الانتخابات الأميركية: هل حان وقت إصلاح نظام الحزبين؟

المرشح الديمقراطي للرئاسة في مواجهة بايدن دعا إلى إنهاء «الاحتكار» خلال العقد المقبل

أعرب أكثر من 50 % من الأميركيين عن استيائهم من نظام الحزبين (أ.ف.ب)
أعرب أكثر من 50 % من الأميركيين عن استيائهم من نظام الحزبين (أ.ف.ب)
TT

الانتخابات الأميركية: هل حان وقت إصلاح نظام الحزبين؟

أعرب أكثر من 50 % من الأميركيين عن استيائهم من نظام الحزبين (أ.ف.ب)
أعرب أكثر من 50 % من الأميركيين عن استيائهم من نظام الحزبين (أ.ف.ب)

هذا الأسبوع، تمكن كل من المرشح الديمقراطي الرئيس الأميركي جو بايدن، ومنافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، من تأمين العدد الكافي لانتزاع الترشيح الرسمي من حزبيهما، وذلك بعد فوزهما في انتخابات جورجيا وميسيسيبي وواشنطن التمهيدية.

لكنّ هذا الفوز يعكس واقعاً سياسياً أميركياً مثيراً للجدل: واقع نظام الحزبين من دون منازع. فرغم أن هذا النظام يعكس لسان الحال في الولايات المتحدة منذ أكثر من 150 عاماً، فإنه أصبح اليوم موقع تساؤل، خصوصاً في ظلّ الخيارين الوحيدين أمام الناخب الأميركي: جو بايدن ودونالد ترمب، أولهما في الواحد والثمانين من العمر وثانيهما في السابعة والسبعين.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، أسباب استياء الناخب الأميركي من نظام الحزبين، والخيارات المطروحة أمام الناخبين، بالإضافة إلى حظوظ مرشحي الأحزاب الثالثة، أو المستقلين، بالفوز.

المرشح الديمقراطي للرئاسة جايسون بالمر (أ.ب)

جايسون بالمر... «مرشح الظل»

يستضيف «تقرير واشنطن» هذا الأسبوع جايسون بالمر، المرشح الديمقراطي للرئاسة والفائز في تجمع إقليم ساموا مقابل بايدن في الخسارة الأولى والوحيدة التي تكبّدتها حملة الرئيس الأميركي. ويقول بالمر مازحاً إنه هو أيضاً فوجئ بفوزه: «ظننت أنني سأفوز بمندوب أو اثنين، لكني لم أعتقد أنني سأفوز في الانتخابات هناك!». ويشرح بالمر سبب ترشحه عن الحزب الديمقراطي بدلاً من حزب ثالث أو مستقل، فيقول: «أترشح ضد بايدن لأنه في هذه اللحظة، ومن أجل الترشح لمنصب الرئاسة والفوز، يجب أن تكون في أحد الحزبين الرئيسيين. وأنا عضو في الحزب الديمقراطي معظم حياتي، وأعتقد أن الحزب الديمقراطي يملك أفضل السياسات، وأتفق مع بايدن على نحو 90 في المائة من الأمور، لكن في الوقت نفسه، أعتقد أنه حان الوقت لتسليم الشعلة للجيل القادم».

وفي وقت ينحصر فيه السباق فعلياً بين ترمب وبايدن رغم وجود مرشحين آخرين، يلوم كريس ليمين، مدير مكتب مجلة «ذي ناشيون» في واشنطن، «الاحتكار الثنائي للحزبين». ويقول إنهما «يتحكمان بالرسائل وحشد المرشحين، والوصول إلى بطاقات الاقتراع في الولايات كافة التي تنعقد فيها الانتخابات التمهيدية». ويضيف ليمين أن هذا الاحتكار يتمثل في الضغوط التي يمارسها المسؤولون في كل حزب للمحافظة على الوضع الراهن، وتهميش المرشحين من الحزب الثالث أو المعارضين، مشيراً إلى «وجود نوع من التعطيل المؤسساتي في كل من الحزبين الرئيسيين».

