ترمب تكـتّم على إرسال فحوص كوفيد «سراً» لبوتين

المرشّح الجمهوري نفى التواصل مع سيد الكرملين 7 مرات بعد 2020

صورة أرشيفية لمصافحة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
صورة أرشيفية لمصافحة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

ترمب تكـتّم على إرسال فحوص كوفيد «سراً» لبوتين

صورة أرشيفية لمصافحة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
صورة أرشيفية لمصافحة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

فجّرت مقتطفات من كتاب جديد للصحافي الأميركي بوب وودورد، جدلاً كبيراً في الولايات المتّحدة قبل أقلّ من شهر على موعد الانتخابات.

وزعم وودورد، في كتابه «حرب» المتوقّع صدوره في 15 أكتوبر (تشرين الأول)، أن الرئيس السابق والمرشّح الجمهوري دونالد ترمب تواصل 7 مرّات مع الرئيس فلاديمير بوتين بعد مغادرته البيت الأبيض. كما ذكر أن ترمب أرسل سرّاً فحوص «كوفيد - 19» لسيد الكرملين في بداية الجائحة، وتكتّم على ذلك بطلب من بوتين نفسه.

وحظي ترمب بنصيب وافر من كتاب وودورد، الذي سبق وكتب عنه ثلاثة كتب سابقة، من أبرزها «الخوف» و«الغضب» و«الخطر»، فضلاً عن نشره عدداً من المقابلات الحصرية مع الرئيس السابق.

ويُعدّ وودورد من أبرز الصحافيين المطلعين على خبايا البيت الأبيض، وبرز اسمه بعدما كشف وزميله في صحيفة «واشنطن بوست»، كارل برنستين، عن فضيحة «ووترغيت» التي أدّت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1974.

وإلى جانب العلاقة بين بوتين وترمب، والتي سارع الأخير إلى نفيها على وسائل الإعلام، تطرّقت المقتطفات إلى تدهور العلاقة بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتزامن مع حرب غزة.

ترمب وبوتين

صورة أرشيفية للصحافي بوب وودورد (أ.ب)

وكشف كتاب «حرب» عن إبقاء ترمب على علاقة شخصية مع بوتين رغم قيامه بغزو أوكرانيا في عام 2022، في وقت يحاول الرئيس الجمهوري السابق العودة إلى البيت الأبيض في سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

ويقول الكتاب إن ترمب أرسل، عام 2020، اختبارات فيروس «كوفيد - 19» إلى بوتين في خضم النقص الشديد لهذه الاختبارات داخل الولايات المتحدة وحول العالم. ويوضح الكتاب أن بوتين كان خائفاً من الإصابة بالفيروس، وطلب من ترمب ألا يكشف عن هذه الإمدادات. وقال بوتين لترمب، وفق الكتاب: «من فضلك، لا تخبر أحداً أنك أرسلت لي (هذه الفحوص)». ويقول وودورد إن ردّ ترمب كان: «لا يهمني (رأيهم)»، فقال بوتين: «لا أريدك أن تخبر أحداً؛ لأن الناس سيغضبون منك وليس مني. إنهم لا يهتمون بي».

وذكر الكاتب أيضاً أن ترمب وبوتين «ربّما تحدثا معاً سبع مرات»، منذ مغادرة ترمب البيت الأبيض في عام 2021. وقال وودورد إن ترمب أمر مساعده بالخروج من مكتبه في منتجع مار-ا-لاغو بفلوريدا، في أوائل عام 2024؛ حتى يتمكن من إجراء مكالمة هاتفية خاصة مع بوتين. وألمح وودورد إلى أن أفريل هاينز، مدير الاستخبارات الوطنية، لم تستبعد بشكل قاطع انعقاد هذه الاتصالات.

وقد سبق أن أشاد ترمب بالرئيس بوتين، ووصفه بـ«العبقري» بعد قيامه بغزو أوكرانيا، واعترض على المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وتفاخر مراراً بقدرته على إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية خلال 24 ساعة إذا فاز بالانتخابات.

ويخلص وودورد إلى أن تواصل ترمب مع بوتين في وقت يخوض حرباً ضد دولة حليفة للولايات المتحدة، يجعله غير أهلٍ للرئاسة بدرجة أكبر مما كان عليها ريتشارد نيكسون. وقال وودورد إن «ترمب كان أكثر الرؤساء تهوّراً واندفاعاً في التاريخ الأميركي، وهو يُظهر الشخصية نفسها مرشحاً رئاسياً في عام 2024».

