بعض هذه الرغبات للمشاركة.

ولكن ما المفاجئ في هذه الانتخابات مقارنة بالانتخابات السابقة؟ أجاب ليو: «خلال عام 2000، كان لدينا مسؤولون ومحاضرون صينيون هنا في الولايات المتحدة للإشراف على الانتخابات. وعندما استيقظوا، صباح اليوم التالي، لم يكن هناك رئيس بعد»، مضيفاً: «منذ ذلك الحين، أصبحت الانتخابات الأميركية قضية مثيرة للنخبة الصينية». وخلال عام 2016، كان هناك فائز مفاجئ، ألا وهو دونالد ترمب.

وأوضح أنه في هذه الانتخابات بسبب محاولات الاغتيال وانسحاب بايدن المفاجئ من السباق والصعود السريع لكامالا هاريس، هناك كثير من الأمور التي لا ترتبط عادة بالديمقراطيات الناضجة؛ فهي دراما سياسية.

وقالت الصحيفة لليو إنه بما أن وسائل الإعلام الصينية تصور فوضى المرشحين ودائرة الحملات الانتخابية على أنها رمز لسقوط الديمقراطية الأميركية، فهل يرى الصينيون الأمر هكذا؟!

الصينيون منقسمون لمعسكرين

أوضح ليو أن معسكراً يقول إن الانتخابات الأميركية تتعلق بالأموال وأشخاص مثل إيلون ماسك، وإنه في حال خسارة ترمب، فإنه سيقول إنه تم سرقة الانتخابات، مضيفاً: «لذلك يعتقد هذا المعسكر أن هذه دلالة على أن الديمقراطية لا يتم تطبيقها كما يجب، وأن الولايات المتحدة تتهاوى كقوة عظمى».

ولكنه أشار إلى أن المعسكر الآخر يقول إن حقيقة أنه تبقَّت بضعة أيام على إجراء الانتخابات، ولم يتضح بعدُ مَن الفائز، فإن ذلك يبرز قوة الديمقراطية الأميركية، قائلاً: «هذا المعسكر يعتقد أن الانتخابات حقيقية وتنافسية وشفافة».

وهل تعتقد الصين أن مرشحاً سوف يكون أفضل من الآخر فيما يتعلق بمصالحها؟

قال ليو إن هناك إجماعاً حزبياً على أن الصين تمثل تهديداً وجودياً على الولايات المتحدة بصورة أكبر مما تمثله روسيا.

وأضاف أنه في حال فوز هاريس، فإنه من المحتمل أن يعني ذلك تكراراً للسياسة الحالية للرئيس بايدن تجاه الصين.

ولكن يتعين على الصينيين أن يستعدوا للمفاجآت في حال فوز ترمب بالرئاسة. إذا قال إن أميركا لا تريد الدفاع عن تايوان، فإن ذلك من المحتمل أن يكون أمراً ترغب الصين في سماعه.

وحول رأي الصينيين في هاريس، قال ليو إنهم يدركون أنه في حال فوزها، فإن ذلك سيكون دلالة على حيوية الديمقراطية الأميركية.

وأوضح أنه خلال عام 2008، عندما تم انتخاب باراك أوباما، كان هذا أمراً مُلهِماً. وفي عام 2024، في حال فازت هاريس، فإن ذلك سيكون بالتأكيد معجزة، ومن المحتمل أن تصبح قصة ملهمة مجدداً، مفادها أن أي حلم يمكن أن يصبح حقيقة في هذه الدولة التي يُطلَق عليها الولايات المتحدة.

وحول رأي الصينيين بشأن تجربة التعليم التي خاضها تيم والز المرشح لمنصب نائب هاريس في الصين، أشار ليو إلى أن القيام برحلات إلى الصين وفهم الثقافة الصينية والارتباط بصداقة مع أشخاص في الصين لا يعني أنه في حال فوزه بمنصب نائب الرئيس سيكون أكثر وداً تجاه الصين.

