ترمب أول رئيس أميركي سابق يخضع لمحاكمة جنائية

الإدانة المحتملة تعني السجن… وقلب مسار الانتخابات

ترمب جالساً في قاعة محكمة مانهاتن الجنائية بنيويورك الاثنين (إ.ب.أ)
ترمب جالساً في قاعة محكمة مانهاتن الجنائية بنيويورك الاثنين (إ.ب.أ)
TT

ترمب أول رئيس أميركي سابق يخضع لمحاكمة جنائية

ترمب جالساً في قاعة محكمة مانهاتن الجنائية بنيويورك الاثنين (إ.ب.أ)
ترمب جالساً في قاعة محكمة مانهاتن الجنائية بنيويورك الاثنين (إ.ب.أ)

وقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الاثنين، متهماً بارتكاب 34 جناية أمام المحكمة في نيويورك، ليدافع عن نفسه في قضية تزوير وثائق وما يسمى «أموال الصمت» لإسكات الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز التي تدعي أنه دفع لها مبالغ لمنعها من الإدلاء بمعلومات عن علاقة معها خارج الزواج، خلال حملته للانتخابات الرئاسية عام 2016، في محاكمة تاريخية قد تقلب الانتخابات الرئاسية المقبلة رأساً على عقب.

وظهر الرئيس السابق تحت قوس المحكمة، التي يرأسها القاضي خوان ميرشان، في الناحية السفلى من ضاحية مانهاتن، حيث تجمهر المئات من الصحافيين لمتابعة هذا الحدث الاستثنائي، مع اصطفاف المئات من سكان نيويورك الذين استدعتهم المحكمة لمباشرة عملية اختيار هيئة المحلفين الكبرى المؤلفة من 12 شخصاً، و6 بدائل، في عملية معقدة يمكن أن تستمر أسبوعين وتوجب موافقة المدعين العامين ووكلاء الدفاع على كل من هؤلاء، لتكون لهم الكلمة الفصل النهائية في المحاكمة الجنائية التي يخضع لها المرشح الرئاسي المفضل لدى الجمهوريين، ويمكن أن تستمر حتى يونيو (حزيران) المقبل، قبل إصدار أي أحكام.

شرطيان يراقبان مؤيدين لترمب قرب مبنى محكمة مانهاتن الجنائية في نيويورك الاثنين (أ.ف.ب)

وفي حال الإدانة، يمكن أن يصل الحكم إلى 4 سنوات عن أي من التهم الـ34، علماً بأن مجموع هذه الأركان لا يمكن أن يتعدى 20 عاماً. وكذلك يمكن لترمب أن يستأنف أي حكم يمكن أن يصدر ضده. وفي حالات عديدة، قرر القضاء، رغم الأحكام في مثل هذه القضايا، عدم إرسال الشخص المدان إلى السجن، مع الاستبدال بذلك وضعه تحت الرقابة القضائية.

وفي حالة ترمب، الذي لا يزال المرشح الوحيد والأفضل حظاً للحصول على بطاقة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ليكون في المواجهة المعادة من انتخابات عام 2020، ضد المرشح المفضل للديمقراطيين الرئيس الحالي جو بايدن، فإن أي حكم إدانة لا يمكن أن يمنعه من حيث المبدأ من مواصلة ترشيحه للانتخابات المقبلة، وربما الفوز فيها. غير أن مجريات هذه المحاكمة الجنائية قد تقلب مسار التوقعات الحالية للانتخابات.

معارضون لترمب خارج قاعة محكمة مانهاتن الجنائية في نيويورك الاثنين (د.ب.أ)

وبعدما رحب بترقب لدى دخوله قاعة المحكمة بجملة: «صباح الخير، أهلاً بالسيد ترمب»، أعلن القاضي مارشان في مستهل الجلسة، أن هيئة خاصة في المحكمة رفضت الاستجابة للطلبات المتكررة من وكلاء الدفاع عن الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة بتنحي ميرشان بدعوى «تضارب المصالح»، لأن ابنة القاضي، لورين، بصفتها رئيسة لشركة «أوثانتيك كامبينز»، لديها عملاء بينهم الرئيس جو بايدن وديمقراطيون آخرون. وقال القاضي ميرشان: «لا أجندة هنا. نريد التزام القانون، نريد إحقاق العدالة».

وترمب متهم بتزوير سجلات تجارية كجزء من مخطط يضم محاميه السابق مايكل كوهين لإخفاء مبلغ 130 ألف دولار دفعها الأخير إلى دانيالز. وانقلب كوهين على ترمب ليصير «الشاهد الملك» في القضية. ونفى الرئيس السابق ما وصفة بأنه «اتهامات كاذبة وابتزازية»، وأن يكون أقام مع الممثلة أي علاقة خارج الزواج.

تزوير انتخابي

وبالنسبة للمدعي العام لولاية نيويورك، ألفين براغ، يمثل الأمر تزويراً انتخابياً، لأن العملية كان هدفها التستر على معلومات يمكن أن تضر بفرص المرشح الجمهوري عام 2016.

وقام محامو ترمب بمحاولات كثيرة فاشلة لإلغاء المحاكمة، أو تأجيلها، في تكتيك استخدموه أيضاً في القضايا الجنائية الثلاث الأخرى ضد الرئيس السابق.

