ماذا يمكن أن يحدث بعد استخدام روسيا الصواريخ الكورية الشمالية في حرب أوكرانيا؟

قد يعد هذا تغييراً بقواعد اللعبة في الحرب الدائرة ونتيجتها... ويتيح لموسكو مواصلة درجة عالية من إطلاق النيران والهجوم

كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين خلال زيارة الزعيم الكوري الشمالي لروسيا في 13 سبتمبر 2023 (رويترز)
كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين خلال زيارة الزعيم الكوري الشمالي لروسيا في 13 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

ماذا يمكن أن يحدث بعد استخدام روسيا الصواريخ الكورية الشمالية في حرب أوكرانيا؟

كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين خلال زيارة الزعيم الكوري الشمالي لروسيا في 13 سبتمبر 2023 (رويترز)
كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين خلال زيارة الزعيم الكوري الشمالي لروسيا في 13 سبتمبر 2023 (رويترز)

أكد المسؤولون الأميركيون، في الأسبوع الأول من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، أن كوريا الشمالية باعت عشرات الصواريخ الباليستية، ومنصات الإطلاق للروس، في انتهاك صارخ للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة.

زعيم كوريا الشمالية خلال زيارته المصنع العسكري رفقة ابنته جو آي (أ.ف.ب)

ويقول الدكتور بروس إي. بيكتول، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أنجلو ستيت الأميركية، إن هذه هي المرة الأولى التي تشتري فيها روسيا صواريخ باليستية من كوريا الشمالية.

وقد تمّ بالفعل استخدام الصواريخ في هجمات على أوكرانيا نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والأسبوع الأول من الشهر الحالي.

ويضيف بيكتول، الذي يترأس أيضاً «المجلس الدولي للدراسات الكورية»، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، ونقلت عنه «الوكالة الألمانية للأنباء»، أن منسق مجلس الأمن القومي الأميركي للاتصالات الاستراتيجية جون كيربي، تنبأ في مؤتمر صحافي بأن الروس سوف يستخدمون هذه الصواريخ؛ لاستهداف البنية التحتية المدنية، والأفراد.

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي خلال مؤتمر صحافي يعرض فيه معلومات استخبارية عن استخدام روسيا صواريخ كورية شمالية (رويترز)

وهكذا، فإن التساؤل المطروح هو: هل يعد هذا تغييراً في قواعد اللعبة في الحرب الأوكرانية؟

وهذه الصواريخ الكورية الشمالية التي تعمل بالوقود الصلب دقيقة للغاية؛ مما يمكّنها من استهداف المباني أو المجمعات، وبذلك فهي تعد السلاح المناسب تماماً لتدمير البنية التحتية أو غيرها من المواقع المدنية.

وليس من المعروف (على الأقل في المصادر غير السرية) عدد ما أنتجته كوريا الشمالية من الصواريخ، وما يمكنها تصديره. والآن، وبعد أن تلقت روسيا أول شحنة من الصواريخ الباليستية ومنصات الإطلاق من كوريا الشمالية، هناك صفقة أبرمتها لاستيراد صواريخ قصيرة المدى من إيران. وتردد أن الدفعة الأولى من هذه الصواريخ ستصل في الربيع المقبل. ومن المرجح أن روسيا، التي تحتاج إلى مزيد من الصواريخ من أجل الحرب، قد لجأت إلى كل من كوريا الشمالية وإيران؛ لمساعدة موسكو في تعزيز مخزونها من الصواريخ وقت الحرب. ومن المحتمل أيضاً أن يكون هناك تنسيق بين كوريا الشمالية وإيران لجعل عمليات نقل الصواريخ فعالة بقدر الإمكان.

زعيم كوريا الشمالية خلال زيارته المصنع العسكري رفقة ابنته جو آي (أ.ف.ب)

ويرى بيكتول أن الكشف عن إبرام كوريا الشمالية وإيران صفقات مع روسيا؛ لتعزيز مخزونها من الصواريخ ليس فقط أمراً غير مسبوق، ولكنه أيضاً أمر مثير للقلق. ويثير هذا الأمر تساؤلاً: لماذا الآن؟.