وأضاف: «على سبيل المثال، رئيس وزراء أستراليا السابق كيفين رود. في البداية كان هناك كثير من الحماسة بانتخاب الأستراليين لرئيس وزراء يتحدث الصينية خلال عام 2007، ولكنه تبنى سياسة صارمة للغاية تجاه الصين».

وفيما يتعلق بالتغطية الإعلامية الصينية لهذه الانتخابات، قال ليو إن وسائل الإعلام الصينية تبذل قصارى جهدها لتغطية هذه الانتخابات.

وتحدث عن وجود رقابة محدودة على ما يمكن تناوله، ولكن وسائل الإعلام لا ترغب في تغطية كيف يتحدثون بشأن الصين. ما عدا ذلك، فإن كل الأمور متاحة.

وأشار أيضاً إلى وجود ظاهرة جديدة، ألا وهي أن المزيد من الأشخاص يحصلون على معلوماتهم من وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال ليو إن وسائل الإعلام الصينية الرسمية تميل إلى تصوير أميركا على أنها في تدهور حاد بناء على ما حدث خلال أحداث شغب السادس من يناير (كانون الثاني)، وعدم الاستعداد للتعامل مع جائحة «كورونا»، وتدهور العلاقات العرقية والعملية السياسية التي تهيمن عليها الأموال.

أشار ليو إلى أن كثيرين في الصين يعتقدون أن أميركا تبذل كل ما في وسعها لاحتواء صعود الصين. وعلى الرغم من أن هذه التصورات يتم تدعيمها بعناية بأدلة مختارة، فإن الإدراك الصيني لأميركا لا يمكن أن يُوصَف بأنه موضوعي ونزيه.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد لاعباً ثالثاً في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية

الاقتصاد يصطف الناخبون للإدلاء بأصواتهم بالانتخابات الرئاسية الأميركية بمدرسة مانشستر الثانوية في بيتسبرغ (رويترز)

الاقتصاد لاعباً ثالثاً في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية

تتصدر نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب اقتراع الثلاثاء في حين يأتي الاقتصاد بالمرتبة الثالثة بالمعركة الانتخابية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أميركيون يدلون بأصواتهم ضمن الانتخابات الرئاسية في مركز اقتراع بأوهايو (أ.ف.ب)

من إمكانية التعادل والطعن إلى التنصيب... ما عليك معرفته عن عملية اختيار رئيس أميركي جديد

يتم الإعلان عن نتائج الانتخابات الأميركية في بعض الأحيان بغضون ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، لكن المنافسة الشديدة هذا العام قد تغير ذلك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أثينا الناشطة المتطوعة تكتب كلمة «تصويت» على الرصيف قرب مكتب اقتراع في فينيكس بولاية أريزونا في 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أريزونا... انتخابات رئاسية محمومة وسط نظريات المؤامرة

تشهد ولاية أريزونا الانتخابات الرئاسية الأميركية وسط نظريات المؤامرة المحمومة.

«الشرق الأوسط» (فينيكس (الولايات المتحدة))
الاقتصاد رجل يمشي أمام شاشة إلكترونية تعرض سعر صرف الين الياباني الحالي مقابل الدولار والرسم البياني الذي يوضح حركته في طوكيو (رويترز)

الانتخابات الأميركية وتأثيرها الاقتصادي... بين رؤية ترمب وسياسات هاريس

تتجاوز آثار نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الحدود الأميركية، لتؤثر في الاقتصاد العالمي، وتحديداً أوروبا والصين.

مساعد الزياني (الرياض)
الولايات المتحدة​ سورة مركَّبة للمرشحَين المتنافسَين دونالد ترمب وكامالا هاريس (رويترز) play-circle 00:33

الأميركيون يختارون رئيسهم في انتخابات تاريخية ومصيرية

بدأ الأميركيون الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيسهم المقبل في سباق حامٍ بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب.

