ترمب وهاريس والصراع على الولايات المتأرجحة

تقارب في استطلاعات الرأي يرسم معالم المنافسة

تقارب أرقام الاستطلاعات بين ترمب وهاريس (رويترز)
تقارب أرقام الاستطلاعات بين ترمب وهاريس (رويترز)
TT

ترمب وهاريس والصراع على الولايات المتأرجحة

تقارب أرقام الاستطلاعات بين ترمب وهاريس (رويترز)
تقارب أرقام الاستطلاعات بين ترمب وهاريس (رويترز)

تقارب مذهل بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب، في استطلاعات الرأي، يزيد من الغموض المحيط بمصير الانتخابات الرئاسية، ويعزز من التساؤلات المتعلقة بحظوظ كل من المرشحين في الوصول إلى البيت الأبيض. وقائع تعزز من أهمية الولايات المتأرجحة التي ستلعب دوراً مصيرياً في هذه الدورة الانتخابية المشبعة بالمفاجآت، وستحسم الصراع وتسلم مفتاح المكتب البيضاوي لمن يفوز بانتزاع دعم الناخبين فيها.

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، هذه الولايات المتأرجحة واهتمامات الناخب في كل منها، والتحديات التي تواجه ترمب وهاريس لانتزاع دعم الناخبين فيها.

هاريس تصل إلى بنسلفانيا في 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)

7 ولايات متأرجحة

تتوجه الأنظار إلى 7 ولايات متأرجحة في هذا السباق الرئاسي: ميشيغان، ويسكنسن، بنسلفانيا، جورجيا، كارولاينا الشمالية، نيفادا وأريزونا، حيث تتقارب نتائج الاستطلاعات بين المتنافسين، ويعدُّ كيفين شيريدان، كبير المستشارين السابق في حملة ميت رومني الانتخابية والمتحدث السابق باسم اللجنة الوطنية الجمهورية، أن الولاية الأهم في هذه المعادلة هي بنسلفانيا، مشيراً إلى أن ترمب يحقق فيها نتائج أفضل من أي ولاية متأرجحة أخرى، ويفسر قائلاً: «هذا يختلف عن الواقع عندما كان جو بايدن مرشحاً للرئاسة، إذ إنه يملك جذوراً في بنسلفانيا ولقد ناشد الطبقة العاملة البيضاء... وعندما خرج من السباق نجد أن كامالا هاريس لا تملك أياً من تلك المقومات، فهي من كاليفورنيا، ولا تناشد الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء. من هنا نرى تغييراً حقيقياً في هذه الديناميكية. وهذا ما يجعلها برأيي أهم ولاية.

ويوافق كايل كونديك، مدير تحرير لجنة الانتخابات الإخبارية في جامعة فيرجينيا (sabato’s crystall ball) على أهمية ولاية بنسلفانيا، مشيراً إلى أنها تتمتع بـ19 صوتاً في المجمع الانتخابي، وهو أكبر عدد من أصوات المجمع الانتخابي مقارنة بالولايات المتأرجحة الأخرى، ويضيف: «بالنسبة إلى الديمقراطيين، هناك 3 ولايات مجموعة مع بعضها البعض تدعى (الجدار الأزرق)، وهي ويسكنسن وميشيغان وبنسلفانيا. هي ولايات عادةً ما تصوّت للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية من تسعينات القرن الماضي. فاز دونالد ترمب فيها عام 2016 وكان هذا أساسياً لفوزه، ثم فاز جو بايدن مجدداً بفارق بسيط في 2020 وكان ذلك مهماً جداً بالنسبة إليه... لذا وبينما هناك تكرارات أو تركيبات أخرى في المجمّع الانتخابي التي يمكن أن نضعها للوصول إلى 270 صوتاً لكل من المرشحين، فإن بنسلفانيا هي على الأرجح الأهم هنا».