وينبغي أن تكون الإجابة عن هذا التساؤل واضحة، وهي أن «الجيش الروسي ليس دقيق التوجيه. وهكذا فإن استخدام روسيا الصواريخ الباليستية سهل تماماً». واستهدفت هذه الصواريخ الأهداف العسكرية والبنية التحتية الصناعية، وأيضاً المدن والبلدات وأي مواقع مدنية معرضة للهجوم. وبعبارة أخرى، فإن روسيا تصوّب صواريخها إلى ما هو أكثر من الأهداف الاستراتيجية، فقد تم استخدامها لترويع المواطنين الأوكرانيين أيضاً. لكن هذا يستهلك عدداً أكبر من الصواريخ فيما يبدو مما تستطيع روسيا تعويضه بسرعة من خلال نظام سلسلتها الخاصة بالإمداد. ومن ثم تطلب الأمر الاستعانة بإيران وكوريا الشمالية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد البحرية الروسية نيكولاي يفمينوف لدى تدشين غواصتين جديدتين في مدينة سيفيرودفينسك شمال روسيا... الاثنين (أ.ب)

ويقول بيكتول إن التأثير في أرض المعركة يبدو مهماً، لكنه لا يمثل نقلة نوعية. وبعبارة أخرى، فإن الصواريخ التي تبيعها كوريا الشمالية (وإيران لاحقاً) لروسيا تهدف إلى تعزيز ما أصبح قوة آخذة في التضاؤل؛ نتيجة للعمليات القتالية عالية الوتيرة. والروس لديهم بالفعل صواريخ «إسكندر»، ولدى قواتهم المسلحة بالفعل كل أنواع الصواريخ والطائرات المسيّرة التي تبيعها إيران لروسيا.

لكن هذه الصواريخ سوف تتيح لموسكو مواصلة درجة عالية من إطلاق النيران والهجوم على الأهداف الأوكرانية، ومن ثم فهي مهمة للغاية لنتيجة الحرب.

ويأتي بعد ذلك السؤال المهم التالي، وهو: إلى متى سوف تواصل كوريا الشمالية التدفق المستمر للصواريخ لروسيا؟

مكتب الادعاء يعرض شظايا الصاروخ وهو واحد من صواريخ عدة ضربت مدينة خاركيف (أ.ف.ب)

إن عدد ما تمتلكه كوريا الشمالية من صواريخ «كيه إن- 23»، التي ترسلها لروسيا غير معروف (على الأقل في البيانات غير السرية)، لكن إذا لم يبقَ لدى بيونغ يانغ كثير من الصواريخ (فقد زودت روسيا بالفعل بالعشرات)، فإن بوسعها أن تتحول دائماً إلى إرسال صواريخ «سكود» لاستهداف المدن والبلدات في أوكرانيا.

جزء من صاروخ تعتقد السلطات الأوكرانية بأنه مصنوع في كوريا الشمالية واستخدمته روسيا في قصف خاركيف (رويترز)

ووفقاً للعدد التقديري لصواريخ كوريا الشمالية، وحتى دون إنتاج صواريخ جديدة، فإن لديها مخزوناً كافياً لتزويد روسيا بعشرات الطائرات المسيّرة والصواريخ شهرياً لمدة 36 شهراً على الأقل، وهو ما يعني أنه ليس من المحتمل أن يتوقف التدفق المستمر للهجمات الصاروخية على أوكرانيا في أي وقت قريب، مهما كانت الجهة التي ستأتي منها الأسلحة.

ويتساءل بيكتول في نهاية تقريره عمّا يعنيه كل هذا، ويجيب بأنه يعني «أننا نشهد الآن شيئاً لم يتنبأ به أحد قبل عام، فكوريا الشمالية التي كانت في السابق تدور في فلك الاتحاد السوفياتي خلال حقبة الحرب الباردة، وهي دولة لم يكن باستطاعتها تطوير قدرتها في مجال الصواريخ الباليستية دون التكنولوجيا الروسية، أصبحت الآن مركزاً مهماً لتقديم الأسلحة التي تعد جزءاً مهماً من خطة موسكو لشنّ حرب مروعة ضد أوكرانيا».

