الأمم المتحدة تعدّ قانون الأخلاق الجديد في أفغانستان«رؤية مؤلمة» للمستقبل

«طالبان»: لن نستخدم القوة في تطبيق «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»

عناصر من «طالبان» يحملون أعلاماً للحركة للاحتفال بالذكرى الثالثة لسيطرتهم على أفغانستان في كابل (متداولة)
عناصر من «طالبان» يحملون أعلاماً للحركة للاحتفال بالذكرى الثالثة لسيطرتهم على أفغانستان في كابل (متداولة)
TT

الأمم المتحدة تعدّ قانون الأخلاق الجديد في أفغانستان«رؤية مؤلمة» للمستقبل

عناصر من «طالبان» يحملون أعلاماً للحركة للاحتفال بالذكرى الثالثة لسيطرتهم على أفغانستان في كابل (متداولة)
عناصر من «طالبان» يحملون أعلاماً للحركة للاحتفال بالذكرى الثالثة لسيطرتهم على أفغانستان في كابل (متداولة)

أعربت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان عن قلقها حيال قانون جديد «للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» صادقت عليه سلطات «طالبان» مؤخراً، وانتقدت بشكل خاص القيود المفروضة على النساء.

نساء أفغانيات محتجزات من قِبل شرطة الأخلاق التابعة لـ«طالبان» في كابل (متداولة)

يفرض القانون المكون من 35 بنداً والذي نُشر في الجريدة الرسمية يوم 31 يوليو (تموز) محظورات معروفة بشكل عام في «الإمارة» التي أقامتها الحركة في أفغانستان، لكن إصداره قد يجعل من الممكن تعزيز السيطرة المشددة بالفعل على السكان.

أفراد شرطة الأخلاق التابعة لـ«طالبان» يقفون على سطح أحد المباني في كابول أثناء مشاهدة مسيرة احتجاجية تمر أمامهم (أ.ف.ب)

أقرّه المرشد الأعلى لـ«طالبان»

وأوردت الوزارة على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، أن القانون سبق أن أقرّه المرشد الأعلى لـ«طالبان» هبة الله أخونزاده الذي يحكم أفغانستان من معقله في قندهار (جنوب).

ويطال القانون جميع جوانب الحياة الأفغانية، الاجتماعية والخاصة، ويضمن التطبيق الصارم للشريعة.

أفغانيات بإحدى أسواق كابل (متداولة)

وينص القانون الجديد بشكل خاص على «وجوب ستر المرأة جسدها بالكامل في حضور الرجال الذين لا ينتمون إلى أسرتها»، وكذلك وجهها «خوفاً من الفتنة».

الممثلة الخاصة للأمين العام في أفغانستان روزا أوتونباييفا أثناء تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كما يوجب على النساء عدم إسماع أصواتهن في الأماكن العامة. وقالت روزا أوتونباييفا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان: «إنها رؤية محزنة لمستقبل أفغانستان، حيث يتمتع مفتشو الأخلاق بصلاحيات تقديرية لتهديد واحتجاز أي شخص بناءً على قوائم واسعة وغامضة في بعض الأحيان من المخالفات».

وأضافت: «بعد عقود من الحرب وفي خضم أزمة إنسانية مروعة، يستحق الشعب الأفغاني ما هو أفضل بكثير من التهديد أو السجن إذا تأخر عن الصلاة، أو ألقى نظرة على شخص من الجنس الآخر ليس من أفراد الأسرة، أو احتفظ بصورة لأحد أحبائه». ورأت أن القانون «يوسع القيود غير المقبولة بالفعل على حقوق النساء والفتيات الأفغانيات، حتى أن مجرد سماع صوت أنثوي خارج المنزل يعدّ على ما يبدو انتهاكاً أخلاقياً». وأعربت طبيبة تعمل في كابل رفضت الكشف عن اسمها عن شعورها بـ«فقدان الأمل» لدى سماعها بالقانون. وأضافت: «لو أنهم أعلنوا فتح مدارس وجامعات لكان الوضع أفضل من سن هذا القانون. كان لذلك أن يمنحنا بعض الأمل».

أفراد أمن من «طالبان» يركبون قافلة للاحتفال في كابل (أ.ف.ب)

من جانبها، عبّرت السفارة اليابانية في كابل على منصة «إكس» عن «القلق البالغ حيال القيود المتواصلة على النساء والفتيات في أفغانستان والواردة في قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وخلال السنوات الثلاث التي أعقبت عودتها إلى السلطة بعد خوضها تمرداً استمر 20 عاماً، عزّزت حكومة «طالبان» قبضتها على البلاد، وفرضت قوانين تستند إلى تفسيرها الصارم للشريعة.

