بايدن وشي يشددان على الحوار لتجاوز الخلافات

رفضا تحول التنافس بين بلديهما إلى صراع في قمة بكاليفورنيا

بايدن وشي خلال المباحثات بين الوفدين الأميركي والصيني أمس (أ.ب)
بايدن وشي خلال المباحثات بين الوفدين الأميركي والصيني أمس (أ.ب)
TT
20

بايدن وشي يشددان على الحوار لتجاوز الخلافات

بايدن وشي خلال المباحثات بين الوفدين الأميركي والصيني أمس (أ.ب)
بايدن وشي خلال المباحثات بين الوفدين الأميركي والصيني أمس (أ.ب)

في أول لقاء يجمع الرئيسين الأميركي والصيني خلال سنة، دعا جو بايدن إلى منع تحول التنافس بين واشنطن وبكين إلى صراع، بينما أشار شي جينبينغ إلى رغبته في الحوار. وقال الرئيس الصيني: «لا يمكن لدولتين كبيرتين، مثل الولايات المتحدة والصين، أن تدير كل منهما ظهرها للأخرى»، مضيفاً أن «النزاع والمواجهة لهما عواقب لا تُطاق».

وأشار بايدن إلى علاقته الشخصية مع شي، قائلاً: «نحن نعرف بعضنا منذ فترة طويلة، نتفق أحياناً ونختلف أحياناً أخرى، وهو أمر غير مفاجئ، لكن اجتماعاتنا كانت دائما صريحة ومفيدة». وشدد على رغبة الولايات المتحدة في العمل مع الصين في عدة ملفات، بدءاً من التغير المناخي ومكافحة المخدرات إلى فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي.

بايدن مستقبلاً شي في سان فرنسيسكو اليوم (رويترز)

بدوره، ثمّن شي العلاقة الثنائية بين البلدين، ووصفها بأنها «الأكثر أهمية في العالم»، مشدداً على أنه لا بد من النظر إليها في سياق واسع من التحولات العالمية المتسارعة، وأن تتطور بطريقة تعود بالنفع على الشعبين الصيني والأميركي.

واعترف الرئيس الصيني بأن العلاقات بين البلدين لم تكن «سلسة» خلال الخمسين عاماً الماضية، لكنها استمرَّت وسط التقلبات والمنعطفات. كما أكد أنه لا يمكن للولايات المتحدة والصين إدارة ظهورهم لبعضهما، مضيفاً أنه من غير الواقعي أن يقوم أحد الطرفين بإعادة تشكيل الطرف الآخر.

ورسم الرئيس الصيني إطاراً للعلاقة مع واشنطن، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة والصين «مختلفتان في التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي، لكنهما طالما تحترمان بعضهما وتعيشان في سلام وتسعيان إلى التعاون، فستكونان قادرتين على تجاوز الاختلافات وإيجاد الطريق الصحيح للتوافق».

وعن التعافي الاقتصادي العالمي بعد جائحة «كوفيد - 19»، قال شي إنه لا يزال بطيئاً، ولا تزال سلاسل الصناعة وسلاسل التوريد معرضة لخطر الانقطاع. ولمح الرئيس الصيني إلى خطر الحمائية بوصفها مشكلة خطيرة، دون إشارة مباشرة إلى الولايات المتحدة.

النتائج المتوقعة

حرصت إدارة بايدن على خفض سقف التوقعات بشكل كبير حول نتائج القمة، متوقعةً انتهاءها باستعادة الاتصالات بين الولايات المتحدة والصين على الجانب العسكري، التي توقفت في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان، في أغسطس (آب) الماضي.

أنصار شي يستقبلونه خارج مقر إقامته في سان فرنسيسكو الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتمثل الانتخابات المرتقبة في تايوان في شهر يناير (كانون الثاني) ، حدثاً محورياً له تأثير على العلاقات بين الحكومة التايوانية القادمة والصين. وقد أوضح أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض أن القمة تهدف إلى إعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة بسياسة الصين الواحدة، والتركيز على الحفاظ على الوضع الراهن وضمان السلام والاستقرار.

وفي هذا الصدد، أكدت الصين أنها لن تتزحزح عن القضايا التي تعدها خطوطاً حمراء، مثل تايوان التي تعدها بكين أرضاً تابعة لها وتعتزم إعادتها إلى كنفها بالقوة إن لزم الأمر.

إلى ذلك، أكد البيت الأبيض نية بايدن دعوة الصين لاستخدام تأثيرها على طهران لمنع اتساع الصراع في الشرق الأوسط. وتحذر واشنطن طهران ووكلاءها من القيام بأعمال استفزازية في المنطقة، ملوحةً باستعدادها للرد السريع.

أما في سياق الحرب الروسية - الأوكرانية، فأكد بايدن لنظيره الصيني استمرار الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي. وأوضح أنه يمكن للصين أن تلعب دوراً في مساندة الدعم الأميركي لأوكرانيا والمساعدة في تعزيز رؤية الرئيس زيلينسكي عندما ينتهي الصراع.

حراك دبلوماسي

عمل الجانبان الأميركي والصيني خلال الأسابيع الماضية على وضع ترتيبات مسبقة تمهّد لقمة بايدن وشي؛ ففي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قام وانغ يي، مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية ووزير خارجية الصين، بزيارة إلى واشنطن استمرت 3 أيام. تلاها في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) لقاء المبعوث الرئاسي الخاص للمناخ جون كيري مع نظيره الصيني شيه تشين هوا، فيما التقت وزيرة الخزانة جانيت يلين مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينغ. وعلى مستوى دبلوماسي أدنى، جرت مناقشة الحد من الأسلحة ومنع انتشار الأسلحة النووية في واشنطن، الأسبوع الماضي.

