يواجه التمويل الطارئ الذي طلبه الرئيس الأميركي جو بايدن، لكل من أوكرانيا وإسرائيل، مشواراً شاقاً في الكونغرس الذي سيبدأ النقاش حوله هذا الأسبوع.
فرغم انتخاب النواب للجمهوري مايك جونسون رئيساً لهم بعد أكثر من 20 يوماً من الفراغ التشريعي، فإن هذا لا يعني انفراجة فورية في المساعدات التي طلبها البيت الأبيض، والتي وصلت قيمتها إلى نحو 106 مليارات دولار، 61 منها لأوكرانيا و14 منها لإسرائيل.
على العكس تماماً، فمن الواضح أن جونسون هو من المعارضين لدمج تمويل البلدين، وخير دليل على ذلك توعده العلني بطرح مشروع مستقل لتمويل إسرائيل من دون دمجه بتمويل أوكرانيا، وقد قال لشبكة «فوكس نيوز»: «هناك الكثير من الأمور التي تجري حول العالم، والتي يجب أن نتطرق إليها، وسوف نقوم بذلك، لكن ما يجري الآن في إسرائيل يتطلب تصرفاً فورياً، ويجب أن نفصل هذه المسألة عن غيرها ونقرّها».
كلام مبطّن لم يذكر فيه رئيس المجلس الجديد أوكرانيا بشكل مباشر، لكنه يظهر الاختلاف الجذري في الاستراتيجية بينه وبين زعيم الجمهوريين في الشيوخ، ميتش مكونيل، المعروف بدعمه الشرس لتمويل أوكرانيا. فتعهّد جونسون هذا يعكس رأي عدد كبير من النواب الجمهوريين في مجلس النواب، الذين يعارضون إرسال المزيد من التمويل لكييف، ويرون أن إدراج هذا التمويل ضمن تمويل إسرائيل ما هو إلا محاولة لـ«الاحتيال» عليهم من قبل الإدارة ومجلس الشيوخ لإقرار تمويل أوكرانيا.
دعم لإسرائيل ومعارضة لأوكرانيا
وبينما يجمع أعضاء الكونغرس بشكل عام على ضرورة دعم إسرائيل الوقت الحالي، الأمر الذي سيضمن إقرار حزمة المساعدات الطارئة لها في المجلس التشريعي، إلا أن معارضة عدد من المشرعين لدمج التمويل مع أوكرانيا من شأنه أن يؤخر من هذا الإقرار، ويضع عراقيل بوجه تمريره.
فمكونيل مصرّ حتى الساعة على موقفه القاضي بضرورة دمج تمويل البلدين؛ اذ يرى أن أوكرانيا تحتاج كذلك إلى دعم أميركي طارئ نظراً لأهميتها بالنسبة للأمن القومي الأميركي.
وسيكون من المثير للاهتمام مراقبة تطور العلاقة بين جونسون ومكونيل في المرحلة المقبلة، التي ستشهد مفاوضات بين الرجلين للتوصل إلى تسويات بحكم موقعهما في مجلسي النواب والشيوخ. فقبل انتخابه، لم يكن جونسون من الوجوه البارزة التي عمل معها مكونيل بشكل مباشر، كما أن علاقة الرجلين بالرئيس السابق دونالد ترمب مختلفة للغاية، إذ يعد جونسون من الداعمين الشرسين للرئيس السابق، بينما تشهد العلاقة بين مكونيل وترمب توترات كثيرة وصلت إلى حد القطيعة التامة في التواصل بينها.
مكونيل وجونسون: زعيمان من جيلين مختلفين
ويشير السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى أن جونسون ومكونيل ينتميان إلى جيلين مختلفين «ومن الطبيعي أن تكون لديهما مقاربات مختلفة»؛ إذ أمضى مكونيل البالغ من العمر 81 عاماً، أكثر من 16 عاماً في منصبه القيادي وهو الزعيم الأطول خدمة في تاريخ المجلس التشريعي، بينما جونسون البالغ من العمر 51 عاماً، يخدم في المجلس منذ عام 2016 ولا يتمتع بالخبرة أو الحنكة السياسية التي تميز مكونيل.
وفي خضم هذا الجدل يعمد زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، إلى إظهار دعمه لأوكرانيا عبر المشاركة في حدث في جامعة لويزيانا مع سفيرة أوكرانيا لدى الولايات المتحدة أوكسانا ماركاروفا، للإعراب عن تعهده بدعم كييف ضد روسيا. ويتحدث زميله جون ثون عن استراتيجية مكونيل في هذا الإطار فيقول: «إنه من جيل الحرب الباردة، ومن المؤمنين بأن هذه لحظة تاريخية يجب على أميركا أن تثبت فيها قيادتها. وإن لم نفعل فسنواجه تداعيات خطيرة». لكن زميله الآخر رون جونسون يفسّر من ناحية أخرى موقف مجلس النواب، فيقول: «صحيح أن هذا ما يؤمن به مكونيل، لكن هناك الكثير من الأشخاص خصوصاً في مجلس النواب من الذين لن يوافقوا معه، ولا أعتقد أن هناك أملاً بإقرار المساعدات المشتركة هناك، بالإضافة إلى بعض المعارضة في مجلس الشيوخ... لا أعتقد أنه سيوافَق على المساعدات بشكلها الحالي».