بلينكن في المكسيك أملاً في وقف تدفق المهاجرين

يحاول التغلب على شرط الجمهوريين لمساعدة أوكرانيا

مهاجرون يغادرون تاباتشولا في المكسيك عبر قافلة الى الولايات المتحدة في 24 ديسمبر (أ.ب)
مهاجرون يغادرون تاباتشولا في المكسيك عبر قافلة الى الولايات المتحدة في 24 ديسمبر (أ.ب)
TT

بلينكن في المكسيك أملاً في وقف تدفق المهاجرين

مهاجرون يغادرون تاباتشولا في المكسيك عبر قافلة الى الولايات المتحدة في 24 ديسمبر (أ.ب)
مهاجرون يغادرون تاباتشولا في المكسيك عبر قافلة الى الولايات المتحدة في 24 ديسمبر (أ.ب)

بدأ وفد أميركي رفيع، بقيادة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الأربعاء، محادثات مع الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، في مسعى هو الأحدث من الولايات المتحدة لحمل المكسيك على بذل المزيد من الجهود لوقف تدفق المهاجرين عبر الحدود الطويلة بين البلدين.

تأتي هذه الزيارة من الوفد الأميركي الذي يضم أيضاً وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، ومستشارة الأمن الداخلي ليز شيروود راندال، خلال عطلة نهاية السنة، وهو أمر نادر، في وقت يطالِب فيه المشرعون الجمهوريون باتفاق حول الهجرة مع إدارة الرئيس جو بايدن مقابل تقديم دعمهم لحزمة جديدة من المساعدات لأوكرانيا.

وفي الأسابيع الأخيرة، حاول نحو 10 آلاف شخص يومياً عبور الحدود بطريقة غير شرعية في جنوب الولايات المتحدة. واضطرت السلطات الأميركية إلى إغلاق مراكز حدودية للاهتمام بالمهاجرين. وكذلك تعرَّضت الصناعات المكسيكية لصدمة، الأسبوع الماضي، عندما أغلقت السلطات الأميركية لفترة وجيزة معبرَيْن حيويين للسكك الحديد في تكساس، بحجة أنه يتعين إعادة تكليف عملاء حرس الحدود للتعامل مع الزيادة.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى استضافته نظيره الدنماركي في 21 ديسمبر (رويترز)

هجرة نظامية

وترك بلينكن الباب مفتوحاً أمام إمكانية إعادة فتح المعبرين إذا قدمت المكسيك المزيد من المساعدة. وأفاد مكتبه في بيان سابق: «سيناقش الوزير بلينكن الهجرة غير الشرعية غير المسبوقة (...)، ويحدد الطرق التي ستتعامل بها المكسيك والولايات المتحدة مع التحديات الأمنية على الحدود، بما في ذلك الإجراءات لتمكين إعادة فتح موانيء الدخول الرئيسية عبر حدودنا المشتركة».

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن الوفد سيبحث مع الرئيس المكسيكي في «الضرورة الملحة لتوفير طرق (هجرة) نظامية وتعزيز الإجراءات العقابية».

الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور خلال مؤتمر صحافي في 26 ديسمبر (رويترز)

كوبا وفنزويلا

وقبل بدء محادثات مع الوفد الأميركي، أعلن لوبيز أوبرادور أنه على استعداد للمساعدة، لكنه أمل في أن يرى أيضاً تقدماً في العلاقات بين الولايات المتحدة وكل من كوبا وفنزويلا، مصدر العدد الأكبر من المهاجرين الذين يرغبون في الوصول الى الأراضي الأميركية. وتعهد بعد محادثات هاتفية مع بايدن في 21 ديسمبر (كانون الأول) تعزيز إجراءات احتواء المهاجرين عند الحدود مع غواتيمالا. كما عبر عن رغبته في المزيد من المساعدات التنموية للمنطقة.

وهو أكد الأسبوع الماضي أن المسؤولين الأميركيين يريدون من المكسيك أن تفعل المزيد لمنع المهاجرين على حدودها الجنوبية مع غواتيمالا، أو جعل التنقل عبر المكسيك بالقطار أو في الشاحنات أو الحافلات أكثر صعوبة. لكن أوضح أنه يريد في المقابل أن ترسل الولايات المتحدة المزيد من المساعدات التنموية إلى بلدان المهاجرين الأصلية، وأن تقلل أو تلغي العقوبات المفروضة على كوبا وفنزويلا. وقال: «سنساعد، كما نفعل دائماً. المكسيك تساعد في التوصل إلى اتفاقات مع دول أخرى، وفي هذه الحالة فنزويلا». وزاد: «نريد أيضاً القيام بشيء بشأن الخلافات (الأميركية) مع كوبا (...) اقترحنا بالفعل على الرئيس بايدن فتح حوار ثنائي بين الولايات المتحدة وكوبا».

