البيت الأبيض ينفي الموافقة على الغارة الإسرائيلية على مستشفى الشفاء

استطلاعات الرأي: 38 % من الأميركيين ينتقدون العمليات الإسرائيلية والنصف يعترض على موقف واشنطن

جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء بعد اقتحامه الأربعاء (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء بعد اقتحامه الأربعاء (رويترز)
TT

البيت الأبيض ينفي الموافقة على الغارة الإسرائيلية على مستشفى الشفاء

جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء بعد اقتحامه الأربعاء (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء بعد اقتحامه الأربعاء (رويترز)

قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لم تعط إسرائيل أي نوع من الموافقة أو الضوء الأخضر لغارتها على مستشفى الشفاء في غزة.

وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي، في اتصال تليفوني مع الصحافيين، الأربعاء، إن الولايات المتحدة «لم توافق على العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي حول مستشفى الشفاء في قطاع غزة، ولم نعط موافقتنا على العملية»، مؤكداً أن الولايات المتحدة تحافظ على نفس النهج فيما يتعلق بالقرارات العسكرية الأخرى التي اتخذتها إسرائيل.

وأضاف كيربي: «لقد كنا دائماً واضحين للغاية مع شركائنا الإسرائيليين بشأن أهمية تقليل الخسائر في صفوف المدنيين. وكنا أيضاً واضحين جداً معهم بشأن ضرورة توخي الحذر بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالمستشفيات».

وكان الرئيس جو بايدن قد تواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، وقال بيان مقتضب للبيت الأبيض إن الحديث تدرج إلى التطورات الأخيرة حول غزة والجهود لتأمين صفقة إطلاق سراح الرهائن لدى حركة «حماس»، بما في ذلك عدد كبير من الأطفال وعدد من الأميركيين.

ورفض كيربي القول ما إذا كان الرئيس الأميركي قد تلقى معلومات مسبقة حول العملية الإسرائيلية، وقال: «لن أخوض في تفاصيل المحادثة».

طفلان فلسطينيان بين الجرحى جراء القصف الإسرائيلي المكثف لدير البلح (أ.ف.ب)

ويأتي هذا الانعطاف في موقف البيت الأبيض بعد أن أيد الادعاءات الإسرائيلية بأن «حماس» لديها مركز قيادة تابع لمستشفى الشفاء في غزة.

وقال كيربي للصحافيين المرافقين للرئيس بايدن إلى قمة «آبيك» في سان فرنسيسكو: «أستطيع أن أؤكد أن لدينا معلومات تفيد بأن (حماس) و(الجهاد الإسلامي) استخدمتا بعض المستشفيات في غزة بما في ذلك مستشفى الشفاء والأنفاق التي تحته، لإخفاء ودعم العمليات العسكرية واحتجاز الرهائن. وأضاف أن قادة الحركتين يديرون نقطة قيادة وسيطرة من مستشفى الشفاء، وقاموا بتخزين الأسلحة هناك». وشدد كيربي: «إن إدارة بايدن لا تؤيد ضرب المستشفى من الجو». كما قال: «إن الإدارة لا تريد أيضاً رؤية المدنيين الذين يبحثون عن العلاج محاصرين في معركة بالأسلحة النارية داخل المستشفى».

تغير في المزاج الأميركي

في شأن متصل، أشار استطلاع للرأي إلى أنه رغم تعاطف الأميركيين مع إسرائيل في حربها ضد حركة «حماس»، فإن عدداً متزايداً من الأميركيين يرون أن رد فعل إسرائيل كان عنيفاً وقاسياً للغاية. ويتزايد أعداد الأميركيين الذين يشعرون بقسوة العمليات الإسرائيلية في غزة مقارنة بالشهر الماضي.

وأوضحت نتائج الاستطلاع الذي أجراه الراديو الوطني الأميركي وخدمات الإذاعة الوطنية مع معهد «ميرست» لاستطلاعات الرأي، أن 38 في المائة من الأميركيين يرون أن الرد العسكري الإسرائيلي على «حماس» كان «أكثر من اللازم». ويمثل ذلك زيادة بنسبة 12 نقطة مئوية منذ أكتوبر (تشرين الأول). وتباينت آراء الأميركيين حول ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة أن تلعب دوراً رئيسياً في الأحداث العالمية، بما في ذلك حرب روسيا المستمرة في أوكرانيا، واندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل و«حماس».