أما المرشح الرئاسي الديمقراطي السابق للانتخابات جايسون بالمر فيشير إلى أن هاريس لديها «حظوظ جيدة» للفوز في بنسلفانيا المتأرجحة، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أهمية جورجيا التي تتمتع بـ16 صوتاً انتخابياً، قائلاً: «جورجيا هي ولاية قد تصبح حاسمة في هذه الانتخابات أيضاً. صحيح أن بنسلفانيا هي الأهم، وجورجيا في المرتبة الثانية، لكن هناك 7 ولايات متأرجحة مهمة هنا، لذا لا يمكننا تجاهل الحقيقة أن هذه الولايات هي التي تحسم الانتخابات».

قضايا انتخابية

ملف الاقتصاد أولوية بالنسبة للناخب الأميركي (أ.ف.ب)

ومع تقارب نتائج الاستطلاعات بين المرشحين، تتراوح اهتمامات الناخبين في هذه الولايات بين الاقتصاد والتضخم مروراً بالهجرة والجريمة، وصولاً إلى الإجهاض. ويشدد شيريدان على أهمية أن يصب ترمب اهتمامه على «أفضل قضاياه»، وهي الحدود والهجرة والجريمة والابتعاد عن كل الأمور الأخرى، محذراً من تحويل السباق إلى هجمات شخصية ضد هاريس، خصوصاً خلال المناظرة الرئاسية الأولى في العاشر من الشهر الحالي، ويضيف: «لقد تمكن من الحفاظ على هدوئه خلال المناظرة مع جو بايدن، إذا قام بذلك في هذه المناظرة وترك كامالا هاريس تخطئ بنفسها، وركّز فقط على القضايا التي تحدّثت عنها، وذكّر الناخب الأميركي بأن هاريس كانت الصوت الحاسم لحزمتين تشريعيتين سببتا التضخم سيكون في موقع جيد. لكن إن وقع في الفخ وحاول انتقادها شخصياً وأطلق عليها ألقاباً فهذا سينقلب عليه».

ويعدُّ كونديك أن الهجرة هي الملف الأبرز التي يجب أن يركز عليه ترمب، لأن الجمهوريين يتفوقون على الديمقراطيين فيه بالنسبة للناخب الأميركي، ويقول: «هناك شعور بأنه عندما كان دونالد ترمب رئيساً، كان وضع الإجراءات الحدودية أقوى، أما الآن مع بايدن رئيساً وهاريس نائبة الرئيس، فالشعور بأن الإجراءات ضعيفة جداً على الحدود»، مضيفاً: «أنا متأكد بأن هذا سيذكر خلال المناظرة لأن الهجرة هي من القضايا الأهم عموماً في هذه الانتخابات».

لافتة تحملها مناصرة للرئيس السابق تقول «ترمب فاز» (أ.ف.ب)

وتزداد التحذيرات لهاريس من خسارتها لولاية متأرجحة كميشيغان بسبب سياسة الإدارة الأميركية تجاه حرب غزة، وحركة عدم الالتزام الرافضة لدعمها، لكن بالمر يقول إنه في ولاية كميشيغان سيكون للاقتصاد تأثير أكبر بكثير على الانتخابات من حرب غزة، مشيراً إلى أن استراتيجية هاريس تقضي بالتقرب من عمال النقابات من جهة، ومن جهة أخرى بطرح حلول على الطبقة الوسطى كالتخفيضات الضريبية. ويتحدث بالمر عن تأثير حرب غزة على السباق الرئاسي لهذا العام فيقول: «نحن نحتاج إلى السلام في الشرق الأوسط، وإلى حل هذه الأزمة، وهذا يقع على عاتق جو بايدن حالياً. هناك حرب قائمة حالياً في غزة أودت بحياة أكثر من 40 ألف مدني، وهناك نسبة عالية من (جيل Z) وطلاب الجامعات مثلي تماماً، الذين يؤمنون بأنه يجب التوصل إلى حل سلمي للشعب في غزة، والاعتراف بدولة فلسطين، لكن لدى استطلاع الآراء عندما يقومون باستطلاع الشباب من (جيل z)، تقع فلسطين في المرتبة الـ15 من حيث الأهمية... هي ليست القضية الأهم بالنسبة إلى 90 في المائة من الشباب الذين يهتمون أكثر بالحصول على وظيفة وقدرتهم على شراء منزل وبناء عائلة».