وبمواجهة هذا الواقع، تدلّ استطلاعات الرأي على أن رُبع الأميركيين فقط راضون عن نظام الحزبين. لكن رغم هذه الأرقام، غالباً ما يُتهم مرشحو الحزب الثالث أو المستقلون بـ«تخريب» حظوظ المرشحين الأساسيين في الفوز، وهو ما تصفه رئيسة الحزب الليبرتاري، أنجيلا مكاردل، بـ«المثير للسخرية». وتقول: «لا أحد يَدين بصوت لأيٍّ من الحزبين الرئيسيين، فكل فرد يمكنه الانتخاب كما يختار، ويمكنني أن أقلب المعادلة بسهولة وأقول: إن نظام الحزبين هو الذي يضر بنا، وبفرصتنا الكبيرة وحقوق مرشحنا ليصبح رئيساً للولايات المتحدة».

فوز بايدن وترمب بأصوات المندوبين لانتزاع ترشيح حزبيهما (أ.ب)

ويوافق بالمر على ضرورة أن يكون للأحزاب الثالثة صوت أعلى في الانتخابات الأميركية، داعياً إلى انتخابات تمهيدية مفتوحة والتصويت حسب خيار الأفضلية. ويتعهد بالعمل على إحداث تغيير من هذا النوع، موضحاً: «صحيح أن احتكار الحزبين يترجَم أحياناً بأننا لا نحظى بأفضل الخيارات في انتخاباتنا، وأعتقد أنه من الأفضل لنا أن ننتقل إلى نسخة أفضل من الديمقراطية خلال العقد المقبل، وهذا أمر ألتزمه».

ويتحدث بالمر عن الدور الذي يلعبه في الانتخابات الرئاسية، فهو لم يسحب ترشيحه بعد، رغم أنه يعترف باستحالة فوزه بترشيح الحزب، ويرى أن وجوده في السباق يحفّز بايدن على المشاركة أكثر في الحملات الانتخابية. وأعطى مثالاً على ذلك في ولاية أريزونا، التي تُجري انتخاباتها التمهيدية في 19 من الشهر الجاري، قائلاً: «سوف يزور (بايدن) أريزونا... وأعتقد أن ذلك يعود جزئياً إلى أن المشاركين في استطلاعات الرأي قالوا إن جايسون بالمر يقوم بعمل أفضل في أريزونا، ويجب أن تذهب إلى هناك». وأضاف أن «أحد الأسباب الرئيسية لترشحي هو دفع بايدن للمشاركة في الحملة الانتخابية. إن لم يقم بايدن بالمشاركة بقوة في الحملة الانتخابية، سيفوز دونالد ترمب من دون أي عقبة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأنا لست راضياً عن ذلك. سأبقى في الحملة محاولاً دفعه ليقدّم لنا أفضل نسخة منه».

متظاهر يقف أمام البيت الأبيض احتجاجاً على حرب غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة

يرى ليمين أن التحديات أمام بايدن لا تقتصر على مشاركته في الحملات الانتخابية، بل تتعداها لتشمل «انقسامات حادة في صفوف الحزب الديمقراطي حول الحرب في غزة». ويفسر أن «انحياز بايدن يكلّفه دعماً أساسياً بين مجموعات متعددة، خصوصاً الناخبين الشباب، كما رأينا في ميشيغان التي تضم مجموعة كبيرة من الأميركيين من أصل عربي، والتي كانت (قد شملت خلال) الانتخابات التمهيدية عدداً من غير الملتزمين. وبرأيي إن كان هناك سبب يدفع بايدن للتوجه إلى أريزونا، فهو وجود قلق كبير بأن ميشيغان التي تعد ولاية متأرجحة رئيسية لن تكون ولاية ديمقراطية في الانتخابات العامة. فهذه كلها إشارات تحذير». ويحذّر ليمين من أنّ غضب الناخبين من الحرب في غزة سيدفع بمرشحين من طرف ثالث إلى التقدم وانتزاع أصوات من بايدن.

