واشنطن تستقبل بحفاوة زعيمَي اليابان والفلبين

لتعزيز العلاقات العسكرية من أجل مواجهة طموحات الصين في «آسيا والمحيط الهادي»

عَلما أميركا واليابان جنباً إلى جنب (رويترز)
عَلما أميركا واليابان جنباً إلى جنب (رويترز)
TT

واشنطن تستقبل بحفاوة زعيمَي اليابان والفلبين

عَلما أميركا واليابان جنباً إلى جنب (رويترز)
عَلما أميركا واليابان جنباً إلى جنب (رويترز)

يستعد الرئيس الأميركي، جو بايدن، لاستقبال رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، والرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس، خلال الأسبوع الحالي بحفاوة كبيرة في واشنطن، بينما تسعى الولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها العسكرية مع البلدين من أجل مواجهة طموحات الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

ونظم الحلفاء الثلاثة وأستراليا مناورات بحرية مشتركة، الأحد في بحر الصين الجنوبي، ردت عليها بكين بإجراء «دوريات قتالية» في المنطقة.

بايدن وكيشيدا يتصافحان بعد مؤتمر صحافي في كامب ديفيد في 18 أغسطس 2023 (رويترز)

وتتصاعد الخلافات بين مانيلا وبكين بشأن المناطق البحرية التي يطالب بها البلدان. كما تخوض بكين نزاعاً مع طوكيو حول مناطق في بحر الصين الشرقي، وزادت في السنوات الأخيرة أعمال الترهيب ضد تايوان التي تعدّها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها تريد إعادتها طوعاً أو بالقوة.

وسيستقبل بايدن، الأربعاء، فوميو كيشيدا الذي يقوم بأول زيارة دولة يخصصها البيت الأبيض لرئيس حكومة يابانية منذ زيارة شينزو آبي في 2015.

وسيلقي كيشيدا الخميس كلمة أمام الكونغرس الأميركي، ثم يشارك في قمة ثلاثية مع بايدن وماركوس.

وأعلنت الرئاسة الأميركية في مارس (آذار) أن هذه الصيغة غير المسبوقة ستسمح «بالدفع قدماً بشراكة ثلاثية قائمة على روابط صداقة تاريخية عميقة وعلاقات اقتصادية قوية ومتنامية» والدفاع عن «رؤية مشتركة لمنطقة حرة ومفتوحة للمحيطين الهندي والهادي».

عَلما اليابان وأميركا على مبنى أيزنهاور بواشنطن (أرشيفية - رويترز)

وسيجري بايدن وماركوس محادثات خلال اجتماع ثنائي.

ودعا ماركوس، الاثنين، الصين إلى إجراء محادثات للحيلولة دون وقوع المزيد من الحوادث مثل الاصطدام بالسفن واستخدام مدافع المياه في بحر الصين الجنوبي.

وقال ماركوس إن الفلبين تواصل التحدث مع الصين، وتستنفد جميع الخيارات للتحدث مع القيادة الصينية حتى لا تزيد من حدة التوتر في الممر المائي. وأضاف أنه يأمل أن يؤدي النشاط البحري الذي شاركت فيه بلاده مع اليابان وأستراليا والولايات المتحدة إلى تقليل الحوادث في البحر مع الصين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

عصر جديد للدفاع الياباني

أكد عدد كبير من المسؤولين الأميركيين التزام الولايات المتحدة «الثابت» بالدفاع عن الفلبين في بحر الصين الجنوبي في حالة وقوع هجوم مسلح.

من المناورات البحرية الأميركية - الأسترالية - اليابانية - الفلبينية الأحد (أ.ف.ب)

وكان الرئيس الأميركي استقبل كيشيدا ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول في أغسطس (آب) الماضي في مقر إقامته في كامب ديفيد بالقرب من واشنطن، في قمة هدفها هي أيضاً، توجيه رسالة حازمة للوحدة في مواجهة الصين.