وخصصت المكسيك بالفعل أكثر من 32 ألف جندي وضابط من الحرس الوطني، أي نحو 11 في المئة من إجمالي قواتها، لفرض قوانين الهجرة، ويحتجز الحرس الوطني الآن عدداً من المهاجرين أكبر بكثير من عدد المجرمين.

جهود مكسيكية

لكن عيوب هذا النهج ظهرت أخيراً، عندما لم يقم ضباط «الحرس الوطني» بأي محاولة لوقف قافلة تضم نحو 6 آلاف مهاجر، بينهم كثيرون من أميركا الوسطى وفنزويلا، عندما ساروا عبر نقطة تفتيش الهجرة الداخلية الرئيسية في المكسيك في ولاية تشياباس الجنوبية، قرب نقطة تفتيش الهجرة الداخلية الرئيسية في المكسيك على الحدود مع غواتيمالا.

وتستضيف المكسيك بعد توقيعها اتفاقات مع إدارتي بايدن وسلفه دونالد ترمب على أراضيها مهاجرين يسعون إلى دخول الولايات المتحدة.

وكثّف الرئيس الجمهوري السابق الذي يستعد لمواجهة بايدن في الاقتراع الرئاسي عام 2024، في الفترة الأخيرة، حملته على المهاجرين، متهماً إياهم بـ«تسميم دم» الولايات المتحدة، في تصريحات عدَّها منتقدوه مستعارة من الخطاب النازي.

مهاجرون يسيرون في قافلة متجهة إلى الحدود الشمالية مع الولايات المتحدة في بلدية هويكستلا في تشياباس المكسيك - 26 ديسمبر (إ.ب.أ)

وفي ظل هذه الأجواء السياسة المتوترة، يحاول الديمقراطيون إيجاد اتفاق حول الهجرة مع الجمهوريين في «الكونغرس» من أجل الموافقة على نفقات بقيمة 61 مليار دولار لمساعدة كييف في حربها مع موسكو. وحذر البيت الأبيض من أنه «سيفتقر إلى الموارد» المخصصة لأوكرانيا «بحلول نهاية السنة».

وفي إطار هذه المفاوضات، اقترحت إدارة بايدن خصوصاً استحداث 1300 وظيفة جديدة في شرطة الحدود.


مقالات ذات صلة

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية لمهاجرين على متن زورق بعد محاولة فاشلة للعبور إلى جزيرة ليسبوس اليونانية عندما اقترب منهم قارب لخفر السواحل التركي في مياه شمال بحر إيجه قبالة شواطئ كاناكالي بتركيا في 6 مارس 2020 (رويترز)

فقدان 45 مهاجراً في انقلاب قارب قبالة ساحل اليمن

أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن، اليوم (الخميس)، انقلاب قارب يقل 45 لاجئاً ومهاجراً قبالة ساحل اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جانب من السياج الحدودي بين اليونان وتركيا في ألكسندروبوليس باليونان في 10 أغسطس 2021 (رويترز)

اليونان تنفي اتهامات أنقرة بدفع مهاجرين إلى الأراضي التركية

نفى خفر السواحل اليوناني اتهامات من وزارة الدفاع التركية، الاثنين، بأنه دفع مهاجرين من قبالة جزيرة ليسبوس إلى تركيا.

«الشرق الأوسط» (أثينا )
شمال افريقيا رانيا المشاط خلال لقاء وفد الاتحاد الأوروبي (مجلس الوزراء المصري)

مصر والاتحاد الأوروبي ينسقان لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»

تنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»، عبر برامج تعليمية وآليات حماية اجتماعية للشباب والأسر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون سريون تم اعتراض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسية (أ.ف.ب)

تونس تعترض 74 ألف مهاجر سري حتى يوليو الحالي

الحرس البحري التونسي اعترض أكثر من 74 ألف مهاجر سري في البحر، كانوا في طريقهم إلى السواحل الأوروبية هذا العام وحتى منتصف يوليو (تموز) الحالي.

