«رئاسية» أميركا مفتوحة على كل السيناريوهات

أشخاص يسيرون بجانب لوحة إعلانية تشجع على التصويت يوم الانتخابات بوسط مدينة أتلانتا في جورجيا (إ.ب.أ)
أشخاص يسيرون بجانب لوحة إعلانية تشجع على التصويت يوم الانتخابات بوسط مدينة أتلانتا في جورجيا (إ.ب.أ)
TT

«رئاسية» أميركا مفتوحة على كل السيناريوهات

أشخاص يسيرون بجانب لوحة إعلانية تشجع على التصويت يوم الانتخابات بوسط مدينة أتلانتا في جورجيا (إ.ب.أ)
أشخاص يسيرون بجانب لوحة إعلانية تشجع على التصويت يوم الانتخابات بوسط مدينة أتلانتا في جورجيا (إ.ب.أ)

كانت خسارة الأحزاب الحاكمة أو الرؤساء الذين يخوضون انتخابات للفوز بولاية ثانية، السمة الأبرز في أغلب الانتخابات التي جرت خلال العام الحالي.

ففي بريطانيا، فقدَ حزب «المحافظين» السلطة لصالح حزب «العمال» المعارض، في الانتخابات التي جرت في يوليو (تموز) الماضي، وقبلها خسر حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» لأول مرة، منذ انهيار نظام حكم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، الأغلبية النيابية في الانتخابات التي أجريت في يونيو (حزيران) الماضي. ومنذ أسبوعين فقط خسر الحزب «الليبرالي الديمقراطي» الياباني الأغلبية في البرلمان. كما خسرت الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحاكم بألمانيا الانتخابات، في عدد من الولايات الألمانية المهمة الشهر الماضي، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

فهل ستمضي الانتخابات الأميركية في الاتجاه نفسه، ويفقد الحزب «الديمقراطي» الحاكم رئاسة الولايات المتحدة؟

في تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، يقول جيمس إم ليندساي، أستاذ العلوم السياسية الأميركي، والنائب الأول لرئيس مجلس العلاقات الخارجية، ومدير الدراسات، وكرسي «موريس آر جرينبرغ» في المجلس، إنه من النظرة الأولى يمكن القول إن كامالا هاريس يمكن أن تغير هذا الاتجاه في الانتخابات العالمية. فالاقتصاد هو القضية الأولى لدى الناخبين. وفي حين تعاني اقتصادات بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا، يشهد الاقتصاد الأميركي حالة ازدهار واضحة. وفي الأسبوع الماضي أعلنت وزارة التجارة الأميركية نمو إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 8.‏2 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي. كما اقترب معدل البطالة من أقل مستوياته. وارتفعت سوق الأسهم إلى مستوى قياسي، كما تراجع معدل التضخم.

كل هذه المؤشرات تقول إن الاقتصاد الأميركي في حالة جيدة تاريخية. ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» عنواناً يقول: «الرئيس المقبل سيرث اقتصاداً مميزاً».

ورغم ذلك، فالأميركيون يرون اقتصاد بلادهم هذه الفترة بشكل مختلف. تقول أغلبية كبيرة منهم في استطلاعات الرأي، إن الاقتصاد في حالة سيئة. وتقول أغلبية كبيرة أيضاً إن بلادهم تمضي في الاتجاه الخطأ.

وهذا الإحباط الشعبي يساعد في تفسير سبب استمرار حدة التنافس في الانتخابات، حتى قبيل التصويت يوم الثلاثاء المقبل. فالجمهوريون يبدون واثقين من أن السباق المتقارب هو في الواقع خبر جيد لمرشحهم دونالد ترمب. وقد كانت استطلاعات الرأي في انتخابات عامي 2016 و2020 لا تعكس مستويات شعبيته الكبيرة الحقيقية. أضف إلى ذلك حقيقة أن الناخبين المتأرجحين غالباً ما يصوتون لصالح المنافس في الأيام الأخيرة من الانتخابات، ومن السهل أن نرى لماذا يعتقد فريق ترمب أنه سيصبح أول رئيس منذ جروفر كليفلاند قبل 132 عاماً، يفوز بفترتين غير متتاليتين بالمنصب.

