بايدن سيضرب... وهذه «سلة الخيارات والأهداف»

الرد الأميركي ينتظر معلومات استخبارية وتدابير لحماية القوات «دون توسيع الحرب»

بايدن يتحدث إلى الصحافيين قبل مغادرة البيت الأبيض إلى فلوريدا الثلاثاء (أ.ف.ب)
بايدن يتحدث إلى الصحافيين قبل مغادرة البيت الأبيض إلى فلوريدا الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

بايدن سيضرب... وهذه «سلة الخيارات والأهداف»

بايدن يتحدث إلى الصحافيين قبل مغادرة البيت الأبيض إلى فلوريدا الثلاثاء (أ.ف.ب)
بايدن يتحدث إلى الصحافيين قبل مغادرة البيت الأبيض إلى فلوريدا الثلاثاء (أ.ف.ب)

حمّل الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إيران مسؤولية «تجهيز الأسلحة للمجموعة التي نفّذت الهجوم على قاعدة أميركية في الأردن، أودت بحياة 3 جنود أميركيين، لكنه جدّد التأكيد على أن واشنطن «لا تريد اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط».

وثمة مزاج في واشنطن يحاصر بايدن لتأخره في اتخاذ قرار بالرد على الهجوم الذي تبنته فصائل عراقية موالية لإيران، في حين يرى خبراء أن البيت الأبيض يدرس «سلة خيارات» تتضمن استهداف قادة ميليشيات في المنطقة، أقلها احتمالاً ضرب إيران بشكل مباشر.

وقال بايدن، لدى مغادرته البيت الأبيض إلى جولة انتخابية في فلوريدا، الثلاثاء، إنه «اتخذ قراره بشأن طبيعة الرد على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل جنود أمريكيين في الأردن»، لكنه لم يتطرق إلى تفاصيل. وقال بايدن: «أنا أحمّلهم (إيران) المسؤولية، بمعنى أنّهم يزودون بالأسلحة الأشخاص الذين قاموا به (الهجوم)». مع تأخر الرد الأميركي على الهجوم تصاعدت التساؤلات فيما إذا كان السبب يعود إلى «ضعف» إدارة بايدن، بحسب اتهامات الجمهوريين، أو أنه «يتأنى في اختيار الأهداف» حتى لا يؤثر على «الحالة القائمة» في الشرق الأوسط.

بايدن يتحدث إلى الصحافيين قبل مغادرة البيت الأبيض إلى فلوريدا الثلاثاء (أ.ف.ب)

رد متدرج ومستمر

وكرّر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، خلال مؤتمره الصحافي مع أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ مساء الاثنين، ما وعد به الرئيس بايدن، بالرد على الهجوم، وقال: إن الانتقام «يمكن أن يكون متعدد المستويات، ويأتي على مراحل ويستمر بمرور الوقت». وأضاف: «سنرد بشكل حاسم على أي عدوان، وسنحمّل الأشخاص الذين هاجموا قواتنا المسؤولية».

والتقى بايدن، الاثنين، كبار مسؤولي إدارته؛ لمراجعة الردود الأميركية المحتملة، حيث دعا عدد من الجمهوريين، وخصوصاً ممن يعدون من «الصقور» إلى «انتقام شديد»، بينما كان البيت الأبيض قلقاً من الانجرار إلى صراع آخذ في الاتساع في الشرق الأوسط.

وكان لافتاً صدور دعوات من دعاة «الانعزال» من أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى عدم الانزلاق نحو حرب «غير مفيدة»؛ وهو ما حاذر ترمب نفسه إلى عدم الانجرار إليه، في تعليقاته التي اتهم فيها بايدن بالضعف، على الرغم من تباهيه بصرامته ضد إيران.

وعدّ بريان كاتوليس، نائب رئيس قسم السياسات في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، الاختلافات في مواقف الحزب الجمهوري، دليلاً على الانقسامات الداخلية التي يعانيها الحزب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن الحزب الجمهوري منقسم داخلياً حول أهم قضايا السياسة الخارجية في يومنا هذا، ولم يعد يعرف ما الذي يمثله بعد الآن. «إنهم منقسمون بشدة ويعانون من زعيم انعزالي مثل دونالد ترمب».

صورة مجمعة للجنود الذين قُتلوا في هجوم مسيّرة على قاعدة أميركية في شمال شرق الأردن (البنتاغون - أ.ف.ب)

إيران مسؤولة

ويعتقد مسؤولو إدارة بايدن، أن المسلحين المدعومين من إيران كانوا وراء الغارة؛ مما يجعل أي خيار محفوفاً بالأخطار سياسياً وعسكرياً أيضاً، في الوقت الذي تؤكد فيه على أنها لا تسعى إلى حرب مع إيران.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحافيين: «نحن لا نسعى إلى حرب أخرى. نحن لا نسعى إلى التصعيد. لكننا بالتأكيد سنفعل ما هو مطلوب لحماية أنفسنا ومواصلة تلك المهمة والرد بشكل مناسب على هذه الهجمات».

