تقرير: إيران أكبر تهديد أجنبي للانتخابات الأميركية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
TT

تقرير: إيران أكبر تهديد أجنبي للانتخابات الأميركية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

قدم مسؤولون استخباراتيون أميركيون، في يوليو (تموز) الماضي، إحاطة نادرة لمراسلي وسائل الإعلام حول التهديدات الأجنبية للانتخابات الأميركية المقبلة وحذروا، كما فعلوا في الدورات السابقة، من أن روسيا هي «التهديد الأبرز» لانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني). ووفق تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، قال المسؤولون إن إيران تشكل تهديداً أقل، وتهدف إلى أن تكون عاملاً للفوضى في الانتخابات من خلال تفاقم التوترات الاجتماعية.

ولكن بعد أسابيع قليلة، نظم مسؤولو الاستخبارات إحاطة أخرى وأوصلوا رسالة مختلفة. لقد تغير تقييمهم لإيران: قالوا إن طهران لم تكن تأمل في نشر الفوضى فحسب، بل إنها تهدف إلى الإضرار بترشيح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، كما سعت بشكل عشوائي إلى القيام بذلك قبل أربع سنوات. وأضاف المسؤولون أن إيران كانت تحاول حتى توفير التمويل لدعم الاحتجاجات في غزة في الجامعات الأميركية، واعتمدت على «شبكات واسعة من الشخصيات على الإنترنت لنشر المعلومات المضللة».

والآن، يبدو التهديد الذي تشكله طهران أكثر خطورة. وقالت حملة ترمب، أول من أمس، إنها تعرضت للاختراق من قبل «مصادر أجنبية معادية للولايات المتحدة» في خرق ربطته الحملة بإيران. شارك مصدر مجهول أطلق على نفسه اسم «روبرت» ملفات حملة ترمب الداخلية المسروقة على ما يبدو مع المراسلين في العديد من المؤسسات الإعلامية، على أمل رؤية المواد منشورة. وقال مسؤولان في الإدارة إن البيت الأبيض لم يكن على علم بحملة الاختراق والتسريب، حيث علم بها لأول مرة من تقرير نشر في موقع «بوليتيكو» أول من أمس وقال مسؤولون سابقون وخبراء أمنيون إن أنباء الاختراق - إذا تم التأكد من أنها من عمل قراصنة مرتبطين بإيران - فهي أحدث علامة على الاهتمام العميق والملتزم للخصم الأميركي بالتدخل في انتخابات 2024.

جاء ذلك بعد يوم واحد فقط من نشر شركة «مايكروسوفت» لبحث حول التهديدات يفصل قائمة طويلة من الجهود التي تبذلها إيران لاستهداف الانتخابات، بما في ذلك محاولات اختراق حملة رئاسية مجهولة بدأت في يونيو (حزيران) من قبل مجموعة مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني. وأشارت حملة ترمب إلى هذا البحث لدعم قضيتها لإلقاء اللوم على إيران.

وقال كلينت واتس، المدير العام لمركز تحليل التهديدات في «مايكروسوفت»، إن المجموعات الإلكترونية المرتبطة بإيران وسعت في الأسابيع الأخيرة جهودها للتأثير على الانتخابات على عدة جبهات. وشملت التكتيكات إطلاق مواقع إخبارية سرية مدفوعة بالذكاء الاصطناعي لاستهداف الناخبين وجهوداً منفصلة للتحضير للتحريض على العنف ضد الشخصيات السياسية وإثارة الشكوك حول نزاهة الانتخابات. وأضاف واتس: «أولاً، لقد وضعوا الأساس لحملات التأثير على الموضوعات الشائعة المتعلقة بالانتخابات وبدأوا في تنشيط هذه الحملات في محاولة واضحة لإثارة الجدل أو التأثير على الناخبين - وخاصة في الولايات المتأرجحة».

وتابع: «ثانياً، أطلقوا عمليات تقيمها (مايكروسوفت) بأنها مصممة للحصول على معلومات استخباراتية عن الحملات السياسية ومساعدتها على التأثير على الانتخابات في المستقبل».

