أميركا وروسيا تنفذان أكبر صفقة لتبادل السجناء منذ الحرب الباردة

بوساطة تركية... وتشمل غيرشكوفيتش وويلان ومعارضين روساً عبر 7 بلدان

طائرة روسية وطائرات خاصة في مطار بأنقرة الخميس (رويترز)
طائرة روسية وطائرات خاصة في مطار بأنقرة الخميس (رويترز)
TT

أميركا وروسيا تنفذان أكبر صفقة لتبادل السجناء منذ الحرب الباردة

طائرة روسية وطائرات خاصة في مطار بأنقرة الخميس (رويترز)
طائرة روسية وطائرات خاصة في مطار بأنقرة الخميس (رويترز)

فيما بدا أنها أكبر صفقة لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة في الثمانينات من القرن الماضي، شهدت تركيا عملية وُصفت بأنها ضخمة، وتشمل دولاً عدة مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وسلوفينيا وبيلاروسيا، وأُطلق بموجبها مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» في موسكو إيفان غيرشكوفيتش والجندي السابق في البحرية الأميركية بول ويلان، بالإضافة إلى المنشق الروسي البارز إيليا ياشين.

وفي انتصار دبلوماسي واضح لإدارة الرئيس جو بايدن، الذي تنتهي ولايته قبل أقل من ستة أشهر، أفاد مسؤول أميركي بأن عملية التبادل أجريت في أحد مطارات أنقرة، وشملت 24 شخصاً مسجونين في سبع دول مختلفة، مضيفاً أنه بالإضافة إلى غيرشكوفيتش وويلان وياشين، فإن الغرب سلم القاتل الروسي المدان في ألمانيا فاديم كراسيكوف.

وتعد الصفقة أيضاً انتصاراً من نوع مختلف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يمكنه استخدام الصفقة لتسليط الضوء على ولائه للعملاء الروس الذين اعتُقلوا في الخارج، علماً أنها تحمل مخاطر؛ لأنها تشمل إطلاق سياسي مسجون يمكن أن ينشط المعارضة الروسية المنفية.

مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» إيفان غيرشكوفيتش يمثل أمام محكمة بموسكو في 19 يوليو 2024 (أ.ب)

كما مثلت قفزة سياسية للمستشار الألماني أولاف شولتس، الذي وافقت حكومته على إطلاق سراح كراسيكوف، الذي يعتبره بوتين وطنياً لقتله أحد الانفصاليين الشيشانيين في برلين عام 2019.

وتشمل الصفقة أيضاً إطلاق راقصة الباليه الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا والناشط الروسي - البريطاني فلاديمير كارا مورزا.

وقالت الرئاسة التركية إن عشرة سجناء، بينهم قاصران، نُقلوا إلى روسيا. كما نُقل 13 سجيناً إلى ألمانيا وثلاثة إلى الولايات المتحدة. وكان جهاز المخابرات الوطنية في تركيا قد أعلن عن توليه تنسيق عملية كبيرة لتبادل السجناء بين روسيا وبيلاروسيا من جهة، وكل من الولايات المتحدة وألمانيا من جهة أخرى. وأضاف في بيان: «لعب جهازنا دوراً رئيسياً في الوساطة بعملية التبادل هذه، والتي تعد الأكبر في الفترة الأخيرة».

ويأتي خبر التبادل هذا بعد «اختفاء» العديد من السجناء السياسيين في الأيام الأخيرة مع فقدان العديد منهم الاتصال بمحاميهم وما إلى ذلك. وبين هؤلاء المؤسس المشارك لمنظمة «ميموريال» الحقوقية أوليغ أورلوف، والفنانة ساشا سكوتشيلينكو، والموظفتان السابقتان لدى المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالني، كسينيا فادييفا وليليا تشانيشيفا، والسياسي المعارض إيليا ياشين. واختفى أيضاً الروسي - الألماني كيفين ليك، الذي صار أصغر شخص على الإطلاق يُتهم بالخيانة في روسيا. ويمكن أن يكون بين الذين تشملهم الصفقة.

الفنانة الروسية ساشا سكوتشيلينكو تمثل أمام محكمة بموسكو في 13 نوفمبر 2023 (أ.ب)

وفي 19 يوليو (تموز) الماضي، أدين غيرشكوفيتش بسرعة غير عادية بتهمة التجسس التي ينفيها. وحُكم عليه بالسجن لمدة 16 عاماً، وقد أكدت روسيا بالفعل محادثات حول تبادله المحتمل.