هبة القدسي (واشنطن)

مؤثر أميركي يزعم تلقيه 100 دولار من عميل روسي لنشر فيديو مزيف عن تزوير الانتخابات

لقطة من الفيديو المزيف الذي تم تداوله على نطاق واسع على «إكس»
لقطة من الفيديو المزيف الذي تم تداوله على نطاق واسع على «إكس»
TT

مؤثر أميركي يزعم تلقيه 100 دولار من عميل روسي لنشر فيديو مزيف عن تزوير الانتخابات

لقطة من الفيديو المزيف الذي تم تداوله على نطاق واسع على «إكس»
لقطة من الفيديو المزيف الذي تم تداوله على نطاق واسع على «إكس»

قال مؤثر أميركي على وسائل التواصل الاجتماعي إنه حصل على 100 دولار من عميل روسي لنشر مقطع فيديو يدّعي تزوير الانتخابات في ولاية جورجيا.

وحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد كان هذا المبلغ واحداً من عدة دفعات قال الرجل إنه تلقاها من العميل الروسي مقابل مشاركة بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة التي سبقت الانتخابات.

وأشار تقرير «سي إن إن» إلى أن المؤثر المؤيّد لترمب الذي يستخدم حساباً يُدعى «@AlphaFox78» على منصة «إكس»، هو رجل أميركي يعيش في ماساتشوستس. وقد وافق على التحدث إلى الشبكة بشأن المنشورات، بشرط عدم الكشف عن هويته.

وكان الحساب الذي لديه تاريخ في مشاركة المنشورات اليمينية لدعم الرئيس السابق دونالد ترمب، أول من نشر مقطع فيديو مزيف يُظهر مهاجراً هايتياً يدّعي أنه سيصوّت مرتين على الأقل في جورجيا للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

وقال وزير خارجية ولاية جورجيا براد رافنسبرغر، إن مقطع الفيديو «مزيف بشكل واضح»، وإنه من المحتمل أن يكون من عمل القراصنة الروس «الذين يحاولون زرع الفتنة والفوضى قبل الانتخابات».

وردد مسؤولو المخابرات هذا الكلام أيضاً، قائلين إن المقطع أنتجته «جهات روسية ذات نفوذ»، وإنه جزء من «جهود موسكو الأوسع نطاقاً لإثارة تشكيك لا أساس له من الصحة حول نزاهة الانتخابات الأميركية، وتأجيج الانقسامات بين المواطنين الأميركيين».

وقال المؤثر الذي يقف وراء الحساب الذي نشر الفيديو إنه نشره دون التحقق من صحة الادعاءات الواردة بالمقطع.

وقال الرجل إن العميل الروسي الذي يُدعى سيمون بويكوف، والمعروف على الإنترنت باسم «AussieCossack»، عرض عليه 100 دولار لنشر الفيديو، فوافق.

ولفت إلى أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يتقاضى فيها أجراً مقابل نشر محتوى على حسابه على «إكس». وقال إنه في نحو 10 مناسبات أخرى، دفع له بويكوف 100 دولار لمشاركة منشورات ومقاطع الفيديو على الحساب.

وصرح لشبكة «سي إن إن»: «بدأ الأمر بمنشورات ساخرة، وبدا الأمر بريئاً».

وأصر على أنه لا يعرف أن بويكوف يعمل لصالح وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وأكد شخص مطلع على الأمر لـ«سي إن إن» أن هناك مدفوعات متعددة أُرسلت من بويكوف إلى الرجل.

وتُظهر الوثائق التي استعرضتها شبكة «سي إن إن» أن بويكوف مواطن أسترالي في الأصل، وحصل مؤخراً على الجنسية الروسية، ويعمل لصالح وسائل الإعلام الروسية الحكومية، ويكتب وينشر على الإنترنت باللغتين الإنجليزية والروسية.

ويتمتع بويكوف بتاريخ في نشر معلومات مضللة مؤيدة لـ«الكرملين»، وقد لعب دوراً في حملات التضليل الروسية، بما في ذلك تلك التي تستهدف الانتخابات الرئاسية الأميركية لهذا العام.

لكن دوره الدقيق ومكانه داخل التسلسل الهرمي لشبكة التضليل لا يزالان بعيدي المنال.