تقرير: إسرائيل بذلت جهوداً واسعة لتشكيل الرأي العام الأميركي حول حرب غزة

خريجون في جامعة ييل يرتدون قفازات حمراء ترمز إلى الأيدي الملطخة بالدماء في حرب إسرائيل على غزة (رويترز)
خريجون في جامعة ييل يرتدون قفازات حمراء ترمز إلى الأيدي الملطخة بالدماء في حرب إسرائيل على غزة (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل بذلت جهوداً واسعة لتشكيل الرأي العام الأميركي حول حرب غزة

خريجون في جامعة ييل يرتدون قفازات حمراء ترمز إلى الأيدي الملطخة بالدماء في حرب إسرائيل على غزة (رويترز)
خريجون في جامعة ييل يرتدون قفازات حمراء ترمز إلى الأيدي الملطخة بالدماء في حرب إسرائيل على غزة (رويترز)

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أسابيع فقط من الحرب في غزة، تم استدعاء وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، إلى «الكنيست»، لاطلاع المشرعين على ما يمكن القيام به، بشأن تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحرب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وخصوصاً في جامعات النخبة، حسب تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفي ذلك الوقت، قال شيكلي -الذي يصفه البعض بـ«المتهور»- للمشرعين: «لقد قلت ذلك من قبل، وسأقول ذلك مرة أخرى الآن، أعتقد أنه ينبغي علينا أن نكون في موقف هجوم، وخصوصاً في الولايات المتحدة».

ومنذ ذلك الحين، قاد شيكلي حملة استهدفت مواجهة منتقدي إسرائيل.

وكشفت صحيفة «الغارديان» عن أدلة تظهر كيف أعادت إسرائيل إطلاق برنامج مثير للجدل، بوصفه جزءاً من حملة علاقات عامة واسعة، لاستهداف الجامعات الأميركية، وإعادة تعريف معاداة السامية في القانون الأميركي، وتشكيل الرأي العام بشأن حرب غزة.

جانب من الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية (أ.ب)

وهذا البرنامج يعرف باسم «كيلا شلومو»، وهو مصمم لتنفيذ ما سمَّته إسرائيل «أنشطة الوعي الجماهيري» التي تستهدف إلى حد بعيد الولايات المتحدة وأوروبا.

وتضمن البرنامج حملة لتمرير ما تسمَّى قوانين الدولة «المناهضة لمقاطعة إسرائيل» التي تعاقب الأميركيين على المشاركة في المقاطعة، أو في الاحتجاجات غير العنيفة على أفعال إسرائيل.

وكان أحدث تجسيد لهذا البرنامج هو جهود متشددة وسرية أطلقتها الحكومة الإسرائيلية، للرد على الاحتجاجات الطلابية، ومنظمات حقوق الإنسان، وغيرها من أصوات المعارضة بالولايات المتحدة.

ومن أكتوبر (تشرين الأول) حتى مايو (أيار)، أشرف شيكلي على ما لا يقل عن 32 مليون شيقل (نحو 8.6 مليون دولار)، تم إنفاقها على الدعوة الحكومية لـ«إعادة تشكيل الرأي العام الأميركي» بشأن الحرب الإسرائيلية في غزة.

ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تمكنت إحدى مجموعات المناصرة الأميركية التي تنسق بشكل وثيق مع وزارة شيكلي، وهي «معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية» (ISGAP) من تحقيق انتصار قوي في هذا الشأن.

وفي جلسة استماع للكونغرس تمت مشاهدتها على نطاق واسع في ديسمبر (كانون الأول) حول «معاداة السامية» المزعومة بين الطلاب المتظاهرين المناهضين للحرب، استشهد كثير من المشرعين الجمهوريين في مجلس النواب صراحة بأبحاث «معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية» في استجواباتهم مع رؤساء الجامعات.

وانتهت الجلسة بمواجهة بين النائبة إليز ستيفانيك، ورئيسة جامعة هارفارد آنذاك، كلودين غاي، التي تقدمت باستقالتها لاحقاً، بعد موجة انتقادات لحقت بها في الصحف ووسائل الإعلام.

علم فلسطيني على خيمة احتجاج في جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس (أ.ف.ب)

وواصل «معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية» تشكيل تحقيقات الكونغرس مع الجامعات، عن طريق تغذية المزاعم بأن «الاحتجاجات على سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان مدفوعة بمعاداة السامية». وشارك المعهد بعمق في الحملة لتكريس قوانين جديدة، تعيد تعريف معاداة السامية، لتشمل أشكالاً معينة من الخطاب المنتقد لإسرائيل.

وقد اتبعت مجموعات أميركية أخرى مرتبطة ببرنامج «كيلا شلومو»، مبادرات لتعزيز الدعم لإسرائيل.

وإحدى هذه المجموعات هي «المجلس الوطني لتمكين السود» (NBEC)، وقد نشرت رسالة مفتوحة من السياسيين الديمقراطيين السود يتعهدون فيها بالتضامن مع إسرائيل.

مجموعة أخرى، «سابرويل» (CyberWell)، وهي مجموعة مؤيدة لإسرائيل عملت على التأثير على منصات التواصل الاجتماعي لقمع الشعارات والمنشورات المناهضة لإسرائيل.

وكشفت صحيفتا «هآرتس» و«نيويورك تايمز» مؤخراً أن وزارة شيكلي استخدمت شركة علاقات عامة، للضغط سراً على المشرعين الأميركيين. واستخدمت الشركة مئات من الحسابات المزيفة التي تنشر محتوى مؤيداً لإسرائيل أو معادياً للمسلمين، على منصات «إكس» («تويتر» سابقاً)، و«فيسبوك»، و«إنستغرام».