ويعقّب بالمر على موضوع غزة، مسلّطاً الضوء على موقفه الداعي إلى ضرورة تغيير السياسات الأميركية ووقف إطلاق النار. ويأمل بالمر أن يؤدي وجوده في السباق إلى إحداث تغيير في سياسات الإدارة الأميركية في هذا الإطار، على غرار ما حصل في الانتخابات الماضية، إذ بقي السيناتور بيرني ساندرز في السباق حتى عندما كان من الواضح أن جو بايدن سيكون المرشح الرسمي. وقال: «ساندرز بقي لأنه اتخذ مواقف آمن بها، وعدَّها مهمة جداً لتغيير قاعدة الحزب الديمقراطي. وأنا لديَّ مواقف مماثلة أيضاً».

أعلنت مجموعة «نو لايبلز» نيتها طرح بطاقة انتخابية رئاسية (أ.ب)

«نو لايبلز» فرصة ضائعة

تسعى مجموعة «نو لايبلز»، التي تعرّف عن نفسها بأنها مجموعة وسطية، إلى تقديم خيارات أخرى للناخب الأميركي عبر بطاقة انتخابية في عدد من الولايات لمنافسة بايدن وترمب، لكنها لم تكشف عن اسم أي مرشحين بعد. ويتحدث بالمر عن أسباب رفض وجوه بارزة إدراج اسمها على «بطاقة الوحدة» التي تدفع بها «نو لايبلز»، فيقول: «رغم عدم رضا أغلبية الأميركيين عن الخيارين الحاليين، فإنهم يعتقدون أن وجود خيار ثالث سيؤثر في أصوات بايدن ويؤدي إلى وصول ترمب إلى الرئاسة، ما سيشكّل خطراً حقيقياً على أميركا الديمقراطية».

وتتحدّث مكاردل عن وجود خيارات أخرى أمام الناخب الأميركي غير المرشحَين الأساسيين جو بايدن ودونالد ترمب، وبعيداً عن مجموعة «نو لايبلز»، وتوجِّه انتقادات لاذعة إلى الحزبين. تقول: «أنا شخصياً لا أفهم التركيز على الديمقراطية من الحزب الديمقراطي حين يحاولون طرد معارضتهم من الاقتراع وزجهم في السجن. وبالطّبع لدينا تحفظات على إدارة ترمب. ويبدو الأمر أن الأشخاص الذين يعارضون الأحزاب الثالثة ويعارضون دونالد ترمب في الوقت نفسه يريدون الحفاظ على الوضع الراهن. لأنه لو كان لدينا نظام ديمقراطي، لكانوا أفسحوا المجال أمام مزيد من الآراء. ما نحتاج إليه فعلاً هو حق الوصول إلى لوائح الاقتراع لكي يتم تمثيل مختلف وجهات النظر، ولكي يتغير الوضع الراهن في هذه البلاد عمّا هو عليه منذ عقود عديدة».

يواجه مرشحو الحزب الثالث تحديات في إدراجهم على لوائح الاقتراع (أ.ب)

نظام «غير عادل»

وتعرض مكاردل نقطة مهمة هنا، متعلقة بعدم قدرة بعض المرشحين على إدراج اسمهم على لوائح الاقتراع، وذلك بسبب قوانين عدة تختلف في كل ولاية، مؤكدةً أن «نظام الحزبين يعمل ضد الأحزاب الأخرى» وتعطي أمثلة على ذلك في ولايتي نيويورك وإلينوي فتقول: «لا شك أن الوصول إلى لائحة الاقتراع في ولاية نيويورك هو التحدي الأبرز الذي نواجهه، فهو يتطلّب 45 ألف توقيع في غضون 6 أسابيع، إذاً هذا تحدٍّ كبير خصوصاً أنه يكلّف 350 ألف دولار، كما أن هناك أيضاً ولاية إلينوي التي تعد صعبة أيضاً، أعتقد أننا نحتاج إلى 35 ألف توقيع هناك».