مظاهرات خارج مبنى الكونغرس بواشنطن تدعو لوقف إطلاق النار في غزة 18 أكتوبر الحالي (أ.ب)

وقال 36 في المائة من الأميركيين إن البلاد يجب ألا توافق على المزيد من تمويل الحرب في أوكرانيا أو في إسرائيل، بينما قال 35 في المائة إن الولايات المتحدة يجب أن تدعم تمويلاً إضافياً في كلا البلدين. وقال نحو نصف الجمهوريين وأغلبية المستقلين، إن الولايات المتحدة «يجب أن تتولى دوراً محدوداً في ملفات السياسات الخارجية»، وعدَّ نحو نصف الأميركيين أنه من المهم أن تلعب الولايات المتحدة دوراً قيادياً رئيسياً في الشؤون العالمية. وفي الوقت نفسه، قال 47 في المائة، إن الولايات المتحدة لديها ما يكفي من المشاكل الداخلية لإدارتها، وينبغي عليها أن تفعل أقل على الساحة العالمية.

انقسام عميق ومخاوف

وأشار الاستطلاع إلى أن 6 من كل 10 أميركيين يقولون إن تعاطفهم يكمن في الغالب مع إسرائيل، بينما يقول 3 من كل 10 إنهم أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين. وقال 55 في المائة إنهم لا يوافقون على قيادة بايدن لهذه الحرب. ويأتي بعض الاعتراض والرفض العميق من الجمهوريين والمستقلين والأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 45 عاماً، بينما وافق 40 في المائة من الأميركيين على طريقة تعامل بايدن مع الوضع. وشمل ذلك 60 في المائة من الديمقراطيين و50 في المائة من خريجي الجامعات البيض. وقال 8 من كل 10 أميركيين إنهم يخشون أن تؤدي هذه الحرب إلى ارتفاع جرائم الكراهية في الولايات المتحدة.

استطلاع «رويترز»

وأظهر استطلاع للرأي آخر أجرته وكالة «رويترز/إبسوس»، أن التأييد الشعبي الأميركي للحرب التي تشنها إسرائيل ضد «حماس» في غزة يتآكل، حيث يعتقد معظم الأميركيين أن إسرائيل يجب أن تقوم بوقف إطلاق النار في هذا الصراع.

وقال نحو 32 في المائة من المشاركين في هذا الاستطلاع (الذي استغرق يومي الاثنين والثلاثاء)، إن «الولايات المتحدة يجب أن تدعم إسرائيل». ما يعد انخفاضاً عن 41 في المائة قالوا إن الولايات المتحدة يجب أن تدعم إسرائيل في استطلاع «رويترز/إبسوس» أكتوبر الماضي.

وارتفعت نسبة الذين يقولون: «يجب على الولايات المتحدة أن تكون وسيطاً محايداً» إلى 39 في المائة في الاستطلاع الجديد من 27 في المائة في الشهر السابق. وقال 4 في المائة من المشاركين في الاستطلاع، إن الولايات المتحدة يجب أن تدعم الفلسطينيين، وقال 15 في المائة، إنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تشارك على الإطلاق، وكلتا القراءتين مماثلة لما حدث قبل شهر.

آثار الدمار الواسع بعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)

وفي إشارة قد تكون مثيرة للقلق لإسرائيل، قال 31 في المائة فقط من المشاركين في الاستطلاع، إنهم يؤيدون إرسال أسلحة إلى إسرائيل، بينما عارض 43 في المائة الفكرة. وقال الباقون إنهم غير متأكدين. وكان التأييد لإرسال الأسلحة إلى إسرائيل أقوى بين الجمهوريين، في حين عارضه ما يقرب من نصف الديمقراطيين.

وبالمقارنة، قال 41 في المائة من الأشخاص الذين شاركوا في الاستطلاع إنهم يؤيدون إرسال أسلحة إلى أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي المستمر منذ 21 شهراً تقريباً، مقارنة بـ32 في المائة عارضوا ذلك والبقية غير متأكدين. وعندما يتعلق الأمر بأوكرانيا، كان دعم إرسال الأسلحة أقوى بين الديمقراطيين.

