الناتو يحتفل بميلاده الـ75 في واشنطن وسط حالة من اللايقين

اختبار لقدرات بايدن ومخاوف من عودة ترمب

الأعلام ترفرف خارج مقر الحلف الأطلسي في بروكسل (أرشيفية - رويترز)
الأعلام ترفرف خارج مقر الحلف الأطلسي في بروكسل (أرشيفية - رويترز)
TT

الناتو يحتفل بميلاده الـ75 في واشنطن وسط حالة من اللايقين

الأعلام ترفرف خارج مقر الحلف الأطلسي في بروكسل (أرشيفية - رويترز)
الأعلام ترفرف خارج مقر الحلف الأطلسي في بروكسل (أرشيفية - رويترز)

تبدأ غداً الثلاثاء أعمال قمة «حلف شمال الأطلسي» (الناتو) في العاصمة الأميركية، واشنطن، في قمة تاريخية تحتفل بمرور 75 عاماً على تأسيس الحلف، وسط مخاطر وتحديات، مع دخول الحرب الروسية - الأوكرانية عامها الثالث والضجة المتزايدة حول قدرة الرئيس جو بايدن على الفوز بإعادة انتخابه، والمخاوف من سياسات الرئيس السابق دونالد ترمب تجاه الحلف إذا فاز بالانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وستكون القمة بمثابة اختبار لقدرات بايدن على الساحة الدولية، بعد أدائه المرتبك خلال المناظرة الرئاسية وتزايد المطالب بالتنحي عن السباق الانتخابي. ويواجه بايدن تحدياً كبيراً خلال القمة لتهدئة المخاوف وإظهار الكفاءة والتماسك، حينما يرحب بقادة 32 دولة في واشنطن. وستخضع تعاملات وأحاديث بايدن مع نظرائه الأوروبيين لتدقيق مكثف خاصة بعد أعقاب زلات لسان سابقة خلط فيها بين أسماء القادة الأجانب. وستتوجه الأنظار إلى المؤتمر الصحافي الذي يعقده بايدن في اختتام القمة يوم الخميس، لرصد قدرته على التفاعل مع أسئلة الصحافيين.

ستتوجه الأنظار إلى المؤتمر الصحافي الذي يعقده بايدن في اختتام القمة يوم الخميس لرصد قدرته على التفاعل مع أسئلة الصحافيين (أ.ف.ب)

ويفتتح بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن القمة مساء الثلاثاء في حفل تذكاري في قاعة أندرو ميلون، حيث تم التوقيع على معاهدة شمال الأطلسي التي أنشأت الناتو في 4 أبريل (نيسان) 1949. وسيخاطب بايدن حلفاء الناتو علناً بعد ظهر الأربعاء ويقيم مأدبة عشاء للقادة وأزواجهم. ويتضمن جدول أعماله يوم الخميس اجتماعاً لمجلس الناتو وأوكرانيا ومع ما يقرب من عشرين دولة وقعت على اتفاقيات أمنية فردية مع أوكرانيا. وسيختتم القمة بمؤتمره الصحافي ثم يغادر بعدها لاستكمال فاعليات حملته الانتخابية إلى ولاية ميشيغان يوم الجمعة.

مخاوف أوروبية من سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تجاه حلف الناتو إذا فاز بالانتخابات وعاد إلى البيت الأبيض (أ.ب)

ويتضمن جدول أعمال بايدن خلال القمة لقاء ثنائياً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ولقاء آخر مع رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر بعد فوز حزب العمال بانتخابات ساحقة.

قلق أوروبي من ترمب

في غضون ذلك، ما زالت تصريحات ترمب، حول تشجيع روسيا على القيام بكل ما تريد ضد الحلفاء الذين لم يدفعوا فواتيرهم، تثير قلقاً واسع النطاق في أوروبا حول السياسات التي سيقدم عليها ترمب في حال فوزه بالرئاسة تجاه حلف الناتو.

ويدرك الدبلوماسيون أن ترمب، إذا عاد إلى البيت الأبيض، قد يختار قطع الدعم العسكري لكييف وأن يمكّن روسيا من تعزيز سيطرتها على الأراضي التي استولت عليها في أوكرانيا. ولذا يرى قادة الحلف أن أفضل طريقة لضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل هي منحها المزيد من القدرات العسكرية لهزيمة روسيا، وهو ما يعني تسريع تسليم أنظمة الدفاع الجوي والطائرات والصواريخ طويلة المدى وتطوير إنتاجها الدفاعي لتقليل اعتمادها على الغرب.

وستركز القمة على ثلاثة مواضيع: الأول هو تعزيز دفاع الحلفاء والردع، والثاني هو دعم جهود أوكرانيا للدفاع عن نفسها، والثالث هو الاستمرار في تعزيز الشراكات العالمية للحلف خصوصاً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، يوم الجمعة الماضي، إن الناتو وضع مفهوماً استراتيجيا جديداً في قمة مدريد يرتكز على جهود تعزيز الدفاع والردع، واتفق قادة الحلف في قمة فيلنيوس على خطط لتحقيق هذه الاستراتيجية. ولذا ستركز قمة واشنطن على تنفيذ هذه الخطط لردع أي هجوم والدفاع عن التحالف من خلال زيادة الإنفاق الدفاعي، ورفع مستويات الاستعداد وتعزيز القيادة والسيطرة والتدريبات الدفاعية الجماعية.

وتعني ترجمة ذلك زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي بما يتجاوز 2 في المائة، وتحويل الإنفاق إلى قدرات حيوية، مثل الدفاع الجوي والصاروخي والدفاع السيبراني، يما يخفض احتمالات خوض حرب طويلة الأمد.