في الوقت نفسه، يواصل بايدن الحوار مع بكين. فقد تحدث هاتفياً مطولاً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ مطلع أبريل (نيسان)، بعدما التقاه شخصياً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في كاليفورنيا.

وأجرت اليابان مراجعة جذرية لمبادئها للأمن القومي في نهاية 2022، ولا سيما لامتلاك القدرة على «هجوم مضاد»، على الرغم من دستورها السلمي. ويندرج شراؤها مؤخراً 400 صاروخ توماهوك أميركي في إطار هذه الرؤية.

كما خفف الأرخبيل قيوده على صادرات الأسلحة إلى حلفائه وينوي رفع إنفاقه العسكري إلى 2 في المائة من إجمالي ناتجه المحلي بحلول 2027، بينما كان سقفه لا يتجاوز الواحد في المائة.

وتريد طوكيو أيضاً إنشاء قيادة موحدة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية لتبسيط عملياتها في حالة الطوارئ.

الصلب الأميركي موضع خلاف

لجعل التعاون بين قوات الدفاع الذاتي اليابانية ونحو خمسين ألف جندي أميركي متمركزين في اليابان أكثر فاعلية، قد يعلن بايدن وكيشيدا عن تكامل أكبر لبناهما للقيادة والمراقبة كما ذكر عدد من وسائل الإعلام.

سفينة حربية فلبينية خلال مشاركتها بمناورات مشتركة مع أميركا وأستراليا واليابان الأحد (أ.ف.ب)

وقال يي كوانغ هينغ، المتخصص في الأمن الدولي في كلية الدراسات العليا للسياسة العامة في جامعة طوكيو، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القوات الأميركية في اليابان والقوات المسلحة اليابانية تعملان حالياً تحت قيادتين منفصلتين».

إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بالتنسيق مع القوات اليابانية، تتبع القوات الأميركية في اليابان القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادي ومقرها هاواي، على بعد أكثر من ستة آلاف كيلومتر عن طوكيو.

ويرى هينغ أن هذه العملية «لا تتناسب مع احتياجات القرن الحادي والعشرين».

وبموجب المنطق نفسه، يتوقع الإعلان عن إنتاج مشترك لمعدات عسكرية بين اليابان والولايات المتحدة، وكذلك صيانة وإصلاح معدات أميركية على الأراضي اليابانية.

لكن على المستوى الاقتصادي، تهدد المعارضة التي عبر عنها بايدن لمشروع استحواذ الشركة اليابانية «نيبون ستيل» على شركة صناعة الصلب الأميركية «يو إس ستيل» بإضعاف صورة علاقة متناغمة بين واشنطن وطوكيو.

ويفترض أن يزور كيشيدا، الجمعة، ولاية كارولاينا الشمالية (جنوب شرق الولايات المتحدة)، حيث تقوم «تويوتا» ببناء مصنع ضخم للبطاريات للسيارات الكهربائية والهجينة.

وهي على الأرجح وسيلة لتذكير الرئيس الأميركي بأن الشركات اليابانية في الولايات المتحدة قيّمة وتخلق فرص عمل.


مقالات ذات صلة

الصين تسحب سفنها الحربية المنتشرة حول تايوان

آسيا صورة ملتقطة في 12 ديسمبر 2024 تظهر سفينة خفر سواحل تايوانية (يسار) تراقب سفينة خفر سواحل صينية على بعد أميال بحرية قليلة من الساحل الشمالي الشرقي لتايوان (أ.ف.ب)

الصين تسحب سفنها الحربية المنتشرة حول تايوان

أعلنت السلطات التايوانية، (الجمعة)، أن السفن الصينية التي كانت تجري منذ أيام تدريبات بحرية واسعة النطاق حول تايوان، هي الأكبر منذ سنوات عادت إلى موانئها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
خاص التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا قد تُعرِّض القاعدة الروسية في طرطوس للخطر (د.ب.أ)

خاص هل غادرت سفن روسية ميناء طرطوس السوري؟

تعد القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، الواجهة الغربية البحرية لسوريا، حيوية لدعمها الحكومة السورية وطموحاتها على الساحة الدولية.

