مجلس النواب الأميركي بلا رئيس

ضغوط لحل الأزمة التشريعية في وقت حساس داخلياً وخارجياً

يصوت مجلس النواب لاختيار رئيس له بعد 13 يوماً من شغور المنصب (إ.ب.أ)
يصوت مجلس النواب لاختيار رئيس له بعد 13 يوماً من شغور المنصب (إ.ب.أ)
TT

مجلس النواب الأميركي بلا رئيس

يصوت مجلس النواب لاختيار رئيس له بعد 13 يوماً من شغور المنصب (إ.ب.أ)
يصوت مجلس النواب لاختيار رئيس له بعد 13 يوماً من شغور المنصب (إ.ب.أ)

بعد مرور أكثر من 13 يوماً على الفراغ التشريعي الذي شلّ مجلس النواب الأميركي في ظل غياب رئيس له، يسعى المجلس الثلاثاء للتصويت على مرشح الجمهوريين الجديد جيم جوردان، في ظل معارضة متنامية له في صفوف حزبه.

خطوة محفوفة بالمخاطر، فجوردان حصل على 124 صوتاً فقط في التصويت الداخلي له في الحزب، وهو رقم ينقصه دعم الأغلبية المطلوب للفوز برئاسة المجلس. لكن النائب الجمهوري معروف بشغفه في تحدي معارضيه، ولهذا فقد قرر المضي قدماً بدفع المجلس للتصويت عليه، ليضطر معارضوه إلى التصويت ضده علناً، على خلاف التصويت الداخلي الذي جرى عبر بطاقات سرية لا تحمل أسماء المشرعين.

ويأمل جوردان، الذي يحتل منصب رئيس اللجنة القضائية في المجلس، أن يؤدي طرح اسمه للتصويت في المجلس إلى إحراج بعض معارضيه ودفعهم للتصويت لصالحه لتجنب مشاهد مماثلة لجولات التصويت المتتالية على رئيس المجلس المعزول كيفين مكارثي، الذي احتاج إلى 15 جلسة تصويت قبل وصوله إلى منصبه.

جوردان وترمب خلال حشد انتخابي في ولاية أوهايو في 4 أغسطس 2018 (أ.ب)

مساعٍ لعرقلة جوردان

ولعلّ التحدي الأبرز أمام جوردان، الداعم الشرس للرئيس السابق دونالد ترمب، هو وجود مجموعة من الجمهوريين المعتدلين البارزين الذين توعّدوا بالتصويت ضده «مهما كان الثمن» للحرص على عدم تسلمه منصب الرئاسة. أبرز هؤلاء رئيس لجنة القوات المسلحة مايك روجرز، الذي يتخوف من تسلم شخص مثل جوردان دفة رئاسة المجلس، في وقت يسعى فيه الكونغرس لإقرار حزمات من المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل والتوصل إلى تسويات لتمويل المرافق الحكومية الذي ينتهي في الـ17 من الشهر المقبل.

فجوردان سبق وأن رفض التعهد بطرح تمويل أوكرانيا على التصويت، كما عرف بعلاقته المضطربة مع الديمقراطيين ورفضه للتوصل إلى تسويات معهم، الأمر الذي أدى إلى تخوف الجمهوريين المعتدلين من السياسات المتشددة التي قد يتبعها في حال فوزه بالرئاسة.

بالإضافة إلى ذلك، يثير موقف جوردان الرافض للاعتراف بنتيجة الانتخابات وخسارة ترمب، قلق بعض الجمهوريين، وهذا ما تحدثت عنه النائبة السابقة ليز تشيني لدى فوزه بترشيح الجمهوريين قائلة: «جيم جوردان شارك في مؤامرة ترمب لسرقة الانتخابات والسيطرة على الحكم، لقد دعا بنس (نائب الرئيس السابق) إلى رفض احتساب أصوات المجمع الانتخابي».

لكن رغم معارضة البعض لجوردان فإنه لا يزال يتمتع بدعم كثيرين من حزبه، وهو ما يعوّل عليه لدفع المعارضين للتصويت له، ويدافع النائب الجمهوري دان كرانشا عن مرشح الجمهوريين فيقول: «ما سأقوله لمعارضيه هو أن سمعته تغيرت مع الزمن. وقد أصبح جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة...».

شومر مع الرئيس الإسرائيلي في تل أبيب في 15 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

المساعدات لإسرائيل

وفيما يتخبط النواب الجمهوريون في خلافاتهم، يعود مجلس الشيوخ للانعقاد وفي جعبته أجندة مشبعة بالبنود التي يسعى لإقرارها بأسرع وقت ممكن، خاصة في ملف الدعم الأميركي لإسرائيل.

فقد تعهد زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر بعد عودته من زيارة خاطفة لإسرائيل بإقرار مساعدات طارئة سريعاً مع توقعات بأن يفرج البيت الأبيض عن طلبه للمساعدات الإضافية هذا الأسبوع الذي سيتضمن تمويلاً لإسرائيل وأوكرانيا وأمن الحدود.

ورفض شومر انتظار مجلس النواب معرباً عن أمله في أن يرسل مجلس الشيوخ رسالة تضامنية حاسمة قائلاً: «لن ننتظر مجلس النواب. أعتقد أنه في حال تصرف مجلس الشيوخ بشكل تضامني قوي قد يحسن ذلك من الفرص في مجلس النواب، حتى في وضعه الحالي».

