أوكرانيا في قلب العاصفة الانتخابية الأميركية

ترمب يدعو لعرقلة تمويل كييف بعد تهديدات لـ«الناتو»

ترمب في تجمع انتخابي بمدينة كونواي (كارولاينا الجنوبية) السبت (أ.ف.ب)
ترمب في تجمع انتخابي بمدينة كونواي (كارولاينا الجنوبية) السبت (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا في قلب العاصفة الانتخابية الأميركية

ترمب في تجمع انتخابي بمدينة كونواي (كارولاينا الجنوبية) السبت (أ.ف.ب)
ترمب في تجمع انتخابي بمدينة كونواي (كارولاينا الجنوبية) السبت (أ.ف.ب)

لا يزال الكونغرس الأميركي يتخبط في زوبعة الاضطرابات الحزبية التي حالت حتى الساعة دون إقرار تمويل أوكرانيا وإسرائيل. فحزمة الـ95 مليار دولار التي ينظر فيها مجلس الشيوخ والتي تتضمن تمويل أوكرانيا وإسرائيل وتايوان بعد انهيار جهود ربط تمويل أمن الحدود بها، تواجه معارضة متزايدة من الجمهوريين، في موسم انتخابي تشغل فيه قضية تمويل أوكرانيا بال الناخب الأميركي.

وبينما تُظهر الاستطلاعات أن أغلبية الأميركيين يعتقدون أن الولايات المتحدة تُقدم كثيراً من الدعم لأوكرانيا، تُرجمت هذه الأرقام في مواقف المشرعين الجمهوريين، ما أدى إلى صعوبة متزايدة في إقرار المساعدات الإضافية التي طلبتها إدارة الرئيس جو بايدن من الكونغرس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي وصلت قيمتها إلى نحو 60 مليار دولار.

السيناتور الجمهوري راند بول يتحدث إلى الصحافيين في الكونغرس الأحد (أ.ب)

معارضة متزايدة لتمويل كييف

ويترأس جهود العرقلة في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري راند بول، المعروف بمواقفه الداعمة لـ«الانعزالية»، وتمكن حتى الساعة من تأخير إقرار التمويل، رغم دعم نحو 18 جمهورياً من أصل 49 لحزمة المساعدات. وتحدث بول عن جهوده متعهداً بالاستمرار فيها. وقال: «سوف أرغمهم (أعضاء مجلس الشيوخ) على البقاء هنا لمناقشة سبب اعتقادهم أن حدود أوكرانيا أهم من الحدود الأميركية».

وتعزِّز مواقف الرئيس السابق دونالد ترمب من مواقف هؤلاء المعارضين، وقد دعاهم بكل صراحة إلى رفض التمويل، قائلاً: «يجب ألا نعطي أموالاً من دون إعادتها إلينا، أو من دون فرض قيود عليها». وتابع ترمب في تصريح على منصته «تروث سوشيال»: «يجب ألا تكون الولايات المتحدة غبية».

كلمات واضحة من شأنها أن تدفع الجمهوريين خاصة في مجلس النواب إلى بذل كل ما في وسعهم لعرقلة التمويل بنسخته الحالية، وهذا ما حذَّر منه السيناتور الجمهوري توم تيليس الذي قال: «لا يمكن لقاعدتنا الانتخابية أن تعلم ما هي المخاطر التي تترتب على فوز بوتين، كما يعلم أي سيناتور أميركي مطَّلع». ودعا تيليس زملاءه المعارضين للتمويل في المجلسين إلى «التحلِّي بالجرأة» لمواجهة قاعدتهم الشعبية، وتفسير أهمية دعم كييف لها، مضيفاً: «دققوا في نتائج عدم التصرف!».

رئيس مجلس النواب مايك جونسون يخشى من دعم تمويل كييف الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

مجلس النواب والتحدي الأكبر

ويكمن التحدي الأكبر لإقرار تمويل أوكرانيا في مجلس النواب، إذ يُرجَّح أن يتمكن المشرِّعون في مجلس الشيوخ من تخطي خلافاتهم ورص الصف لإقرار التمويل، بعد فرض سلسلة من التعديلات عليه، إلا أن الوضع مختلف كلياً في مجلس النواب؛ حيث يرفض رئيس المجلس مايك جونسون ربط تمويل إسرائيل وأوكرانيا بعضهما ببعض، وقد سعى جونسون إلى إقرار تمويل تل أبيب على حدة الأسبوع الماضي؛ لكنه فشل في حشد الدعم الكافي لإقراره.

