هل ينجح رهان واشنطن على طوكيو لمواجهة نفوذ بكين؟

كيشيدا في زيارة دولة إلى أميركا بعد أشهر للدفع بشراكتهما الاستراتيجية

الرئيس الأميركي جو بايدن (وسط) يلتقي الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول (يسار) ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (يمين) خلال قمة «الناتو» في مدريد يوم 29 يونيو 2022 (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (وسط) يلتقي الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول (يسار) ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (يمين) خلال قمة «الناتو» في مدريد يوم 29 يونيو 2022 (أ.ب)
TT

هل ينجح رهان واشنطن على طوكيو لمواجهة نفوذ بكين؟

الرئيس الأميركي جو بايدن (وسط) يلتقي الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول (يسار) ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (يمين) خلال قمة «الناتو» في مدريد يوم 29 يونيو 2022 (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (وسط) يلتقي الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول (يسار) ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (يمين) خلال قمة «الناتو» في مدريد يوم 29 يونيو 2022 (أ.ب)

سلط إعلان البيت الأبيض، الخميس، عن «زيارة دولة» سيقوم بها رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، إلى الولايات المتحدة في شهر أبريل (نيسان) المقبل، الضوء على الأهمية المتزايدة للدور الذي ستلعبه علاقات البلدين في منطقة باتت تكتسب أهمية كبيرة، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

وقالت سابرينا سينغ، نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، خلال مؤتمرها الصحافي، إن العام الماضي، كان عاما حاسما في تحالف البلدين، مؤكدة تطلعهما إلى البناء على هذا الزخم «في هذا الوقت بالذات»، في إشارة إلى التحديات والتوترات التي تشهدها منطقة المحيطين الهادي والهندي.

تصاعد دور اليابان

وخلال مؤتمر «اليابان في عام 2024» الذي عقد في مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن، قالت غريس بارك، مديرة قسم اليابان في مكتب الشؤون الأمنية لمنطقة المحيطين الهندي والهادي التابع لوزارة الدفاع، إن اليابان باتت تتولى أدوارا قيادية لا تفيد المنطقة فحسب، بل والمجتمع الدولي أيضا.

وقالت إن اليابان، رابع أكبر اقتصاد في العالم، قامت بدور أمني أكبر في العقد الماضي، حيث يقوم القادة اليابانيون بـ«إعادة تنظيم قوات الدفاع ونشر قدرات عسكرية جديدة، وزيادة ميزانية الإنفاق الدفاعي، الأمر الذي استفادت منه الولايات المتحدة بشكل كبير في علاقة التحالف هذه».

بايدن لدى استقباله زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية في كامب ديفيد 18 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)

وتطرقت بارك إلى البيئة الأمنية، قائلة إنه من الصعب الحديث عن البيئة الأمنية دون إدراج تأثيرات الاقتصاد، والدبلوماسية، والسياسة النقدية، وغيرها. وقالت إن وزارة الدفاع تعمل بالتعاون مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ووزارتي الخزانة والتجارة والكثير من الوكالات الحكومية الأميركية الأخرى، للدفع بالتحالف بين الولايات المتحدة واليابان.

وشددت على أن التحالف بين البلدين يتضمن ثلاث ركائز؛ تحديث أدوار ومهام وقدرات التحالف، وتعزيزها داخل المنطقة، وفي شبكات التحالفات المتعددة الأطراف. وأضافت أن تطبيق هذه الركائز على التحديات التي يواجهها العالم أمر أساسي، حيث «لدينا العدوان الروسي على أوكرانيا، ولدينا البحر الأحمر، والاستفزازات، وبالطبع المسار العدواني للسلوك في بحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي، وكذلك مضيق تايوان». وقالت: «بالتفكير في كل هذه البيئات الأمنية المتشابكة والمترابطة، لا توجد علاقة مصطنعة بين الإكراه الاقتصادي والإكراه العسكري». وتابعت: «هذه شهادة بحق القادة اليابانيين الذين يفكرون من خلال الرسائل الاستراتيجية ومن خلال استمرارية النظام الدولي القائم على القواعد».

التحدي الصيني

غني عن القول إنه في نهاية الولاية الثانية للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أعلنت الولايات المتحدة في استراتيجيتها الدفاعية الجديدة أن الصين هي التحدي الاستراتيجي الأكبر والأهم. غير أن الولايات المتحدة كانت أمام اختيار، إما مضاعفة جهودها المكلفة لمحاولة الحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة، أو الاعتراف بلعب الصين دورا عسكريا متناميا هناك، واستخدام مواردها المحدودة لموازنة القوة الصينية، ومنعها من الهيمنة الإقليمية.

