تحذير أميركي من تكثيف محاولات التدخل الأجنبي في الانتخابات

إيران تستهدف حملة ترمب... وروسيا تهاجم هاريس

تعرضت حملتا هاريس وترمب لمحاولات اختراق أجنبية (أ.ف.ب)
تعرضت حملتا هاريس وترمب لمحاولات اختراق أجنبية (أ.ف.ب)
TT

تحذير أميركي من تكثيف محاولات التدخل الأجنبي في الانتخابات

تعرضت حملتا هاريس وترمب لمحاولات اختراق أجنبية (أ.ف.ب)
تعرضت حملتا هاريس وترمب لمحاولات اختراق أجنبية (أ.ف.ب)

تُواجه الحملات الانتخابية الأميركية «أكثر التهديدات السيبرانية تعقيداً»، وفق تقييم الأجهزة الأمنية، مع تكثيف روسيا والصين وإيران أنشطة التضليل الإلكتروني والاختراقات، ونشر الأخبار الزائفة بين ملايين الناخبين.

وعلى الرغم من بدء التصويت المُبكّر في كثير من الولايات في الانتخابات الرئاسية والعامة، لا تزال الأنظار مُنصبّة على تهديد «التدخلات الأجنبية» في العملية الديمقراطية حتى موعد الانتخابات الرسمي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وفي هذا الصدد، كشفت الولايات المتحدة، الجمعة، عن لائحة اتهام في حق ثلاثة إيرانيين تشتبه في أنهم يعملون لحساب سلطات بلدهم، ونفذوا قرصنة إلكترونية استهدفت الحملة الجمهورية.

تحذير من إثارة الفوضى

أشارت مجلة «فورين أفيرز» في تقرير لها، هذا الأسبوع، إلى تذكير مقلق بشأن حجم الأخطار التي تحيط بالعملية الانتخابية، متحدثة عن تفاصيل جديدة عن هجمات إلكترونية وجهود للتدخل في الانتخابات، تقف وراءها الصين وروسيا وإيران؛ ما دفع المسؤولين الأميركيين وكبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا إلى التحذير من رغبة هذه الدول في «إثارة الفوضى» خلال الأسابيع التي تسبق الخامس من نوفمبر.

ورغم ذلك، تجد هذه البلدان الثلاثة نفسها منقسمة بشأن دعم أي من المرشحين، الجمهوري دونالد ترمب، أم منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس. وبينما تدعم روسيا فوز ترمب، تدعم إيران فوز هاريس، بينما تعمل الصين على الإضرار بالديمقراطية الأميركية، ولكنها لا تساعد بالضرورة أياً من المرشحين، وذلك بحسب ما نقله موقع «أكسيوس» عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية.

ترمب أم هاريس؟

وخلال جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بشأن تهديدات الانتخابات، يوم الأربعاء، قال براد سميث، رئيس شركة «مايكروسوفت»: «نعلم أن هناك سباقاً رئاسياً بين ترمب وهاريس، لكن هذا أصبح أيضاً كأنه انتخابات إيران ضد ترمب وروسيا ضد هاريس». وتابع: «هي انتخابات حيث تتحد روسيا وإيران والصين بمصلحة مشتركة في تشويه سمعة الديمقراطية في أعين ناخبينا، وبشكل أكبر في أعين العالم».

بيد أن هذا الأمر يطرح تساؤلات عن مدى هذه التدخلات وأهميتها وتأثيرها في بلد كالولايات المتحدة، يتربع على رأس قائمة الأمن والتقدم السيبراني والتكنولوجي، وتفصله هوة شاسعة في هذا الميدان مع تلك البلدان، بحسب دراسة لمركز «بيو».

وكشف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، عن نجاح الوكالة في توجيه ضربة قوية للصين، حيث أعلن في كلمته أمام الحاضرين في قمة «أسبن» للأمن السيبراني بواشنطن، أن فرقه تمكنت من تفكيك منظومة أجهزة حاسوب مخترَقة، يسيطر عليها قراصنة «يعملون تحت إمرة الحكومة الصينية».

الصين خصم رئيسي

حذرت كيت كونلي المستشارة الأولى في وكالة الأمن السيبراني من تأثير التضليل الأجنبي في الديمقراطية الأميركية (أ.ف.ب)

وقال راي إن القراصنة استولوا على مئات الآلاف من الأجهزة المتصلة بالإنترنت، بما في ذلك الكاميرات وأجهزة التخزين التي كان نصفها تقريباً في الولايات المتحدة، وذلك للقيام بأعمال التجسس وتعطيل الأنظمة الحيوية. وأضاف: «نعتقد أنهم أدركوا أخيراً أنهم كانوا يواجهون مكتب التحقيقات الفيدرالي وشركاءنا، وقاموا بحرق بِنْيَتهم التحتية الجديدة، وهجروا شبكة الروبوتات الخاصة بهم».