رائد جبر (موسكو) «الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ مقاتلة أميركية من طراز «إف-16» خلال تدريبات عسكرية في تايوان 15 سبتمبر 2021 (أرشيفية - أ.ف.ب)

واشنطن توافق على بيع أنظمة رادار وقطع غيار مقاتلات إلى تايوان

أعلنت الولايات المتحدة أنها وافقت على صفقة محتملة لبيع قطع غيار لطائرات مقاتلة من طراز «إف-16» وأنظمة رادار إلى تايوان، تقدر قيمتها بـ320 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا طائرات تابعة للقوات الجوية التايوانية في سماء تايبيه (رويترز)

مناورات بحرية وجوية في تايوان بمواجهة الضغوط الصينية

أعلن الجيش التايواني أنه نشر (الخميس) مقاتلات وسفناً وأنظمة مضادة للصواريخ في إطار مناورات عسكرية، في حين أفادت وزارة الدفاع برصد منطادَين صينيَّين قرب الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
آسيا زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ) play-circle 01:13

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

اليابان والولايات المتحدة تهدفان إلى إعداد خطة عسكرية تشمل نشر صواريخ تحسباً لحالة طوارئ محتملة في تايوان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لمكافحة القرصنة السيبرانية قبل أيام من مغادرة منصبه

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)
بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)
TT

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لمكافحة القرصنة السيبرانية قبل أيام من مغادرة منصبه

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)
بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)

قبل ساعات من رحيله عن البيت الأبيض، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، أمراً تنفيذياً من 40 صفحة لحماية الشبكات الأميركية الفيدرالية من الهجمات السيبرانية، والتي يردُ أغلبها من الصين وروسيا، وتطوير أنظمة تشفير وحماية هويات الأميركيين الرقمية من عمليات الاحتيال.

كلفة باهظة

ويشمل الأمر التنفيذي توجيهات لتحسين الطرق التي تُراقب بها الحكومة الفيدرالية شبكاتها وبرامجها، واستخدامها للذكاء الاصطناعي، وملاحقة ومعاقبة المتسللين. ويفرض الأمر التنفيذي قيوداً على شركات البرمجيات الأميركية، مثل «مايكروسوفت»، التي تبيع برامج للحكومة الأميركية، حيث كشف التدقيق الأمني عن أخطاء لشركة مايكروسوفت سمحت لمجموعة من المتسللين الصينيين باختراق شبكات عملاقة للتكنولوجيا وحسابات البريد الإلكتروني لكبار المسؤولين الأميركيين في عام 2023.

كما رصد مسؤولون بمجلس الأمن القومي هجمات لهويات أميركيين ورخص قيادة، كان الهدف استخدامها في عمليات احتيال. ويتكبّد الأميركيون خسائر جرّاء عمليات احتيال بقيمة 56 مليار دولار سنوياً.

وقال مسؤولو البيت الأبيض، للصحافيين، إن الأمر التنفيذي هو محاولة إدارة بايدن الأخيرة لتعزيز جهود الاستفادة الأمنية من الذكاء الاصطناعي، وطرح الهويات الرقمية للمواطنين الأميركيين، وسدّ الثغرات التي ساعدت الصين وروسيا وخصوماً آخرين على اختراق أنظمة الحكومة الأميركية بشكل متكرر.

وقالت آن نيوبرغر، نائبة مستشار الأمن القومي لبايدن للتكنولوجيا السيبرانية والناشئة، إن الأمر التنفيذي «مصمَّم لتعزيز الأسس الرقمية لأميركا، ووضع الإدارة الجديدة والبلاد على مسار النجاح المستمر، وجعل الهجمات أكثر صعوبة وأكثر تكلفة للصين وروسيا وإيران، ومجرمي برامج الفدية، للاختراق». وأشارت إلى أن الأمر التنفيذي يتضمن مجموعة من التفويضات لحماية شبكات الحكومة، بناءً على الدروس المستفادة من الحوادث الكبرى الأخيرة.