وبحسب تقرير في صحيفة «فورين أفيرز»، فقد اختار خليفتا أوباما، دونالد ترمب وجو بايدن، النهج الأول. وهو ما عبر عنه صراحة الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية آنذاك، في أوائل عام 2023، قائلا إن التركيز كان على تحقيق «التفوق» ضد الصين، والاحتفاظ بالتفوق العسكري كهدف شامل لسياسة الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

استراتيجية بايدن «مختلفة»

بيد أن استراتيجية بايدن لتحقيق هذا الهدف اختلفت عن استراتيجية أسلافه، وأخذت منحى مختلفا نسبيا في التعامل مع التحديات التي تفرضها العلاقة مع الصين. وعمدت إلى تعزيز شراكاتها، بعد عقود من «التراخي»، ألقت بثقلها على علاقاتها مع كثير من حلفائها وشركائها في المنطقة.

رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال جلسة افتتاح دورة أعمال البرلمان في طوكيو 26 يناير (أ.ف.ب)

ومع تضاعف تكلفة الحفاظ على الهيمنة العسكرية الأميركية، والتغييرات السياسية والعملية السريعة في المنطقة، سعى فريق بايدن إلى بناء تحالف من الحلفاء والشركاء لتحمل بعض التكاليف. وهو ما ترجم في السنوات الثلاث الماضية، عبر النجاح في الوصول إلى قواعد عسكرية إضافية في الفلبين، وإنشاء آليات ثلاثية جديدة لتبادل المعلومات الاستخبارية مع كوريا الجنوبية واليابان، وتوقيع اتفاقية «أوكوس» الثلاثية مع أستراليا والمملكة المتحدة، لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية.

تجديد التحالفات الإقليمية

وأكدت بارك أن الولايات المتحدة واليابان اتفقتا على تحديث الأدوار والمهام والقدرات، وهذا «يتعلق في الواقع بتجديد تحالفاتنا»، حيث تعمل قوات الدفاع الذاتي اليابانية على تجهيزات جديدة للقيادة والسيطرة، وإنشاء مراكز عمليات مشتركة. كما تعمل الولايات المتحدة واليابان على تعميق التعاون الصناعي، للوصول إلى تحقيق هدف آخر، يتمثل في تعزيز قابلية التشغيل البيني بينهما.

ومع إعلان اليابان عن زيادة ميزانية الدفاع الوطني إلى 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ما ضاعف عمليا من إنفاقها العسكري بعد عقود طويلة من تجميد هذا الإنفاق عند حدوده الدنيا، باتت النظرة مختلفة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه اليابان في المستقبل، مع تصاعد المخاوف مما قد يعنيه «استيقاظ» المارد الياباني، ليس فقط على الصين، بل وعلى دول المنطقة كلها.

بيد أن بارك رأت أنه «بالنسبة لنا، فإن هذا يعكس ليس فقط قدرات اليابان في الدفاع عن نفسها، بل رغبتها في المشاركة العملية للمساهمة في السلام والاستقرار في جميع أنحاء بحر الصين الشرقي ومنطقة بحر الصين الجنوبي».


مقالات ذات صلة

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن العلاقات «الودية» مع الصين ستمضي قدماً «بقوة»، وذلك في أثناء زيارته نصباً تذكارياً يرمز إلى العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ف.ب)

تحذير صيني للفلبين من نشر صواريخ أميركية

حذر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الفلبين من نشر الصواريخ الأميركية متوسطة المدى، قائلاً إن هذه الخطوة قد تغذي التوترات الإقليمية وتشعل سباق تسلح.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا سيدة تعبر ركاماً تسبب به الإعصار «غايمي» في قرية بالفلبين (أ.ف.ب)

الإعصار «غايمي» يتسبب بإجلاء 300 ألف شخص في الصين

أدّى الإعصار غايمي إلى إجلاء نحو 300 ألف شخص، وتعليق حركة وسائل النقل في شرق وجنوب الصين حيث تسبب في اضطرابات كبيرة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد وزير المالية الباكستاني محمد أورنجزيب (أ.ف.ب)

وزير المالية الباكستاني في بكين سعياً لتخفيف عبء الديون

قال مصدران حكوميان إن وزير المالية الباكستاني محمد أورنجزيب، وصل الخميس إلى بكين لبدء محادثات بشأن الإصلاحات الهيكلية لقطاع الكهرباء التي اقترحها صندوق النقد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».