هل سيقر الكونغرس «قانون أمن الحدود» الجنوبية لأميركا؟

انقسامات حادة بين المشرعين تهدد مصيره

متظاهر في تكساس السبت يحمل لافتة تدعو إلى «استعادة أمن الحدود» (أ.ب)
متظاهر في تكساس السبت يحمل لافتة تدعو إلى «استعادة أمن الحدود» (أ.ب)
TT

هل سيقر الكونغرس «قانون أمن الحدود» الجنوبية لأميركا؟

متظاهر في تكساس السبت يحمل لافتة تدعو إلى «استعادة أمن الحدود» (أ.ب)
متظاهر في تكساس السبت يحمل لافتة تدعو إلى «استعادة أمن الحدود» (أ.ب)

بعد أشهر طويلة من المفاوضات الشاقة، توصّل المشرعون في مجلس الشيوخ إلى اتفاق حول أمن الحدود، ضمن حزمة التمويل التي طلبتها الإدارة الأميركية من الكونغرس والتي تشمل في الوقت نفسه تمويل أوكرانيا وإسرائيل وتايوان.

وأعلن المفاوضون الديمقراطيون والجمهوريون في المجلس عن الاتفاق الذي بلغت قيمته 118 مليار دولار؛ منها 20 ملياراً لأمن الحدود، و62 ملياراً لأوكرانيا، و14 ملياراً لإسرائيل، و10 مليارات للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة وأوكرانيا، و5 مليارات لشركاء الولايات المتحدة في منطقة الإندو - باسيفيك كتايوان.

طالبو لجوء ينتظرون على الحدود الأميركية - المكسيكية في 2 يناير 2024 (أ.ف.ب)

أمن الحدود والسياسة

وفي خضم التجاذبات الحزبية التي تهدد إقرار أي تسوية في مجلس النواب، سعى الجمهوريون الداعمون للصفقة في «الشيوخ» إلى إقناع المترددين والمعارضين بتأييد الاتفاق عبر عرض تفاصيله، التي تشمل تعديلات على الهجرة القانونية عبر تشديد شروط اللجوء السياسي وتقييد الهجرة غير الشرعية عبر الحدود من خلال فرض إغلاق المعابر الحدودية عندما يصل عدد العابرين إلى 5 آلاف يومياً، على أن تبقى هذه الحدود مغلقة إلى أن يصل العدد إلى 2000 يومياً. ويشار إلى أن هذه المعابر تشهد أحياناً عبور نحو 10 آلاف مهاجر بشكل يومي.

ومع الإعلان عن هذه الصفقة، دعا السيناتور الجمهوري جايمس لانكفورد، الذي ترأس المفاوضات في مجلس الشيوخ، زملاءه، إلى التخلي عن تحفظاتهم ودعمها، رغم حساسية المسألة في موسم انتخابي ولّد دعوات من الرئيس السابق دونالد ترمب لرفض أي تسوية. وقال لانكفورد: «هناك أزمة على حدودنا الجنوبية ويجب أن نعالجها، وأن نقوم بكل ما بوسعنا لحلّها... لا يمكننا أن نأمل في أن تتحسن هذه المشكلة لوحدها أو أن تحلّ الانتخابات هذه القضية». وحثّ لانكفورد المعارضين على قراءة النص الذي امتد على 370 صفحة قبل اتخاذ مواقف معارضة وعدم الاعتماد على «نصوص فيسبوك» لرفض التسوية، على حد تعبيره.

توصل مفاوضو مجلس الشيوخ إلى اتفاق حول أمن الحدود (أ.ف.ب)

بايدن وشعبية متدهورة

ومع تدهور شعبية الرئيس جو بايدن المزدادة، وتصدر ملف الهجرة لائحة اهتمامات الناخب، سارع البيت الأبيض إلى الإعراب عن دعمه للتسوية ورمى الكرة في ملعب الجمهوريين بمجلس النواب، فقال في بيان: «بالتعاون مع الإدارة قام مجلس الشيوخ بالعمل الشاق الذي يتطلبه التوصل إلى اتفاق بين الحزبين... الآن يتعين على النواب الجمهوريين أن يقرروا. هل يريدون حل المشكلة، أم الاستمرار بتسييس الحدود؟».