ويشير ليمين إلى أن نظام الحزبين هذا «لم يصمّم ليكون عادلاً، فالحزبان الرئيسيان لديهما مصالح خاصة في تخفيف جاذبية مرشحي الأحزاب المتمردة أو الثالثة، ولهذا يتحكمون في الوصول إلى لوائح الاقتراع على مستوى الولاية، وهذه العقبة الرئيسية التي يواجهها مرشحو الحزب الثالث، أي أن يتم ضمهم إلى لوائح الاقتراع لكي يقدموا خياراً مختلفاً للناخبين». ويضيف ليمان: «إنها حلقة مفرغة لأن الحزبين لا يسمحان لهم بالانضمام إلى السباق، إذاً ليس هناك أي طريقة فعالة لمناشدة الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من رسائل الحزبين».

لكنّ بالمر يحذّر من تداعيات وجود مرشح عن حزب ثالث في سباق يصفه بالمصيري هذا العام مشدداً على أهمية أن يتم انتخاب بايدن «كي لا يعود ترمب إلى البيت الأبيض» إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه ضرورة أن يتم منح صوت للأحزاب الثالثة «التي تم إهمالها لفترة طويلة» بعد هذه الانتخابات المصيرية، على حد تعبيره.

جو بايدن في حدث انتخابي في ويسكنسن 13 مارس 2024 (أ.ف.ب)

بايدن و«قضية الوصاية»

إلا أن مكاردل عارضت هذه المقاربة بشدة، مشيرةً إلى جهود حزبها «رفع قضية وصاية على جو بايدن»، وتفسر قائلةً: «لقد أصبحت علامات الخرف تظهر عليه بوضوح ويقوم بعمل مريع لإدارة أموال البلاد. ولنكن عادلين، نحن هددنا ميتش مكونيل (زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ) بالأمر نفسه». وتضيف مكاردل: «أعتقد أن الشعب قد سئم من هيمنة الشيخوخة، فجو بايدن يُظهر علامات الضياع، يمد يده ليصافح المجهول، يتعثر بكلماته بطريقة محرجة جداً وأعتقد أن الشعب قد تعب من هذه الأمور، وبالطبع، دونالد ترمب لديه شوائب وهو متقدم في السن أيضاً، وأود أن أرى انتخاب رئيس أصغر سناً في الولايات المتحدة».

وبوجه هذه التصريحات، أعلن بالمر نيته تأسيس تنظيم جديد الأسبوع المقبل باسم «توغيثير»، «يدعم المرشحين من مختلف الأحزاب الذي يؤمنون بالحلول المنطقية، ولا يريدون المجانين على أيٍّ من الطرفين أن يتحكموا بسياساتنا». على حد تعبيره، مضيفاً أن إدارة بايدن يجب أن تعمل أكثر لتحفيز الشباب، فقال: «المرحلة المقبلة هي مرحلة التنفيذ. يجب أن تضم حملة بايدن فريقاً من الشباب، ويجب أن يحث أشخاصاً مثلي على الحديث إلى الشباب لتحفيز حماستهم».


مقالات ذات صلة

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي ناشط من المستوطنين اليهود بحماية جنود إسرائيليين خلال احتفالات عيد المظال اليهودي في منطقة البلدة القديمة بالخليل (د.ب.أ)

تقرير: أميركا حذرت إسرائيل من تصاعد العنف بعد قرار وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم (السبت)، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت إسرائيل من تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
TT

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ورؤيتهم لعلاقات واشنطن بالعالم.

وذكر أن المنتدى يجتمع به وزراء الخارجية والدفاع والمشرعون ومسؤولو حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمناقشة قضايا الأمن العالمي، وطرح أحد كبار الدبلوماسيين من دولة عضو في «الناتو» سؤالاً: «ماركو روبيو وزير الخارجية، ولكن هل سيستمع إيلون ماسك إلى ترمب بشأن أوكرانيا؟ هل سيكون لمايك والتز أو دونالد جونيور أو تاكر كارلسون الكلمة الأخيرة بشأن سياسة حلف شمال الأطلسي؟ نحن منشغلون بهذه الأسئلة، وبصراحة هي مرهقة بالفعل ولكن لا يمكننا تجاهل ذلك؛ فهو لا يزال مهماً».

