انسحاب هايلي يرسّخ نفوذ ترمب في الحزب الجمهوري

المرشحة عن الحزب الجمهوري نيكي هايلي خلال إلقائها خطاباً في نورث كارولاينا في 2 مارس (رويترز)
المرشحة عن الحزب الجمهوري نيكي هايلي خلال إلقائها خطاباً في نورث كارولاينا في 2 مارس (رويترز)
TT

انسحاب هايلي يرسّخ نفوذ ترمب في الحزب الجمهوري

المرشحة عن الحزب الجمهوري نيكي هايلي خلال إلقائها خطاباً في نورث كارولاينا في 2 مارس (رويترز)
المرشحة عن الحزب الجمهوري نيكي هايلي خلال إلقائها خطاباً في نورث كارولاينا في 2 مارس (رويترز)

لم يكن خروج نيكي هايلي من السباق التمهيدي للحزب الجمهوري مفاجئاً، فكل استطلاعات الرأي كانت تشير إلى هذه النتيجة. لكن إصرارها على مواصلة تحدي «زعيم» الحزب دونالد ترمب، وصمودها في وجهه، على أمل أن يأتي «الثلاثاء الكبير» بمفاجأة ما، عكس المخاوف التي لطالما حذرت منها، إلى جانب كثير من قيادات المؤسسة السياسية الحزبية، من عودة ترمب إلى البيت الأبيض.

يرى البعض في الحزب أن قرار ترشحها في البداية يعود بشكل كبير إلى خلافاتها المبكرة مع ترمب، عندما غادرت منصبها بصفتها مندوبة لبلادها في الأمم المتحدة، بعدما اصطدمت بأفكاره وسياساته الخارجية المثيرة للجدل. واستعرضت هايلي، مبكّراً خلال حملتها الانتخابية، خياراتها في السياسة الخارجية، وقارنتها بآراء ترمب «الانعزالية».

المرشحة الرئاسية الجمهورية نيكي هايلي تتحدث خلال مؤتمر صحافي الأربعاء 6 مارس 2024 في تشارلستون بالولايات المتحدة (أ.ب)

ولأشهر عدة، حاولت هايلي تصوير رئيسها السابق على أنه سياسي مثير للفوضى، مسنّ وغير متزن عقلياً. ورغم ذلك، لم تتمكن هجماتها من تخفيف قبضة ترمب على الحزب، الذي استطاع ليس فقط إقصاء كبار قياداته، بل والإمساك بقاعدته، دافعاً به إلى تبني سياسات يمينية شعبوية، بدت غير مألوفة عن تاريخ الحزب المعروف أميركياً بحزب «الاستقرار». وبدلاً من ذلك، استوعبت هايلي الخسارة تلو الأخرى، بما في ذلك في ولايتها ساوث كارولاينا أواخر الشهر الماضي، لتبلغ ذروتها يوم «الثلاثاء الكبير»؛ حيث فازت بولاية واحدة فقط من بين 15 ولاية. وفي نهاية المطاف، فشلت في تشكيل ائتلاف من الجمهوريين غير الراضين عن ترمب، وما يرافقه من متابعات قانونية وتصريحات مثيرة للجدل.

وفي الأشهر الأولى من حملتها، برزت هايلي على أنها خيار أفضل لجمهوريي المؤسسة الحزبية، على الرغم من أن صعودها السياسي قبل أكثر من عقد من الزمن، كان على قاعدة اعتراضها على تلك المؤسسة نفسها. فقد جاءت في الأصل مما كان يسمى «حزب الشاي»، القريب من التيار اليميني الذي خاض مواجهات مريرة مع الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما. ومع التفاف المؤسسة الحزبية الجمهورية حولها، كانت هايلي المرأة الوحيدة التي تمكّنت من الاستمرار في سباق الترشح التمهيدي للحزب الجمهوري.

نيكي هايلي تتحدث أمام مؤيديها في تشارلستون بولاية كارولاينا الجنوبيّة 24 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

ويرى العديد من محللي الانتخابات الأميركية أن قرار هايلي في المضي بالسباق يعود إلى جملة عوامل؛ أبرزها حصولها على تأييد عدد كبير من المانحين الجمهوريين، الذين يعارضون ترمب، بما في ذلك من الشبكة السياسية المدعومة من الملياردير تشارلز كوخ، وحاكم نيو هامبشاير القوي كريس سونونو. وبعد أدائها القوي في المناظرات الجمهورية، اصطف المانحون الكبار خلف هايلي، بعدما شهدت ارتفاعاً في استطلاعات الرأي.

بيد أن تخوّفها، مثل كثير من قيادات المؤسسة الجمهورية، من أن تؤدي القضايا القانونية المرفوعة بوجه ترمب إلى حرمان الحزب من مرشح قادر على خوض السباق والفوز على بايدن، كان أيضاً من بين الأسباب التي لعبت دوراً كبيراً في قرار استمرارها في الترشح. غير أن هذا الاحتمال بات بعيداً جداً، بعد سلسلة من التعقيدات القانونية والقضائية، التي صبت في مصلحة ترمب، خصوصاً قرار المحكمة العليا الأميركية التي حسمت جزئياً حقه في مواصلة الترشح في الولايات، ويتوقع أن تحسم أيضاً قضية حصانته من التعرض للمساءلة عن أحداث الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021. وعد البعض قرار المحكمة العليا عاملاً نفسياً لعب دوراً كبيراً، عشية انتخابات «الثلاثاء الكبير»، في تهدئة مخاوف الناخبين الجمهوريين من التصويت لترمب على حساب هايلي.