وبحسب مجلة «فورين أفيرز»، فإن العملية التي قامت بها السلطات الأميركية لإسقاط هذه المنظومة، التي يُزعم أنها تدار من قبل مجموعة قرصنة تسمى «فلاكس تايفون»، هي ثاني عملية هجومية إلكترونية ضد الصين في أقل من عام، بعد عملية في ديسمبر (كانون الأول) 2023 ضد مجموعة أخرى تُعْرَف باسم «فولت تايفون». ويتوقع المسؤولون أنها لن تكون الأخيرة.

ومع أن الصين وإيران وروسيا، تعمل على نشر معلومات مضللة لزرع الفتنة، وإلقاء ظلال من الشك على شرعية الانتخابات الأميركية، فإن سلوكها ليس جديداً، حيث بات تدفُّق هذا النوع من المعلومات تقليداً معتاداً في كل دورة انتخابية أميركية، منذ تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، على الرغم من صعوبة تقييم تأثيرها في الناخبين.

روسيا تُكثّف تدخلاتها

كشف تقرير جديد أصدرته شركة «مايكروسوفت»، الثلاثاء، أن التأثير الأجنبي المؤذي للانتخابات الأميركية «بدأ ببطء»، لكن وتيرته ارتفعت خلال الأشهر الستة الأخيرة. وأُرْجِع الأمر بداية إلى العمليات الروسية، لكن تصاعده الأخير يرجع للنشاط الإيراني. وأوضح التقرير أن عمليات التأثير الإيرانية عبر الإنترنت كانت سمة ثابتة في آخر 3 دورات للانتخابات الأميركية.

وخلال الأشهر الأخيرة، شهدت الأجهزة الأميركية تكثيف حملات التضليل الروسية، لا سيما عبر أنشطة تسعى للتأثير في الناخبين. ورصد التقرير تركيز مجموعات إلكترونية روسية، في الشهرين الماضيين، على مهاجمة حملة هاريس عبر نشر بعض مقاطع الفيديو المزيفة التي تسرد ادّعاءات كاذبة بشأن سياساتها.

ويقول تقرير «مايكروسوفت»: «مع اقترابنا من الانتخابات، يجب أن نتوقع أن تستمر الجهات الروسية الفاعلة في استخدام الوكلاء الإلكترونيين ومجموعات الاختراق البرمجي لتضخيم رسائلهم من خلال مواقع الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي الموجهة؛ لنشر محتوى سياسي تضليلي، ومقاطع الفيديو المفبركة والدعاية المعززة بالذكاء الاصطناعي».

وبينما يقول مسؤولو الاستخبارات إن روسيا تدير حملة تضليل واسعة النطاق وهي الأكثر تطوراً، فإن تكتيكات إيران العدوانية تجعلها أكبر تهديد أجنبي لانتخابات 2024، حسب «أكسيوس». وتلقت حملة ترمب إحاطة استخباراتية، الثلاثاء، حول التهديدات الإيرانية ضده، وقالت إنها تضمنت تهديدات «باغتياله في محاولة لزعزعة الاستقرار، وزرع الفوضى في الولايات المتحدة».

إيران خصم ثالث قوي

تَبْرُز إيران خصماً ثالثاً يتّسم بجرأة كبيرة في تحركاته ضد واشنطن. وقال وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، بعد الكشف عن لائحة اتهام في حق ثلاثة قراصنة إيرانيين، إن المتهمين "قالوا بوضوح إنهم يريدون تقويض حملة الرئيس السابق ترمب لانتخابات العام 2024". وتابع: "هناك عدد قليل من الجهات الفاعلة في هذا العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة مثلما هي إيران". ويقول باحثون في مجال التضليل إن مجموعة من المواقع المزيفة التي تتخفى في هيئة منافذ إخبارية، تقوم في الوقت نفسه بفبركة تقارير تنتقد ترمب، حيث يبدو أن الكثير من المحتوى تم إنشاؤه باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الرخيصة والمتاحة على نطاق واسع.

من جانبها، تشير «فورين أفيرز» إلى بيان مشترك من 3 وكالات أميركية رئيسية، يُسلّط الضوء على المساعي الإيرانية لاستهداف حملة ترمب الانتخابية لعام 2024. وكثّفت إيران جهودها للتدخل في سباق عام 2024، بالتزامن مع اتساع الصراع بين وكلائها وإسرائيل في الشرق الأوسط. ويأتي استهداف إيران حملة ترمب على وجه الخصوص، بسبب ما عدَّته المجلة انتقاماً لاغتيال الجنرال الإيراني، قاسم سليماني عام 2020.