كما أدينت الصحافية الروسية - الأميركية ألسو كورماشيفا، التي تعمل في «إذاعة أوروبا الحرة» التي تمولها الولايات المتحدة، في محاكمة سرية في نفس اليوم وحُكم عليها بالسجن لمدة ست سنوات ونصف السنة بتهمة نشر معلومات كاذبة عن الجيش الروسي. وهي تنفي ارتكاب أي مخالفات.

وبين المواطنين الأميركيين الآخرين المسجونين في روسيا المعلم السابق مارك فوجل، الذي أدين بحيازة الماريغوانا، التي قال إنه استخدمها لأسباب طبية.

نقل السجناء

وأوردت وكالة «رويترز» أن موقع «فلايت رادار 24» لتتبع الرحلات الجوية، أظهر أن طائرة حكومية روسية خاصة استُخدمت في عملية تبادل سجناء سابقة، شملت الولايات المتحدة وروسيا، طارت من موسكو إلى جيب كالينينغراد الروسي الذي يحد ليتوانيا وبولندا قبل أن تتجه عائدة إلى موسكو.

الجندي السابق في البحرية الأميركية بول ويلان يستمع للحكم بحقه في محكمة روسية في 15 يونيو 2020 (أ.ب)

ونقلت عن جمعية «بيرفي أوتديل» المتخصصة في الدفاع عن الأشخاص المتهمين بقضايا الخيانة والتجسس في روسيا، أن الرحلة قد تعني أن تبادل السجناء حصل على الحدود البولندية.

وقال محامو ويلان وفلاديمير كارا مورزا إنهما اختفيا فجأة، بعد نقل ما لا يقل عن سبعة منشقين روس بشكل غير متوقع من سجونهم في الأيام الأخيرة.

وترددت تقارير إعلامية روسية تفيد بأن منشقاً آخر، وهو الناشط المعارض فاديم أوستانين، نُقل من سجنه في سيبيريا إلى موسكو.

وأفاد موقع «أجينستفو» الإعلامي الروسي على الإنترنت بأن ست طائرات حكومية روسية خاصة على الأقل حلقت في الأيام الأخيرة من وإلى المناطق التي توجد بها سجون تحتجز المنشقين.

وفي الوقت نفسه، رفض وكيل الدفاع عن الروسي المحتجز في الولايات المتحدة ألكسندر فينيك، المحامي أركادي بوخ، تأكيد مكان وجود موكله لوكالة «ريا» الحكومية «حتى تتم عملية التبادل». ولكنها نقلت عن المحامي أنه علم من محامين يمثلون أشخاصاً مسجونين في روسيا أنهم «في طريقهم» إلى أماكن مجهولة.

وأفادت وكالة الإعلام الروسية أيضاً بأن أربعة روس مسجونين في الولايات المتحدة اختفوا من قاعدة بيانات السجناء التي يديرها مكتب السجون الفيدرالي الأميركي. وذكرت أنهم فينيك وماكسيم مارشينكو وفاديم كونوشينوك وفلاديسلاف كليوشين.

كما تحتجز الولايات المتحدة مواطنين روسيين آخرين على الأقل؛ فلاديمير دوناييف ورومان سيليزنيف، المدانين بارتكاب جرائم إلكترونية خطيرة، وقد يكونان من بين المتورطين أيضاً.

ورفض الكرملين القول ما إذا كانت عملية التبادل وشيكة، كما رفضت سفارة روسيا في واشنطن التعليق، ولم ترد أي تعليقات من الدول الغربية. وعادة ما تكون مثل هذه التبادلات محاطة بالسرية حتى تحدث.

مؤشرات متبادلة

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2022، تبادلت روسيا نجمة كرة السلة بريتني غراينر، التي حُكم عليها بالسجن تسع سنوات لحيازتها زيت القنب في أمتعتها، بتاجر الأسلحة فكتور بوت، الذي كان يمضي عقوبة بالسجن لمدة 25 عاماً في الولايات المتحدة.

وحصل أكبر تبادل للسجناء منذ الحرب الباردة عام 2010، وشمل 14 شخصاً في المجموع.