انتخابات مبكرة

ترمب خلال حدث انتخابي بنيويورك في 5 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

ويشير بالمر في معرض النقاش إلى نقطة مهمة جداً في السباق الرئاسي، وهي الانتخابات عبر البريد، مذكراً بأن نحو 60 في المائة من الناخبين سيصوتون عبر البريد في هذه الدورة الانتخابية، خصوصاً بعد انتخابات عام 2020 حين جرب الناخبون هذا الأسلوب بسبب انتشار جائحة «كوفيد». وقال بالمر: «هناك عدد مزداد من الشباب الذين نعمل معهم في حرم الجامعات يطالبون بخيار التصويت عبر البريد، وكامالا وفريقها يتواصلان معهم على وسائل التواصل الاجتماعي وفي حرم الجامعات، وسيبدأ التصويت في أقل من أسبوعين. إذن سيبدأ التصويت عبر البريد قريباً جداً وسيستمر طوال سبتمبر وأكتوبر... معظم الناس يعتقدون أن الانتخابات تقام في 5 نوفمبر، وهي كذلك، لكنها تبدأ بالفعل قريباً جداً، أي الأسبوع المقبل».

من ناحيته، يعدُّ كونديك أن عدد المصوتين عبر البريد سيكون أقل هذه المرة مقارنة بعام 2020 بسبب عدم وجود الجائحة، مشيراً إلى فارق أساسي بين الحزبين في أساليب التصويت هذه، ويفسر قائلاً: «الجمهوريون عامة ما ينتخبون يوم الانتخابات فقط، بينما اعتمد الديمقراطيون طريقة التصويت المبكر وعبر البريد، وهو أمر يجب أن نتذكّره عندما نتابع النتائج ليلة الانتخابات... فقد تبدو النتائج وكأنها تميل إلى فوز الجمهوريين في بنسلفانيا في بادئ الأمر، لأن الأصوات الشخصية يتم فرزها واحتسابها أولاً قبل احتساب أصوات المصوتين عبر البريد مباشرةً، كذلك الأمر في ولايات أخرى».


مقالات ذات صلة

بدء التصويت بالبريد... المبارزة بين ترمب وهاريس تدخل مرحلة مهمّة

الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس (رويترز)

بدء التصويت بالبريد... المبارزة بين ترمب وهاريس تدخل مرحلة مهمّة

من المقرر أن تبدأ كارولاينا الشمالية، بعد ظهر الجمعة، إرسال أكثر من 100 ألف بطاقة اقتراع إلى الأشخاص الذين لا ينوون التوجّه شخصياً إلى صناديق الاقتراع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركبة لهاريس وترمب (أ.ف.ب)

«نوستراداموس أميركا» يتوقع من سيفوز في الانتخابات الرئاسية

توقع المؤرخ آلان ليختمان، الملقب بـ«نوستراداموس أميركا»، فوز نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (رويترز)

ترمب مخاطباً ناخبيه اليهود: فوز هاريس يعني «نهاية إسرائيل»

أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الخميس، أنه إذا فازت نائبة الرئيس كامالا هاريس بالانتخابات المقبلة، فإن إسرائيل «لن تظل موجودة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دونالد ترمب (رويترز)

قاضية أميركية تتهم محامي ترمب بمحاولة منع نشر أدلة ضد موكله

اتهمت قاضية أميركية محامي دونالد ترمب بمحاولة منع نشر أدلة جديدة قد تضر بقضية تقويض انتخابات 2020 ضد الرئيس السابق قبل الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)

واشنطن تتهم موسكو بتجنيد مؤثرين للتدخل في الانتخابات الأميركية

بعد يوم واحد من إعلان إدارة الرئيس جو بايدن إجراءات واسعة النطاق ضد تدخل موسكو بالانتخابات الأميركية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه «يدعم» كامالا هاريس.