وعلى الرغم من ارتفاع هذا النشاط السيبراني العدواني، فإن هناك إجماعاً في مجتمع الدفاع السيبراني على أن المعركة «لم تبدأ إلا تَوّاً، ومن المرجح أن تزداد حدة مع اقتراب يوم الانتخابات»، حيث تواجه الولايات المتحدة 3 خصوم ذوي قدرات عالية، ويشتركون في أهداف متماثلة، حتى لو لم يكونوا يعملون معاً بشكل مباشر».

وقالت كيت كونلي، المستشارة الأولى في وكالة الأمن السيبراني، في قمة «بوليتيكو للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا»، هذا الأسبوع: «يمكن قول إن دورة انتخابات 2024 تواجه أكثر التهديدات (السيبرانية) تعقيداً حتى الآن». وأضافت: «نحن نرى مجموعة متزايدة ومتنوعة من الجهات الفاعلة الأجنبية التي تحاول التأثير في عمليتنا الديمقراطية. بغضِّ النظر عن الجهة الفاعلة، فإن أهدافهم هي نفسها؛ إنهم يريدون تقويض ثقة الشعب الأميركي بمؤسساتنا، ويريدون زرع الخلافات الحزبية».


مقالات ذات صلة

ترمب: إذا كنتُ تحدثت إلى بوتين سيكون ذلك «أمراً ذكياً»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (يسار) يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

ترمب: إذا كنتُ تحدثت إلى بوتين سيكون ذلك «أمراً ذكياً»

أحجم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اليوم (الثلاثاء)، عن الإفصاح عما إذا كان تحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ أن ترك منصبه في 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هاريس تتحدث في تجمع انتخابي في إيري (بنسلفانيا) أول من أمس (رويترز)

هاريس تصعّد الحملة «الشخصية» على منافسها الجمهوري

قال موقع «أكسيوس» إن حملة كامالا هاريس أصبحت تستخدم «السلاح المفضل» لدونالد ترمب، الذي يعتمد على السخرية اللاذعة من الخصوم.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يلقي كلمة في تجمع انتخابي بمطار دودج كاونتي في مقاطعة جونو (ويسكونسن) الاثنين (د.ب.أ) play-circle 01:29

أميركا تنذر إيران: أي محاولة لاغتيال ترمب عمل حربي

بذلت السلطات الأميركية جهوداً لا سابق لها لحماية الرئيس السابق دونالد ترمب من انتقام إيراني محتمل بعد مقتل قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركبة لترمب وهاريس (رويترز)

«مفاجأة أكتوبر» في حسابات الربح والخسارة لهاريس وترمب

يتحسب المرشحون لـ«مفاجأة أكتوبر» (تشرين الأول) والكوارث السياسية والفضائح التي يتم كشفها في هذا التوقيت الحرج من العد العكسي ليوم الانتخابات.

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد سفن شحن راسية محملة بحاويات في «بورت إليزابيث» بنيوجيرسي (رويترز)

زيادة الرسوم الجمركية... العامل المشترك بين ترمب وهاريس

مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر (تشرين الثاني)، يستعد كثير من الشركات في الولايات المتحدة لزيادة محتملة بالرسوم الجمركية، مع توقع حدوث اضطرابات اقتصادية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن لطهران: أي محاولة لاغتيال ترمب ستكون عملاً حربياً

واشنطن لطهران: أي محاولة لاغتيال ترمب ستكون عملاً حربياً
TT

واشنطن لطهران: أي محاولة لاغتيال ترمب ستكون عملاً حربياً

واشنطن لطهران: أي محاولة لاغتيال ترمب ستكون عملاً حربياً

كشف مسؤولون أميركيون عن أن الرئيس جو بايدن أصدر تعليمات لتحذير إيران من أن أي محاولة لاغتيال المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، الرئيس السابق، دونالد ترمب، ستُصنّف عملاً حربياً ضد الولايات المتحدة.

يأتي هذا التحذير الحازم من إدارة الرئيس بايدن لإيران قبل 3 أسابيع فقط من موعد الانتخابات الأميركية، وفي وقت أُطلعَ فيه فريق الحملة الجمهورية على محاولات مفترضة لاغتيال ترمب. وطلب فريق ترمب بشكل غير عادي الحصول على طائرات عسكرية قادرة على إسقاط صواريخ.

وتبذل السلطات الأميركية جهوداً غير مسبوقة لحماية الرئيس السابق من انتقام إيراني محتمل بعد قتل الفريق قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري»، بقرار اتخذه ترمب خلال عهده في البيت الأبيض عام 2020.