ونفت وزارة شيكلي تورطها في الحملة التي ورد أنها قدمت نحو مليوني دولار للشركة الإسرائيلية، مقابل منشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن هذا الجهد ليس سوى واحد من كثير من الحملات المشابهة التي تنسقها الوزارة، والتي حظيت بتغطية إخبارية محدودة، وفقاً لتقرير «الغارديان».

وأظهرت التقارير تلقي شركة «هيليل إنترناشيونال» -وهي من مؤسسي شبكة تحالف إسرائيل في الحرم الجامعي- دعماً مالياً واستراتيجياً من شركة «موزاييك يونايتد»، وهي شركة منفعة عامة تدعمها وزارة شيكلي. ومقابل ذلك، قامت «هيليل إنترناشيونال» بالمساهمة في جهود تشكيل الرأي العام، والنقاش السياسي حول حرب غزة.

ولفتت «الغارديان» إلى أنها توصلت إلى هذه المعلومات من خلال حصولها على وثائق تتعلق بجلسات الاستماع الحكومية الأخيرة، وملفات الشركات الإسرائيلية، وسجلات عامة أخرى.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الوثائق والسجلات تشير إلى تدخل كبير للحكومة الإسرائيلية في الرأي العام الأميركي حول حرب غزة، وفي حرية التعبير في حرم الجامعات.


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يدعو إلى «الوحدة» عقب اغتيال نصر الله

جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)

الجيش اللبناني يدعو إلى «الوحدة» عقب اغتيال نصر الله

حثّ الجيش اللبناني اليوم (الأحد) على «عدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي» و«الحفاظ على الوحدة» غداة إعلان «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله

المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

يعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، زعيم «حزب الله»، تصعيداً كبيراً يقرب المنطقة من صراع أوسع نطاقاً وأكثر ضرراً، يجذب كلاً من إيران والولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

جددت السعودية رفضها وإدانتها لجميع الجرائم الإسرائيلية الشنيعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو: القضاء على نصر الله سيُغير ميزان القوى في الشرق الأوسط

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، السبت، إن القضاء على الأمين العام لجماعة «حزب الله» يُمثل نقطة تحوّل تاريخية، يمكن أن تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بلينكن: المنطقة والعالم في لحظة حرجة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)
TT

بلينكن: المنطقة والعالم في لحظة حرجة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)

حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، من استهداف المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، بعد ساعات من سلسلة غارات ضخمة شنّتها إسرائيل على مقرّ قيادة «حزب الله» في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت. وقال بلينكن، في مؤتمر صحافي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتّحدة: «ستتخذ الولايات المتحدة كل الإجراءات ضد أي طرف يستغل الوضع لاستهداف الطواقم الأميركية والمصالح الأميركية في المنطقة».

جانب من الدمار الذي خلّفته ضربة إسرائيلية استهدفت مقر «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية 27 سبتمبر (د.ب.أ)

وتضاربت الأنباء حول مصير الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي ذكرت تقارير أنه كان مستهدفاً بالغارات الإسرائيلية. ففيما قالت مصادر لبنانية إنه «نجا من الاغتيال»، تحدث إعلام إسرائيلي عن تقديرات باحتمال مقتله.

«لحظة حرجة»

وصف كبير الدبلوماسيين الأميركي هذا التصعيد الأخير بـ«اللحظة الحرجة بالنسبة للشرق الأوسط والعالم»، معتبراً أن «الخيارات التي تتخذها جميع الأطراف في الشرق الأوسط في الأيام المقبلة ستحدد المسار الذي ستتخذه المنطقة، وستكون لها عواقب عميقة لسنوات مقبلة».

وجدّد بلينكن دعوته لإسرائيل و«حزب الله» إلى «وقف إطلاق النار»، وسط مساعٍ غربية وعربية مكثّفة لمنع اتّساع الصراع. وقال: «قد يبدو المسار الدبلوماسي صعباً في هذه اللحظة، لكنه موجود، وهو في تقديرنا ضروري. سنواصل العمل بشكل مكثف». وأضاف أن بلاده أوضحت أنها تعتقد أن السبيل للمضي قدماً سيكون من خلال «الدبلوماسية وليس الصراع».

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد رفض الخميس الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله». فيما طرحت مصادر إسرائيلية سيناريو «عملية برية قصيرة» في الأراضي اللبنانية. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن مسؤول إسرائيلي كبير، أن إسرائيل «تأمل ألا تضطر إلى شنّ غزو بري ضد (حزب الله) في لبنان». وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان الهجوم قد أصاب الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.

واشنطن «لم تشارك»

أعلن مسؤولون أميركيون أن واشنطن «لم تتلقّ إخطاراً مسبقاً» من إسرائيل بشأن الغارة الجوية الضخمة على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية. وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ، للصحافيين، إن «الولايات المتحدة لم تشارك في هذه العملية، ولم نتلقَ أي إخطار مسبقاً».

وأضافت أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تحدث مع نظيره لويد أوستن «بينما كانت العملية جارية بالفعل». وتابعت سينغ: «ما زلنا

نسعى للحصول على مزيد من التفاصيل، ونحاول فهم العملية نفسها». بدوره، أكّد الرئيس جو بايدن في وقت لاحق أن «الولايات المتحدة لم يكن لديها علم أو مشاركة في العمل (الإسرائيلي)»، مضيفاً في تصريحات للصحافيين: «نحن نجمع المعلومات».