ملاحقة قضائية محتملة

يتطلب الأمر التنفيذي من بائعي البرامج تقديم دليل على أنهم يتبعون ممارسات التطوير الآمنة، في حين تقوم وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية الأساسية بمراجعة هذه الشهادات الأمنية، والعمل مع مزودي التكنولوجيا لإصلاح أي فجوات، وإحالة الشهادات التي تفشل في التحقق من صحتها، إلى المدعي العام؛ للتحقيق والملاحقة القضائية المحتملة.

أعلنت «مايكروسوفت» خطوات إصلاحية لسياستها الأمنية لمنع المتسللين من اختراق أنظمتها (د.ب.أ)

ويمنح الأمر وزارة التجارة الأميركية ثمانية أشهر لتقييم الممارسات السيبرانية الأكثر اعتماداً في مجتمع الأعمال، وإصدار إرشادات بناءً عليها. وبعد ذلك بفترة وجيزة، ستصبح هذه الممارسات إلزامية للشركات التي تسعى للتعامل مع الحكومة. ويُركز الأمر التنفيذي أيضاً على حماية مفاتيح منصات السحابة، والتي فتح اختراقُها الباب أمام سرقة الصين رسائل البريد الإلكتروني الحكومية من خوادم «مايكروسوفت»، واختراقها الأخير لسلسلة التوريد لوزارة الخزانة. ويتيح الأمر لوزارة التجارة وإدارة الخدمات العامة 270 يوماً لتطوير إرشادات لحماية المفاتيح السحابية، والتي يجب أن تصبح بعد ذلك متطلبات لبائعي السحابة في غضون 60 يوماً.

ولحماية الوكالات الفيدرالية من الهجمات التي تعتمد على عيوب في أدوات إنترنت الأشياء، حدَّد الأمر التنفيذي موعداً نهائياً في 4 يناير (كانون الثاني) 2027 للوكالات، لشراء أجهزة إنترنت تحمل علامة الثقة السيبرانية الأميركية، التي جرى إطلاقها حديثاً. وقالت نيوبرغر: «إذا وجدنا تقنية معينة تستخدمها حكومة أجنبية لاختراق وكالة فيدرالية معينة، فإن هذا يمنح وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية رؤية مركزية للبحث عبر جميع أنظمة الوكالة، لضمان دفاعنا ضد هذا الهجوم على نطاق واسع».

ويطالب الأمر التنفيذي وزارتي الطاقة والأمن الداخلي بإطلاق برنامج تجريبي لاستخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في حماية البنية التحتية للطاقة؛ بهدف اكتشاف الثغرات الأمنية وتصحيحها. وسيتعيّن على وزارة الدفاع الأميركية إطلاق برنامج لاستخدام «نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة» للدفاع السيبراني.

توافق حزبي

توافق حزبي ديمقراطي جمهوري لمكافحة القرصنة السيبرانية (أ.ف.ب)

وكانت الهجمات السيبرانية من القضايا التي اشترك الحزبان الديمقراطي والجمهوري في الاتفاق على مكافحتها، وتأمين الشبكات ومنع المتسللين من الصين وروسيا من القيام بها. لكن ليس واضحاً كيف سيتعامل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي يتولى منصبه يوم الاثنين، مع أمر بايدن التنفيذي.

وأشار مايك والتز، مستشار الأمن القومي في إدارة ترمب المقبلة، إلى ضرورة مكافحة الهجمات السيبرانية، لكنه أوضح أن إدارة ترمب لم تضع استراتيجية محددة للدفاع السيبراني. ولم يقم الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتعيين مسؤولين سيبرانيين في إدارته حتى الآن، في حين قالت نيوبرغر إن البيت الأبيض لم يناقش الأمر مع موظفي ترمب الانتقاليين.