ومع ذلك، تمكّنت هايلي من تسليط الضوء على الانقسامات في جمهور الناخبين الجمهوريين. فقد فازت بما يكفي من الأصوات في عدد كافٍ من الولايات، لإثارة تساؤلات حول قدرة ترمب على الفوز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني). بيد أن حجّتها بأنها وحدها القادرة على التغلب على الرئيس جو بايدن، قوضتها استطلاعات الرأي التي أظهرت ولا تزال أن ترمب هو من سيقوم بهذه المهمة.


مقالات ذات صلة

نيكي هايلي تغيّر حساباتها وتعلن تأييد ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتداول مع المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي خلال جلسة لمجلس الأمن في سبتمبر 2018 (أ.ف.ب)

نيكي هايلي تغيّر حساباتها وتعلن تأييد ترمب

أكدت المندوبة الأميركية السابقة بالأمم المتحدة نيكي هايلي أنها ستصوت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل للرئيس السابق دونالد ترمب، بعد حملة انتخابية حادة بينهما.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة بالبيت الأبيض في 9 أكتوبر 2018 (رويترز)

ترمب: لا أفكر في نيكي هايلي لمنصب نائب الرئيس

أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب المرشح مجدداً للبيت الأبيض أن منافسته الجمهورية السابقة نيكي هايلي ليست من بين الأشخاص الذين يفكر فيهم لمنصب نائب الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في 9 مارس (رويترز)

ترمب «يغربل» أسماء المرشحين لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات

بدأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب «غربلة» أسماء مرشحين محتملين لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر المقبل وفي القائمة 15 اسماً.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جانب من خطاب ترمب في نادي مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا (رويترز)

نتائج «الثلاثاء الكبير» تعزز فرص ترمب في السباق الرئاسي

احتفل دونالد ترمب بـ«ليلة مذهلة» مع اقترابه من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، عبر تحقيقه فوزاً سهلاً في الانتخابات التمهيدية خلال «الثلاثاء الكبير».

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشحة الرئاسية الجمهورية نيكي هايلي تتحدث خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء 6 مارس 2024، في تشارلستون بالولايات المتحدة (أ.ب)

نيكي هايلي تنسحب من سباق الحزب الجمهوري للترشح للرئاسة الأميركية

أعلنت نيكي هايلي، اليوم، انسحابها من سباق الانتخابات التمهيدية بالحزب الجمهوري، ما يفسح الطريق لفوز الرئيس السابق دونالد ترمب بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بلينكن: المنطقة والعالم في لحظة حرجة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)
TT

بلينكن: المنطقة والعالم في لحظة حرجة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى حديثه على هامش أعمال الجمعية العام للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (رويترز)

حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، من استهداف المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، بعد ساعات من سلسلة غارات ضخمة شنّتها إسرائيل على مقرّ قيادة «حزب الله» في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت. وقال بلينكن، في مؤتمر صحافي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتّحدة: «ستتخذ الولايات المتحدة كل الإجراءات ضد أي طرف يستغل الوضع لاستهداف الطواقم الأميركية والمصالح الأميركية في المنطقة».

جانب من الدمار الذي خلّفته ضربة إسرائيلية استهدفت مقر «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية 27 سبتمبر (د.ب.أ)

وتضاربت الأنباء حول مصير الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي ذكرت تقارير أنه كان مستهدفاً بالغارات الإسرائيلية. ففيما قالت مصادر لبنانية إنه «نجا من الاغتيال»، تحدث إعلام إسرائيلي عن تقديرات باحتمال مقتله.

«لحظة حرجة»

وصف كبير الدبلوماسيين الأميركي هذا التصعيد الأخير بـ«اللحظة الحرجة بالنسبة للشرق الأوسط والعالم»، معتبراً أن «الخيارات التي تتخذها جميع الأطراف في الشرق الأوسط في الأيام المقبلة ستحدد المسار الذي ستتخذه المنطقة، وستكون لها عواقب عميقة لسنوات مقبلة».

وجدّد بلينكن دعوته لإسرائيل و«حزب الله» إلى «وقف إطلاق النار»، وسط مساعٍ غربية وعربية مكثّفة لمنع اتّساع الصراع. وقال: «قد يبدو المسار الدبلوماسي صعباً في هذه اللحظة، لكنه موجود، وهو في تقديرنا ضروري. سنواصل العمل بشكل مكثف». وأضاف أن بلاده أوضحت أنها تعتقد أن السبيل للمضي قدماً سيكون من خلال «الدبلوماسية وليس الصراع».

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد رفض الخميس الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله». فيما طرحت مصادر إسرائيلية سيناريو «عملية برية قصيرة» في الأراضي اللبنانية. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن مسؤول إسرائيلي كبير، أن إسرائيل «تأمل ألا تضطر إلى شنّ غزو بري ضد (حزب الله) في لبنان». وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان الهجوم قد أصاب الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.

واشنطن «لم تشارك»

أعلن مسؤولون أميركيون أن واشنطن «لم تتلقّ إخطاراً مسبقاً» من إسرائيل بشأن الغارة الجوية الضخمة على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية. وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ، للصحافيين، إن «الولايات المتحدة لم تشارك في هذه العملية، ولم نتلقَ أي إخطار مسبقاً».

وأضافت أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تحدث مع نظيره لويد أوستن «بينما كانت العملية جارية بالفعل». وتابعت سينغ: «ما زلنا

نسعى للحصول على مزيد من التفاصيل، ونحاول فهم العملية نفسها». بدوره، أكّد الرئيس جو بايدن في وقت لاحق أن «الولايات المتحدة لم يكن لديها علم أو مشاركة في العمل (الإسرائيلي)»، مضيفاً في تصريحات للصحافيين: «نحن نجمع المعلومات».