ترمب يستأنف نشاطه الانتخابي ويراهن على الإدانة لحشد الدعم

حملته تستهدف «المترددين»... والتبرعات بلغت 53 مليوناً في يوم واحد

ترمب عقب عقده مؤتمراً صحافياً في برجه بنيويورك الجمعة (أ.ب)
ترمب عقب عقده مؤتمراً صحافياً في برجه بنيويورك الجمعة (أ.ب)
TT

ترمب يستأنف نشاطه الانتخابي ويراهن على الإدانة لحشد الدعم

ترمب عقب عقده مؤتمراً صحافياً في برجه بنيويورك الجمعة (أ.ب)
ترمب عقب عقده مؤتمراً صحافياً في برجه بنيويورك الجمعة (أ.ب)

استأنف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أنشطته الانتخابية، كمرشّح متوقع عن الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية، غداة إدانة تاريخية بـ34 تهمة في قضية «أموال الصمت» بنيويورك.

وبينما يجمع معظم المراقبين الانتخابيين على أن هذا الحكم غير المسبوق لن يؤدي إلى تغيير كبير في آراء قاعدته الشعبية الأكثر ولاء، إلا أنه سيلعب دوراً مهماً في إعادة تشكيل آراء الناخبين المستقلين، والتأثير على مواقف مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري في انتخابات الكونغرس، بحسب الولاية التي يترشحون فيها.

حذر جمهوري وديمقراطي

وامتنع كثير من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين في المناطق التي فاز بها الرئيس جو بايدن عام 2020، عن التعليق على نتيجة المحاكمة حتى الآن.

أما ديمقراطياً، فخرج بعض المرشحين في ولايات داعمة لترمب بتعليقات حذرة. وقال السيناتور الديمقراطي، جون تيستر، الذي يسعى لتجديد ولايته عن مونتانا التي يتوقع أن يفوز بها ترمب بسهولة، في بيان غامض، إنه «يحترم العملية القضائية، ويعتقد أنه تجب معاملة الجميع بشكل عادل أمام المحاكم». ولم توضح حملته ما إذا كانت تعتقد أن محاكمة ترمب في قضية أموال الصمت كانت «عادلة»، أم لا. ورأى أحد الأعضاء الديمقراطيين، أن الحزب لا يعرف كيف سيتعامل الناخبون مع هذه الإدانة غير المسبوقة لرئيس سابق، خصوصاً في الولايات المتأرجحة حيث يصدر بعض التعليقات من نقابات عمالية تعتقد أن ترمب لم يعامل بصورة عادلة. أما ترمب، فبدا واضحاً أنه سيستمر في تقديم نفسه بصورة الضحية، وهو موقف تدعمه قاعدته ويصبّ في صالح تعزيز حجم التبرعات لحملته. وأكّدت حملته جمع تبرعات عبر الإنترنت بلغت 53 مليون دولار في يوم واحد بعد إدانته، وهو رقم قياسي في الحملة الجمهورية. ويرجح أن يتكرر الأمر عندما يصدر القاضي خوان ميرشان حكمه بقضية أموال الصمت، في 11 يوليو (تموز) المقبل.

تمسك بالفوز

عبّر الرئيس السابق، ومسؤولون في حملته، عن ثقته بالفوز بالرئاسة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، في مواجهة الرئيس الحالي جو بايدن. وتستعد حملته لاستغلال حكم القاضي ميرشان، المتوقع قبل 4 أيام على انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، لحشد الدعم.

مؤيدون للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خارج مبنى «ترمب تاور» في نيويورك الجمعة (إ.ب.أ)

وكتب توني فابريزيو، مسؤول استطلاعات الرأي في حملة ترمب، في مذكرة وزعت على الصحافيين: «لقد اتخذ الناخبون في الولايات المستهدفة الرئيسية قرارهم بالفعل بشأن هذه المحاكمة. يعتقد معظم الناخبين، خصوصاً أنصارنا، أن القضية لها دوافع سياسية، وأن الإدانة ستكون نتيجة محاكمة صورية متحيزة». وأضاف: «سيعتقد ناخبو بايدن أن ترمب مذنب مهما حدث. وأولئك الذين في الوسط غير مهتمين إلى حد كبير، ولن تتوقف أصواتهم على نتائج المحاكمة». وقال مساعدون في حملة ترمب، إنهم حريصون على العودة إلى جدول حملة أكثر طبيعية، بعد أسابيع من «عزل» الرئيس السابق في قاعة المحكمة بنيويورك.

