ترمب يحضر المرافعات الافتتاحية لمحاكمته في قضية جنائية

الرئيس السابق اتهم واشنطن بالوقوف وراء الحملة لاضطهاده

ترمب جالساً داخل قاعة محكمة مانهاتن اليوم (أ.ب)
ترمب جالساً داخل قاعة محكمة مانهاتن اليوم (أ.ب)
TT

ترمب يحضر المرافعات الافتتاحية لمحاكمته في قضية جنائية

ترمب جالساً داخل قاعة محكمة مانهاتن اليوم (أ.ب)
ترمب جالساً داخل قاعة محكمة مانهاتن اليوم (أ.ب)

وصل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، إلى مدينة نيويورك لحضور المرافعات الافتتاحية في محاكمته بقضية جنائية لا ينفك يندّد بها ويصفها بأنها تندرج في إطار «حملة اضطهاد» ترمي إلى ضرب حظوظه في العودة إلى البيت الأبيض، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال ترمب البالغ 77 عاما في تصريح لصحافيين قبيل دخوله قاعة محكمة مانهاتن: «إنه يوم حزين جدا جدا للولايات المتحدة».

وأضاف: «أنا موجود هنا بدلا من وجودي في بنسلفانيا، في جورجيا وأماكن أخرى عدة لخوض الحملة الانتخابية». وتابع: «إنها حملة اضطهاد تأتي للأسف من واشنطن».

وترمب هو أول رئيس سابق يواجه تهما جنائية، والقضية تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة إليه، إذ تأتي قبل أقل من سبعة أشهر من مواجهته المتجددة مع الرئيس الأميركي جو بايدن المرشّح لولاية ثانية.

ومن المتوقع أن يكون من بين شهود الادعاء الممثلة الإباحية السابقة ستورمي دانيالز ومحامي ترمب السابق مايكل كوهن.

وفي إجراء يذكّر بمحاكمات زعماء المافيا أو الإرهابيين، ستبقى هويات النساء الخمس والرجال السبعة في هيئة المحلّفين سرية لضمان سلامتهم.

وفرضت إجراءات أمنية مشدّدة، اليوم، بعد ثلاثة أيام على إقدام رجل على إضرام النار في نفسه خارج قاعة المحكمة في واقعة مروّعة غير متّصلة بمحاكمة ترمب.

جانب من الإجراءات الأمنية خارج محكمة مانهاتن اليوم (أ.ب)

ويواجه الرئيس الأميركي السابق 34 تهمة تتعلق بالاحتيال التجاري كجزء من خطة للتستّر على مدفوعات لدانيالز مقابل شراء صمتها عن علاقته الجنسية المفترضة معها، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2016 التي فاز فيها بفارق ضئيل على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ولكن هذه التهمة تبقى أقل شأنا من لوائح الاتهام التي تطوله في ثلاث دعاوى قضائية محورها انتقادات ترمب وهجماته على نتائج انتخابات عام 2020 التي خسرها أمام بايدن، واحتفاظه بوثائق رسمية سرية ونقلها معه من البيت الأبيض بعد انتهاء ولايته الرئاسية.

وفي المحاكمة الراهنة، يرى خبراء أن ترمب قد يواجه عقوبة السجن أو دفع غرامة أو قد يوضع تحت الرقابة.

غير أنّ المحاكمة التي تحظى بتغطية إعلامية مكثّفة ستُبقي ترمب بعيداً من نشاطات الحملة الانتخابية لأربعة أيام أسبوعياً لفترة قد تتراوح بين ستة وثمانية أسابيع، بينما يواصل بايدن حملته مهاجماً منافسه الجمهوري في بعض الأحيان، بشكل مباشر أو غير مباشر، من البيت الأبيض وفي جميع أنحاء البلاد.

لكن ترمب سعى لاستغلال التغطية الإعلامية المكثّفة لمحاكمته لحشد قاعدته الشعبية عبر إدلائه بتصريحات على نحو منتظم من أمام مقر المحكمة.

ومن المتوقع أن يشهد، اليوم، مرافعات افتتاحية، تشكّل فرصة لكلّ جانب لعرض قضيته على المحلّفين ولشنّ هجمات استباقية على شهود الجانب الآخر.

وقال المدعي العام السابق بينيت غيرشمان، وهو حاليا محاضر في جامعة بايس، للوكالة: «ستكون هذه بداية المحاكمة الأكثر إثارة على الأرجح في التاريخ الأميركي». وأضاف: «سنستمع يوميا إلى شهادة من شأنها أن تلحق الضرر بترمب».