ترمب وروسيا ينفيان

نفى ترمب في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي نيوز» ما ورد بالكتاب. وقال عن وودورد إنه شخص سيئ وفقد عقله. ورفض ستيفن تشيونغ، مدير الاتصالات في حملة ترمب، ما ورد في الكتاب. وقال لمجلة «نيوزويك» إن «لا شيء من هذه القصص التي كتبها بوب وودورد حقيقية، وهو رجل مجنون ومضطرب، وغاضب ومنزعج لأن الرئيس ترمب يقاضيه بسبب النشر غير المصرح به للتسجيلات التي أجراها سابقاً». وأشار تشيونغ إلى أن ترمب يطالب بتعويض قيمته 50 مليون دولار من وودورد، بسبب نشره أشرطة المقابلات التي أجراها مع ترمب بين ديسمبر (كانون الأول) 2019 وأغسطس (آب) 2020، والتي ظهرت تفاصيلها في كتاب «الغضب» الصادر عام 2020.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجتمع بنظيره الأميركي آنذاك دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

من جانبه، نفى الكرملين أيضاً ما جاء في كتاب وودورد حول المحادثات الهاتفية بين ترمب وبوتين. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لصحيفة «نيويورك تايمز» إن: «هذا ليس صحيحاً، إنها قصة زائفة وتأتي في سباق الحملة السياسية قبل الانتخابات».

واستغلت نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، ما ورد في الكتاب لشنّ هجوم على منافسها. وقالت للإعلامي الأميركي هاورد ستيرن، إن ترمب قام بـ«التلاعب» خلال كارثة صحية شهدت وفاة مئات الأميركيين يومياً. وتابعت: «كان الجميع يسعى للحصول على هذه الاختبارات، وهذا الشخص الذي يريد أن يكون رئيساً مرة أخرى، كان يقوم بإرسالها سراً إلى روسيا، إلى ديكتاتور قاتل من أجل استخدامه الشخصي».

ويتطرق الكتاب بشكل وجيز إلى دور هاريس بصفتها نائبةً لبايدن، معتبراً بأنها «بالكاد تؤدي دوراً مؤثراً في تحديد السياسة الخارجية».

استياء بايدن من نتنياهو

الرئيس الأميركي جو بايدن وخبايا محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أثارت مقتطفات الكتاب حول علاقة بايدن بنتنياهو اهتماماً واسعاً في الإعلام الأميركي، والدولي. وزعم وودورد، معتمداً على محادثات بايدن الهاتفية مع نتنياهو خلال العام الحالي، أن الرئيس الأميركي خلص إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يكن هدفه هزيمة «حماس»، بقدر اهتمامه بمصلحته الخاصة وحماية نفسه. وتحدّث الكتاب عن استخدام بايدن عبارات قاسية في حديثه مع نتنياهو.

وكتب وودورد أن إحباط بايدن وعدم ثقته في نتنياهو «انفجرت في الربيع الماضي». فوفقاً للكتاب، أطلق الرئيس بايدن هجوماً مليئاً بالشتائم. وروى أن نتنياهو قال لبايدن إنه «سيقتل كل عضو في حركة (حماس)»، فردّ عليه بايدن بأن ذلك مستحيل، وهدّده سراً وعلناً بمنع شحنات الأسلحة الهجومية الأميركية.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، ذكر الكتاب أن بايدن سأل نتنياهو عن الحرب، وقال: «ما هي استراتيجيتك يا رجل؟»، وعندما أصر نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي في حاجة إلى التوغل بشكل أعمق في جنوب عزة ومدينة رفح، رفض الرئيس بايدن وقال له: «بيبي، ليس لديك استراتيجية». أما في مايو (أيار)، حينما أخّر بايدن شحنة من 3500 قنبلة إلى إسرائيل خوفاً من استخدامها في رفح والتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين، أخبر بايدن مستشاريه أن نتنياهو «كاذب»، وأن «18 من مجموع 19 شخصاً يعملون معه كاذبون أيضاً».

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

وفي يوليو (تموز)، أبدى بايدن انزعاجه من نتنياهو بعد مقتل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لـ«حماس»، أثناء زيارته لطهران. وقال له: «بيبي، ماذا يحدث؟ أنت تعلم أن مكانة إسرائيل في جميع أنحاء العالم تتدهور، وأنها أصبحت دوله مارقة». ورد نتنياهو: «هذا هنية. أحد الإرهابيين. إنه رجل فظيع، وقد رأينا فرصة وانتهزناها».

وعند سؤالها عن الكتاب، شدّدت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، إميلي سيمونز، للصحافيين على «العلاقة الوثيقة»، و«الالتزام القوي» لدى إدارة بايدن تجاه إسرائيل. ورفضت التعليق على ما ورد بالكتاب، وقالت عن بايدن ونتنياهو: «لديهما علاقة طويلة الأمد، ويتمتّعان بعلاقة صريحة ومباشرة».