لكن مشكلة الإدارة لا تقتصر على الجمهوريين في مجلس النواب فحسب، بل تتخطاها لتصل إلى أعضاء في حزب بايدن بالمجلسين؛ كالسيناتور التقدمي برني ساندرز الذي أعلن معارضته للتسوية بسبب تمويل إسرائيل الموجود ضمنها. وقال ساندرز: «من أجل الشعب الفلسطيني وسمعتنا في العالم لا يجب أن نُقدم دولاراً إضافياً لماكينة حرب (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو». وتابع ساندرز الذي سعى لوضع شروط على تمويل تل أبيب: «إذا استمررنا في تمويل حرب نتنياهو العشوائية، كيف يمكننا، ومن دون نفاق، أن ننتقد استهداف (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين للمدنيين والبنى التحتية المدنية في أوكرانيا؟».

وساندرز ليس الوحيد الذي عارض التسوية؛ إذ أعلنت النائبة الديمقراطية البارزة براميلا جايبال رفضها للمشروع فقالت: «هذه المقاربة في المشروع المطروح لن تتمكن من تخفيف الضغط عن الحدود الجنوبية بالشكل المطلوب».

رئيس مجلس النواب مايك جونسون في مؤتمره الصحافي الأسبوعي بالكونغرس في 30 يناير 2024 (أ.ف.ب)

مجلس النواب والتسوية «المستحيلة»

وتحتاج هذه التسوية لـ60 صوتاً لتخطي التدابير الإجرائية في مجلس الشيوخ ذات الأغلبية الديمقراطية، وهو أمر صعب حتى الساعة في ظل معارضة بعض الجمهوريين والديمقراطيين للاتفاق، إلا أن الحاجز الأكبر هو مجلس النواب ذو الأغلبية الجمهورية، خصوصاً رئيسه الجمهوري مايك جونسون الذي رفض التسوية بمجرد الإعلان عنها، وقال في تصريح على منصة «إكس»: «لقد رأيت ما يكفي. هذا المشروع أسوأ مما توقعت ولن يقترب من إنهاء الكارثة الحدودية التي خلقها الرئيس» بايدن. وختم جونسون بكلمات واضحة: «إذا تمكن المشروع من الوصول إلى مجلس النواب، فسيلقى حتفه هناك».

موقف وافق عليه زعيم الأغلبية الجمهورية ستيف سكاليس الذي ذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً: «دعوني أكن واضحاً: مجلس النواب لن يصوت على مشروع حدود مجلس الشيوخ. ما لا يقوله الداعمون لهذه التسوية هو أنها توافق على استقبال 5 آلاف مهاجر غير شرعي يومياً وتعطي تصريحاً بالعمل لطالبي اللجوء، ما سيجذب مزيداً من المهاجرين غير الشرعيين».

ووصف المعارضون المشروع بـ«قانون اللجوء الذي يلغي الحدود»، كما رفض بعضهم تخصيص مبالغ طائلة لأوكرانيا ضمنه.

وكان رئيس مجلس النواب قد أعلن أنه ينوي فصل التمويل الذي أرسلته الإدارة إلى الكونغرس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مشيراً إلى أنه سيطرح تمويل إسرائيل على حدة، مع مبلغ يصل إلى 17.6 مليار دولار. وقال جونسون في رسالة كتبها للنواب: «بما أن مجلس الشيوخ فشل في إقرار التمويل بالسرعة المطلوبة في وقت تواجه فيه إسرائيل ظروفاً خطرة، فسوف يستمر مجلس النواب بالقيادة...». وانتقد البيت الأبيض هذه الخطوة، عادّاً أنها «مناورة سياسية خبيثة» لأنها فصلت دعم حلفاء أميركا؛ بعضهم عن بعض، في إشارة إلى أوكرانيا وتايوان.

ويأتي هذا فيما يسعى مجلس النواب للتصويت الأسبوع الحالي، إلى عزل وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس بسبب «سوء إدارته لأزمة الحدود».


مقالات ذات صلة

مترجمة ميلوني تعتذر علناً عن ارتباكها في لقاء ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وعن يمينها المترجمة فالنتينا مايوليني روثباخر في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض بواشنطن (د.ب.أ)

مترجمة ميلوني تعتذر علناً عن ارتباكها في لقاء ترمب

قدَّمت مترجمة تعمل مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اعتذاراً علنياً، بعد أن واجهت صعوبة -على ما يبدو- في الترجمة، خلال اجتماع مع ترمب.

