هل ترمب فاشي بالفعل؟

ترمب يحيي أنصاره في تجمّع انتخابي بغرينزبورو في 22 أكتوبر (د.ب.أ)
ترمب يحيي أنصاره في تجمّع انتخابي بغرينزبورو في 22 أكتوبر (د.ب.أ)
TT

هل ترمب فاشي بالفعل؟

ترمب يحيي أنصاره في تجمّع انتخابي بغرينزبورو في 22 أكتوبر (د.ب.أ)
ترمب يحيي أنصاره في تجمّع انتخابي بغرينزبورو في 22 أكتوبر (د.ب.أ)

مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية من محطتها الأخيرة يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يتزايد الجدل حول أفكار ومواقف الرئيس السابق والمرشح الجمهوري في الانتخابات، وبخاصة تجاه الديمقراطية والدستور.

وقبل أيام ظهرت كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس في مقابلة مع هالي جاكسون على قناة «إن بي سي» لتتحدث عن مجموعة واسعة من الموضوعات بدءاً من الإجهاض وحتى الهجرة غير الشرعية. وأنهت هاريس المقابلة بالتركيز على تطرف ترمب.

 

وكان جوهر انتقادها أنه ليس مجرد مختل ولا مهووس وإنما مجنون، مشيرة إلى أنه دعا إلى إنهاء دستور الولايات المتحدة وإلى أن «الشعب الأميركي أمامه هنا خياران، إما أنه يريد رئيساً يفهم أن أميركا يجب أن تقف قوية كزعيم للعالم، أو يريد فرداً يجسده دونالد ترمب الذي يعلن إعجابه بالديكتاتوريين».

وفي تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأميركية قال جاكوب هايلبرون رئيس تحريرها إن ترمب كذلك بالفعل، مشيراً إلى ما ذكره جيفري غولدبرج رئيس تحرير مجلة «ذا أتلانتك» في مقال جديد عن أن ترمب ليس فقط معجباً بالديكتاتوريين، وإنما أيضاً يحتقر الجيش الأميركي الذي يتعهد بالولاء للدستور وليس لأي رئيس. ويقول غولدبرج: «ترمب رد غير مصدق عندما قيل له إن أفراد الجيش الأميركي يقسمون على الولاء للدستور وليس للرئيس».

لذلك يثور الجدل حالياً حول ما إذا كان ترمب يستحق وصفه بالفاشي. ويبدو أن جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة ترمب يعتقد ذلك. ففي مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» أشار إلى أن ترمب أعرب عن إعجابه بهتلر في عدد من المناسبات، وأن تعريف الفاشي ينطبق عليه. الحال نفسه بالنسبة لمارك إيه ميللي رئيس هيئة الأركان الأمريكية سابقا الذي استخدم نفس كلمة «فاشي» أيضاً. ففي مقابلة مع الكاتب الصحافي بوب وودوورد قال ميللي إن الرئيس السابق «فاشي حتى النخاع» وإنه «أخطر شخص في هذه البلاد».

ولمزيد من التأكيد لجأت الصحيفة إلى المؤرخ الشهير روبرت باكستون المتخصص في حقبة حكومة فيشي الفاشية في فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية لكي يقيِّم نوايا ترمب الفاشية. ويرى باكستون أن ترمب يقف على جانب الفاشية، لكنه لم يوضح ما يمكن أن يعنيه ذلك من الناحية السياسية.

وهو يشير إلى أن شعبية ترمب حالياً ربما تفوق ما كان يتمتع به هتلر أو موسيليني من شعبية، وأن كليهما وصل إلى السلطة عبر النخب المحافظة وليس بالانتخاب المباشر.

ويقول هايلبرون الزميل الزائر الكبير لمركز أبحاث أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي إنه يمكن العثور على أفضل نقاش معاصر لأصل إرادة السلطة والقوة لدى المحتالين المعاصرين، أمثال ترمب، في كتاب فرديناند ماونت الأخير «القياصرة الكبار والقياصرة الصغار». ويهتم ماونت بإظهار أنه تم فضح فكرة التفسير القديم لحزب الأحرار البريطاني (هويجز) للتاريخ باعتباره مسيرة ثابتة من التقدم مرة أخرى منذ عام 1989 ويشير إلى أن أفلاطون وميكيافيلي ونيتشه، من بين آخرين، كانوا جميعاً من دعاة الاستبداد.

ويضيف هايلبرون أنه من المشكوك فيه أن يكون ترمب قد قرأ شيئاً للفيلسوف الألماني نيتشه، لكن إحدى زوجاته السابقات قالت إنه كان يحتفظ بنسخة من مجموعة خطب هتلر إلى جانبه. كما أن احتمال امتلاك ترمب للصبر الكافي لقراءة أفكار «الدم والتربة» النازية سيكون أمراً يدعو للدهشة. كما أشار مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون: «كما تعلمون، كتب أدولف هتلر كتاباً مثيراً للقلق بشكل عميق بعنوان (كفاحي). ولم يتمكن دونالد ترمب حتى من قراءة الكتاب بالكامل، ناهيك عن كتابة شيء مثله».