ورفض كيربي الإجابة عن أسئلة حول طبيعة أو توقيت أي ضربة انتقامية أميركية. وقال: «لن أقوم بإرسال أي تصريحات ولن أقف أمام الرئيس أو أمام صانع القرار الخاص به». لقد التقى مرتين فريق الأمن القومي، أمس واليوم. إنه يدرس الخيارات المتاحة أمامه».

وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ، في مؤتمرها الصحافي مساء الاثنين: «إننا نعلم أن هذه ميليشيا مدعومة من (الحرس الثوري الإسلامي)». وأضافت: «إنها تحمل آثار (كتائب حزب الله). لكن دون إجراء تقييم نهائي لذلك، تواصل فرقنا هنا إجراء التحليل. نحن نعلم أن إيران تقف وراءها. وبالتأكيد كما قلنا من قبل... تواصل إيران القيام بذلك وتسلح وتجهز هذه الجماعات لشن هذه الهجمات وسنحمّلها المسؤولية بالتأكيد».

ولم تتطرق سينغ إلى التقارير الصحافية التي تحدثت أن خلطاً قد حصل في تحديد هوية الطائرة المسيّرة، لتزامن وصولها مع عودة طائرة مسيّرة أميركية إلى القاعدة؛ الأمر الذي منع المسؤولين العسكريين عن تأمين الحماية لاتخاذ قرار في إسقاطها. وقالت: إن التحقيقات لا تزال جارية لتحديد أسباب فشل وسائل الدفاع الجوية من إسقاط المسيّرة المعادية.

بايدن خلال اجتماعه بكبار مسؤولي إدارته لمراجعة الرد الأميركي المحتمل (رويترز)

ضربة لا محالة

وبينما يناقش كبار مستشاري بايدن كيفية معايرة ردهم، فإن الولايات المتحدة أيضاً في خضم ضربات عسكرية متواصلة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن رداً على هجماتهم على السفن قبالة شبه الجزيرة العربية. ويقول الحوثيون، إنهم يشنّون تلك الهجمات تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.

وقال بريان كاتوليس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع أن تقوم إدارة بايدن بتوجيه ضربات عسكرية تستهدف قيادات الميليشيات المسؤولة ومن يدعمها. وأضاف، أنه من المرجح أيضاً أن تقوم بغارات جوية لإضعاف قدرات هذه القوات، بما في ذلك مصانع إنتاج الطائرات من دون طيار. ورأى أن التأخير في الرد الأميركي المحتمل في الغالب، يرجع إلى التأكد من أن الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية صحيحة حول من ستستهدف، بالإضافة إلى ضمان أقصى قدر من الدعم من الحلفاء الإقليميين واتخاذ تدابير لحماية القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة.

وبحسب تقارير صحافية أميركية، فقد يشمل الرد الأميركي، مجموعة خيارات، من بينها توجيه ضربة مباشرة ضد إيران، وضرب الجماعات الوكيلة للنظام أو أفراده في الخارج، وزيادة الضغوط المالية على اقتصاد طهران المنهك. وفي السعي للحصول على رد مناسب، يجب على البيت الأبيض أن يزن رغبته في إرسال إشارة قوية إلى إيران ووكلائها، وضغط الكونغرس لاتخاذ إجراء حاسم، ورغبة إدارة بايدن في منع إشعال حرب إقليمية أوسع.

سلة خيارات أميركية

ومع إعلان ما يسمى «المقاومة الإسلامية في العراق»، وهي مظلة للميليشيات الموالية لإيران، مسؤوليتها عن الهجمات على ثلاث قواعد أميركية في سوريا، بما في ذلك قاعدة التنف القريبة من الحدود العراقية والأردنية، تصاعدت المخاوف من أن يؤدي أي رد أميركي على تلك الميليشيات داخل العراق، إلى وقف المحادثات التي بدأت أولى جولاتها يوم السبت، لتنظيم العلاقات العسكرية الثنائية، بين العراق والولايات المتحدة؛ تمهيداً لسحب قوات التحالف.

وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» فإن توجيه ضربة أميركية مباشرة إلى الأراضي الإيرانية؛ وهو ما يدعو إليه بعض الجمهوريين، سيكون أمراً غير مسبوق. وهاجمت إدارة ريغان السفن الإيرانية ومنصات النفط البحرية رداً على قيام طهران بتلغيم سفينة حربية أميركية، لكن الجيش الأميركي لم يهاجم من قبل أهدافاً على الأراضي الإيرانية.

وحتى الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي قاد حملة «الضغط الأقصى» ضد إيران، خطط لضربات مباشرة على إيران في عام 2019، لكنه ألغاها بعد ذلك بعد أن أسقطت إيران طائرة استطلاع أميركية من دون طيار.

وسعت إدارة بايدن إلى اتباع نهج أقل تصادمية مع إيران؛ مما يقلل بشكل كبير من فرص توجيه ضربة داخل إيران أو مياهها الإقليمية. لكن في عام الانتخابات، يقول المحللون: إن إدارة بايدن تخاطر بأن يُنظر إليها على أنها ضعيفة تجاه إيران إذا لم تقم بصياغة رد فعل قوي على مقتل جنود أميركيين.