وادعى ترمب في كثير من المرات أن عدداً من القضاة «مسيّسون». وخلال اجتماع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، صوّر الرئيس الأميركي السابق نفسه مجدداً على أنه ضحية لاضطهاد قانوني وسياسي. وقال لمؤيديه: «يريد أعداؤنا سلبي حريتي لأنني لن أسمح لهم أبداً بسلبكم حريتكم».

مؤيد لترمب يحمل علماً أميركياً - إسرائيلياً قرب مبنى محكمة مانهاتن الجنائية في نيويورك الاثنين (إ.ب.أ)

ووصف فريق حملته المحاكمة بأنها «اعتداء مباشر على الديمقراطية الأميركية»، لأن «هذه الاتهامات ملفقة بالكامل بغية التدخل في الانتخابات»، في حملة «تنكيل شعواء» هدفها منع ترمب من العودة إلى البيت الأبيض.

وقال محامي ترمب، أميل بوف في جلسة للمحكمة، إن «الأضرار» المحتملة للتعديل الأول من الدستور الأميركي الذي يكفل حرية التعبير بسبب أمر حظر النشر «لا يمكن إصلاحها»، مضيفاً أنه «لا ينبغي تكميم ترمب، بينما يهاجمه منتقدوه بشكل روتيني»، وبينهم كوهين ودانيالز.

وكان 4 من قضاة محكمة الاستئناف في نيويورك رفضوا في أحكام منفصلة الأسبوع الماضي، محاولات من ترمب لتأجيل محاكمته الجنائية.

محاكمة فلوريدا

ويواجه الرئيس ترمب 3 قضايا جنائية أخرى، إحداها في فلوريدا، حيث يتهم بأنه نقل بشكل غير قانوني وثائق سرية من البيت الأبيض إلى منزله المعروف باسم مارالاغو. ويركز فريق الادعاء برئاسة المستشار القانوني الخاص المعين من وزارة العدل جاك سميث، على أن ترمب نقل هذه الوثائق، و«كذب» في شأنها مع انتهاء ولايته الرئاسية عام 2020.

الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز تتحدث للإعلام لدى مغادرتها المحكمة بنيويورك في 16 أبريل 2018 (رويترز)

ولا تزال القضية من دون موعد محدد للمحاكمة، رغم أن إعلان كل من الطرفين أنهما قد يكونان جاهزين هذا الصيف. وأوضحت كانون - التي واجهت سابقاً انتقادات لاذعة بسبب قرارها الموافقة على طلب ترمب تعيين محكم مستقل لمراجعة الوثائق التي جرى الحصول عليها أثناء تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لمقر إقامة ترمب في مارالاغو - شكوكها المستمرة في نظرية الادعاء الحكومية.

في العاصمة وجورجيا

ويواجه ترمب أيضاً دعوى أخرى في واشنطن العاصمة بأنه تدخل في الانتخابات الرئاسية 2020، بتهمة القيام بمحاولات غير مشروعة لقلب نتائج الانتخابات التي فاز بها بايدن. وهو متهم بشكل خاص بـ«التآمر ضد المؤسسات الأميركية» و«تقويض الحق في التصويت».

ورغم أن القضاء لا يلاحق الرئيس السابق بشكل مباشر في قضية الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، فإن المدعي العام يتهمه بـ«استغلال العنف والفوضى».

ترمب يحيي أنصاره لدى مغادرته «ترمب تاور» متوجهاً إلى محكمة مانهاتن الجنائية في نيويورك الاثنين (أ.ف.ب)

وتنتظر هذه المحاكمة التي كان يفترض أن تبدأ في 4 مارس (آذار) الماضي بواشنطن، قراراً من المحكمة العليا تتعلق بمسألة الحصانة الجنائية التي يؤكد ترمب أنه يحظى بها بصفته رئيساً سابقاً. ويتوقع أن تصدر المحكمة العليا قرارها في يونيو (حزيران) أو في يوليو (تموز) المقبلين.

ويحاكم ترمب كذلك أمام القضاء في جورجيا مع 14 شخصاً آخرين بوقائع مماثلة لتلك التي يواجهها في واشنطن العاصمة، بموجب قانون في هذه الولاية يستخدم تحديداً لاستهداف الجريمة المنظمة وينص على عقوبات بالسجن تصل حتى 20 عاماً.


مقالات ذات صلة

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب اليوم (الجمعة) على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

استطلاع: ترمب يتقدم بفارق ضئيل على هاريس في السباق للبيت الأبيض

أظهر استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن مرشح الجمهوريين للبيت الأبيض دونالد ترمب يتقدم بفارق نقطتين مئويتين على كامالا هاريس المرشحة المحتملة عن الديمقراطيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​  الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعلن أنه سيقيم تجمعاً انتخابياً في بلدة تعرض فيها لإطلاق نار

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إنه سيقيم قريباً تجمعاً انتخابياً آخر في بتلر بولاية بنسلفانيا، وهي البلدة التي أطلق فيها مسلح النار عليه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري دونالد ترمب يضع ضمادة على أذنه اليمنى بسبب إصابته في محاولة اغتيال في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

طبيب: لا دليل على أن إصابة ترمب في أذنه سببها شيء آخر غير الرصاصة

قال الطبيب السابق لدونالد ترمب إنه لا يوجد دليل على أن شيئاً آخر غير الرصاصة هو الذي تسبب في إصابة المرشح الجمهوري في أذنه خلال محاولة اغتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».