عودة ترمب تقلق الأوروبيين وكندا

هل تعرض أوروبا «صفقة» على ترمب «لا يمكنه رفضها» لضمان دعمه لأوكرانيا؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مهرجان انتخابي بولاية نيوهامشير (رويترز)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مهرجان انتخابي بولاية نيوهامشير (رويترز)
TT

عودة ترمب تقلق الأوروبيين وكندا

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مهرجان انتخابي بولاية نيوهامشير (رويترز)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مهرجان انتخابي بولاية نيوهامشير (رويترز)

بعد أقل من عام من الآن، قد يكون العالم أمام مشهد جديد - قديم؛ عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. على الأقل، هذا ما تشير إليه استطلاعات الرأي، التي تضعه الآن في مرتبة متساوية أو حتى أعلى، مع منافسه الديمقراطي، الرئيس جو بايدن، واحتمال أن تكون انتخابات عام 2024، إعادة لسباق 2020 بين الرجلين.

أنصار ترمب يشاركون في فعالية انتخابية بأيوا السبت (أ.ف.ب)

ومع أرقام بايدن المقلقة، بسبب سنّه، والأزمات السياسية الناشئة، سواء مع الجمهوريين بسبب حرب أوكرانيا، وفي حزبه جراء حرب غزة، يتصاعد القلق في أوساط قادة أبرز حليفين للولايات المتحدة؛ الاتحاد الأوروبي وكندا، فضلاً عن أوكرانيا، من احتمال أن تكون عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية ضربة خطيرة لهم، سواء على المستوى الاقتصادي أو على الدعم العسكري والمالي الأميركي لأوكرانيا.

الرئيس السابق دونالد ترمب يلوّح للجمهور في تكساس الأحد الماضي (أ.ف.ب)

 

«رشوة» ترمب

ونشرت صحف أميركية عدة، تقارير عن القمة الأوروبية – الكندية، التي ستعقد في مدينة سانت جون الكندية، لمناقشة «علاقاتهما التاريخية»، ولكن أيضاً «علاقة الكتلة مع الولايات المتحدة»، و«احتمال عودة ترمب». صحيفة «بوليتيكو»، قالت إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة هي مفتاح الاقتصاد في كلا الجانبين، فإن الاتحاد الأوروبي لا يزال يكافح حتى الآن، للتعامل مع الإرث التجاري لعهد ترمب الأول. ومع احتمال عودته وعدم القدرة على التنبؤ بسياساته، فإن القلق يزداد من التعقيدات المحتملة، مع سنوات أربع جديدة من رئاسته.

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته بفعالية سياسية في واشنطن (رويترز)

وطرح البعض فكرة قيام الاتحاد الأوروبي بـ«رشوة» ترمب، خصوصاً في ملف أوكرانيا، عبر عرض «صفقة» لا يمكنه رفضها، وقد تكون مربحة لكلا الطرفين. وتقوم الصفقة على فكرة بسيطة محددة: عرض المال، الذي تمتلكه أوروبا، لإقناع الجمهوريين بالوقوف إلى جانب أوكرانيا.

ترمب كان واضحاً في التعبير عن أسباب رفضه مواصلة دعم أوكرانيا، حين قال في مقابلة سابقة: «أريد من أوروبا أن تقدم مزيداً من الأموال... هم يعتقدون أننا حمقى. نحن ننفق 170 مليار دولار على أراضٍ بعيدة (في إشارة إلى مساهمة واشنطن في تمويل حلف الناتو)، وهم مجاورون لتلك الأرض مباشرة. لا أعتقد أن ذلك سوف يستمر».

جنود أوكرانيون يمرون أمام حافلة محترقة بضربة روسية قرب مدينة باخموت قبل يومين (أ.ب)

صعوبات بين واشنطن وبروكسل

وفي حين أن علاقة الاتحاد الأوروبي بكندا جيدة، لا تزال العلاقة مع الولايات المتحدة تواجه صعوبات، حتى في ظل إدارة الرئيس بايدن، خصوصاً بعد إصدارها «قانون خفض التضخم»، الذي ستتم مناقشته أيضاً على هامش قمة سانت جون. فقد خصص القانون مبلغ 369 مليار دولار لدعم الشركات التي ترغب في الاستثمار في الولايات المتحدة. وهو ما قد يهدد بتفريغ اقتصاد الكتلة، مع نزوح الشركات عبر المحيط الأطلسي للاستفادة من إعاناته الضخمة.