نتائج وتحذيرات

وقد أظهرت نتائج تلك الاستطلاعات بصورة واضحة أن غالبية الأميركيين لا يتفقون مع كيفية تعامل الرئيس مع تلك الحرب، وتتزامن أيضاً مع الرسائل المفتوحة التي أرسلتها مؤسسات حقوق إنسان ووكالات تابعة للأمم المتحدة تناشد إدارة بايدن الدعوة لوقف إطلاق النار، إضافة إلى الاعتراضات الواسعة داخل الخارجية الأميركية، وبعض أجهزة الاستخبارات والبنتاغون ضد سياسات إدارة بايدن في مساندة إسرائيل. وقد اندلعت المظاهرات في عدة مدن أميركية تندد بالتحيز الأميركي لإسرائيل.

وأشار محللون إلى انقسام كبير في المجتمع الأميركي؛ بين معسكر يؤيد بشدة إسرائيل، وآخر يؤيد بشدة الجانب الفلسطيني. وأطلق مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، تحذيرات متكررة من ارتفاع نسبة العنف بين طلبة الجامعات من المعسكرين، وارتفاع المخاوف من جرائم تندرج تحت معاداة السامية وتحت الإسلاموفوبيا.


مقالات ذات صلة

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

جنود إسرائيليون يكشفون عن عمليات قتل عشوائية في ممر نتساريم بغزة

يقول جنود إسرائيليون خدموا في قطاع غزة، لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه «من بين 200 جثة (لأشخاص أطلقوا النار عليهم)، تم التأكد من أن 10 فقط من أعضاء (حماس)».

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الكونغرس الأميركي» يقرّ مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي

قبة مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ف.ب)
قبة مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

«الكونغرس الأميركي» يقرّ مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي

قبة مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ف.ب)
قبة مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ف.ب)

تجنّبت الولايات المتحدة الإغلاق الحكومي، وذلك بمصادقة مجلس الشيوخ في وقت مبكر اليوم (السبت) على مشروع قانون بهذا الشأن، بعد ساعات من إقراره في مجلس النواب.

وأتاح تصويت مجلس الشيوخ بعد نحو نصف ساعة من حلول الموعد النهائي في منتصف ليل الجمعة السبت (05.00 بتوقيت غرينتش)، تعليق إجراءات الإغلاق الحكومي الذي كان سيحيل مئات من موظفي القطاع العام على البطالة الفنية، ويؤدي إلى تجميد الكثير من المساعدات الاجتماعية وإغلاق بعض دور الحضانة، قبيل عيد الميلاد، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووافق مجلس النواب الأميركي على خطة جديدة من رئيس المجلس مايك جونسون، في وقت متأخر من مساء الجمعة، لتوفير تمويل مؤقت للعمليات الاتحادية والمساعدات في حالات الكوارث، لكنه أسقط مطالب الرئيس المنتخب دونالد ترمب بزيادة حد الدين في العام الجديد.

رئيس مجلس النواب مايك جونسون يتحدث إلى الصحافيين بعد إقرار مشروع قانون التمويل الحكومي (أ.ب)

وأكد جونسون أن الكونغرس «سيفي بالتزاماتنا» ولن يسمح بإغلاق العمليات الاتحادية قبل موسم عطلة عيد الميلاد. لكن نتيجة اليوم كانت غير مؤكدة بعدما أكد ترمب إصراره على تضمين زيادة سقف الدين في أي اتفاق، وإذا لم يحدث ذلك، كما قال في منشور صباح اليوم، فليبدأ الإغلاق الحكومي «الآن».

وتمت الموافقة على مشروع القانون بأغلبية 366 صوتاً مقابل 34 صوتاً، وتمت إحالته إلى مجلس الشيوخ، من أجل تمريره بسرعة وهو أمر متوقع.

وقال جونسون قبل التصويت: «لن يكون لدينا إغلاق حكومي».

وكان جونسون أصر على أن الكونغرس «سيفي بالتزاماتنا»، ولن يسمح بإغلاق العمليات الفيدرالية قبل موسم عطلة عيد الميلاد. وقال جونسون بعد تصويت مجلس النواب: «هذه نتيجة جيدة للبلاد»، مضيفاً أنه تحدث مع ترمب وأنه «كان سعيداً بالتأكيد بهذه النتيجة أيضاً».

ومن المتوقع أن يوقع الرئيس جو بايدن على الإجراء ليصبح قانوناً يوم السبت، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».