في المقابل، يخشى الديمقراطيون من تكرار أخطاء استطلاعات الرأي في عامي 2016 و2020؛ لكنهم يأملون أن تكرر استطلاعات 2024 ما حدث في انتخابات الكونغرس عام 2022، ففي ذلك العام قللت الاستطلاعات من شعبية المرشحين الديمقراطيين لمجلس النواب، وبشرت باجتياح الجمهوريين للانتخابات، وهو ما لم يحدث في الواقع.

لكن اليوم لا أحد يعرف، هل سيكون عام 2024 تكراراً لسيناريو عامي 2016 و2020 أم لعام 2022؟ والمعروف أن معظم مراكز وخبراء استطلاعات الرأي كانوا مشغولين في هذه الفترة بتعديل منهجياتهم لتصحيح أخطائهم السابقة.

وقد يكونون قد أصلحوا الأمور بشكل أو بآخر هذه المرة، ولكن ربما يكونون قد تسببوا في مشكلات جديدة، عندما أصلحوا مشكلة واحدة. كما أن نتائج استطلاعات الرأي تأتي دائماً بهامش خطأ. وكل أرقام استطلاعات الرأي الحالية في الولايات المتأرجحة تقع ضمن هامش الخطأ. ونظراً لأن نظام المجمع الانتخابي يعطي الفائز بالأغلبية المطلقة في أي ولاية كل أصواتها في المجمع الانتخابي باستثناء ولايتين فقط، فإنه حتى الأخطاء الطفيفة في استطلاعات الرأي قد تعني نتيجة انتخابية غير متوازنة.

ويعني هذا أن كل شيء وارد في الانتخابات المقبلة. فقد يسفر التصويت عن فوز هاريس أو ترمب بكل الولايات المتأرجحة، وبالتالي يصبح فوز الفائز منهما واضحاً ومقنعاً في المجمع الانتخابي. وقد تكون الأصوات متقاربة بشدة؛ بحيث تكون عمليات إعادة حصر الأصوات أو اللجوء للقضاء أموراً حتمية لحسم النتيجة، وبالتالي يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في نزاع سياسي وقانوني مستمر وأكثر حدة عما حدث في 2020.

فهل ستمضي الانتخابات الأميركية مع الاتجاه العالمي الذي جاء ضد الأحزاب الحاكمة؟ أو تعدل عنه؟ والحقيقة أنه في ضوء المنافسة الحادة بين هاريس وترمب، لا يمكن تقديم إجابة حاسمة على هذا السؤال، وسيكون على الجميع انتظار مشهد النهاية يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) للحصول على الإجابة.

في الوقت نفسه، يحذر المسؤولون الأميركيون من ازدياد المحاولات الخارجية للتأثير على الانتخابات، والتي قد تستمر حتى بعد يوم التصويت، وأثناء فرز وعدِّ الأصوات. وبعض هذه المحاولات يشمل هجمات سيبرانية لإحداث اضطراب في التصويت. والبعض الآخر يشمل التضليل ونشر المعلومات الخطأ. على سبيل المثال، رصد مسؤولو الانتخابات في ولاية بنسلفانيا فيديو مزيفاً يصور عمليات تدمير لبطاقات التصويت بالبريد في كيستون ستيت. وقال مسؤولون اتحاديون إن حملة تضليل روسية وراء نشر هذا الفيديو.

بالطبع، لا تهم نتائج انتخابات الثلاثاء المقبل الولايات المتحدة فحسب؛ بل العالم كله، لذا فليس من المستغرب أن يناقش الكل في جميع أنحاء العالم كيف ستؤثر النتيجة عليهم. لقد سأل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي مراكز البحث والخبراء في كل من أفريقيا والأميركتين وأوروبا والشرق الأوسط عن آرائهم، وأظهرت ردودهم أن تقييمات تأثير الانتخابات تختلف باختلاف من يفوز والمنطقة أو البلد الذي يتم طرح السؤال فيه.

وقالت الباحثة ليزا روبنسون، في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية، إن فوز هاريس «ستكون له تداعيات مهمة، وربما حتى يؤدي إلى تغييرات شاملة، وذلك لأنه من شأن انتخابها أن يدعم أولئك الذين يقاتلون ضد الطغيان... ويخفف بقايا الشكوك في قدرة المرأة على اتخاذ قرارات الحرب والسلام».