 

وبحسب تقارير اقتصادية، تواصل بروكسل وواشنطن التفاوض على اتفاقية عالية المخاطر بشأن المعادن الحيوية للسماح لبطاريات السيارات الكهربائية التي تصنعها الشركات الأوروبية بالتأهل للحصول على الإعفاءات الضريبية الاستهلاكية من «قانون خفض التضخم». ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى كندا، ميليتا غابريتش، قولها إن العلاقة مع أوتاوا «أوثق من أي وقت مضى»، ورفضت القول ما إذا كانت ترى عودة ترمب المحتملة، حافزاً لعلاقات أوثق مع واشنطن العام المقبل. وقالت: «سنرى ما سيحدث، لكن من المؤكد أننا نولي أهمية كبيرة لعلاقاتنا عبر الأطلسي»، في إشارة إلى الولايات المتحدة وكندا.

 

المال مقابل دعم أوكرانيا

مبنى المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (رويترز)

ومع إدراك الأوروبيين حقيقة أنهم لا يستطيعون في أي وقت قريب أن يحلوا محل الأسلحة والاستخبارات والدعم الدبلوماسي الذي تتلقاه كييف من الولايات المتحدة، فإن خوفهم الأكبر هو أن يقوم الجمهوريون بخفض الدعم الأميركي لأوكرانيا. وحتى الآن، منع الجمهوريون بالفعل 24 مليار دولار من المساعدات الجديدة لأوكرانيا. ومنذ هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، زعم الكثير منهم أن نقل الذخائر إلى أوكرانيا، من شأنه أن يقوض قدرة إسرائيل، «أكبر حليف لأميركا في المنطقة»، لتبرير أسباب دعمهم غير المحدود لها.

يقول البعض إن موقف ترمب المعادي لما يعده «حروباً أبدية»، (سواء في منطقة الشرق الأوسط، أو حتى حرب روسيا مع أوكرانيا)، ليس نابعاً بالضرورة من معارضته لتلك الحروب، بل من تبعاتها المالية على الولايات المتحدة. وإذا تمت معالجة هذه المخاوف، وإظهار فائدتها المربحة للصناعات الأميركية، قد يكون بالإمكان تغيير موقفه من مواصلة دعم أوكرانيا.

 

دعم الصناعة الأميركية

وبدلاً من الرهان على كيفية إقناع المترددين والمعارضين، الذين تزداد أعدادهم سواء بين السياسيين الأميركيين أو لدى الجمهور الأميركي، فقد يكون من الأجدى أن يقوم الاتحاد الأوروبي بالتركيز على تقديم المال، لضمان مساعدة أوكرانيا، والإعلان عن تمويلها لشراء الأسلحة الأميركية لكييف لسنوات عدة. وهذا من شأنه أن يساعد أوكرانيا وأوروبا وترمب أيضاً، إذا تبيّن حدوث تقلّص في «الفجوة المالية» التي يحرض على أساسها الجمهوريون الناخب الأميركي، لرفض مواصلة تمويل الحرب الأوكرانية.

وبحسب بعض التقديرات، على أوروبا أن تغطي ما قيمته 45 مليار دولار سنوياً، وهي فاتورة الدعم الأميركي لأوكرانيا. وهذا يمثل 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، أو ما يعادل تقريباً الفرق بين هدف الإنفاق لدول الناتو البالغ 2 في المائة من ميزانيتها، وما أنفقته ألمانيا فعلياً على ميزانية دفاعها في العامين الماضيين. ومن شأن شراء أوروبا الأسلحة الأميركية، إلزام الجمهوريين وترمب، بدعم أوكرانيا لسنوات عدة، وعدم «التضحية» بالعقود المربحة للصناعة الأميركية.

وبينما يعد هذا الالتزام، رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الدعم الغربي لأوكرانيا لن يتراجع، وبأنه لا يمكنه انتظار الانتخابات الأميركية، فقد يضمن أيضاً الالتفاف على احتمال فوز الجمهوريين بأي من مجلسي الشيوخ والنواب، ما قد يؤدي إلى تعقيد جهود بايدن لمواصلة دعم أوكرانيا، حتى ولو فاز على ترمب.


مقالات ذات صلة

بعد تصريح «الولاية رقم 51»... ترمب يسخر من ترودو بصورة لعلم كندا

الولايات المتحدة​ صورة ترمب مع العلم الكندي

بعد تصريح «الولاية رقم 51»... ترمب يسخر من ترودو بصورة لعلم كندا

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بدا أنه يسخر من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو بصورة يقف فيها بجوار العلم الكندي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي قوات أميركية بسوريا (رويترز)

الجيش الأميركي: مهمتنا في سوريا «تظل دون تغيير»

قالت القيادة المركزية الأميركية اليوم (الأربعاء) إن مهمة الولايات المتحدة في سوريا تظل دون تغيير، وذلك بعدما نفَّذت ضربة أمس دمرت خلالها أنظمة أسلحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال اجتماع في لندن 3 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

وزير كندي: ترمب مزح باقتراحه أن تصبح كندا الولاية الـ51 لأميركا

قال وزير كندي إن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، كان يمزح عندما اقترح أن تصبح كندا الولاية الـ51 في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعرض على الملياردير ستيف فينبرغ منصب نائب وزير الدفاع