«الشرق الأوسط» (روما )
الولايات المتحدة​ القطة صوفي تحملها أحد أعضاء هيئة الصحافة في البيت الأبيض بعد أن شقت طريقها عبر سياج أمني (رويترز)

قطة تثير ضجة بالبيت الأبيض... وتصل إلى غرفة المؤتمرات الصحافية

وجدت قطة طريقها إلى الحديقة الشمالية التي تحظى بحراسة مشددة من البيت الأبيض في واشنطن يوم الجمعة، وأثارت ضجة بين الصحافيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تعرض الصفحة التي تشبه ملصقاً لأحد أفلام هوليوود عنواناً وهو «تسريب المختبر» (البيت الأبيض)

البيت الأبيض يدشن صفحة تدعم نظرية نشوء «كورونا» داخل مختبر

دشّن البيت الأبيض، الجمعة، صفحة إلكترونية جديدة حول أصول نشأة فيروس كورونا، على موقعه الرسمي يدعم فيها النظرية القائلة بأن «كوفيد-19» نشأ داخل مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جينيفر فاسكيز سورا زوجة كيلمار أبريغو غارسيا خارج المحكمة الجزئية الأميركية في غرينبيلت بميريلاند (رويترز)

«سجين السلفادور» يُلهب المواجهة بين ترمب والقضاء

التهبت المواجهة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسلطة القضائية بعدما أمرت قاضية بتقصي الحقائق حول الجهود لاستعادة «سجين السلفادور» كيلما أبريغو غارسيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ب)

إدارة ترمب تقترح خفضاً حاداً في ميزانية وزارة الخارجية

اقترحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقليص ميزانية وزارة الخارجية إلى النصف، وخفض المساهمات في المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة وحلف «الناتو».

علي بردى (واشنطن)

صحيفة: هيغسيث شارك معلومات أمنية حول اليمن مع زوجته ومحاميه عبر «سيغنال»

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أرشيفية - أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أرشيفية - أ.ب)
TT

صحيفة: هيغسيث شارك معلومات أمنية حول اليمن مع زوجته ومحاميه عبر «سيغنال»

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أرشيفية - أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أرشيفية - أ.ب)

نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مصادر قولها اليوم الأحد إن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث نشر معلومات حساسة عن غارات اليمن عبر مجموعة دردشة أخرى بتطبيق سيغنال.

وأضافت الصحيفة أن المعلومات التي نشرها هيغسيث عبر تطبيق سيغنال تضمنت جداول الغارات التي تستهدف الحوثيين باليمن، مشيرة إلى أن مجموعة الدردشة التي نشر بها وزير الدفاع هذه المعلومات ضمّت زوجته وشقيقه ومحاميه «إضافة إلى حوالى عشرة أشخاص من دائرته الشخصية والمهنية».

ونقلت نيويورك تايمز عن «أربعة أشخاص مطلعين على هذه المحادثة»، أن وزير الدفاع نشر جداول الرحلات الدقيقة للطائرات التي كان مقررا أن تضرب أهدافا للمتمردين الحوثيين في اليمن، «وهي في الأساس خطط الهجوم نفسها التي شاركها في اليوم نفسه على مجموعة سيغنال أخرى».

وكشفت نيويورك تايمز أن هيغسيث أفشى هذه المعلومات الحساسة قبل تأكيد تعيينه وزيرا للدفاع واستخدم هاتفه الخاص في التعامل معها وليس الحكومي. وقالت الصحيفة إن هيغسيث نشر معلومات الضربات ضد الحوثيين في نفس الوقت تقريبا الذي شارك فيه هذه المعلومات عبر مجموعة الدردشة الأخرى التي سربتها مجلة أتلانتيك.

وقالت نيويورك تايمز إنّ زوجة الوزير، وهي صحافية وموظفة سابقة في قناة «فوكس نيوز»، لا تعمل في وزارة الدفاع، في حين أن شقيق هيغسيث ومحاميه يشغلان مناصب فيها. وأضافت الصحيفة «لكن ليس واضحا لماذا قد يحتاج أيٌّ منهما إلى أن يكون مطّلعا على الضربات الوشيكة ضد الحوثيين في اليمن».

وبحسب الصحيفة، حذر مسؤولون في البنتاغون الوزير قبل أيام قليلة من أنه يجب ألّا يناقش معلومات متعلقة بالضربات في اليمن عبر «سيغنال»، وهي خدمة رسائل مشفرة تعتبر أقل أمانا من القنوات الرسمية المستخدمة عادة للبيانات الحساسة.ولم يعلّق البنتاغون مساء الأحد على هذه المعلومات. ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير رفضه الإفصاح عما إذا كان هيغسيث قد شارك معلومات مفصلة حول الأهداف، لكنه قال إنه لم يحصل أي خرق للأمن القومي.