في موسم انتخابي هزه محاولة اغتيال ضد ترمب وقرار الرئيس بايدن الأخير عدم السعي لإعادة انتخابه، أضحت إيران الخصم الأجنبي الأكثر نشاطاً وجدية في محاولة تعطيل الانتخابات. بالإضافة إلى عمليات التأثير على الانتخابات التي تم تمكينها عبر الإنترنت، كانت إيران مرتبطة بمؤامرة أخرى لاغتيال ترمب، وفقاً للمدعين الفيدراليين ومسؤولين آخرين.

لا يزال الكرملين يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أكثر مهارة في الدعاية السرية من طهران، ويمتلك المزيد من الموارد والخبرة التكنولوجية. قال مسؤولون استخباراتيون أميركيون في إحاطاتهم الإعلامية في يوليو إن روسيا ملتزمة بشن حملة تأثير «على مستوى الحكومة» على الانتخابات، لمحاولة دفع الناخبين مرة أخرى ضد دعم الحزب الديمقراطي وتفضيل ترمب. قال مسؤولون استخباراتيون إن حسابات الكرملين تعتمد بشكل أساسي على وجهة نظر مفادها بأن الديمقراطيين سيستمرون في دعم أوكرانيا بقوة. ولكن حتى الآن، أظهرت إيران أكبر قدر من الحماس لتعطيل الانتخابات، رغم تورطها في مواجهات إقليمية يمكن أن تشعل حرباً أوسع في الشرق الأوسط.

قال ريتش جولدبرغ، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي لترمب والذي يعمل الآن في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن: «يحاول النظام (الإيراني) بالفعل اغتيال ترمب وأعضاء كبار سابقين في إدارته، لذلك لا أعتقد أن أي شخص يجب أن يتفاجأ من اختراق طهران للحملة لمحاولة التأثير على الانتخابات».


مقالات ذات صلة

مستشار ترمب: الرئيس المنتخب يدرس خيارات «الحفاظ» على «تيك توك»

الولايات المتحدة​ شعار «تيك توك» يظهر على شاشة هاتف جوال أمام العلم الأميركي (رويترز)

مستشار ترمب: الرئيس المنتخب يدرس خيارات «الحفاظ» على «تيك توك»

صرح مايك والتز، الذي اختاره ترمب مستشار الأمن القومي، في مقابلة، بأن الرئيس المنتخب يدرس خيارات «الحفاظ» على منصة «تيك توك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركبة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمستشار القانوني الخاص لوزارة العدل جاك سميث (رويترز)

المدعي الخاص جاك سميث: ترمب كان سيُدان لو لم يُنتخب رئيساً

أفاد تقرير للمدعي الأميركي الخاص جاك سميث نشره الإعلام الأميركي بأن الرئيس المنتخب دونالد ترمب كان سيدان لو أنه لم يُنتخب رئيساً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيدة الأولى المقبلة ميلانيا مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ميلانيا ترمب تقول إنها حزمت حقائبها ومستعدة للعودة إلى البيت الأبيض

قالت السيدة الأولى المقبلة ميلانيا ترمب إنها حزمت حقائبها واستعدت للعودة إلى البيت الأبيض، حيث سيكون لابنها بارون غرفة نوم.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الولايات المتحدة​ علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيجاليكو (رويترز)

تصريحات ترمب عن غرينلاند تدق ناقوس الخطر في أوروبا

أثارت اقتراحات ترمب بأنه يمكن إعادة ترسيم الحدود الدولية - بالقوة حال لزم الأمر - استفزازات في أوروبا على نحو خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال جنازة الرئيس الراحل جيمي كارتر (أ.ب)

المحكمة العليا الأميركية تنظر طلب ترمب تأجيل الحكم في قضية «شراء الصمت»

رفضت محكمة الاستئناف في نيويورك طلب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تأجيل النطق بالحكم بشأن إدانته بتهم جنائية تتعلق بدفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
TT

بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)

حذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن «ادعاء» الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مؤخراً بأن الصين تسيطر على قناة بنما واقتراحه استخدام القوة العسكرية لاستعادة الممر المائي، قد يخفف من رغبة الحكومة البنمية توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة، ويدفعها للاقتراب أكثر من الصين، حسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

جاء رد الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو على كلام ترمب حازماً. قال: «القناة بنمية وستظل كذلك»، في تحد لترمب بشكل مباشر. وفيما يقول بعض المحللين إن ترمب يتخذ موقفاً (بمطالبته بإعادة ضم قناة بنما) فقط للضغط على بنما لخفض الرسوم على السلع الأميركية التي تعبر القناة، يحذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن طرح ترمب قد ينفّر بنما في وقت تحاول فيه الصين جذب بنما كحليف وتوسيع نفوذها في أميركا اللاتينية.

وقال رامون إسكوبار، الذي خدم حتى سبتمبر (أيلول) في مجلس الأمن القومي الأميركي ويشغل حالياً منصب المدير الإداري في شركة أكتوم الاستشارية العالمية: «قد يؤدي تهديد ترمب بالحرب إلى إضعاف رغبة الحكومة البنمية في توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة اقتصادياً».

وأضاف إسكوبار: «قد ينتهي به الأمر إلى دفعهم (البنميين) بعيداً (عن أميركا) في وقت توجد فيه فرصة حقيقية لإعادة بنما إلى مدارنا».

القناة تثير اهتمام الصين

بنت الولايات المتحدة قناة بنما في أوائل القرن العشرين، لكن القناة أصبحت تحت السيطرة الكاملة لبنما في عام 1999، والتي منذ ذلك الحين، قامت بتشغيل الممر المائي من خلال هيئة قناة بنما. اليوم، تتمتع بنما بأهمية استراتيجية خاصة بالنسبة للصين بسبب القناة، حيث إن بكين تعمل على توسيع نفوذها في أميركا اللاتينية، وبين البلدان النامية على نطاق أوسع.

صوّرت الصين نفسها بديلا لما تسميه «الهيمنة الأميركية» و«البلطجة»، وتصوّر نفسها دولة نامية أكثر تعاطفاً (مع الدول النامية). ومع الاستثمارات الكبيرة في بناء الموانئ في جميع أنحاء العالم، تعمل الصين على وضع نفسها للتأثير على التجارة العالمية ومراقبة الأنشطة الدولية. وعلى وجه التحديد، أصبح المسؤولون الأميركيون قلقين بشكل متزايد بشأن ميناءين بحريين في كل طرف من قناة بنما، والتي تديرها منذ عقود شركة «سي كيه هاتشيسون» CK Hutchison Holdings، وهي شركة مقرها هونغ كونغ بالصين. ورغم أن الشركة هي شركة مدرجة في البورصة وأكبر مالك لها هو عائلة ملياردير من هونغ كونغ، فإن بكين لا تزال قادرة على استخدام قوانين الأمن القومي لإجبار الشركة على المساعدة في جمع المعلومات الاستخباراتية أو العمليات العسكرية. ومع ذلك، يزعم المسؤولون البنميون أن الصين لا تشكل خطرا. ويقولون إن القناة مفتوحة للجمهور، وأي تدخل صيني سيكون واضحا جدا.

قالت إيليا إسبينو دي ماروتا، نائبة مدير قناة بنما، في مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي: «يمكن لأي شخص استخدام قمر اصطناعي لمعرفة ما يدخل ويخرج من الميناء. فالقناة تمر عبر البلاد، على طول الطرق الوطنية ويمكن للجمهور رؤيتها».