المعارضة ليليا تشانيشيفا لدى مثولها أمام محكمة روسية في 14 يونيو 2023 (أ.ب)

وفي بيلاروسيا، أصدر الرئيس ألكسندر لوكاشينكو عفواً عن ريكو كريجر، وهو ألماني محكوم عليه بالإعدام بتهمة الإرهاب، وذلك بسرعة غير عادية وتغطية إعلامية رسمية. ومن الذين أشارت موسكو إلى أنها تريدهم فاديم كراسيكوف، وهو روسي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة في ألمانيا لقتله منشقاً شيشانياً - جورجياً منفياً في حديقة ببرلين. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السلوفينية أن محكمة حكمت الأربعاء على روسيين بالسجن بتهمة التجسس واستخدام هويات مزيفة، وقالت إنهما سيتم ترحيلهما، وهي الخطوة التي قالت قناة تلفزيونية سلوفينية إنها جزء من التبادل الأوسع.



مشرّعان جمهوريان يفتحان تحقيقاً في علاقة مستشار الأمن القومي لهاريس بإيران

نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة (أ.ب)
TT

مشرّعان جمهوريان يفتحان تحقيقاً في علاقة مستشار الأمن القومي لهاريس بإيران

نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة (أ.ب)

أطلق السيناتور الجمهوري النافذ توم كوتون، والنائبة الجمهورية المتشددة إليز ستيفانيك، تحقيقاً مع مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس، كامالا هاريس، بشأن علاقاته بشبكة نفوذ حكومية إيرانية. وفي رسالة وُجهت الأربعاء إلى هاريس، طلب كوتون وستيفانيك من المرشحة الديمقراطية المفترضة، تقديم معلومات حول «صلات مستشارها فيل جوردون، بأريان طباطبائي، وهي مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع، ورد أنها شاركت في عملية حكومية إيرانية لتوسيع نفوذ طهران الناعم في الولايات المتحدة».

وتم الكشف العام الماضي عن علاقة طباطبائي المزعومة كعضو في شبكة نفوذ تديرها إيران وترفع تقاريرها إلى وزارة الخارجية الإيرانية.

وتشير الرسالة إلى أن جوردون شارك في كتابة ثلاث مقالات رأي على الأقل مع طباطبائي، لمعارضة فرض عقوبات على النظام الإيراني.

قلق من دور جوردون المقبل

وعد البعض إثارة هذه القضية في هذا التوقيت، جزءاً من السباق الانتخابي بعد دخول هاريس بقوة كمرشحة محتملة للحزب الديمقراطي. غير أن آخرين رجحوا أن تثير اتصالات جوردون بطباطبائي المخاوف من أن يلعب جوردون دوراً مركزياً في مجال الأمن القومي في البيت الأبيض، في حال فازت هاريس بالسباق. وفي حين ينتقد الجمهوريون سياسات هاريس الخارجية، يتخوفون من أن علاقات جوردون بالمجموعات المؤيدة لإيران تشير إلى أن الدبلوماسية المتجددة مع إيران ستكون أولوية قصوى في السياسة الخارجية لهاريس إذا تم انتخابها.

وبحسب رسالة كوتون وستيفانيك، فإنهما «يشعران بالقلق» في المقام الأول بشأن وصول جوردون إلى المعلومات السرية، ويريدان معرفة ما إذا كانت علاقاته بالمجموعات المؤيدة لإيران قد تحرمه من الحصول على تصريح أمني سري للغاية. وأشارا إلى أن جوردون نشر مقالات مع طباطبائي «تروج بشكل صارخ لوجهة نظر النظام الإيراني ومصالحه». ونُشرت هذه المقالات بعد الكشف المزعوم عن عمل طباطبائي لمصلحة ما يسمى «مبادرة خبراء إيران»، وهي شبكة نفوذ تضم العديد من صناع السياسة الأميركيين المرتبطين بالمبعوث الإيراني السابق لإدارة بايدن، روبرت مالي، الذي تم تعليقه من منصبه إلى أجل غير مسمى وسط مزاعم بأنه قام بتسريب معلومات سرية.

