نيفادا... «ولاية الفضّة» التي تحمل الرؤساء الأميركيين إلى البيت الأبيض

تلعب دوراً محورياً في حسم الانتخابات رغم عدد أصواتها المتواضع في المُجمّع الانتخابي

ترمب خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس بنيفادا في 13 سبتمبر (رويترز)
ترمب خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس بنيفادا في 13 سبتمبر (رويترز)
TT

نيفادا... «ولاية الفضّة» التي تحمل الرؤساء الأميركيين إلى البيت الأبيض

ترمب خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس بنيفادا في 13 سبتمبر (رويترز)
ترمب خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس بنيفادا في 13 سبتمبر (رويترز)

لا يستطيع أي من المرشحَيْن الرئاسيَّيْن في الولايات المتحدة؛ نائبة الرئيس كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترمب، أن يُسلِّم بأن نيفادا محسوبة عليها أو عليه، وعلى الجمهوريين أو الديمقراطيين، قبل أن يُسقط ناخبو هذه الولاية المتأرجحة أوراق اقتراعهم في صناديق انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. غير أن كلا الجانبين يدرك حقيقةً بدأت مع نيفادا، عندما أصبحت الولاية السادسة والثلاثين في الاتحاد الأميركي عام 1864. منذ ذلك التاريخ تناوب الحزبان الجمهوري والديمقراطي على حكمها بالتساوي تقريباً. وعلى الرغم من أن لديها ستة أصوات فقط في المجمع الانتخابي، من أصل 538 صوتاً، تدرك هاريس ويعرف ترمب أن أكثرية من وصلوا إلى البيت الأبيض قبلهما فازوا أيضاً في نيفادا. فمن الانتخابات الرئاسية الأربعين التي شاركت فيها نيفادا منذ عام 1864 إلى عام 2020، صوتت الولاية للمرشح الفائز 33 مرة. وفي الانتخابات الرئاسية الـ23 منذ عام 1912، ذهبت أصواتها الانتخابية إلى المرشح الرئاسي الفائز في جميع الانتخابات باستثناء اثنتين في عامي 1976 و2016.

«ولاية الفضّة»

ارتدت نيفادا، المعروفة بـ«ولاية الفضّة» لأهمية هذا المعدن في اقتصادها، مرات اللون الأحمر الجمهوري، ومرات أخرى الأزرق الديمقراطي، فصارت مجازاً ولاية بنفسجية متأرجحة. وعلى غرار توازناتها في الخيارات الرئاسية، قدمت نيفادا طوال تاريخها تمثيلاً متساوياً من الحزبين على المستوى الفيدرالي: 14 سيناتوراً في مجلس الشيوخ و20 عضواً في مجلس النواب من كلا الحزبين. وعلى مستوى الولاية، شهدت نيفادا 31 حاكماً للولاية: 15 من الجمهوريين و12 من الديمقراطيين، واثنان من «الحزب الفضي» الذي نشط في مطلع القرن العشرين، و«الحزب الديمقراطي الفضي». ولاحقاً، جرى استيعاب الديمقراطيين الفضيين في النهاية في الحزب الديمقراطي.

هاريس برفقة أنصارها بلاس فيغاس في 29 سبتمبر (أ.ف.ب)

وبعد تقلبات عديدة خلال القرن العشرين على خلفية سك عملات الفضة وقضايا أخرى في الولاية، ذهبت نيفادا مرات للديمقراطيين ومرات أخرى للجمهوريين، مع تغيّر أكبر بدأ بحلول عام 2004، حين تحول المدّ السياسي نحو الديمقراطيين بسبب جهودهم القوية لتشجيع الناخبين على التصويت. وبرز بينهم «اتحاد الطهاة»، الذي يمثل أكثر من 60 ألف عامل في مجال الضيافة، والذي ضغط لتسجيل أعضائه من الشباب واللاتينيين والسود والآسيويين كناخبين، فضلاً عما يسمى «آلة ريد» (على اسم زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الراحل هاري ريد)، وهي تحالف فضفاض من الجماعات التقدمية التي حافظت على سيطرة الديمقراطيين على المجلس التشريعي للولاية، باستثناء دورة عام 2015، وكذلك على مجلس الشيوخ باستثناء الدورة ذاتها.

وخلال الحملات الانتخابية الحالية، انفجر موضوع له صدى خاص بين عمال نيفادا، وهو إلغاء الضرائب الفيدرالية على الإكراميات، فأعلن ترمب أمام حشد في لاس فيغاس أنه ينوي التخلص من هذه الضرائب إذا انتُخب. وسارعت منافسته هاريس إلى تأييد الفكرة خلال توقف لحملتها أيضاً في لاس فيغاس، لكنها قرنت الاقتراح بوعد برفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية.