علي بردى (واشنطن)

«أشعر بمسؤولية لتوضيح الحقائق»... ميلانيا ترمب تُروّج لمذكراتها المقبلة (فيديو)

السيدة الأميركية الأولى السابقة ميلانيا ترمب (رويترز)
السيدة الأميركية الأولى السابقة ميلانيا ترمب (رويترز)
TT

«أشعر بمسؤولية لتوضيح الحقائق»... ميلانيا ترمب تُروّج لمذكراتها المقبلة (فيديو)

السيدة الأميركية الأولى السابقة ميلانيا ترمب (رويترز)
السيدة الأميركية الأولى السابقة ميلانيا ترمب (رويترز)

روّجت السيدة الأميركية الأولى السابقة، ميلانيا ترمب، لمذكراتها المقبلة، أمس (الخميس)، قائلة في مقطع فيديو جديد إنها تشعر «بمسؤولية لتوضيح الحقائق»، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

تقول السيدة الأولى السابقة في مقطع الفيديو المنشور على حسابها على منصة «إكس»: «كانت كتابة هذه المذكرات رحلة عميقة وتأملية بالنسبة لي. بصفتي شخصًا يحب الخصوصية، كنت غالبًا موضوعًا للتدقيق العام والتمثيل الخاطئ، وأشعر بمسؤولية لتوضيح الحقائق».

وتضيف: «أعتقد بأنه من المهم مشاركة وجهة نظري: الحقيقة»، قبل أن تظهر كلمات «قصتي»، و«وجهة نظري»، و«الحقيقة» على الشاشة.

يتضمن الفيديو بالأبيض والأسود الذي يروج لمذكراتها مقاطع وصوراً من فترة تولي السيدة الأولى السابقة منصبها، بما في ذلك رحلاتها إلى الخارج وتفاعلاتها مع الأطفال.

أعلن مكتب ميلانيا ترمب، الشهر الماضي، أن مذكراتها «ميلانيا» ستصدر هذا الخريف، ووصف الكتاب بأنه «قصة قوية وملهمة لامرأة شقّت طريقها الخاص، وتغلبت على الشدائد، وحددت التميز الشخصي».

وحافظت ميلانيا على خصوصية واضحة طوال الحملة الرئاسية لعام 2024 لزوجها دونالد ترمب، ولم تظهر إلا في عدد قليل من المناسبات العامة منذ أطلق الرئيس السابق حملته الثالثة للبيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في منزلهما في مارالاغو، مع ظهورها لمدة قصيرة في مارس (آذار) عندما رافقت زوجها للتصويت في الانتخابات التمهيدية الرئاسية في فلوريدا، وحضورها المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي هذا الصيف.

في يوليو (تموز)، أصدرت رسالة في أعقاب محاولة اغتيال زوجها في تجمع حاشد في بنسلفانيا، شكرت فيها عملاء الخدمة السرية ومسؤولي إنفاذ القانون على حماية الرئيس السابق، وقالت إنها كانت تفكر في «مواطنيها الأميركيين» بعد إطلاق النار.

وأوضح مستشارو حملة ترمب وحلفاؤه المقربون أن السيدة الأولى السابقة تدعم زوجها وطموحاته السياسية، وأنها ركزت على تربية ابنهما بارون. وأضافوا أنها انتقائية للغاية في اختيار ظهورها السياسي.

عاجل الولايات المتحدة والعراق يتفقان على خطة انسحاب قوات التحالف الدولي (رويترز)