ويمكن للولايات المتحدة أن ترد بشكل متناسب من خلال استهداف ما يسمى «محور المقاومة» الإيراني، وشبكات وكلائها في جميع أنحاء المنطقة، بدلاً من طهران نفسها، أو  اللجوء إلى مجموعة خيارات لا تصل إلى حد ضرب إيران مباشرة، مثل ضرب أفراد «فيلق القدس» شبه العسكري التابع لها في سوريا والعراق واليمن، أو ضرب السفن الإيرانية في البحر، أو شن هجوم كبير على الميليشيا المدعومة من إيران.

قال مستشار استخباراتي أميركي: إن «الحرس الثوري الإسلامي» ووكلاءه في دير الزور وأجزاء أخرى من شرق سوريا هم على رأس قائمة الضربات الأميركية وإن تحركاتهم تتم مراقبتها من كثب بواسطة الطائرات من دون طيار والأقمار الاصطناعية. وقال: «سيكون ميداناً للرماية».

وفي حين أن إيران تخضع بالفعل لعقوبات شديدة، ولكن لم يتم تطبيق جميع هذه العقوبات، إلا أن هناك مجالاً لمواصلة المزيد من الإجراءات الاقتصادية الانتقامية ضد طهران، خاصة عندما يتعلق الأمر بدول ثالثة. ويقول بعض المشرّعين ومسؤولي الأمن الأميركيين السابقين: إن الولايات المتحدة يمكن أن تكثف تطبيق العقوبات الحالية، وخاصة تعطيل مبيعات الطاقة وفرض عقوبات على الشركات والبنوك الأجنبية التي تساعد إيران. ويشمل ذلك كيانات في الصين، أكبر مشتر ٍللنفط في البلاد.


مقالات ذات صلة

إيران تقول إنها ستشغل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

إيران تقول إنها ستشغل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الثلاثاء أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران في 21 أغسطس 2010 (رويترز)

طهران مستعدة للتفاوض مع واشنطن «بناء على الثقة»

قالت الحكومة الإيرانية، (الثلاثاء)، إن المفاوضات المرتقبة في جنيف حول مصير البرنامج النووي، ستعتمد على «أوامر المرشد علي خامنئي ومصالح الإيرانيين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تحليل إخباري دوافع إيران لطرح برنامجها النووي على طاولة الحوار الأوروبية

7 أسباب رئيسية تدفع إيران اليوم لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على السير بسياسة المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.

ميشال أبونجم (باريس)
خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل

بلينكن: محادثات اتفاق إطلاق النار في لبنان «في مراحلها الأخيرة»

TT

بلينكن: محادثات اتفاق إطلاق النار في لبنان «في مراحلها الأخيرة»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي بوسط إيطاليا في 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي بوسط إيطاليا في 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أنّ الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان «في مراحلها النهائية»، مؤكداً أنّ الاتفاق قد يساعد في إنهاء الحرب في غزة.

وقال بلينكن للصحافيين بعد اجتماع لوزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي قرب روما «لم نصل إلى هناك بعد، ولكن أعتقد أنّنا في المراحل النهائية»، مضيفاً: «من خلال خفض التوترات في المنطقة، يمكن أن يساعد ذلك أيضاً في إنهاء الحرب في غزة».

وأضاف أن تبادل إسرائيل ولبنان إطلاق الصواريخ يؤكد الحاجة الملحة لوقف لإطلاق النار.

وجاءت تصريحات بلينكن في الوقت الذي عقد فيه مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعاً لمناقشة وقف إطلاق النار مع «حزب الله» في لبنان، في حين ضربت سلسلة غارات قلب بيروت.

وقال بلينكن إنّه بعد أشهر من «الجهود الدبلوماسية المكثفة» مع شركاء من بينهم فرنسا والعمل مع لبنان وإسرائيل، فإنّه يأمل في التوصل إلى نتيجة «قريباً جداً».

وعدّ أنّ هذا الاتفاق «سيحدث فرقاً كبيراً في إنقاذ الأرواح وسبل العيش في لبنان وإسرائيل»، مضيفاً أنّه «سيُحدث فرقاً كبيراً في تهيئة الظروف التي تسمح للناس بالعودة إلى ديارهم بأمان في شمال إسرائيل وجنوب لبنان».

وتابع: «أعتقد أيضاً أنّ خفض حدة التوترات في المنطقة يمكن أن يساعدنا في إنهاء الصراع في غزة على وجه الخصوص».

وقال: «ستدرك (حماس) جيداً أنها لا تستطيع أن تعوّل على فتح جبهات أخرى في الحرب. لذا فإننا نتابع هذا الأمر من كثب، وآمل وأعتقد أننا قادرون على اجتياز خط النهاية في هذه الحرب».

وأشار بلينكن إلى أن الإدارة الأميركية الحالية ملتزمة بالعمل مع الإدارة الأميركية المقبلة على وقف إطلاق النار في غزة، إضافة إلى قضايا أخرى.