«خطأ أوباما»

رصد الكتاب كذلك تصريحات من بايدن ألقى فيها مسؤولية اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا على الرئيس الأسبق باراك أوباما. وقال بايدن، وفق وودورد: «لقد أفسد الوضع في عام 2014. ولهذا السبب نحن هنا الآن. لقد أفسدنا الأمر. لم يأخذ باراك بوتين على محمل الجد أبداً». وكان بايدن يشير إلى موقف الرئيس الأسبق باراك أوباما، بعد غزو بوتين لشبه جزيرة القرم.

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)

ويقول وودورد إن الولايات المتحدة حصلت على «كنز من المعلومات الاستخباراتية» في أكتوبر 2021، مفادها أن بوتين لديه خطط لغزو أوكرانيا بـ175 ألف جندي. وذكر أن الاستخبارات اعتمدت على مصادر بشرية في الحصول على هذه المعلومات. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فكرة أن بوتن سيغزو بالفعل، حتى بعد أن أخبرته نائبة الرئيس كامالا هاريس بالمعلومات الاستخباراتية.

وفي ديسمبر 2021، واجه بايدن الرئيس الروسي بوتين بالمعلومات الاستخباراتية مرتين؛ الأولى في مؤتمر عبر الفيديو، ثم فيما وصفه وودورد بـ«مكالمة ساخنة لمدة 50 دقيقة»، لوّح فيها بوتين بـ«خطر الحرب النووية بطريقة تهديدية». ورد بايدن بتذكير الرئيس الروسي بأنه «من المستحيل الفوز» في حرب نووية.


مقالات ذات صلة

بايدن: أوامر اعتقال الجنائية الدولية ضد زعماء إسرائيل «أمر شائن»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: أوامر اعتقال الجنائية الدولية ضد زعماء إسرائيل «أمر شائن»

ندد الرئيس الأميركي جو بايدن بإصدار الجنائية الدولية أوامر لاعتقال نتنياهو وغالانت، وقال في بيان: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مجلس الشيوخ الأميركي (رويترز)

مجلس الشيوخ الأميركي يجهض حظر إرسال أسلحة هجومية إلى إسرائيل

أحبط مجلس الشيوخ مساعي صدّ تسليم الأسلحة الهجومية لإسرائيل بسبب ممارساتها خلال الحرب في غزة، وفشل داعمو الطروحات في الحصول على الأصوات اللازمة لإقراره.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

أتم الرئيس الأميركي جو بايدن 82 عاماً، اليوم (الأربعاء)، وهو عمر لم يسبق لرئيس أميركي بلوغه وهو في السلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)
مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)
مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الجمعة، أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية والتوصيل وآخرين من العاملين في المجال الإنساني، الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

وقال المكتب إن إراقة الدماء في الشرق الأوسط كانت أكبر سبب لحالات الوفاة البالغة 281 بين العاملين في المجال الإنساني على مستوى العالم هذا العام.

وأضاف المتحدث باسم المكتب ينس لاركه: «حتى قبل انتهاء العام، أصبحت 2024 السنة الأكثر فتكاً التي يجري تسجيلها للعاملين في المجال الإنساني حول العالم».

وأوضح للصحافيين في جنيف أن الرقم تجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 280 وفاة للعام بأكمله في 2023.

وتابع أن العاملين في المجال الإنساني «يعملون بكل شجاعة وإيثار في أماكن مثل غزة والسودان ولبنان وأوكرانيا... إلى آخره، ويظهرون أفضل ما يمكن أن تقدمه الإنسانية، ويُقتلون في المقابل بأرقام قياسية».

وقالت الأمم المتحدة إن الأرقام تأتي من «قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة»، وهو مشروع بتمويل أميركي تديره منظمة تسمى «هيومنيتاريان أوتكامز»، ومقره بريطانيا.

ومن بين الـ268 فرداً من عمال الإغاثة الذين قُتلوا - بما في ذلك من منظمات لا تتبع الأمم المتحدة مثل «الصليب الأحمر» و«الهلال الأحمر»- هم من الطاقم الوطني، بينما 13 من الطاقم الدولي.

وأظهرت قاعدة البيانات، الجمعة، أن نحو 230 من عمال الإغاثة قُتلوا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم توضح ما إذا كان ذلك في غزة أم في الضفة الغربية.

وقال لاركه إن التهديدات لعمال الإغاثة «تمتد لما وراء غزة، حيث توجد مستويات مرتفعة من العنف والإصابات نتيجة عمليات الخطف والمضايقات والاحتجاز التعسفي» في أفغانستان والكونغو ودولة جنوب السودان والسودان وأوكرانيا واليمن وأماكن أخرى.

وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن إجمالي 333 من عمال الإغاثة قُتلوا منذ اندلاع الحرب الجارية حالياً بين إسرائيل و«حماس»، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).