وليس هذا تغييراً في قواعد اللعبة، بل هو «تعزيز لقواعد اللعبة»، و«حفاظ على قواعد اللعبة»، ويحدث الآن، ويرجح أن يستمر في المستقبل القريب. وعلاوة على ذلك، ستكون له تأثيرات غير مباشرة في شمال شرقي آسيا. ومن المرجح أن يؤدي ما تتلقاه بيونغ يانغ من تكنولوجيا وأموال في المقابل إلى تفاقم التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية، لكوريا الجنوبية والمنطقة، على نطاق أوسع.


مقالات ذات صلة

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

روسيا لا نستبعد أي رد على العقوبات النفطية الأميركية

موسكو لا تستبعد أي احتمال من جانبها فيما يتعلق بالرد على العقوبات الأميركية الجديدة التي تستهدف قطاع النفط.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا دونالد ترمب يصافح فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)

ترمب سيلتقي مع بوتين «سريعاً جداً» بعد تنصيبه

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إنه سيلتقي نظيره الروسي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «سريعاً جدّاً» بعد تنصيبه الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا قناصة روس يغيِّرون موقعهم لإطلاق النار على القوات الأوكرانية من مكان غير معلوم (وزارة الدفاع الروسية- أ.ب)

أوكرانيا تشن هجوماً ضخماً على روسيا وتستهدف مصنعاً يزوِّد القاذفات الروسية للمرة الثانية

أوكرانيا تشن هجوماً بطائرات مُسيَّرة، استهدف عدة مناطق روسية، وألحق الضرر بكثير من المواقع، منها مصنع كيميائي لوقود الصواريخ والذخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا دبابة أوكرانية بعد أن أصابتها طائرة من دون طيار روسية بالقرب من مستوطنة فوزدفيزينكا شرق أوكرانيا (أ.ب)

موسكو تتهم كييف بإطلاق صواريخ غربية في هجوم استهدف مصنعاً عسكرياً

أعلن الجيش الروسي اليوم (الثلاثاء) أن أوكرانيا أطلقت صواريخ غربية في هجومها على الأراضي الروسية ليلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
TT

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

انطلق اليوم (الأربعاء) من مركز كيندي الفضائي على ساحل الولايات المتحدة الشرقي، صاروخ واحد يحمل مركبتين فضائيتين، لمهمتين إلى القمر لحساب شركتين خاصتين، إحداهما أميركية والأخرى يابانية، على ما أظهرت مشاهد من بث حي للعملية.

وقد أُرسلت المركبتان الفضائيتان المحملتان بالأدوات العلمية إلى الفضاء، بواسطة صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية، المملوكة للملياردير إيلون ماسك.

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

وانطلق الصاروخ بنجاح، الأربعاء، عند الساعة 01:11 صباحاً بالتوقيت المحلي (06:11 بتوقيت غرينيتش) من مركز كيندي للفضاء بولاية فلوريدا، في جنوب شرقي الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أُرسلت المركبتان الفضائيتان المحملتان بالأدوات العلمية إلى الفضاء بواسطة صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية المملوكة للملياردير إيلون ماسك (إ.ب.أ)

ويضم الصاروخ الروبوت الفضائي «بلو غوست» Blue Ghost الذي طورته شركة «فايرفلاي إيروسبيس» Firefly Aerospace لحساب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، والروبوت الفضائي «ريزيلينس» Resilience التابع لشركة «آي سبيس» ispace اليابانية.

مصورون في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

وتأمَل الوكالتان في تكرار الإنجاز الذي حققته شركة «إنتويتيف ماشينز» Intuitive Machines الأميركية، بعد نجاحها في إرسال مركبة فضائية إلى سطح القمر في أوائل عام 2024، في سابقة على مستوى العالم لشركة خاصة.

وقبل ذلك، لم تنجح في إتمام هذه المناورة المحفوفة بالمخاطر إلا حفنة من البلدان، بدءاً بالاتحاد السوفياتي في عام 1966.

وستكون هذه المحاولة الأولى لشركة Firefly Aerospace، والثانية لشركة ispace التي فشلت مركبتها في الهبوط بأمان على سطح القمر في عام 2023.