ومن غير الواضح حتى الساعة ماذا ستكون استراتيجيته في الأيام المقبلة للنظر في إقرار التمويل؛ خصوصاً مع وجود عدد من الجمهوريين اليمينيين الذين يعارضون إرسال أي مبالغ إضافية لأوكرانيا، وهو عدد كبير رغم عدم تشكيله الأغلبية في المجلس، إلا أنه يمثِّل تهديداً مباشراً لجونسون الذي يخشى أن يواجه مصير سلفه كيفين مكارثي الذي تمكن عدد صغير من اليمينيين المعارضين لاستراتيجيته من عزله من منصبه.

ويواجه رئيس مجلس النواب غضب مجموعة أكبر من اليمينيين، منهم حليفته مارغوري تايلور غرين التي هددت بالسعي لعزله من منصبه في حال رضخ لضغوط تمويل أوكرانيا، قائلة: «لا يجب أن نترك أمن الحدود في بلادنا مقابل 60 مليار دولار لأوكرانيا. هذه استراتيجية فاشلة، ولن أدعمها أبداً حتى إذا كان ذلك يعني إخلاء مقعد رئيس مجلس النواب، وهناك آخرون يوافقونني الرأي».

لم يقر الكونغرس المساعدات لأوكرانيا بسبب الانقسامات الحزبية (إ.ب.أ)

ترمب و«الناتو»

تعكس مواقف غرين هذه آراء الجمهوريين الداعمين لترمب في الكونغرس، والذين يسعون لرص الصف وراءه في موسم انتخابي مشتعل يحتاجون خلاله لدعمه، وأتت تصريحاته الأخيرة المتعلقة بحلف شمالي الأطلسي «الناتو» لتصب الزيت على نار التجاذبات السياسية المتعلقة بالسياسة الخارجية، وتسلط الضوء على الاختلاف الجذري بين مواقفه ومواقف الرئيس الحالي جو بايدن في الملف. وقال ترمب في تجمع انتخابي في ولاية كارولاينا الجنوبية، إنه لن يحمي الأوروبيين إذا هاجمتهم روسيا في حال لم يسددوا مستحقاتهم في الحلف، مضيفاً: «في الواقع، قد أشجع (روسيا) على فعل ما تريده!».

وأثار هذا التصريح موجة من الانتقادات في صفوف داعمي التحالف مع «الناتو» أبرزهم الرئيس بايدن الذي أصدر بياناً انتخابياً قال فيه: «إذا تمكَّن منافسي دونالد ترمب من استعادة السلطة، فهو يظهر بوضوح أنه سوف يتخلى عن حلفائنا في (الناتو) في حال هاجمتهم روسيا، وأنه سيسمح لروسيا بفعل ما تريده بهم». وأضاف بايدن مكرراً رسالته الانتخابية: «الحرية والديمقراطية هما على المحك في صناديق الاقتراع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024».

بايدن دعا لإقرار حزمة المساعدات الطارئة خلال حديث للصحافيين الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)

ولم تتوقف الانتقادات عند الجانب الأميركي فحسب؛ بل تخطتها لتصل إلى أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ الذي قال: «أي تلميح بأن الحلفاء لن يدافع بعضهم عن بعض يهدد أمننا جميعاً، بما فيه الولايات المتحدة، كما يهدد أمن الجنود الأميركيين والأوروبيين». وكان ستولتنبرغ يشير إلى حزمة المساعدات التي ينظر فيها الكونغرس، وتتضمن 60 ملياراً لدعم أوكرانيا، و14.1 مليار لدعم إسرائيل، بالإضافة إلى 9.2 مليار دولار للمساعدات الإنسانية، و4.8 مليار لدعم الحلفاء في منطقة الإندو- باسيفيك.


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».