قال مراسل صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عرض على الملياردير ستيف فينبرغ منصب نائب وزير الدفاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ملصق مطلوب من وزارة الخارجية الأميركية لقائد قوة الرضوان السابق في «حزب الله» إبراهيم عقيل مع عرض مكافأة بقيمة 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه (وزارة الخارجية الأميركية)

مسؤول أميركي: إسرائيل لن تحصل على مكافآت لقتلها مطلوبين على لوائح واشنطن

قال مسؤول أميركي إن إسرائيل غير مؤهلة لتلقي أموالٍ مكافأةً على المعلومات التي جمعتها ضد مطلوبين خصصت أميركا مكافأة مقابل معلومات عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بعد تصريح «الولاية رقم 51»... ترمب يسخر من ترودو بصورة لعلم كندا

صورة ترمب مع العلم الكندي
صورة ترمب مع العلم الكندي
TT

بعد تصريح «الولاية رقم 51»... ترمب يسخر من ترودو بصورة لعلم كندا

صورة ترمب مع العلم الكندي
صورة ترمب مع العلم الكندي

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بدا أنه يسخر من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو بصورة يقف فيها بجوار العلم الكندي بعد أن اقترح أن كندا يمكن أن تصبح ولاية أميركية.

ونشر ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي صورة له وهو ينظر إلى جبال مع العلم الكندي بجانبه، مع تعليق: «أوه كندا».

والتقى الزعيمان في منتجع ترمب «مار إيه لاغو» بعدما هدد الأخير بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات الكندية والمكسيكية إذا فشل كلا البلدين في وقف تدفق المخدرات والمهاجرين عبر حدود الولايات المتحدة.

وأخبر ترمب ترودو خلال عشاء دام ثلاث ساعات أن كندا يمكن أن تصبح الولاية الأميركية رقم 51 إذا لم تستطع تحمل التعريفة الجمركية الجديدة.

وذكر الرئيس الأميركي المنتخب أن كندا فشلت في مساعدة الولايات المتحدة بالسماح للمهاجرين غير الشرعيين من أكثر من 70 دولة بعبور حدودهما المشتركة، وفقاً لما قاله شخصان لشبكة «فوكس نيوز».

ووفقاً لـ«فوكس نيوز»، توسل ترودو إلى ترمب بعدم فرض التعريفة الجديدة؛ لأنها ستقتل اقتصاد كندا، ورد ترمب: «إذن، لا يمكن لبلدك أن يبقى على قيد الحياة ما لم يسرق الولايات المتحدة بمبلغ 100 مليار دولار؟»، مشيراً إلى العجز التجاري الأميركي مع كندا.

ثم اقترح أن تصبح كندا بدلاً من ذلك الولاية الأميركية رقم 51، مما تسبب في ضحك رئيس الوزراء وآخرين بعصبية، وأضاف لترودو أن رئيس الوزراء يعدّ لقباً أفضل، لكنه لا يزال بإمكانه أن يكون حاكم الولاية رقم 51، وذكر شخص آخر لترمب أن كندا ستكون ولاية ليبرالية للغاية، مما أثار المزيد من الضحك.

وأكمل ترمب بقوله إنه إذا لم يتمكن ترودو من تلبية مطالبه، فربما يمكن تقسيم كندا إلى ولايتين: ولاية ليبرالية وأخرى محافظة.

وعلى الرغم من ذلك، وصف الضيوف الكنديون العشاء بأنه «ودود وإيجابي للغاية».

جانب من العشاء الذي جمع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب برئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مارالاغو بفلوريدا مساء الجمعة (حساب السيناتور المنتخب عن ولاية بنسلفانيا ديف ماكورميك)

وقال دومينيك لوبلان، وزير السلامة العامة الكندي الذي انضم إلى ترودو في العشاء: «لقد تحدث رئيس الوزراء بالطبع عن أهمية حماية الاقتصاد الكندي والعمال الكنديين من الرسوم الجمركية، لكننا ناقشنا أيضاً مع أصدقائنا الأميركيين التأثير السلبي الذي قد تخلفه هذه الرسوم الجمركية على اقتصادهم، وعلى القدرة على تحمل التكاليف في الولايات المتحدة أيضاً».

وتابع: «فكرة أننا عدنا خاليي الوفاض خاطئة تماماً. لقد أجرينا مناقشة مثمرة للغاية مع ترمب ووزراء حكومته، وكان التزام ترمب بمواصلة العمل معنا بعيداً عن كونه لقاءً خالي الوفاض».

ووصف ترمب المحادثات بأنها «مثمرة»، لكنه لم يشر إلى التراجع عن تعهده بالرسوم الجمركية.