فرضت الولايات المتحدة جولة جديدة من العقوبات ضد ميليشيات الحوثي اليمنية وبعض الجهات الصينية التي وفَّرت لقوات الحوثيين الحصول على مواد لصنيع الأسلحة التي يستخدمونها لشن هجمات إرهابية ضد المصالح الأميركية، في أحدث الخطوات الأميركية التي تستهدف الضغط على ميليشيات الحوثي لوقف هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر التي تسببت في تعطيل التجارة العالمية وارتفاع تكاليف الشحن وإجبار الشركات على تغيير حركة المرور عبر البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح والالتفاف حول القارة الأفريقية.
وقال ماثيو ميللر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، في بيان، إن الولايات المتحدة قامت بتصنيف ثلاثة أفراد وستة كيانات سهَّلت شراء الأسلحة للحوثيين وتهديد حرية الملاحة العالمية في البحر الأحمر بشكل متهور. وفي اتصال تليفوني يوم الاثنين أبدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، القلق إزاء اعتقال الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة والدبلوماسيين والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى هجماتهم المستمرة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية على قائمة العقوبات عبد الوهاب محمد الوزير، وهو يمني ينتمي لجماعة الحوثي ومقيم في الصين ولعب دوراً رئيسياً في شراء المواد التي تمكِّن الحوثي من تصنيع أسلحة تقليدية متقدمة داخل اليمن، كما فرضت عقوبات على شركة قوانغ تشو التجارية - وهي شركة فرعية مملوكة لشركة تسنيم التجارية في هونغ كونغ - لقيامها بشحن هذه المواد إلى اليمن وتقديم الدعم المالي والتكنولوجي لجماعة «أنصار الله». وقالت وزارة الخزانة إن قادة الحوثيين يقومون بشراء هذه المواد المستخدمة في صنع الأسلحة من موردين في الصين باستخدام شراكات استيراد وتصدير في دول ثالثة. وأدرجت الوزارة معاذ أحمد محمد الهيفي على قائمة العقوبات، لقيامه بشراء وتسهيل ونقل مكونات صواريخ «كروز» إلى اليمن بالتنسيق مع كبار قادة الحوثيين، مما مكَّنهم من شن هجمات ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، ومنها هجوم الحوثي على منشأة «أرامكو السعودية»، في عام 2020، باستخدام صاروخ «كروز»، من نوع «قدس» الذي حصل الحوثي على مكوناته من الصين.
ابتكار طرق جديدة
وأوضح مركز واشنطن للدراسات اليمنية، في تقرير نشره، الاثنين، أن الحوثيين في اليمن تمكنوا من ابتكار طرق جديدة للحصول على المعدات والأسلحة التي يحتاجون إليها من إيران. ونقل التقرير عن صحيفة «وول ستريت» أن القتال الذي تخوضه البحرية الأميركية ضد الحوثي هو الأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية. وأوضح التقرير أن الحوثيين لم يلجأوا إلى جلب الأسلحة مباشرة من إيران، بل يستخدمون طرقاً جديدة عبر جيبوتي من شرق أفريقيا، حيث تنتقل الأسلحة من الموانئ الإيرانية إلى السفن المبحرة باتجاه جيبوتي، ومن هناك تنتقل إلى اليمن.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن الحوثيين يستخدمون لبنان مركزاً لشراء قطع غيار الطائرات دون طيار، التي تأتي من الصين. ويسمح هذا النهج متعدد المراحل للحوثيين بتجميع ترسانة من الأسلحة التي يستخدمونها لاستهداف السفن الغربية.
وقد أدَّت الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد ترسانة الحوثيين، منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى تعطيل بعض القدرات العسكرية الحوثية ومصادرة شحنات كبيرة من الأسلحة الإيرانية التي كانت متجهة إلى اليمن، لكن الضربات المستمرة التي وجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين، بهدف وقف هجماتهم في البحر الأحمر، لم تنجح بشكل كامل في وقف الهجمات حتى الآن. وتمكَّن الحوثيون من ابتكار طرق جديدة لجلب المعدات التي يحتاجون إليها من إيران، والاستمرار في الهجمات ضد السفن الغربية.
حاملة الطائرات «أيزنهاور»
وقد ردَّ قائد حاملة الطائرات الأميركي أيزنهاور، الكابتن كريستوفر تشوداه، بسخرية، على ادعاءات الحوثيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي قيامهم بإغراق السفينة العملاقة قائلاً لوكالة «أسوشييتد برس» في لهجة ساخرة إن «الحوثيين أعلنوا إغراق حاملة الطائرات (أيزنهاور) مرتين أو ثلاثاً، خلال الشهر السنة الماضية، وهو ما لم يحدث، وربما يحاولون إلهام أنفسهم من خلال المعلومات المضللة، لكن ذلك لا ينجح معنا». وتُعد حاملة الطائرات «يو إس إس دوايت أيزنهاور» واحدة من أقدم حاملات الطائرات في البحرية الأميركية، لكنها لا تزال تعمل وتقوم بالرد على هجمات الحوثيين المستمرة.
وفي أحدث هذه الهجمات، أعلن الجيش الأميركي أن أفراد طاقم سفينة فحم مملوكة لليونان اضطروا إلى تركها بعد أن استهدفها الحوثيون بزوارق مسيرة يتم التحكم فيها عن بُعد.
وقال محللون إن هذه المرة الأولي التي يستخدم فيها الحوثي زوارق مسيرة بنجاح، مما يمنح الجماعة المدعومة من إيران فرصة للتهرُّب من جهود الولايات المتحدة لوقف الصواريخ والطائرات دون طيار التي يستخدمها الحوثي لمهاجمة السفن في البحر الأحمر.
واستهدف الحوثيون يوم السبت سفينة «فيربينا» المملوكة لأوكرانيا بزوارق بحرية مسيَّرة أطلقها الحوثيون، مما تسبب في غَمْر غرفة المحرك بالمياه، وكانت السفينة محملة بالأخشاب الماليزية، وعجز طاقم السفينة عن السيطرة على الحرائق التي اشتعلت نتيجة الهجمات الحوثية، وبدأت ببطء في الغرق.
وقالت القيادة المركزية الأميركية إنها دمَّرت العديد من العبوات الناسفة البحرية وسبعة رادارات للحوثيين وطائرة مسيرة وقاربين مسيرَيْن، وأن التحالف البحري بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا تمكَّن من تدمير المقذوفات الحوثية، وشن غارات استهدفت مطار الحديدة الدولي غرب اليمن ومواقع تابعة للحوثي في جزيرة كمران بالقرب من ميناء الصليف، في رد على ثلاث هجمات حوثية على مدمرة أميركية وسفينتين في البحر الأحمر.