ومع تمكن ترمب من إقصاء معظم معارضيه من صفوف الحزب الجمهوري، بعد كل جولة من الإدانات والفضائح ومحاولات العزل التي تعرض لها منذ ترشحه الرئاسي الأول عام 2015، احتشد الحزب حوله، بما فيه كثير من منافسيه القدامى؛ فنددت السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز، التي تعد من المعتدلين ورفضت دعم إعادة انتخاب ترمب، بمحاكمته بوصفها «استهدافاً سياسياً». بينما عدّ زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش ماكونيل الذي قرر عدم الترشح والذي كان من بين لأبرز منتقدين ترمب في العامين الماضيين، أن توجيه الاتهام خاطئ من الأساس. وتابع في بيان: «أتوقع إلغاء الإدانة عند الاستئناف».

الجمهور المستهدف

رغم ذلك، فإن الاختلاف الأساسي سيكون حول طبيعة الجمهور الذي يسعى ترمب إلى استمالته من خارج قاعدته، خلال الأشهر الخمسة المتبقية على الانتخابات، فهو يسعى لاستمالة نحو 30 مليون ناخب في 7 ولايات حاسمة.

ولطالما خشي مستشاروه من أن الإدانة بارتكاب جناية يمكن أن تضر حظوظه بين الناخبين المستقلين، خصوصاً نساء الضواحي وفئات أخرى كلّفته خسارة السباق عام 2020. كما أن الجدل الذي أثاره قرار هيئة المحلفين بإدانته رسم صورة مرشّح يعتقد أنه يعمل فوق القواعد والقوانين.

ترمب متجهاً لعقد مؤتمر صحافي في برجه بنيويورك الجمعة (أ.ب)

وبحسب صحيفة «بوليتيكو»، هناك شريحتان يمكن أن تتأثران بهذا الحكم: الجمهوريون التقليديون المتعلمون تعليماً عالياً، والذين يتوقع أن يقبلوا على التصويت. فرغم أنهم لا يحبون ترمب، فإنهم منفتحون على التصويت لصالحه، لأنهم يعدّون بايدن كبيراً في السن، أو أن إدارته مناهضة للأعمال التجارية. ويمكن أن تؤدي إدانة ترمب إلى تعقيد مبرر التصويت لصالح الرئيس السابق، باعتباره «أفضل البدائل السيئة». والشريحة الثانية، هم الناخبون الأقل اهتماماً بالسياسة، لكنَّ حدثاً كبيراً مثل إدانة رئيس سابق يمكن أن يلفت نظرهم. وأظهر استطلاع جديد أجرته شركة «كوك بوليسي ريبورت» للناخبين في الولايات المتأرجحة، أن بايدن يتقدم بنسبة 49 في المائة بين الفئة الأولى من الناخبين، لكنه يتخلف عن ترمب بـ10 نقاط (41 في المائة مقابل 51 في المائة) بين ناخبي الفئة الثانية.

سياسي غير عادي

وبينما تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الأميركيين غير راضين عن إلزامهم بالاختيار، بين ترمب وبايدن، فقد تؤدي أخبار القضايا والمحاكمات المؤجلة والجارية والاستئنافات المتوقعة، إلى الضغط على المترددين في الابتعاد عن ترمب.

وعلى الرغم من أن ترمب ليس سياسياً عادياً، واستطاع التغلب على كل الصعوبات التي واجهته في مسيرته الرئاسية، فإنه اليوم يواجه تهديداً لا يمكن تجاوزه بالاستناد إلى دعم قاعدته الشعبية وحدها. والطريق الوحيد أمامه للفوز هو تمكنه من إقناع ائتلاف يضم كثيراً من الجمهوريين والمستقلين الذين يجدونه خياراً مؤسفاً، ولكنهم يعتقدون أن ولاية ثانية لبايدن ستكون كارثية.


مقالات ذات صلة

ترمب يتعهد بمقاضاة «غوغل» لعرضها موضوعات سيئة فقط عنه

الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يتعهد بمقاضاة «غوغل» لعرضها موضوعات سيئة فقط عنه

اتهم دونالد ترمب الجمعة محرك البحث غوغل بعرض "مقالات سيئة" فقط عنه، متعهدا بمقاضاة عملاق التكنولوجيا في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
الولايات المتحدة​ هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)

اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية

استغلّ كل من ترمب وهاريس وجود قادة العالم في نيويورك لإثبات أهليتهما على صعيد السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيران تنفي مزاعم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الأميركية (رويترز)

الولايات المتحدة توجه اتهامات لـ 3 إيرانيين بالقرصنة والتدخل في الانتخابات

كشفت الولايات المتحدة عن لائحة اتهام بحق 3 إيرانيين على خلفية القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها حملة ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (يسار) ومرشحه لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس (أ.ب)