ازدراء المحكمة

من جهته، اعترض ترمب على القضية، خصوصاً ما عدّه حظر نشر جزئيا «غير عادل» فرضه القاضي لمنعه من استخدام حضوره الإعلامي القوي لمهاجمة الشهود والمدّعين العامّين وأقارب موظفي المحكمة.

وستُعقد جلسة استماع، يوم غد، سيقرّر فيها القاضي خوان ميرشان ما إذا كان ترمب قام فعلاً بازدراء المحكمة بطريقة تصرّفه أثناء عملية اختيار أعضاء هيئة المحلّفين.

وقال المدعي العام جوش ستينغلاس الخميس الماضي: «ما زلنا ندرس خياراتنا... في ما يتعلّق بالعقوبات التي سنطلب فرضها»، ممّا يشير إلى احتمال طلبهم سجن ترمب.

وكان ميرشان انتقد ترمب لأنّه أدلى بتصريحات تنطوي على انتقادات ضمنية للمحلّفين المحتملين الأسبوع الماضي.

وقال ترمب: «لن أتعرّض للترهيب من أيّ من المحلّفين في قاعة المحكمة هذه».

وكان يعتزم استئناف حملته الانتخابية بتجمّع حاشد في ولاية كارولاينا الجنوبية، أول من أمس، لكن الطقس الرديء أجبره على إلغاء التجمّع في الهواء الطلق.

وقال ترمب للحشد عبر مكالمة تمّ بثّها: «إنّها عاصفة كبيرة جداً. لذا، إذا كنتم لا تمانعون فسيكون علينا تأجيل (تجمّعنا). أنا حزين جداً».

وتمّ تأجيل القضايا الجنائية الثلاث الأخرى بسبب استراتيجية ترمب الناجحة المتمثّلة في تحدّي وعرقلة كلّ خطوة في هذا المجال.

غير أنّ ميرشان تمكّن من بدء محاكمة الاحتيال في نيويورك خلال فترة زمنية قصيرة.

وجرت مقابلة مجموعة كبيرة من المحلّفين المحتملين الأسبوع الماضي من قبل المدّعين العامين ومحامي الدفاع بشأن عاداتهم الإعلامية وتبرّعاتهم السياسية وتعليمهم، وما إذا كانوا قد حضروا مسيرة مؤيّدة أو مناهضة لترمب.

وتمّ إعفاء كثير من المحلفين بعدما قالوا إنهم لا يستطيعون أن يكونوا محايدين، قبل أن يتمكّن المحامون والقاضي من تقليص المجموعة إلى 12 محلّفاً مع ستة بدلاء.

وأصدر ميرشان قراراً يقضي بعدم الكشف عن هوية المحلّفين حفاظاً على سلامتهم، على الرغم من ظهور الكثير من التفاصيل الشخصية أثناء عملية الاختيار ممّا أدى إلى إضعاف الإجراء. وطلب القاضي في وقت لاحق من المراسلين التوقّف عن تقديم الأوصاف الجسدية للمحلّفين وأمر بعدم تحديد مكان عملهم.

وأمر القاضي الرئيس السابق بحضوره كل يوم من أيام المحاكمة. وتتطلب إدانة ترمب إصدار المحلفين قرارهم بالإجماع.


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
TT

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على بدء انسحاب الرئيس جو بايدن من الحلبة السياسية الأميركية، بدت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، على وشك إنجاز حلقات الدعم الضرورية، ليس فقط لنيل بطاقة الحزب الديمقراطي، بل أيضاً لتشكيل تحالف يمكّنها من الفوز بانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يعتقد كثيرون أن حملة هاريس يمكن أن تكرّر، بعد 100 يوم من الآن، الإنجاز الانتخابي الهائل الذي نتج عن «موجة زرقاء» عالية، أوصلت أول شخص أسود، هو الرئيس باراك أوباما، إلى البيت الأبيض عام 2008، وأبقته عام 2012، ثم دفعت نائب الرئيس في عهده جو بايدن إلى سُدّة الرئاسة عام 2020 إلى تلك المكانة، على رغم الجدار العالي الذي بناه الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه بين الجمهوريين المحافظين في مساعيهم لإعادة «جعل أميركا بيضاء مرة أخرى»، وهو الظل الخفي لشعار ترمب الشعبوي «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