ويعد ملف دعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها في مواجهة روسيا، وتعزيز قدرات الردع والدفاع، هو البند الأكثر إلحاحاً على جدول أعمال القمة، ولهذا السبب اتفق وزراء دفاع الحلف على وضع خيارات الرد على الأعمال العدائية التي تقوم بها روسيا.

الصين

أشار جيم أوبراين، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية، إلى أن الشراكات في منطقة المحيطين الهادئ والهندي ستكون من بين المواضيع الرئيسية للقمة. وتمر 40 في المائة من التجارة الأوروبية عبر بحر الصين الجنوبي وهناك مخاوف من التعاون العسكري الروسي المتزايد مع كوريا الشمالية والصين.

وتشارك في القمة أربع دول شركاء للحلف هي أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية.

وتثير اليابان مخاوف من طموحات الصين، حيث يؤكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أن ما يحدث في أوكرانيا اليوم ربما يحدث في شرق آسيا غداً. وتسعى الولايات المتحدة إلى ضم أوروبا إلى حملتها لمواجهة صعود الصين مثلما فعلت في حشد الحلفاء ضد الغزو الروسي لأوكرانيا. ولا يقتصر الأمر على الخلافات العسكرية والسياسية حول طموحات الصين بالمنطقة والعدوان ضد تايوان وعلاقاتها بروسيا وكوريا الشمالية بل تمتد الخلافات إلى مجالات التجارة والتكنولوجيا.


مقالات ذات صلة

قيادة «الناتو» الجديدة... دائماً كما تشتهي رياح واشنطن

تحليل إخباري زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

قيادة «الناتو» الجديدة... دائماً كما تشتهي رياح واشنطن

تولى رئيس وزراء هولندا السابق مارك روته، الثلاثاء، منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث تسلم المهمة من سلفه ينس ستولتنبرغ.

شوقي الريّس (بروكسل)
العالم جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» من دون توقع إحداث تغيير في عمل «الحلف».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أوروبا هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي بايدن يُحيّي الحضور في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء (أ.ف.ب)

بايدن لإخراج الفلسطينيين من «الجحيم»... ومنع الحرب الشاملة في المنطقة

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، بافتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى وقف ما سمّاه «الجحيم» الذي يعانيه الفلسطينيون، ومنع اتساع حرب غزة في اتجاه لبنان.

علي بردى (نيويورك)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في أول اجتماع وجهاً لوجه بينهما في السابع من يوليو (تموز) 2017.

وأشار التقرير الذي نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى أن هذا الحدث وقع خلال لقاء جمع بين الزعيمين في هامبورغ بألمانيا، حيث خرج وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون من غرفة الاجتماعات وقال لعدد من موظفي البيت الأبيض إن بوتين كان يحاول «تشكيل تفكير وسياسة» ترمب، الذي كان رئيساً جديداً في ذلك الوقت، بشأن أوكرانيا.

وقال تيلرسون إن الرئيس الروسي استخف بمحاولات أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وقال لترمب إنها «دولة فاسدة ومختلقة». وأصر على أن روسيا، التي استولت على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا قبل هذا الحدث بثلاث سنوات ودعمت الانفصاليين المؤيدين لروسيا في منطقة حدودية، لها كل الحق في ممارسة نفوذها على البلاد.

وخلال الاجتماع، أخبر ترمب بوتين أن إدارته تدرس تقديم أسلحة لأوكرانيا، وسأله عن رأيه في هذا الأمر، ليرد بوتين بقوله إن هذا سيكون «تصرفاً خاطئاً»، مضيفاً أن «أي شيء تقدمه أميركا للأوكرانيين سوف يطلبون المزيد منه».

ولم يبد ترمب أي اعتراض على كلام بوتين، وفقاً لثلاثة مسؤولين أميركيين حضروا الاجتماع.

وأفاد التقرير أن تيلرسون قال لموظفي البيت الأبيض بعد الاجتماع: «لدينا الكثير من العمل الذي يجب القيام به لتغيير رأي الرئيس ترمب بشأن أوكرانيا».

ومنذ بدء حرب أوكرانيا العام الماضي، زعم ترمب مراراً وتكراراً أن هذه الحرب لم تكن لتحدث لو كان قد استمر في منصبه رئيساً للولايات المتحدة.

كما أشاد الرئيس الأميركي السابق بالرئيس الروسي، واصفاً إياه بـ«الذكي»، وقال إنه «كان يجيد التعامل معه تماماً مثلما كان يجيد التعامل مع معظم قادة العالم».

والأسبوع الماضي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إنه تلقى «معلومات مباشرة للغاية» من ترمب تشير إلى أن الرئيس الأميركي السابق سيدعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا إذا أُعيد انتخابه في الانتخابات الرئاسية، نوفمبر (تشرين الثاني).

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائه مع ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

وقدم زيلينسكي، الذي كان في الولايات المتحدة لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة: «خطة النصر»، في الحرب إلى ترمب خلال اجتماع مغلق، بعد أن قال المرشح الجمهوري للرئاسة إنه سيعمل مع كل من أوكرانيا وروسيا لإنهاء الصراع بينهما.

وقال زيلينسكي في تصريح لشبكة «فوكس نيوز» بعد ذلك الاجتماع: «لا أعرف ماذا سيحدث بعد الانتخابات ومن سيكون الرئيس... لكنني حصلت من دونالد ترمب على معلومات مباشرة للغاية بأنه سيكون إلى جانبنا، وأنه سيدعم أوكرانيا».

وأعلن ترمب في بودكاست بثّ الشهر الماضي، أنّ لديه «خطة محدّدة» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنّه لن يكشف عنها بهدف الحفاظ على تأثير المفاجأة.