هاريس تدفع بسياسات ضبط الهجرة من الحدود مع المكسيك

تدفع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بسياساتها للحدّ من الهجرة غير القانونية، خلال زيارة تقوم بها إلى الحدود الأميركية - المكسيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يلتقي زيلينسكي في نيويورك. (أ.ب)

ترمب يلتقي زيلينسكي وسط مخاوف أوكرانية من عدم استمرار الدعم الأميركي

زيلينسكي يلتقي ترمب في نيويورك صباح الجمعة، وخطة النصر التي قدمها زيلينسكي تعدّ خطة مبادئ رمزية أكثر من كونها استراتيجية.

هبة القدسي (واشنطن)

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «عدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «عدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)

قال الرئيس جو بايدن أمس إن مقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في ضربة جوية إسرائيلية هو «قسط من العدالة لكثير من ضحاياه» ومنهم آلاف المدنيين الأميركيين والإسرائيليين واللبنانيين، بحسب ما قال.

وشدد بايدن على أن أميركا تدعم تماماً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه «حزب الله» و«حماس» والحوثيين وأي «جماعات إرهابية أخرى» مدعومة من إيران. وقال إنه وجّه وزير الدفاع لويد أوستن بتعزيز وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع أي عدوان وتقليل مخاطر التحول إلى حرب شاملة بالمنطقة، مشدداً على «أن هدفنا هو خفض التصعيد في الصراعات الحالية سواء في غزة أو لبنان من خلال الوسائل الدبلوماسية». وقبل ذلك،

وقبل ذلك، عبّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، (السبت)، عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة «الجماعات الإرهابية» المدعومة من إيران.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن تحدّث مرتين، الجمعة، مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن الأحداث في لبنان، موضحة أن الوزير الأميركي قال إن واشنطن مستعدة لحماية قواتها ومنشآتها في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل.

وصدر الموقف الأميركي بعد ساعات من تأكيد «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في الضربة الجوية التي نفّذتها إسرائيل، يوم الجمعة، على مقر القيادة المركزية للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.

مخاوف من توسّع الصراع

ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين قولهم إن مقتل نصر الله أدى إلى تأجيج المخاوف بشكل كبير من نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وهو الاحتمال الذي سعت إدارة الرئيس جو بايدن بشدة منذ أشهر لمنعه.

لكن مسؤولاً غربياً كبيراً، لم تفصح عن هويته، قال للمحطة: «لا أرى كيف لا يتسع نطاق هذا الأمر قريباً».

وحسب المسؤول الكبير السابق في الشرق الأوسط في وزارة الدفاع، ميك مولروي، كانت الضربة أيضاً إشارة واضحة إلى استعداد إسرائيل للمخاطرة بصراع أوسع نطاقاً، وأنها لم تكن قريبة من قبول اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، ومن غير المرجح الآن أن يكون «حزب الله» مهتماً بالمفاوضات.

زعيم «حزب الله» حسن نصر الله قُتل بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية الجمعة (أ.ف.ب)

إيران تشعر بالقلق

وقال مسؤول عسكري أميركي: «هناك بعض الدلائل على أن إيران قد شعرت بالقلق بالفعل بشأن درجة الضرر الذي ألحقته إسرائيل بـ(حزب الله)، أقوى الميليشيات التابعة لها وأكثرها قدرة في المنطقة». وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران ستتدخل في الصراع إذا رأت أنها على وشك «خسارة (حزب الله)»، بعدما أدت التأثيرات المجمعة للعمليات الإسرائيلية ضده إلى إخراج مئات المقاتلين من ساحة المعركة. وأضافت «سي إن إن» أن المسؤولين الأميركيين قدّروا منذ فترة طويلة أن القيادة العليا لـ«حزب الله» أرادت تجنّب حرب شاملة مع إسرائيل، حتى مع اشتداد القتال في الأشهر الأخيرة، لكن مقتل نصر الله مختلف تماماً.

«حزب الله» سيرد

ووفقاً للمسؤول الاستخباراتي الكبير السابق، جوناثان بانيكوف، فإنه من المؤكد تقريباً أن «حزب الله» سيرد، ومن المرجح أن تلعب إيران دوراً. وقال بانيكوف: «من المرجح أن يكون الرد كبيراً بما يكفي لارتفاع احتمالات أن يؤدي إلى حرب واسعة النطاق». وأضاف أن قيادة «حزب الله» دأبت منذ مدة طويلة على التحريض على لعب دور أكبر في القتال ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وهي الآن تخاطر بفقدان شرعيتها في أعين مقاتليها ومؤيديها إذا لم تقدم رداً قاسياً على مقتل زعيمها.