لهذه الأسباب وغيرها، تبدو الانتخابات لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أكثر صداميّة من سابقاتها.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما معانقاً نائبة الرئيس كامالا هاريس بمناسبة إقرار قانون للرعاية الميسّرة في البيت الأبيض عام 2022 (أ.ف.ب)

خلال حملتها القصيرة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2019، حاولت هاريس محاكاة استراتيجية أوباما لعام 2008، فتعاملت مع ساوث كارولينا، وهي ولاية تضم عدداً كبيراً من ذوي البشرة السوداء، باعتبارها موقعاً لاختراقها المحتمل، ولكنها حشدت الموارد في آيوا تحضيراً لهذا الاختراق، من خلال طمأنة الناخبين السود بأنها قادرة على الفوز في الولاية ذات الغالبية البيضاء، وكانت تتمتع بميزة إضافية تتمثل في كونها من كاليفورنيا، وفي لحظة من الانتخابات التمهيدية فيما يسمى «الثلاثاء الكبير» في مارس (آذار) عامذاك، وبعد أدائها الناجح في مناظرة يونيو (حزيران) 2019، بدا أن هاريس في طريقها إلى تحقيق هذا الإنجاز، ما يهدّد تقدّم بايدن في استطلاعات ساوث كارولينا وآيوا. لكن هذا «التهديد» الانتخابي ضد بايدن لم يدُم طويلاً، بسبب «نفاد المال والحظ»، ما دفع هاريس إلى الانسحاب من الانتخابات التمهيدية.

قطبان رئيسيان

أما الآن، فأصبحت هاريس المرشّحة المفترضة عن الديمقراطيين، من دون الحاجة إلى اجتياز أي تمهيديات، ومع ذلك لا تزال تواجه بعض القرارات الاستراتيجية الرئيسية، في ضوء تراجُع بايدن باستمرار عن ترمب في الاستطلاعات، بسبب أدائه الضعيف بين فئتي الشباب وغير البِيض، وهما قطبان رئيسيان في «تحالف أوباما». ووسط تساؤلات عما إذا كانت هاريس تستطيع تعويض بعض هذه الخسائر المحتملة من دون التضحية بدعم ناخبين آخرين، أقدمت نائبة الرئيس على الدخول إلى منصة «تيك توك» المفضلة عند أجيال «إكس» و«زد» والألفية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مساعيها الهادئة لنيل تأييد علني من الفنانة الأميركية الأشهر تايلور سويفت، بعدما حظيت بدعم الفنانة بيونسيه، والممثلة جينيفر أنيستون، وإذ تدرك أن الطاقة مُعدِية، فالصور المتحركة السريعة والموسيقى تؤكد على ديناميكية حملتها التي تميل إلى التنوع.

أميركيون يؤيدون ترشيح كامالا هاريس في لوس أنجليس الجمعة (أ. ب)

«الأمل والتغيير»

منذ الخطوة التي اتخذها بايدن، الأحد الماضي، وقلبت المشهد الانتخابي الأميركي رأساً على عقب، بعدما هيمن ترمب عليه بشكل كامل تقريباً على أثر محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل نحو أسبوعين، يجد كثيرون الآن فرصة لأن تتمكّن هاريس من الإفادة من سحر «الأمل والتغيير»، الذي تمتع به أوباما في بطاقته الديمقراطية قبل 16 عاماً. وتقع المفارقة في أن الاستطلاعات كانت تشير بوضوح إلى أن نسبة كبيرة من الأميركيين يشكّكون في القدرات الذهنية لترمب، بسبب وقوعه في سلسلة من الأخطاء اللفظية وهفوات الذاكرة، غير أن ذلك لم يحظَ باهتمام كبير، في ظل الصعوبات الكبيرة التي كان يواجهها بايدن. ولكن استبدال الأخير بهاريس يبعث الأمل في استعادة الناخبين الأصغر سناً، والناخبين السود واللاتينيين، الذين ابتعدوا عن بايدن منذ عام 2020. وفي الوقت ذاته، يمكنها توسيع هوامش الديمقراطيين القوية بالفعل بين النساء المتعلمات في الكليات والداعمات لحقوق الإجهاض.

