أكد القاضي خوان ميرشان، المشرف على محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بقضية «أموال الصمت»، أن حظر النشر الذي يمنع المتهم من التعليق على الشهود والمحلفين، لا يحول دون الإدلاء بشهادته في المحكمة. يأتي ذلك وسط ترقب من المحلفين لشهادة محامي ترمب السابق مايكل كوهين، الذي كان واسطة العقد في دفع الأموال للممثلة الإباحية «ستورمي دانيالز»، بهدف عدم إفشاء علاقتها المزعومة به قبل انتخابات عام 2016.
منعطف مهم
مثلت شهادة هوب هيكس، المستشارة السابقة لترمب والناطقة باسم البيت الأبيض في عهده، منعطفاً مهماً هو الأكثر إثارة في المحاكمة؛ لأنها من الدائرة المقربة له. ولم يُظهر ترمب أي انفعال عندما أدار رأسه ليشاهد هيكس وهي تقف إلى منصة الشهود. وبعدما وقفت للإدلاء بشهادتها، أخذت نفساً عميقاً قبل بدء الاستجواب، واعترفت بأنها كانت «متوترة حقاً».
ويقول ممثلو الادعاء إن هيكس تحادثت مع ترمب عبر الهاتف خلال محاولة محمومة لإبعاد مزاعم خياناته الزوجية عن الصحافة، بعد تسريب شريط «الوصول إلى هوليوود» الذائع الصيت قبل أسابيع من انتخابات عام 2016.
وفي مستهل جلسة الجمعة، قال القاضي ميرشان: «أريد أن أؤكد للسيد ترمب: لديك الحق المطلق في الإدلاء بشهادتك في المحاكمة»، فيما بدا أنه رد مباشر على تصريحات للرئيس السابق بعد جلسة الخميس أن أمر حظر النشر سيمنعه من الإدلاء بشهادته، علماً أنه عاد ليقر الجمعة بأن الأمر ليس كذلك في الواقع. ولكنه أبلغ الصحافيين أن فريقه القانوني سيحاول إلغاء أمر حظر النشر برمته.
وفرض ميرشان غرامة تسعة آلاف دولار على ترمب الثلاثاء الماضي لانتهاكه الأمر. وأعلن الخميس أنه قد يفرض المزيد من الغرامات على انتهاكات أخرى. ولكنه لم يصدر أي حكم جديد على ترمب بسبب انتهاكه حظر الإدلاء بتصريحات ومواقف عن الشهود والمحلفين ذوي الصلة بقضية «أموال الصمت»، علماً أن الادعاء طلب تغريم ترمب أربعة آلاف دولار بسبب التعليقات التي أدلى بها الأسبوع الماضي حول هيئة المحلفين والشهود في أول محاكمة جنائية لرئيس أميركي سابق.
الغائب الحاضر
وعلى رغم مضي أسبوعين على بدء جلسات الاستماع إلى الشهود في القضية، لم يتضح بعد متى سيحضر كوهين، وهو الشاهد الرئيسي للادعاء، علماً أن كلماته ترددت أمام هيئة المحلفين في المحكمة، عبر تسجيلات لمكالمات له مع ترمب ليس فقط في شأن علاقة الرئيس السابق المزعومة مع دانيالز، بل أيضاً بخصوص دفع أموال للعارضة السابقة لدى مجلة «بلاي بوي» كارين ماكدوغال التي ادعت أيضاً أن لها علاقة مع ترمب.
وتشمل التسجيلات، التي أعدها كوهين سراً، اتصالاً مع ترمب قبيل انتخابات 2016، وفيه يتحدث كوهين عن خطة لشراء حقوق نشر قصة ماكدوغال من صحيفة «ناشونال إنكوايرير» الشعبية، التي كانت تشتري حقوق النشر لهذا النوع من القصص بهدف دفنها لحماية المتضررين المحتملين منها، ضمن ما يعرف باسم «القبض والقتل»؛ أي الحصول على القصة وعدم نشرها.
وفي مرحلةٍ ما من هذه المكالمة، قال كوهين لترمب إنه تحادث إلى المدير المالي لمنظمة ترمب آنذاك، ألان فايسلبرغ، حول «كيفية إعداد الأمر برمته بالتمويل». ورد ترمب: «ما الذي علينا أن ندفعه مقابل هذا؟ واحد وخمسون؟»، مقترحاً الدفع نقداً. ولكن كوهين اعترض، قائلاً: «لا» مراراً. وبعدها يقول ترمب: «شيك»، ثم ينقطع التسجيل.
كوهين ودانيالز
وبالإضافة إلى كوهين، لم يستمع المحلفون حتى الآن إلى دانيالز. ولم يذكر ممثلو الادعاء من سيشهد مقدماً خشية أن يستهدفهم ترمب، عبر منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي، أو أمام الحشود المتحمسة خلال حملاته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض.
وكانت جلسة الخميس انتهت بالاستماع لشهادة استمرت أكثر من ست ساعات من المحامي كيث ديفيدسون، الذي لعب دوراً أساسياً باعتباره وكيل الدفاع عن دانيالز (اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد)، وكذلك ماكدوغال، للتفاوض مع كوهين، وكذلك مع ناشر «ناشونال إنكوايرير» ديفيد بيكر، الذي استمعت إليه المحكمة في وقت سابق.
وخلال استجوابه، أفاد ديفيدسون خلال شهادته بأنه «صُدم»؛ لأن جهوده الخفية ربما ساهمت في فوز ترمب بانتخابات عام 2016، ضد منافسته هيلاري كلينتون. وعندما تبين له أن ترمب سيفوز، كتب رسالة مكتوبة لأحد المحررين لديه: «ماذا فعلنا؟». ورد المحرر: «يا إلهي!».
وقال ديفيدسون لهيئة المحلفين: «كان هناك تفاهم على أن جهودنا ربما ساعدت بطريقةٍ ما (...) في الحملة الرئاسية لدونالد ترمب».
تخفيف الضرر
في المقابل، سعى وكلاء الدفاع عن ترمب إلى تخفيف الضرر المحتمل من شهادة ديفيدسون من خلال إقناعه بالإقرار بأنه لم يكن لديه أي تفاعل مع ترمب، بل فقط كوهين. وأكد ديفيدسون أنه لم يكن في نفس الغرفة مع ترمب. وقال: «لم تكن لديّ أي تفاعلات شخصية مع دونالد ترمب».
وعمل دفاع ترمب على إحداث ثغرات في صدقية شهود الادعاء، وإظهار أن ترمب كان يحاول حماية سمعته وعائلته، وليس حملته، من خلال إسكات النساء اللاتي يُشتبه في أنه كان على علاقة معهن خارج إطار الزواج.
ويواجه ترمب ثلاث محاكمات جنائية أخرى، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان ستُجرى فعلاً أي منها قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويواجه في اثنتين منها تهماً تتعلق بمحاولته قلب نتائج انتخابات 2020 التي فاز فيها الرئيس جو بايدن، في حين يُتهم في دعوى ثالثة بسوء التعامل مع وثائق سرية بعد تركه البيت الأبيض عام 2020.