تم منح الدبلوماسي، مثل الآخرين في هذه القصة، عدم الكشف عن هويته لمناقشة آرائه بصراحة.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الحاضرون يجلسون لتناول العشاء، ليلة الجمعة، بعد يوم من المناقشات حول مستقبل الديمقراطية وما هي السياسات التي يمكن توقُّعها من الرئيس المنتخب، كان ترمب في جنوب فلوريدا يعلن عن مزيد من الترشيحات بسرعة البرق؛ حيث عين أشخاصاً لـ7 مناصب في أقل من 90 دقيقة، وكان من بين هؤلاء أليكس وونغ نائب مستشار الأمن القومي وسيباستيان جوركا لمنصب مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض.

ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)

وقال جيم تاونسند، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في عهد إدارة باراك أوباما، ويعمل الآن في مركز أبحاث الأمن الأميركي الجديد: «نحن مثل خبراء الكرملين الآن».

وكان يشير إلى كيف درس المسؤولون الغربيون من كثب قطع المعلومات القادمة من الاتحاد السوفياتي الخاضع لسيطرة مشددة في عصر الحرب الباردة، محاولين التكهن بمن كان له نفوذ داخل الكرملين بناءً على صور من وقف بجانب من في العروض العسكرية.

وقال تاونسند عن ترمب: «نحن نقرأ من يلعب الغولف معه ومن لم يعد كذلك»، وأضاف ضاحكاً: «يبدو الأمر سخيفًا أن تكون في موقف خبير في شؤون الكرملين بينما نحاول معرفة بلدنا».

ويؤكد النقاش على القلق المتنامي تحت السطح بشأن ما تعنيه عودة ترمب إلى البيت الأبيض لحلفاء الولايات المتحدة وسط غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط والتعاون المتزايد بين الخصوم الغربيين مثل روسيا والصين وإيران، كما يعكس كيف يخطط المسؤولون الأجانب لإحراز تقدم مع كل من فريق ترمب الرسمي - أعضاء حكومته ومجلس الأمن القومي - ومجموعة المستشارين غير الرسميين، مثل إيلون ماسك.

وتحدث كثير من الحاضرين في المنتدى بشكل خاص عن النفوذ المحتمل لماسك في مجال السياسة الخارجية نظراً لمصالحه التجارية في جميع أنحاء العالم، وعن مدى اعتماد بعض البلدان بالفعل على تقنية أقمار ستارلينك الاصطناعية لأغراض أمنية.

وخلال حلقة نقاش حول أمن القطب الشمالي، أقر وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي بأن ستارلينك «جزء» من شبكة أقمار بلاده الاصطناعية «ما دام إيلون ماسك سعيداً، على ما أعتقد».

ومع ذلك، حظي اختيار ترمب وزيراً للخارجية ومستشاراً للأمن القومي، بقبول جيد إلى حد كبير، ولكن هناك مخاوف بشأن تأثير الشخصيات الأكثر انعزالية، بمن في ذلك نائب الرئيس جيه. دي. فانس، وسيباستيان جوركا، الذي أعلن ترمب، ليلة الجمعة، أنه سيشغل منصباً كبيراً في مجلس الأمن القومي.

وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترمب: «الفريق غير الرسمي هو الذي يهم قد يتغير هذا بمجرد أن يستقر ترمب في منصبه في واشنطن، ولكن في الوقت الحالي، يعد دون جونيور أكثر أهمية من ماركو روبيو».

وتكهن أحد المسؤولين الأوروبيين، متذكراً معدل تغيير الموظفين المرتفع في ولاية ترمب الأولى، مع زملائه حول المدة التي قد يستمر فيها روبيو وتوقع المسؤول 8 أشهر.

ويقول كثير من المسؤولين الأوروبيين إنه على عكس عام 2016، فإنهم مستعدون للتعامل مع فريق ترمب - بشرط أن يتمكنوا من معرفة لديه أكبر نفوذ.