«الشرق الأوسط» (تونس)

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
TT

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على بدء انسحاب الرئيس جو بايدن من الحلبة السياسية الأميركية، بدت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، على وشك إنجاز حلقات الدعم الضرورية، ليس فقط لنيل بطاقة الحزب الديمقراطي، بل أيضاً لتشكيل تحالف يمكّنها من الفوز بانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يعتقد كثيرون أن حملة هاريس يمكن أن تكرّر، بعد 100 يوم من الآن، الإنجاز الانتخابي الهائل الذي نتج عن «موجة زرقاء» عالية، أوصلت أول شخص أسود، هو الرئيس باراك أوباما، إلى البيت الأبيض عام 2008، وأبقته عام 2012، ثم دفعت نائب الرئيس في عهده جو بايدن إلى سُدّة الرئاسة عام 2020 إلى تلك المكانة، على رغم الجدار العالي الذي بناه الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه بين الجمهوريين المحافظين في مساعيهم لإعادة «جعل أميركا بيضاء مرة أخرى»، وهو الظل الخفي لشعار ترمب الشعبوي «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

لهذه الأسباب وغيرها، تبدو الانتخابات لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أكثر صداميّة من سابقاتها.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما معانقاً نائبة الرئيس كامالا هاريس بمناسبة إقرار قانون للرعاية الميسّرة في البيت الأبيض عام 2022 (أ.ف.ب)

خلال حملتها القصيرة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2019، حاولت هاريس محاكاة استراتيجية أوباما لعام 2008، فتعاملت مع ساوث كارولينا، وهي ولاية تضم عدداً كبيراً من ذوي البشرة السوداء، باعتبارها موقعاً لاختراقها المحتمل، ولكنها حشدت الموارد في آيوا تحضيراً لهذا الاختراق، من خلال طمأنة الناخبين السود بأنها قادرة على الفوز في الولاية ذات الغالبية البيضاء، وكانت تتمتع بميزة إضافية تتمثل في كونها من كاليفورنيا، وفي لحظة من الانتخابات التمهيدية فيما يسمى «الثلاثاء الكبير» في مارس (آذار) عامذاك، وبعد أدائها الناجح في مناظرة يونيو (حزيران) 2019، بدا أن هاريس في طريقها إلى تحقيق هذا الإنجاز، ما يهدّد تقدّم بايدن في استطلاعات ساوث كارولينا وآيوا. لكن هذا «التهديد» الانتخابي ضد بايدن لم يدُم طويلاً، بسبب «نفاد المال والحظ»، ما دفع هاريس إلى الانسحاب من الانتخابات التمهيدية.

قطبان رئيسيان

أما الآن، فأصبحت هاريس المرشّحة المفترضة عن الديمقراطيين، من دون الحاجة إلى اجتياز أي تمهيديات، ومع ذلك لا تزال تواجه بعض القرارات الاستراتيجية الرئيسية، في ضوء تراجُع بايدن باستمرار عن ترمب في الاستطلاعات، بسبب أدائه الضعيف بين فئتي الشباب وغير البِيض، وهما قطبان رئيسيان في «تحالف أوباما». ووسط تساؤلات عما إذا كانت هاريس تستطيع تعويض بعض هذه الخسائر المحتملة من دون التضحية بدعم ناخبين آخرين، أقدمت نائبة الرئيس على الدخول إلى منصة «تيك توك» المفضلة عند أجيال «إكس» و«زد» والألفية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مساعيها الهادئة لنيل تأييد علني من الفنانة الأميركية الأشهر تايلور سويفت، بعدما حظيت بدعم الفنانة بيونسيه، والممثلة جينيفر أنيستون، وإذ تدرك أن الطاقة مُعدِية، فالصور المتحركة السريعة والموسيقى تؤكد على ديناميكية حملتها التي تميل إلى التنوع.

أميركيون يؤيدون ترشيح كامالا هاريس في لوس أنجليس الجمعة (أ. ب)

«الأمل والتغيير»

منذ الخطوة التي اتخذها بايدن، الأحد الماضي، وقلبت المشهد الانتخابي الأميركي رأساً على عقب، بعدما هيمن ترمب عليه بشكل كامل تقريباً على أثر محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل نحو أسبوعين، يجد كثيرون الآن فرصة لأن تتمكّن هاريس من الإفادة من سحر «الأمل والتغيير»، الذي تمتع به أوباما في بطاقته الديمقراطية قبل 16 عاماً. وتقع المفارقة في أن الاستطلاعات كانت تشير بوضوح إلى أن نسبة كبيرة من الأميركيين يشكّكون في القدرات الذهنية لترمب، بسبب وقوعه في سلسلة من الأخطاء اللفظية وهفوات الذاكرة، غير أن ذلك لم يحظَ باهتمام كبير، في ظل الصعوبات الكبيرة التي كان يواجهها بايدن. ولكن استبدال الأخير بهاريس يبعث الأمل في استعادة الناخبين الأصغر سناً، والناخبين السود واللاتينيين، الذين ابتعدوا عن بايدن منذ عام 2020. وفي الوقت ذاته، يمكنها توسيع هوامش الديمقراطيين القوية بالفعل بين النساء المتعلمات في الكليات والداعمات لحقوق الإجهاض.

