نورث كارولاينا... ولاية حمراء يسعى الديمقراطيون لانتزاعها

فاز بها ترمب مرتين وهاريس تغازل ناخبيها بورقة الاقتصاد

ترمب خلال مشاركته في تجمّع انتخابي بمينت هيل في نورث كارولاينا 25 سبتمبر (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته في تجمّع انتخابي بمينت هيل في نورث كارولاينا 25 سبتمبر (أ.ف.ب)
TT

نورث كارولاينا... ولاية حمراء يسعى الديمقراطيون لانتزاعها

ترمب خلال مشاركته في تجمّع انتخابي بمينت هيل في نورث كارولاينا 25 سبتمبر (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته في تجمّع انتخابي بمينت هيل في نورث كارولاينا 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

لم تكن ولاية نورث كارولاينا محسوبة على الولايات المتأرجحة في الأشهر الأولى من السباق الرئاسي، إذ كان الجمهوريون واثقين من قدرة مرشّحهم، الرئيس السابق دونالد ترمب، على الاحتفاظ بها، لكن هذه الثقة تراجعت في الأسابيع الماضية، لا سيّما بعد فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس بترشيح حزبها الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية بدلاً من الرئيس جو بايدن.

ولاية «جمهورية»

فاز الجمهوريون بـ16صوتاً انتخابياً، التي تحظى بها ولاية نورث كارولاينا في المجمّع الانتخابي، في 10 من آخر 11 انتخابات رئاسية جرت على مدى أكثر من 40 عاماً، ليكون الاستثناء الديمقراطي الوحيد في عام 2008، حين فاز بها الرئيس باراك أوباما، ونجح ترمب في الفوز بها مرتين في عامي 2016 و2020.

ترمب خلال مشاركته في تجمّع انتخابي بآشفيل في نورث كارولاينا 14 أغسطس (أ.ف.ب)

وظلّت نورث كارولاينا مصدر إحباط دائماً للديمقراطيين، الذين كانوا في الانتخابات الماضية على بُعد نقطة أو نقطتين مئويتين للفوز بها. وفاز ترمب بالولاية عام 2020 بفارق 1.3 بالمائة فقط عن منافسه الديمقراطي جو بايدن، ويأمل الديمقراطيون أن تميل الولاية هذه المرة لصالح كامالا هاريس، لتُشكّل نقطة تحوّل حاسمة في مساعيها للفوز بالبيت الأبيض.

وتعتمد آمال الديمقراطيين على التركيبة الديمغرافية المتنوعة عرقياً، التي أصبحت أكثر ميلاً للحزب الديمقراطي. إذ تحتل نورث كارولاينا المركز الثاني والعشرين من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة بأكثر من 10 ملايين نسمة، كما تتمتّع بتنوع ديمغرافي كبير؛ إذ يُشكّل البيض 61.5 بالمائة من السكان، والسود 20.5 بالمائة، ثم الأقليات من الهيسبانيك 10.5 بالمائة، وتتراوح نسبة الأميركيين الهنود والآسيويين بين 3.5 و5 بالمائة.

وللولاية مزيج من المناطق الحضرية والريفية والمدن الرئيسية الكبيرة، مثل شارلوت ورالي وتشابل هيل التي تشتهر بجامعاتها. وتعد مدينة شارلوت الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وهي أكبر مركز مصرفي في الولايات المتحدة بعد مدينة نيويورك.

سباق محتدم

هاريس تحيي أنصارها خلال فعالية انتخابية في شارلوت بنورث كارولاينا 12 سبتمبر (أ.ف.ب)

ومن بين جميع الولايات السبع المتأرجحة، أصبحت ولاية نورث كارولاينا الولاية الوحيدة التي تميل بشكل متسارع في السباق الرئاسي من اللون الأحمر إلى الأزرق، لكن بهامش صغير جداً. ففي استطلاع للرأي لشبكة «سي بي إس» مع إيمرسون، في شهر أغسطس (آب) الماضي كانت ترمب يتقدم بفارق نقطة مئوية واحدة؛ حيث فضله 49 بالمائة من الناخبين، مقابل 48 بالمائة فضلوا كامالا هاريس، وانقلب الأمر في الاستطلاع في شهر سبتمبر (أيلول)؛ حيث قال 49 بالمائة من المستطلع آراؤهم إنهم سيدلون بأصواتهم لصالح كامالا هاريس مقابل 48 بالمائة لصالح ترمب.