وبالإضافة إلى هذه الشرائح المهمة، تسعى هاريس منذ سنوات إلى إيجاد مكانة لها في أوساط المهتمين بالقضايا التجارية والاقتصادية، وبينما يتذكر البعض إصرارها في مناظرة رئاسية عام 2019، على أنها «ليست ديمقراطية حمائية»، فهي ليست من مؤيدي التجارة الحرة أيضاً. وقد أكّدت أنها كانت ستعارض اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية عام 1992، علماً بأن بايدن صوَّت مؤيداً لها أثناء خدمته في مجلس الشيوخ، وكذلك اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي دعمها أوباما. وعام 2020 كانت بين 10 سيناتورات صوّتوا ضد اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بعد انسحاب الرئيس دونالد ترمب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.

كامالا هاريس تتجه للصعود إلى «آير فورس تو» في مطار هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

ويعتقد فريق ترمب أن في إمكانه تعويض مكاسب هاريس المحتملة، من خلال تصويرها «راديكالية كاليفورنيا»، ورمزاً للتنوع الذي يمكن أن ينفّر الناخبين البِيض الأكبر سناً، الذين كان بايدن يتمتع ببعض القوة المتبقية معهم. ولكن أوباما تغلّب على عناصر مشابهة عام 2008، وساعده على ذلك الانهيار المالي، والتململ الشعبي من سياسات الحرب الجمهورية في العراق.

آثار استراتيجية

ويرجّح أن تكون لجهود هاريس لاتّباع مسار أوباما آثار استراتيجية كبرى على خريطة المعركة الانتخابية؛ لأن أي تحسّن كبير في أدائها بين الناخبين السود واللاتينيين، ومَن هم دون سن الثلاثين يمكن أن يُعيد ولايات متأرجحة، مثل أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا، التي كادت تميل لمصلحة ترمب في الأسابيع الأخيرة إلى قلب السباق، علماً أيضاً بأن تآكل دعم بايدن بين الناخبين البِيض الأكبر سناً، وغير الحاصلين على تعليم جامعي، أدّى إلى إضعاف فرص الديمقراطيين بالفوز في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

وبات من المؤكد أن هذه الخيارات الاستراتيجية يمكن أن تؤثر على اختيار هاريس في عملية الترشيح لمنصب نائب الرئيس، ليس فقط لجهة اختياره من ولاية تشكّل ساحة معركة، ولكن بوصفه وسيلة لتعظيم التحول الناتج عن انسحاب بايدن. ويعتقد البعض أن هاريس يمكن أن تتبع مثال الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1992 لمضاعفة نقاط قوتها، من خلال اختيار امرأة أخرى هي حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر.

ولكن هذا الخيار الجريء والتاريخي يحمل «مخاطرة أكبر»، وإن كان يشبه إلى حدٍّ نموذج عام 1992، عندما وقع اختيار كلينتون على آل غور مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، على رغم أنه من مواليد فترة الطفرة في الجنوب الأميركي، وليس من واشنطن.

«فخر» روزفلت

منذ الساعات الأولى لترشيحها، بدأت هاريس العمل على إعادة تجميع «تحالف أوباما» بطريقة فعّالة للغاية، وهذا ما ظهر في إعلانها الانتخابي الأول: «كان روزفلت ليشعر بالفخر؛ ففي خطابه عن حال الاتحاد عام 1941 حدّد 4 حريات: حرية التعبير، وحرية العبادة، والحرية من العوز، والحرية من الخوف»، وتشدّد هاريس، بمساعدة من بيونسيه، باستمرار على الحرية باعتبارها الإطار الأساسي لحملتها، وهي تؤكد بشكل خاص على الحرية من العوز، والحرية من الخوف، مع الإشارة إلى الأمن الاقتصادي، والرعاية الصحية، وحقوق الإنجاب، والأمان من الأسلحة النارية. ومثل روزفلت، أعادت هاريس صوغ «الحرية» ــ وهي جزء أساسي من معجم المحافظين ــ لإعطائها دلالات تقدّمية.

نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 2023 (أ.ف.ب)

ويحتفي إعلانها بالتنوع الأميركي مع وفرة من الأشخاص الملوّنين؛ لأنها تريد زيادة الإقبال بشكل كبير بين السود واللاتينيين، والناخبين الأصغر سناً، الذين يشكّلون أهمية أساسية لـ«تحالف أوباما».

حتى الآن، أثمرت استراتيجية هاريس لإعادة تجميع «تحالف أوباما» عن أرباح فورية، ظهرت في ال​​استطلاعات، التي تُوحِي أن لديها الموارد والمتطوعين لدفع نسبة المشاركة على غرار أوباما، ولكن سباق الأيام الـ100 سيكون طويلًا وصعباً، على رغم أن رسالتها المبكرة تلقى صدى.