يقول 90 في المائة من الديمقراطيين إنهم يثقون في سلامة العملية الانتخابية، في حين قال ذلك 57 في المائة فقط من الجمهوريين. معنى هذا أن ترمب سيحظى بدعم أكبر من ناخبيه إذا شكك في نتيجة الانتخابات في حال سقوطه بفارق ضئيل. ليس هذا فحسب؛ بل إنه حتى إذا تم اللجوء إلى المحكمة العليا، فلن يكون لقرارها مصداقية عند نحو 80 في المائة من الأميركيين؛ حيث أظهر مسح مركز «بيو» أن واحداً فقط من بين كل 5 أميركيين واثق من أن حكم المحكمة العليا في أي نزاع محتمل بشأن انتخابات الرئاسية سيكون محايداً.


مقالات ذات صلة

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

حصاد الأسبوع روبيو

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
TT

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لتشكيل إدارته المقبلة، فبعدما أعلن مرشّح ترمب لتولي وزارة العدل مات غيتز (الخميس) سحب ترشّحه، بعدما واجهت تسميته معارضة واسعة حتى داخل حزبه الجمهوري على خلفية اتّهامه بدفع مبلغ مالي لفتاة قاصر كان عمرها 17 عاماً لممارسة الجنس معه، زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون التي اختارها ترمب لقيادة وزارة التعليم، سمحت «عن علم» بالاعتداء الجنسي على الأطفال، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتزعم الدعوى القضائية الحديثة أن مكماهون «مكّنت عن عمد من الاستغلال الجنسي للأطفال» من قِبل موظف في منظمة المصارعة العالمية «وورلد ريسلينغ إنترتينمنت» أو «WWE» في وقت مبكر من ثمانينات القرن العشرين، وهي ادعاءات تنفيها مكماهون.

ومكماهون هي الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة «WWE» التي أسستها مع زوجها فينس. وقد تنحت عن منصبها في عام 2009 للترشح لعضوية مجلس الشيوخ، لكنها خسرت في ولاية كونيتيكت في عامي 2010 و2012.

وتزعم الدعوى أن مكماهون وفينس قد مكّنا عن علم الاستغلال الجنسي للأطفال، وأن مكماهون كانت «الرائدة في محاولة إخفاء ثقافة الاعتداء الجنسي في (WWE)». وتزعم الدعوى أيضاً أن مكماهون وفينس سمحا عمداً للموظف «ملفين فيليبس جونيور» باستخدام منصبه بصفته مذيعاً في الصف الأول في الحلبة لاستغلال الأطفال جنسياً، وأن فيليبس كان يقوم بذلك أمام المصارعين والمديرين التنفيذيين في منطقة خلع الملابس، كما أنه كان يصوّر في كثير من الأحيان عملية الاعتداء الجنسي، وفقاً للدعوى القضائية.

وتم رفع الدعوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مقاطعة بالتيمور بولاية ميريلاند، نيابة عن خمسة من أفراد عائلة جون دوس الذين يقولون إن أعمارهم كانت تتراوح بين 13 و15 عاماً عندما التقى معهم فيليبس الذي تُوفي عام 2012. ويقول كل منهم إنهم عانوا من أضرار عقلية وعاطفية نتيجة للإساءة الجنسية المزعومة.

وتزعم الدعوى القضائية أن عائلة مكماهون كانت «مهملة في دورها كأرباب عمل وفشلت في حماية المدعين»، الذين يطالبون بتعويضات تزيد على 30 ألف دولار.

وحسب الدعوى، فقد كان كل من مكماهون وفينس على علم بسلوك فيليبس. واعترف فينس أنه وليندا كانا على علم منذ أوائل ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي بأن فيليبس كان لديه «اهتمام غريب وغير طبيعي» بالأولاد الصغار.

ووصفت لورا بريفيتي، محامية مكماهون، هذه المزاعم بأنها كاذبة. كما لم تستجب «WWE» إلى طلب من شبكة «سي إن إن» للتعليق.

وانسحب مرشّح ترمب لتولي وزارة العدل مات غيتز (الخميس)، وهو متّهم بأنه دفع قبل سنوات مبلغاً لفتاة قاصر كان عمرها 17 عاماً لممارسة الجنس معه، وهو أمر ينفيه بشدّة.

وفُتح تحقيق بشأنه بتهمة تعاطي مخدرات وتحويل أموال خاصة بالحملة الانتخابية لاستخدام شخصي ومشاركة صور وفيديوهات غير لائقة في مجلس النواب، وغير ذلك من التهم.