ويختتم هايلبرون تحليله بالقول: «من الصعب تجنب الإشارة إلى أن هذا الجدل حول نوايا ترمب الفاشية يتعلق أكثر بالطريقة التي يختارها المجتمع المهذب للحديث عن هذه الشخصية المثيرة للصخب. فإذا كنت تعتقد أن ترمب خطر واضح وحالي فأنت تضعه في نفس قائمة بعض أسوأ الشخصيات في القرن العشرين. أما إذا كانت تعتقد أنه المحارب من أجل الحرية الذي يقاتل ليكون صوت الشعب مسموعاً، فأنت تقدم حججاً زائفة لتشتت الانتباه عن ميوله الاستبدادية».

وأخيراً فإن جون بولتون مستشار الأمن القومي في إدارة ترمب السابقة، قدم أسوأ دفاع عنه عندما قال في مقابلة مع قناة «سي إن إن» الأميركية إن ترمب ليس ذكياً بما يكفي ليكون فاشياً، مضيفاً أن سلوكه فقط كافٍ لإثارة القلق، لكنه لكي يكون فاشياً فيجب أن تكون لديه فلسلفة، وترمب لا يملك ذلك. ورغم ذلك فقد نكتشف قريباً حقيقة فاشيته.

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

مسؤول روسي: دول عدة عرضت استضافة محادثات بين بوتين وترمب

العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدثان خلال اجتماع ثنائي بقمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

مسؤول روسي: دول عدة عرضت استضافة محادثات بين بوتين وترمب

قال الكرملين إن دولاً عدة عرضت استضافة محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، لكنه لم يكشف عن هذه الدول.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ لقطة من شريط فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية لإطلاق صواريخ مضادة للدروع (أ.ب)

كوريا الشمالية تضاعف دعمها العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا

كشف مسؤولون أميركيون أن فكرة نشر قوات من كوريا الشمالية لمصلحة روسيا في حرب أوكرانيا جاءت من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وتلقفها الرئيس فلاديمير بوتين

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومرشحه لمنصب وزير الصحة روبرت كيندي يوم 23 أكتوبر الماضي (أ.ب)

ترمب يخطط للانسحاب مجدداً من «منظمة الصحة العالمية»

أفاد أعضاء في الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بأنه يدرس الانسحاب من «منظمة الصحة العالمية» في اليوم الأول لتوليه السلطة في 20 يناير.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم منظر عام لميناء نوك في غرينلاند يوم 8 مارس 2013 (رويترز)

رئيس وزراء غرينلاند يرد على ترمب: الجزيرة ليست للبيع

قال رئيس وزراء غرينلاند، إن الجزيرة ليست للبيع، وذلك رداً على تصريحات للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن «الامتلاك والسيطرة» على الجزيرة التابعة للدنمارك.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

قال السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إنه يشعر بالقلق حيال تراجع الاهتمام بملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، خلال الفترة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)
السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)
TT

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)
السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)

قال السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إنه يشعر بالقلق حيال تراجع الاهتمام بملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة خلال الفترة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب، وذلك قبل أيام من تقاعده من رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وأضاف كاردين في مقابلة مع «رويترز» لدى سؤاله عن ترمب الذي سيعود إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني): «لا أريد أن أصدر أحكاماً مسبقة؛ لكنني قلق للغاية من أن حماية حقوق الإنسان قد لا تكون بنفس أهمية الأهداف الأخرى التي يسعى (ترمب) لتحقيقها».

ومن المقرر أن يغادر كاردين (81 عاماً) منصبه في الكونغرس نهاية هذا الشهر، بعد أن قضى ما يقرب من 60 عاماً في شغل مناصب عامة.

واعترف كاردين -وهو مؤيد قوي لإسرائيل- بأن ولاية ترمب الثانية قد تعقِّد الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف.

لكنه قال إن رغبة الولايات المتحدة وشركائها في تشكيل تحالف لعزل إيران والتغيرات التي حدثت في الآونة الأخيرة في سوريا، تدعوه للتفاؤل.

وأضاف: «هناك كثير من الأمور التي تحدث في المنطقة، والتي تدفعنا للتفاؤل بأننا نستطيع أن نطوي صفحة غزة».

وخلال فترة ولايته الأولى من 2017 إلى 2021، انسحب ترمب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وأشاد بزعماء مستبدين مثل الزعيم القومي المجري فيكتور أوربان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأبدى اعتراضه على تمويل المساعدات الإنسانية في الصراعات الكبرى.