وكتب كوتون وستيفانيك في رسالتهما، أن جوردون وطباطبائي زعما في مقال نُشر في مارس (آذار) 2020، أن «العقوبات المستمرة على إيران ستخلق» كارثة «في الشرق الأوسط». وأضافت الرسالة أنهما في مقال آخر كتبا أن «العقوبات يمكن أن تؤدي إلى جهود إيرانية جديدة لشن هجمات على جيرانها، وعلى الأميركيين والمصالح الأميركية في الشرق الأوسط». وقال المشرعان إن «كل توقع كان خاطئاً بقدر ما كان متحيزاً لصالح طهران».

ارتباط بمجموعات مؤيدة لطهران

وبحسب الرسالة، فإن جوردون «يرتبط بشكل وثيق بالمجلس الوطني الإيراني - الأميركي، وهو منظمة نفوذ إيرانية أخرى يُزعم أنها تتعاون مع طهران». ولطالما واجه المجلس مزاعم بأنه يعمل كذراع ضغط غير مسجلة لإيران في أميركا، وكان لاعباً في «غرفة الصدى» التي وصفتها إدارة أوباما بأنها مؤيدة لطهران. وأضافت الرسالة أن جوردون تحدث في مؤتمر قيادة المجلس الوطني في عامي 2014 و2016، قبل وبعد فترة خدمته في إدارة أوباما كمساعد في الشرق الأوسط يعمل على الاتفاق النووي مع إيران.

وكتب كوتون وستيفانيك: «إن إدارة بايدن - هاريس ليست غريبة على المهادنين والمتواطئين مع إيران. لا تزال طباطبائي تعمل بأجر في وزارة الدفاع، حيث تساعد في الإشراف على العمليات الخاصة الحساسة». وأضافا: «يجري مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاً مع مبعوثك الخاص السابق لإيران، روبرت مالي، لنقله معلومات استخباراتية سرية إلى طهران، ويزعم أن مبعوثك الخاص عاموس هوكشتاين مرر معلومات استخباراتية، ربما في الآونة الأخيرة في نهاية هذا الأسبوع، عن الغارات الجوية الإسرائيلية، إلى (حزب الله)».

الإجابة قبل 9 أغسطس

وضغط المشرعان على مكتب نائبة الرئيس هاريس، للتوضيح بشأن علاقات جوردون مع المجموعات المؤيدة لطهران وطبيعة علاقته مع طباطبائي. وقالا في الرسالة، التي طلبا فيها تقديم إجابات عن أسئلتهما في موعد أقصاه 9 أغسطس الجاري: «عندما قمتِ بتعيين جوردون، هل كنتِ على علم بعلاقاته مع أريان طباطبائي و(مبادرة خبراء إيران) والمجلس الوطني الإيراني - الأميركي؟ هل خضع جوردون لفحص أمني وحصل على تصريح أمني عندما قمتِ بتعيينه؟ هل لديه تصريح أمني ساري المفعول؟».

ويريد المشرعان أيضاً معرفة ما إذا كانت هاريس قد بدأت تحقيقاً مع جوردون بعد «الكشف عن اتصالات طباطبائي بوزارة الخارجية الإيرانية في سبتمبر (أيلول) 2023». وقالا: «هل اعترف جوردون بعلاقاته بها وأبلغ عنها؟» وسألا: «هل التقيتِ أنت أو جوردون بأعضاء آخرين في (مبادرة خبراء إيران)، بمن في ذلك علي فايز؟ وهل التقيتِ بطباطبائي شخصياً؟»، وأضافا: «باعتبارك نائبة الرئيس، هل تؤيدين استمرار عمل طباطبائي في وزارة الدفاع؟ وما هي الإجراءات المحددة التي ستتخذينها لمعالجة قضية المتعاطفين مع إيران داخل الإدارة؟».

وعدّت النائبة ستيفانيك في بيان، أن مقالات جوردون تكشف «عمق أجندة كامالا هاريس المناهضة لإسرائيل والمؤيدة لإيران». وقالت: «منذ العام الماضي، طالبت بمحاسبة وزارة الدفاع للسماح لأتباع النظام الإيراني بالتسلل إلى موظفي الحكومة رفيعي المستوى. إن سياسة إدارة بايدن - هاريس المتمثلة في استرضاء إيران والتخلي عن إسرائيل، لن تتفاقم إلا إذا تمت ترقية كامالا هاريس وموظفيها المدافعين عن إيران. وأنا فخورة بالانضمام إلى السيناتور كوتون للمطالبة بالمحاسبة».