مليارات لاس فيغاس

ومع أنها تحتضن لاس فيغاس، «مدينة الإثم» والقمار التي تدور في لياليها ودواليبها عشرات المليارات من الدولارات كل عام، بالإضافة إلى تدفق الزوار إليها من أجل حضور المؤتمرات ومباريات كرة القدم، مما عزز انتعاشها بعد حال الركود خلال جائحة «كوفيد-19»، لا تزال الهواجس الاقتصادية تهيمن على الناخبين في هذه الولاية المتأرجحة. ولا تزال معدلات البطالة وتكاليف المعيشة مرتفعة، وهما عاملان متوازيان يحركان الناخبين، الذين يقول ربعهم في نيفادا إن الاقتصاد هو القضية الرئيسية بالنسبة لهم، طبقاً لاستطلاع أجرته أخيراً صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع «سيينا كولدج».

جانب من فعالية انتخابية بلاس فيغاس في 29 سبتمبر (أ.ف.ب)

وأكد الاستطلاع أن القضايا المثيرة للجدل يرجح أن تظهر على بطاقات الاقتراع، ومنها حقوق الإجهاض، ومتطلبات تحديد هوية الناخب، والسماح للمعلمين بالإضراب في الولاية التي تعتنق الشعار الشهير «ما يحدث هنا يبقى هنا»، على الرغم من أنها كانت محافظة سياسياً حتى بين الديمقراطيين.

ووسط التوازنات الانتخابية والوضع غير العادي في نيفادا قبل معركة الانتخابات في 5 نوفمبر 2024، سيبقى المشهد السياسي غامضاً بين الجمهوريين والديمقراطيين، ليس فقط على مستوى الانتخابات الرئاسية، بل أيضاً على المستوى الفيدرالي الخاص بالولاية.

وخلال الانتخابات المقبلة، سيكون التكهن بالنتائج في نيفادا مجرد ضرب في الرمل؛ لأن عدد غير الحزبيين يفوق الآن عدد الناخبين المسجلين في كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وتُظهِر بيانات مكتب أمين الولاية أن الناخبين غير المنتمين إلى أي حزب يشكّلون 33.8 في المائة من الناخبين المسجلين، مقارنة بـ30.3 في المائة من الديمقراطيين و28.8 في المائة من الجمهوريين.

وديموغرافياً، تعكس نيفادا التنوع الاجتماعي الموجود في الولايات المتحدة عموماً. فلديها عدد كبير من السكان من أصل لاتيني وآسيوي، وكلا الحزبين يتنافسان على هؤلاء الناخبين.


مقالات ذات صلة

ترمب يختار مايك هاكابي سفيراً لأميركا لدى إسرائيل

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح الحاكم السابق لولاية أركنسو مايك هاكابي (أ.ف.ب)

ترمب يختار مايك هاكابي سفيراً لأميركا لدى إسرائيل

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اليوم (الثلاثاء) اختيار الحاكم السابق لولاية أركنسو مايك هاكابي، سفيرا لواشنطن لدى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا دبابة روسية مُدمَّرة على جانب طريق بمنطقة كورسك (أ.ب)

بوتين يسعى إلى استعادة كورسك قبل تنصيب ترمب

تشير تعيينات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، التي لم تؤكد كلها بعدُ، إلى أن ملف الحرب في أوكرانيا قد لا يكون بهذه السوداوية المتوقعة.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا وزير المالية الألماني السابق كريستيان ليندنر (أ.ف.ب)

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار شولتس وافق على تقريب موعد الانتخابات أمام ضغوط المعارضة ويستعد لطرح الثقة في حكومته 16 ديسمبر.

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دومالد ترمب (أ.ب)

تأجيل قرار المحكمة بشأن شرعية إدانة ترمب في نيويورك حتى 19 نوفمبر

كشفت وثيقة نشرت اليوم (الثلاثاء) عن أن قاضياً في ولاية نيويورك أوقف إجراءات قضية الرئيس المنتخب دونالد ترمب الجنائية التي حُسمت بالفعل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
درّاجون يمرّون أمام مقر بورصة بكين في العاصمة الصينية (أ.ف.ب)

«ذعر ترمب» يضرب الأسهم واليوان الصينيين

سجّلت الأسواق الصينية أكبر هبوط لها في نحو شهر، وسط مخاوف عنيفة من اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفريقه.