جانب من وصول شي إلى سان فرنسيسكو الثلاثاء (أ.ف.ب)

وشدد السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، شيه فنغ، على أهمية هذه اللقاءات الدبلوماسية، معتبراً أنها تنقل إشارة إيجابية تهدف إلى تحقيق الاستقرار بين الصين والولايات المتحدة.

ونتيجة مباشرة لهذا النشاط الدبلوماسي بين البلدين، نقلت وسائل إعلام أميركية عن قرب استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين العاصمتين الأميركية والصينية لأول مرة منذ تعليقها بعد ظهور وباء «كوفيد - 19». كما أعلن الجانبان الأميركي والصيني، صباح الأربعاء، استئناف مجموعات العمل المعنية بالتعاون المناخي وتعهدها بزيادة كبيرة في الاستثمار في الطاقة المتجددة.

برنامج حافل

إلى جانب قمته مع بايدن، تشمل زيارة شي إلى كاليفورنيا إلقاء خطاب أمام قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك)، يوضح فيه مقترحات الصين الرئيسية لتعميق التعاون في آسيا والمحيط الهادي وتحفيز النمو الإقليمي والعالمي. كما سيكون ضيف الشرف على حفل عشاء مع كبار رجال الأعمال الأميركيين. وسيعقد لقاءات ثنائية مع عدد من القادة الموجودين في كاليفورنيا، أبرزهم الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الصيني يدعو واشنطن للتعامل مع قضية تايوان «بحذر»

آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز)

وزير الخارجية الصيني يدعو واشنطن للتعامل مع قضية تايوان «بحذر»

أبلغ وزير الخارجية الصيني وانغ يي نظيره الأميركي ماركو روبيو أن على الولايات المتحدة أن تتعامل مع قضية تايوان «بحذر».

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الجنرال التايواني المتقاعد كاو آن كو (التلغراف)

لمساعدة الصين على غزو الجزيرة... اتهام جنرال تايواني بتجنيد ميليشيا مسلحة

اتُهم جنرال تايواني متقاعد بالتخطيط لتجنيد ميليشيا مسلحة لمساعدة القوات الصينية في حالة الغزو.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
أوروبا لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في «قمة العشرين» بمدينة أوساكا اليابانية عام 2019 (رويترز)

تنسيق صيني ــ روسي في مواجهة «الوضع الدولي المضطرب»

أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس (الثلاثاء)، اتصالاً عبر الفيديو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في مسعى إلى تعزيز التنسيق بين بلديهما في مواجهة.

«الشرق الأوسط» (موسكو - بكين)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في جلسة خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يتجه لاعتماد البراغماتية مع واشنطن... واليد الممدودة مع الصين

عبّرت رئيسة المفوضية الأوروبية عن توجه أوروبا للبحث عن حلفاء جدد واعتماد البراغماتية في التعامل مع دونالد ترمب مقابل انتهاج سياسة اليد الممدودة مع الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ هان تشنغ نائب الرئيس الصيني (يسار) ونائب الرئيس الأميركي المنتخب جيه دي فانس (حساب السفير الصيني في واشنطن عبر منصة إكس)

نائب الرئيس الصيني يجتمع مع فانس وماسك عشية تنصيب ترمب

عقد هان تشنغ، نائب الرئيس الصيني، اجتماعات مع نائب الرئيس الأميركي المنتخب، جيه دي فانس، وقادة مجتمع الأعمال الأميركيين، ومن بينهم إيلون ماسك، في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (بكين)

ترمب يقيل 17 مفتشاً عاماً مستقلاً في أجهزة اتحادية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT
20

ترمب يقيل 17 مفتشاً عاماً مستقلاً في أجهزة اتحادية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

كشف مصدر مطلع أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقال 17 مفتشاً عاماً مستقلاً يعملون في عدة أجهزة حكومية أمس (الجمعة)، وهو ما يقضي على عنصر إشرافي مهم ويفسح الطريق لاستبدال موالين له بهم، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن مفتشين في أجهزة منها وزارات الخارجية والدفاع والنقل تلقوا إخطارات عبر رسائل بالبريد الإلكتروني من مدير شؤون الموظفين في البيت الأبيض بأنه تم إنهاء خدماتهم بأثر فوري.

وتنتهك عمليات الفصل على ما يبدو القانون الاتحادي الذي يتطلب أن يتلقى الكونغرس إشعاراً بأسباب الفصل قبل 30 يوماً.

والمفتش العام هو منصب مستقل يجري عمليات التدقيق والتحقيقات في ادعاءات الهدر والاحتيال وإساءة استخدام السلطة.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن عمليات الفصل استثنت المفتش العام لوزارة العدل مايكل هورويتز. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» التي كانت أول من نشر عن هذا القرار أن معظم المفصولين كانوا معينين من فترة رئاسة ترمب الأولى.

وعلقت السيناتورة إليزابيث وارن، وهي ديمقراطية من ماساتشوستس، على القرار في منشور على «إكس» بالقول «يفكك الرئيس ترمب الضوابط المفروضة على سلطته ويمهد الطريق للفساد على نطاق واسع».

ودافعت محامية ترمب السابقة سيدني باول، وهي حليفة للرئيس، عن القرار في منشور على «إكس» قائلة «المفتشون الحاليون لا قيمة لهم تقريباً... قد يسلطون الضوء على بعض الأشياء البسيطة لكنهم لا يحققون أي شيء تقريباً».

كان ترمب قد أقال خلال فترة رئاسته الأولى خمسة مفتشين عامين في أقل من شهرين خلال 2020. وتضمن ذلك مفتش وزارة الخارجية العام الذي كان له دور في إجراءات لمساءلة الرئيس.