شنكر: لحظة أمل نادرة

وتعليقاً على مقتل زعيم «حزب الله»، قال ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، إن «نصر الله ورعاته الإيرانيين هم من طلبوا هذه الحرب ضد إسرائيل». وأضاف في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن نصرالله «كان بإمكانه أن ينهيها في أي وقت، لكنه اختار ألا يفعل ذلك. ومع موته فقد جر لبنان مرة أخرى إلى مواجهة مدمرة أخرى مع إسرائيل».

وحول لبنان، قال شنكر «إنها لحظة أمل نادرة، الأمل في أن تتمكن النخبة السياسية من اغتنام الفرصة لإعادة تنشيط الدولة وإعادة التوازن إلى السياسة بعيداً عن هيمنة حزب الله المستمرة منذ عقود. لكن بالنسبة لإيران، فهذه ضربة هائلة. خلال العام الماضي، شهدت وكيلها الفلسطيني، «حماس» في غزة، يشن حرباً ويخسرها أمام إسرائيل، مما تسبب في معاناة إنسانية هائلة للفلسطينيين. والآن، شهدت الجمهورية الإسلامية تدهور جوهرة التاج لوكلائها. لقد فقدت إيران مستشارها الجهادي الرئيسي. وكان نصر الله، فعلياً، بديلاً لقاسم سليماني».

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (د.ب.أ)

آرون ديفيد ميللر

إلى ذلك، قال آرون ديفيد ميللر، الباحث البارز ونائب رئيس معهد كارنيغي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية «توضح لي من حيث المبدأ أن جيش الدفاع الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو استنتجا أن التهديد الاستراتيجي الحقيقي لا يتمثل في حماس في الجنوب، لكنه يكمن في الشمال (مع لبنان). وأعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي توصل إلى هذا الاستنتاج واستغل أن الكنيست في عطلة، وأن الانتخابات الأميركية أمامها أسابيع، ولذلك فإن قدرة الولايات المتحدة على فرض عقوبات أو تقييد قدرات إسرائيل أو وضع شروط على المساعدات العسكرية الأميركية قد تثير انزعاجاً كبيراً، وهذا ما يعطي نتنياهو فرصة للمناورة من الآن وحتى الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)»، موعد الانتخابات الأميركية.

ويضيف الباحث البارز الذي عمل مفاوضاً في إدارات أميركية عدة، أن الانتخابات الأميركية تحتل مكانة بارزة في حسابات نتنياهو وهي أيضاً تحتل مساحة بارزة ومفهومة في حسابات إدارة بايدن، و«أسوأ شيء بالنسبة لهذه الإدارة وللمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس هو اندلاع حرب شاملة الآن وحصول تصعيد إسرائيلي ضد (حزب الله). من السهل تخيّل أن الولايات المتحدة يمكن أن تنجر إلى هذه الحرب، ولذا فإن الأمر محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية». ويرى ميللر أن اغتيال حسن نصر الله لن يكون نهاية فصل أو بداية قصة جديدة، لأن إسرائيل تواجه حالياً ثلاث جبهات وحرب استنزاف، واحدة مع حماس وهي الأقل في الأهمية الاستراتيجية، والثانية مع «حزب الله» التي ستستمر بشكل ما، أما الثالثة فهي مع إيران و«من ثمّ لن تنتهي هذه الحروب في وقت قريب ولا توجد نهايات دبلوماسية لها». ويقول: «لقد أصدر حزب الله تهديدات كثيرة باستهداف إسرائيل. والسؤال الآن هل سيتراجعون عن القيام برد فعل انتقامي هائل؟ ويجب أيضاً أخذ الرأي العام اللبناني في الاعتبار لأنه المتأثر بالضربات الإسرائيلية، وفي اعتقادي أن حزب الله سيلجأ بمرور الوقت إلى استخدام القوة الناعمة».

وحول رد الفعل الإيراني، يضيف ميللر: «الإيرانيون في مأزق، فهم لا يريدون أن يروا وكيلهم الرئيسي في الصراع العربي الإسرائيلي يُغتال بهذه الطريقة، وفي الوقت نفسه لا يريدون أن ينجروا إلى مواجهة مستمرة مع إسرائيل - وهذا يتضمن أيضاً الولايات المتحدة - بما يؤدي إلى ضربات على الجيش الإيراني وربما على منشآتهم النووية».