«الشرق الأوسط» (بكين)

القضاء الأميركي يمنح 3 من معتقلي «أبو غريب» السابقين 42 مليون دولار

أحد المعتقلين يظهر داخل زنزانة انفرادية خارجية وهو يتحدث مع جندي في سجن أبو غريب بالعراق (أ.ب)
أحد المعتقلين يظهر داخل زنزانة انفرادية خارجية وهو يتحدث مع جندي في سجن أبو غريب بالعراق (أ.ب)
TT

القضاء الأميركي يمنح 3 من معتقلي «أبو غريب» السابقين 42 مليون دولار

أحد المعتقلين يظهر داخل زنزانة انفرادية خارجية وهو يتحدث مع جندي في سجن أبو غريب بالعراق (أ.ب)
أحد المعتقلين يظهر داخل زنزانة انفرادية خارجية وهو يتحدث مع جندي في سجن أبو غريب بالعراق (أ.ب)

أصدرت هيئة محلفين أميركية، اليوم (الثلاثاء)، حكماً بمنح 42 مليون دولار لثلاثة معتقلين سابقين في سجن أبو غريب العراقي سيئ السمعة، إذ حملت شركة مقاولات عسكرية مقرها في فرجينيا المسؤولية عن تعذيبهم وإساءة معاملتهم قبل عقدين من الزمان، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

وجاء قرار هيئة المحلفين المكونة من ثمانية أعضاء بعد أن فشلت هيئة محلفين مختلفة في وقت سابق من هذا العام في الاتفاق على ما إذا كان ينبغي تحميل شركة «CACI» (سي إيه سي آي)، ومقرها رستون بولاية فرجينيا المسؤولية المرتبطة بعمل المحققين المدنيين الذين عملوا جنباً إلى جنب مع الجيش الأميركي في أبو غريب عامي 2003 و2004.

ومنحت هيئة المحلفين المدعين سهيل الشمري وصلاح العجيلي وأسعد الزوبعي 3 ملايين دولار لكل منهم كتعويضات عادية و11 مليون دولار لكل منهم كتعويضات عقابية.

شهد الثلاثة بأنهم تعرضوا للضرب والاعتداء الجنسي والتعري القسري وغير ذلك من المعاملة القاسية في السجن. ولم يوضحوا أن محققي شركة «سي إيه سي آي» مارسوا هذه المعاملة بشكل صريح، لكنهم زعموا أن الشركة كانت متواطئة لأن محققيها تآمروا مع الشرطة العسكرية «لإضعاف» المعتقلين قبيل الاستجواب.

ولم يعلق محامي «سي إيه سي آي»، جون أوكونور، على ما إذا كانت الشركة ستستأنف الحكم. ووصف باهر عزمي، محامي مركز الحقوق الدستورية، الذي رفع الدعوى نيابة عن المدعين، الحكم، بأنه «إجراء مهم للعدالة والمساءلة»، وأشاد بالمدعين الثلاثة على مرونتهم، «خصوصاً في مواجهة كل العقبات التي ألقتها شركة (سي إيه سي آي) في طريقهم».

كانت المحاكمة وإعادة المحاكمة اللاحقة المرة الأولى التي تستمع فيها هيئة محلفين أميركية إلى مزاعم قدمها ناجون من «أبو غريب» منذ صدمت صور إساءة معاملة المعتقلين - مصحوبة بجنود أميركيين مبتسمين يرتكبون الإساءة - العالم أثناء الاحتلال الأميركي للعراق.

لقد زعمت شركة «سي إيه سي آي» أنها لم تكن متواطئة في إساءة معاملة المعتقلين. وقالت إن موظفيها لم يتفاعلوا إلا قليلاً مع المدعين الثلاثة في القضية، وإن أي مسؤولية عن إساءة معاملتهم تقع على عاتق الحكومة.

كما حدث في المحاكمة الأولى، كافحت هيئة المحلفين لتقرير ما إذا كان ينبغي تحميل الشركة أو الجيش المسؤولية عن أي سوء سلوك.

لقد زعمت الشركة، كواحدة من دفاعاتها، أنها لا ينبغي أن تكون مسؤولة عن أي مخالفات من جانب موظفيها إذا كانوا تحت سيطرة وتوجيه الجيش، بموجب مبدأ قانوني يُعرف باسم «الموظفين المستعارين».

وقد تم رفع الدعوى لأول مرة في عام 2008، ولكن تم تأخيرها بسبب 15 عاماً من المشاحنات القانونية ومحاولات «سي إيه سي آي» المتعددة لرفض القضية.

وتضمنت الأدلة تقارير من اثنين من الجنرالات المتقاعدين في الجيش، الذين وثقوا الإساءة وخلصوا إلى أن العديد من محققي الشركة كانوا متواطئين فيها.

خلصت تلك التقارير إلى أن أحد الموظفين، ستيفن ستيفانوفيتش، كذب بشأن سلوكه، وأنه من المرجح أصدر تعليمات للجنود بإساءة معاملة المعتقلين واستخدم الكلاب لتخويف السجناء أثناء الاستجواب.