إغفال لتنامي النفوذ الصيني

خلال إدارته الأولى، أثار ترمب قضية قناة بنما داخلياً، مشيراً إلى أنه يرى الممر المائي كعمل غير مكتمل، وفق جون فيلي، الذي شغل منصب السفير الأميركي في بنما من عام 2015 حتى عام 2018. في 19 يونيو (حزيران) 2017، التقى ترمب بالرئيس البنمي في ذلك الوقت، خوان كارلوس فاريلا، واشتكى من أن البحرية الأميركية تدفع الكثير لعبور القناة - حوالي مليون دولار سنوياً، بحسب فيلي.

ويقول المحللون إن هذه التكلفة ضئيلة للغاية لدرجة أنها ستكون أشبه بخطأ تقريبي في ميزانية البنتاغون. لكن ترمب آنذاك لم يتطرق أبداً إلى وجود الصين أو نفوذها المفترض على القناة على الرغم من أن بنما كانت قطعت علاقاتها مع تايوان (في 13 يونيو 2017) وتحالفت مع بكين قبل أقل من أسبوع على لقاء الرئيس البنمي مع ترمب، بحسب السفير فيلي، الذي حضر اجتماع البيت الأبيض بين الزعيمين.

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل توقيع في بكين... 17 نوفمبر 2017 (رويترز)

وقال السفير السابق إنه حاول حينها دفع البيت الأبيض إلى التركيز على النفوذ الصيني المتزايد في بنما، لكن القضية لم تتطور أبداً إلى مستوى من الإنذار الخطير. في ذلك الوقت، كانت الصين تعد بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية الكبرى في بنما، بما في ذلك جسر القناة، كجزء من مبادرة الحزام والطريق. ومن خلال المبادرة، زادت بكين من نفوذها عالمياً من خلال الاستثمار في الموانئ البحرية والطرق والقطارات من كينيا إلى سريلانكا، ومؤخراً في أميركا اللاتينية. ويقول المنتقدون إن بكين تستخدم البرنامج لإرهاق الحكومات الأجنبية بمشاريع فاشلة أو ديون غير مستدامة من أجل ممارسة نفوذ الصين.

صورة عامة من قناة بنما (رويترز-أرشيفية)

وقال السفير فيلي إنه حاول إقناع الشركات الأميركية بتقديم عطاءات لمثل هذه المشاريع لمواجهة الصين. لكنه قال إن السفارة الأميركية في مدينة بنما لم تحصل أبداً على دعم البيت الأبيض لإقناع الشركات الأميركية بتقديم عطاءات. قال فيلي: «ليس الأمر أننا نخسر أمام الصين في أميركا اللاتينية؛ في معظم الحالات لا نظهر حتى في ساحة المعركة التجارية».

وقد اشتكت حكومات أميركا اللاتينية مثل بنما من أن الولايات المتحدة غالبا ما تكون غائبة عندما تطرح عطاءات لمشاريع البنية الأساسية الباهظة الثمن، ما يضطر هذه الحكومات إلى الاعتماد على آخرين من أوروبا إلى الصين لإنجاز العمل.

 

«أميركا دائماً حليفنا الأكثر أهمية»

ويتردد بعض البنميين في السماح للصين بالاستثمار بشكل أكبر في بلدهم. وعلى الرغم من أن الرئيس البنمي السابق فاريلا حوّل اعتراف بنما الدبلوماسي بالصين من الصين الوطنية (تايوان) إلى الصين الشعبية ودخل في العديد من الاتفاقيات التجارية مع بكين، إلا أن الحكومات البنمية اللاحقة سعت إلى تقليص هذه الالتزامات، وفق «نيويورك تايمز».

سفينة شحن تعبر قناة بنما في 19 أبريل 2023 (رويترز)

أعرب رامون مارتينيز، الذي شغل منصب وزير التجارة في بنما بعد تنحي الرئيس فاريلا، عن عدم ارتياحه للاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي أبرمتها الإدارة السابقة مع الصين. وقال إنه أوقف اتفاقية التجارة الحرة مع الصين التي كانت قيد التفاوض. كما تم إيقاف الجسر فوق القناة الذي تعهدت الصين ببنائه. وأكد مارتينيز أن حليف بنما الأكثر أهمية سيكون دائماً الولايات المتحدة.