دورية أمنية لـ«طالبان» في كابول 25 أغسطس 2024. فرضت الحركة في أفغانستان مؤخراً قوانين جديدة تلزم النساء بتغطية أجسادهن ووجوههن في الأماكن العامة... مشيرة إلى أن هذه التدابير ضرورية لتعزيز الفضيلة ومنع الرذيلة (إ.ب.أ)

بقاء القيود المفروضة على النساء

ولم تعترف أي دولة بحكومة «طالبان»، مع بقاء القيود المفروضة على النساء بموجب سياسات أطلقت عليها الأمم المتحدة «الفصل العنصري بين الجنسين»، نقطة شائكة رئيسية. كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من القيود على الحرية الدينية وحرية الصحافة في القانون، خصوصاً نص القانون على عدم نشر «محتوى مخالف للشريعة والدين» أو «يظهر كائنات حية». لكنها أشارت إلى بنود إيجابية في القانون، من بينها منع سوء معاملة الأيتام أو «باشا بازي» أو «لعب الغلمان»، وهو انتهاك جنسي يستهدف الصبيان.

نساء أفغانيات يرتدين البرقع يسرن على طريق في قندهار 22 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

في غضون ذلك، قالت سلطات «طالبان» الأفغانية، الاثنين، إنها لن تستخدم القوة في تطبيق قانون الأخلاق الذي تم التصديق عليه مؤخراً، بعد أن أعرب المجتمع الدولي وبعض الأفغان عن قلقهم بشأن القيود الجديدة.

يفرض القانون المكون من 35 بنداً والذي أعلنته وزارة العدل الأسبوع الماضي محظورات معروفة بشكل عام في «الإمارة» التي أقامتها الحركة في أفغانستان، لكن إصداره قد يجعل من الممكن تعزيز السيطرة المشددة بالفعل على السكان.

ويطال القانون جميع جوانب الحياة الأفغانية، الاجتماعية والخاصة، ويضمن التطبيق الصارم للشريعة.

وينص القانون الجديد بشكل خاص على «وجوب ستر المرأة جسدها بالكامل في حضور الرجال الذين لا ينتمون إلى أسرتها»، وكذلك وجهها «خوفاً من الفتنة». كما يوجب على النساء عدم إسماع أصواتهن في الأماكن العامة.

ذبيح الله مجاهد: القانون «متأصل» ويجب احترامه

من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد في بيان، الاثنين، إن القانون «متأصل بقوة في التعاليم الإسلامية» ويجب احترامه وفهمه. وأضاف أن «رفض هذه القوانين دون هذا الفهم هو في نظرنا تعبير عن وقاحة»، مضيفاً أن انتقاد مسلم للقانون «قد يؤدي حتى إلى تراجع إيمانه».

مقاتلو «طالبان» يسيطرون على القصر الرئاسي الأفغاني بعد فرار الرئيس أشرف غني من البلاد في كابل 15 أغسطس 2021 (أ.ب)

ونفى مجاهد المخاوف بشأن تطبيق القانون قائلاً: «لن تنتهك الحقوق ولن يتعرض أي فرد للظلم».

وأكد المتحدث باسم حكومة «طالبان» حمد الله فطرت في رسالة صوتية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يجب أن أوضح أنه لن يتم استخدام القوة والقمع أثناء تطبيق هذه القواعد».

وقال إن القواعد «سيتم تنفيذها بكثير من الرفق، وسيتم إبلاغ الناس لإفهامهم وإرشادهم».

وأضاف: «سيتم نصح الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، متابعاً أن كل مادة من القانون تشير إلى أصولها في النصوص الدينية الإسلامية.

وأشار: «إذا انتقد أي شخص هذه القواعد، فإنه ينتقد هذه المصادر والمراجع المشهود لها، وهو أمر لا يمكن أن يأتيه مسلم». وأصر: «يجب على غير المسلمين أيضاً احترام قيم المسلمين وشرائعهم».

كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من القيود على الحرية الدينية وحرية الصحافة في القانون، خصوصاً وأن القانون يحظر نشر «محتوى مخالف للشريعة والدين» أو «يظهر كائنات حية».

لكنها أشارت إلى بنود إيجابية في القانون، من بينها منع سوء معاملة الأيتام أو «باشا بازي» أو «لعب الغلمان»، وهو انتهاك جنسي يستهدف الصبيان.