وتركز حملة هاريس على استقطاب الأميركيين السود، ورغم أن عددهم لا يتجاوز أكثر من 21.5 بالمائة من عدد السكان فإنهم كتلة تصويتية لا يستهان بها، وقد اعتمد عليهم بايدن في انتخابات 2020؛ حيث صوّت 92 بالمائة من الناخبين السود في نورث كارولاينا لصالحه في تلك الانتخابات. في حين تتوجه حملة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى المقاطعات الريفية في الولاية، خصوصاً تار هيل في الجنوب، التي تميل لأن تكون أكثر ميلاً للحزب الجمهوري، وسكانها أكثر تديناً ومحافظة من سكان الشمال في الولاية.

الأولوية للاقتصاد

تحتل قضية الاقتصاد المرتبة الأولى في اهتمامات سكان نورث كارولاينا، يليها بفارق كبير أسعار المساكن المرتفعة، ثم قضية الهجرة، ثم الإجهاض، وفقاً لاستطلاع رأي لمؤسسة «ريدفيلد آند ويلتون».

وفي حين يضع الحزب الديمقراطي قضية الإجهاض في صدارة أولوياته الانتخابية، لكن الاستطلاع أظهر أن 11 بالمائة فقط من سكان ولاية نورث كارولاينا يعدّون حق الإجهاض القضية الأكثر أهمية في تحديد توجهاتهم في التصويت، بما يجعل سكان الولاية الأكثر تحفظاً بشأن حق الإجهاض من بقية الولايات المتأرجحة.

جانب من الدمار الذي خلّفه إعصار «هيلين» في تشيمني روك بنورث كارولاينا 2 أكتوبر (أ.ف.ب)

ورغم تقدم قضية الهجرة في اهتمامات سكان الولاية، وهي القضية التي تعتمد عليها حملة ترمب الانتخابية، فإن وعود كامالا هاريس بخفض أسعار المساكن جعلت سكان ولاية نورث كارولاينا منقسمين بشأن من سيدعمونه.

ويخشى الجمهوريون أن تتأثر حظوظهم بـ«الفضيحة الإعلامية» التي أحاطت بالمرشّح لمنصب حاكم الولاية؛ الجمهوري مارك روبنسون.

وكشفت شبكة «سي إن إن» عن مزاعم بتورّط روبنسون، الذي يدعمه ترمب، في فضائح جنسية وإدلائه بتصريحات «نازية». وقد رفض روبنسون هذه الاتهامات، وأعلن مواصلة حملة انتخابه في مواجهة المرشح الديمقراطي جوش شتاين المدعي العام للولاية.


مقالات ذات صلة

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مارك روان يشارك في حلقة نقاشية في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (رويترز)

مارك روان مرشح جديد بارز لمنصب وزير الخزانة في إدارة ترمب

برز الملياردير مارك روان، صاحب رأس المال الخاص، كأحد أبرز المرشحين لمنصب وزير الخزانة في إدارة دونالد ترمب، وسيلتقي الرئيس المنتخب اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

مدعون: يجب تعليق قضية شراء الصمت ضد ترمب

قال ممثلو ادعاء في نيويورك إن القضية التي أدين فيها دونالد ترمب باتهامات جنائية تتعلق بدفع أموال لممثلة أفلام إباحية مقابل شراء صمتها يجب أن تتوقف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مرشح الرئيس المنتخب لمنصب وزير الصحة روبرت كيندي يتحدث مع النائب الأميركي السابق مات غايتس الذي رشحه ترمب لمنصب وزير العدل وزوجته جينجر لوكي غايتس في حفل معهد أميركا أولاً للسياسة الذي أقيم بمارالاغو ببالم بيتش بفلوريدا (أ.ف.ب)

ترمب يضغط على مجلس الشيوخ لتمرير تعييناته... رغم الفضائح

دفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للمصادقة على مرشحيه للمناصب العليا في إدارته المقبلة وبينهم مرشحه لوزارة العدل مات غايتس الذي تلاحقه فضائح أخلاقية

علي بردى (واشنطن)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.