يولي الرؤساء الأميركيون المتعاقبون على البيت الأبيض أهمية خاصة لخطاب «حالة الاتحاد»، بينما يترقب خصومهم وأنصارهم في الكونغرس لما يحمله من أجندة سياسية واقتصادية، وتوجهات داخلية وخارجية. ومع أن الخطاب مبني على قاعدة دستورية راسخة، إلا أن الإجراءات المحيطة بأسلوب إلقائه وفحواه وانفتاحه على الناخبين الأميركيين تطورت على مدى أكثر من قرنين.
أسس دستورية
تنص المادة الثانية من القسم الثالث من دستور الولايات المتحدة على أنه «يتعين على الرئيس الأميركي، من وقت إلى آخر، أن يقدّم إلى الكونغرس معلومات عن حالة الاتحاد، وأن يوصي بالنظر في التدابير التي يراها ضرورية وملائمة». ورغم أن لغة الدستور اكتفت بعبارة «من وقت إلى آخر»، فإن الرئيس جورج واشنطن أرسى سابقة مفادها أن يكون التقرير سنوياً.
وكان أول رئيس أميركي ألقى خطاباً عن حال الاتحاد هو الرئيس جورج واشنطن في 8 يناير (كانون الثاني) 1790، حين وقف في القاعة الفيدرالية في مدينة نيويورك وألقى خطاب «حالة الاتحاد» تناول خلاله مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك الدفاع الوطني، والسياسة الخارجية، والاقتصاد، والتعليم. وكان خطاباً قصيراً؛ لم يتجاوز 10 دقائق.
اختلاف التقاليد
واختلفت طريقة إلقاء الخطاب مع الرئيس توماس جيفرسون، الذي أرسى تقليداً مختلفاً اكتفى فيه بإرسال نسخة مكتوبة من الخطاب إلى الكونغرس. وباشر جيفرسون هذا التقليد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1801، حين أراد تبسيط ما كان يعتقد أنه تقليد أرستقراطي لخطاب العرش الذي يلقيه العاهل البريطاني، والذي كان يعتقد أنه غير مناسب للجمهورية الأميركية. واستمرت ممارسة إرسال نسخ مكتوبة إلى الكونغرس لأكثر من قرن من الزمان.
واستأنف الرئيس الأميركي وودرو ويلسون لاحقاً تقليد إلقاء الرسالة السنوية شخصياً في 8 أبريل (نيسان) 1913. كما يُنسب إليه الفضل في تحويل الخطاب من تقرير عن نشاط السلطة التنفيذية، إلى عرض أجندة الرئيس التشريعية.
أما اسم خطاب «حال الاتحاد»، فلم يكن هو الاسم الذي يتم إطلاقه على خطاب الرئيس الأميركي. ففي البداية، كان الخطاب يعرف بـ«الرسالة السنوية» للرئيس إلى الكونغرس. وكان الرئيس فرانكلين روزفلت في ثلاثينات القرن الماضي هو أول من استخدم عبارة «حالة الاتحاد»، ومنذ ذلك الحين أصبح مصطلحاً شائعاً.
مواكبة التقنية
وكان الرئيس الأمريكي كالفين كوليدج أول رئيس يُبَث خطابه عبر الراديو في عام 1923. وكان خطاب الرئيس هاري ترومان في عام 1947 أول خطاب يُبث على شاشة التلفزيون. وقد أدرك الرئيس ليندون جونسون أهمية وجود جمهور واسع للخطاب، عندما نقل توقيت إلقاء الخطاب من فترة منتصف بعد الظهر إلى الساعة التاسعة مساءً في عام 1965؛ لجذب أكبر عدد من المشاهدين. وكان خطاب جورج دبليو بوش عام 2002 هو الأول المتاح كبث حي على شبكة الإنترنت على موقع البيت الأبيض.
وهناك سنوات لم يقم فيها الرؤساء الأميركيون بإلقاء خطابات رسمية عن حالة الاتحاد في عامهم الأول في المنصب؛ ومنهم رونالد ريغان في عام 1981، وجورج بوش الأب في عام 1989، وبيل كلينتون في عام 1993، وجورج دبليو بوش في عام 2001، وباراك أوباما في عام 2009، ودونالد ترمب في عام 2017، وجو بايدن في عام 2021. ويعود السبب بشكل أساسي إلى أن تقارب موعد خطابي حالة الاتحاد وخطاب التنصيب.
وكانت المرتان الوحيدتان اللتان لم تشهدا خطاباً عن حالة الاتحاد، في عهد الرئيس ويليام هنري هاريسون الذي توفي بعد 32 يوماً من تنصيبه في عام 1841، وجيمس أ. غارفيلد، الذي اغتيل في عام 1881 بعد 199 يوماً في منصبه.
ولعل أبرز اللقطات التي التقطتها كاميرات التليفزيون لخطاب «حالة الاتحاد» في السنوات الماضية، هي صورة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي وهي تمزّق ورقة خطاب «حال الاتحاد» الذي ألقاه الرئيس السابق دونالد ترمب، في تعبير قوي عن الاعتراض والانتقاد لسياساته.