وضمّ الاتحاد الأوروبي صوته إلى أصوات المنزعجين، مشيراً إلى أنّه «منزعج» من المرسوم الذي «يؤكد ويمدّد القيود الصارمة على حياة الأفغان».

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان، إنّ «القرار الأخير يشكّل ضربة خطيرة أخرى تقوّض حقوق النساء والفتيات الأفغانيات، وهو ما لا يمكننا التسامح معه».

وحثّ «طالبان» على وضع حدّ لمثل هذه «الانتهاكات المنهجية والنظامية ضدّ النساء والفتيات الأفغانيات»، محذّراً من أنّها قد ترقى إلى مستوى الاضطهاد في إطار النوع الاجتماعي، وهي جريمة ضدّ الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
آسيا حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)

مقتل ثمانية جنود واختطاف سبعة شرطيين في باكستان

قتل ثمانية جنود واختطف سبعة شرطيين في هجومين وقعا مساء الإثنين في شمال غرب باكستان وتبّنت حركة طالبان باكستان مسؤولية أحدهما.

«الشرق الأوسط» (بيشاور)
آسيا مقاتل من «طالبان» يحرس موقع إعدام عام بالقرب من كابل (وسائل إعلام أفغانية)

أفغانستان ستشارك في مؤتمر كوب 29 للمرة الأولى منذ عودة طالبان إلى الحكم

ستشارك أفغانستان في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) الذي يفتتح الاثنين في أذربيجان، وذلك للمرة الأولى منذ عودة طالبان.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها»، في إشارة إلى تحرك وزارة العدل الأميركية من أجل إسقاط القضية المقامة ضده بشأن التدخل في انتخابات 2020 بعد فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة.

وأضاف: «لقد تم إهدار أكثر من مائة مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديموقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا»، مشدداً على أن «أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وفي خطوة مفاجئة، قرر المدعون الفيدراليون التخلي عن قضية الوثائق السرية ضد الرئيس الأميركي المنتخب في ضوء سياسة وزارة العدل الأميركية الراسخة التي تقول إن الرؤساء الأميركيين أثناء رئاستهم لا يمكن أن يواجهوا ملاحقة جنائية.

وجاء الإعلان في ملف قدمته محكمة الاستئناف في فلوريدا بعد وقت قصير من تقديم المدعين العامين في العاصمة واشنطن ملفاً مماثلاً، إذ طلبواً رفض القضية التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب نتائج انتخابات 2020، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وترقى هذه الخطوة إلى استنتاج متوقع لقضية جنائية كانت تعد قبل عام واحد فقط أخطر تهديد قانوني يواجه ترمب. وهي تعكس النتائج العملية لفوز ترمب بالانتخابات، مما يضمن دخوله منصبه خالياً من التدقيق بشأن تخزينه لوثائق سرية للغاية وسلوكه الذي قال المدعون العامون إنه عرّض التدقيق الوطني للخطر.

تقول آراء قانونية لوزارة العدل يعود تاريخها إلى عقود من الزمان إنه لا يمكن توجيه الاتهام إلى الرؤساء الحاليين أو محاكمتهم أثناء وجودهم في مناصبهم.

وطلب المستشار الخاص جاك سميث من قاضٍ فيدرالي، يوم الاثنين، رفض القضية التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب انتخابات عام 2020، مشيراً إلى سياسة وزارة العدل القديمة التي تحمي الرؤساء من الملاحقة القضائية أثناء وجودهم في مناصبهم. وتمثل الخطوة التي أُعلن عنها في أوراق المحكمة نهاية الجهود البارزة التي بذلتها وزارة العدل لمحاسبة ترمب على ما سمّاه المدعون مؤامرة إجرامية للتشبث بالسلطة في الفترة التي سبقت هجوم أنصار ترمب على مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، حسب «أسوشييتد برس».

وقال ممثلو الادعاء في وزارة العدل، مستشهدين بتوجيهات الوزارة القديمة التي تقضي بعدم إمكانية محاكمة الرئيس الحالي، إن موقف الوزارة هو أن «الدستور يتطلب رفض هذه القضية قبل تنصيب المدعى عليه».

وكان القرار متوقعاً بعد أن بدأ فريق سميث في تقييم كيفية إنهاء قضية التدخل في انتخابات عام 2020 وقضية الوثائق السرية المنفصلة في أعقاب فوز ترمب على نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية.

وصف ترمب القضيتين بأن وراءهما دوافع سياسية، وتعهد بطرد سميث بمجرد توليه منصبه في يناير.