وبالإضافة إلى هذه الشرائح المهمة، تسعى هاريس منذ سنوات إلى إيجاد مكانة لها في أوساط المهتمين بالقضايا التجارية والاقتصادية، وبينما يتذكر البعض إصرارها في مناظرة رئاسية عام 2019، على أنها «ليست ديمقراطية حمائية»، فهي ليست من مؤيدي التجارة الحرة أيضاً. وقد أكّدت أنها كانت ستعارض اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية عام 1992، علماً بأن بايدن صوَّت مؤيداً لها أثناء خدمته في مجلس الشيوخ، وكذلك اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي دعمها أوباما. وعام 2020 كانت بين 10 سيناتورات صوّتوا ضد اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بعد انسحاب الرئيس دونالد ترمب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.

كامالا هاريس تتجه للصعود إلى «آير فورس تو» في مطار هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

ويعتقد فريق ترمب أن في إمكانه تعويض مكاسب هاريس المحتملة، من خلال تصويرها «راديكالية كاليفورنيا»، ورمزاً للتنوع الذي يمكن أن ينفّر الناخبين البِيض الأكبر سناً، الذين كان بايدن يتمتع ببعض القوة المتبقية معهم. ولكن أوباما تغلّب على عناصر مشابهة عام 2008، وساعده على ذلك الانهيار المالي، والتململ الشعبي من سياسات الحرب الجمهورية في العراق.

آثار استراتيجية

ويرجّح أن تكون لجهود هاريس لاتّباع مسار أوباما آثار استراتيجية كبرى على خريطة المعركة الانتخابية؛ لأن أي تحسّن كبير في أدائها بين الناخبين السود واللاتينيين، ومَن هم دون سن الثلاثين يمكن أن يُعيد ولايات متأرجحة، مثل أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا، التي كادت تميل لمصلحة ترمب في الأسابيع الأخيرة إلى قلب السباق، علماً أيضاً بأن تآكل دعم بايدن بين الناخبين البِيض الأكبر سناً، وغير الحاصلين على تعليم جامعي، أدّى إلى إضعاف فرص الديمقراطيين بالفوز في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

وبات من المؤكد أن هذه الخيارات الاستراتيجية يمكن أن تؤثر على اختيار هاريس في عملية الترشيح لمنصب نائب الرئيس، ليس فقط لجهة اختياره من ولاية تشكّل ساحة معركة، ولكن بوصفه وسيلة لتعظيم التحول الناتج عن انسحاب بايدن. ويعتقد البعض أن هاريس يمكن أن تتبع مثال الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1992 لمضاعفة نقاط قوتها، من خلال اختيار امرأة أخرى هي حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر.

ولكن هذا الخيار الجريء والتاريخي يحمل «مخاطرة أكبر»، وإن كان يشبه إلى حدٍّ نموذج عام 1992، عندما وقع اختيار كلينتون على آل غور مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، على رغم أنه من مواليد فترة الطفرة في الجنوب الأميركي، وليس من واشنطن.

«فخر» روزفلت

منذ الساعات الأولى لترشيحها، بدأت هاريس العمل على إعادة تجميع «تحالف أوباما» بطريقة فعّالة للغاية، وهذا ما ظهر في إعلانها الانتخابي الأول: «كان روزفلت ليشعر بالفخر؛ ففي خطابه عن حال الاتحاد عام 1941 حدّد 4 حريات: حرية التعبير، وحرية العبادة، والحرية من العوز، والحرية من الخوف»، وتشدّد هاريس، بمساعدة من بيونسيه، باستمرار على الحرية باعتبارها الإطار الأساسي لحملتها، وهي تؤكد بشكل خاص على الحرية من العوز، والحرية من الخوف، مع الإشارة إلى الأمن الاقتصادي، والرعاية الصحية، وحقوق الإنجاب، والأمان من الأسلحة النارية. ومثل روزفلت، أعادت هاريس صوغ «الحرية» ــ وهي جزء أساسي من معجم المحافظين ــ لإعطائها دلالات تقدّمية.

نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 2023 (أ.ف.ب)

ويحتفي إعلانها بالتنوع الأميركي مع وفرة من الأشخاص الملوّنين؛ لأنها تريد زيادة الإقبال بشكل كبير بين السود واللاتينيين، والناخبين الأصغر سناً، الذين يشكّلون أهمية أساسية لـ«تحالف أوباما».

حتى الآن، أثمرت استراتيجية هاريس لإعادة تجميع «تحالف أوباما» عن أرباح فورية، ظهرت في ال​​استطلاعات، التي تُوحِي أن لديها الموارد والمتطوعين لدفع نسبة المشاركة على غرار أوباما، ولكن سباق الأيام الـ100 سيكون طويلًا وصعباً، على رغم أن رسالتها المبكرة تلقى صدى.