يتهم الجمهوريون جاك لو بدعم إيران (أ.ف.ب)

إلى ذلك، تعقد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يوم الأربعاء جلسة استماع للمصادقة على تعيين السفير الأميركي لدى إسرائيل جاك لو. ويواجه لو معارضة بعض الجمهوريين الذين يتهمونه بدعم إيران. وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»: «أعلم أن الديمقراطيين يقولون إننا بحاجة للمصادقة على جاك لو بسرعة لإظهار دعمنا لإسرائيل. لكني أقول العكس تماماً، نحن بحاجة لإسقاط تعيينه لنظهر أن لدينا مقاربة مختلفة مع إيران».

هذا ومن المتوقع أن يعقد مسؤولون في الإدارة الأميركية إحاطة مغلقة مع الشيوخ هذا الأسبوع حول الحرب في غزة، بحضور مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز ووزير الخارجية أنتوني بلينكن إضافة إلى وزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي كيو براون.


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

الاستطلاعات تُبيّن أن نتنياهو قائد إسرائيل الأول

لم يكسب حزب الليكود شيئاً من خطاب زعيمه بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي، فيما استفاد منه المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي (أ.ب)

بيلوسي: خطاب نتنياهو في الكونغرس هو الأسوأ مقارنة بأي شخصية أجنبية

وصفت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكونغرس بأنه «الأسوأ»، مقارنة بأي شخصية أجنبية أخرى تمت دعوتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

100 يوم تفصل ترمب وهاريس عن الانتخابات الرئاسية الأميركية

دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
TT

100 يوم تفصل ترمب وهاريس عن الانتخابات الرئاسية الأميركية

دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

يدخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية اعتباراً من الأحد؛ حيث يُتوقع أن تشهد الأيام المائة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، منافسة محمومة، في ختام حملة خلطَتْ أوراقَها محاولةُ اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب وخروج الرئيس جو بايدن من الباب الضيق.

بعد أسابيع من التجاذبات الداخلية والتسريبات الصحافية المشكّكة في قدرة بايدن على الفوز بولاية ثانية، أعاد انسحاب بايدن من السباق ودعمه نائبته كامالا هاريس لخوضه، توحيد صفوف الحزب الديمقراطي، وشدّ عصبه في مواجهة المنافس الجمهوري ترمب الساعي للعودة إلى مقر الرئاسة الأميركية.

وقالت هاريس، خلال لقاء لجمع التبرعات في بتسفيلد بولاية ماساتشوستس، شمال شرقي البلاد، السبت: «نحن لم نكن مرجَّحين في هذا السباق، هذا صحيح. لكن هذه حملة أساسها الناس، والدعم الشعبي».

في اليوم نفسه، كان ترمب يَعِد مؤيديه خلال تجمع في ولاية مينيسوتا (شمال) بأنه «في نوفمبر (تشرين الثاني)، سيقوم الشعب الأميركي برفض التطرف الليبرالي المجنون لكامالا هاريس بشكل ساحق».

كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي (رويترز)

وبينما تمتد عادةً الحملات الرئاسية الأميركية لنحو سنتين، أُعيد إطلاق نسخة عام 2024 من الصفر تقريباً؛ ما سيجعل منها الحملة الانتخابية الأقصر على الإطلاق.

وبات بحكم المؤكد أن تواجه السيناتورة المدعية العامة السابقة الديمقراطية هاريس (59 عاماً)، ترمب، في الانتخابات التي يرى محللون أن نتيجتها قد تكون مرهونة إلى حد بعيد بنتيجة أصوات نحو 100 ألف ناخب، في عدد محدود من الولايات الأساسية.

وقال أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الجمهوري، مات تيريل، لشبكة «بي بي سي»، إن «الأمر يتعلق بأولئك الناخبين المستقلين الذين لم يحسموا خيارهم. التضخم، الهجرة، الاقتصاد ومعدلات الجريمة هي ما يشغل بالهم».

وأضاف: «في الوقت الراهن، أعتقد أن الرئيس السابق ترمب يحسن التعامل مع هذه المسائل. الانتخابات ستكون استفتاء على المرشحين المتنافسين».

ويترقب المعسكر الديمقراطي المؤتمر الوطني للحزب الذي يبدأ في 19 أغسطس (آب)، ويتوقع أن يُتوِّج هاريس رسمياً مرشحة للحزب، بعدما بدأت في الأيام الماضية حملتها بالحصول على دعم مندوبين وشخصيات نافذة في الحزب، إضافة إلى تبرعات مالية سخية.

بهجة لن تدوم

نجحت هاريس في إعادة تحفيز القواعد الشعبية للحزب، في اختلاف واضح عما كان عليه الوضع قبل أسابيع فقط.

المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وكان الرئيس بايدن (81 عاماً) اختار الاستمرار في حلبة المنافسة الانتخابية ضد ترمب (78 عاماً) رغم الشكوك المتزايدة لدى الديمقراطيين والناخبين بشأن قدراته الجسدية والذهنية مع تقدمه في السن.

إلا أن أداءه الكارثي في المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين، في 27 يونيو (حزيران)، قطع الشكّ باليقين لناحية ضرورة الذهاب نحو خيار بديل.

في مقابل التخبط لدى الديمقراطيين، بدا الجمهوريون في موقع قوة، مع مؤتمر وطني عام عكس توحد الحزب خلف ترمب الذي اكتسبت حملته وصورته زخماً إضافياً، بعد نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا.

رضخ بايدن في نهاية المطاف للضغوط، وأعلن انسحابه في 21 يوليو (تموز)، أثناء عزل نفسه لإصابته بـ«كوفيد». لم يدم الفراغ طويلاً؛ إذ أعلن بايدن، في اليوم نفسه، دعم هاريس، أول امرأة تتولى نيابة الرئيس، وأول سوداء وجنوب آسيوية تشغله، لنيل بطاقة الترشيح الديمقراطية بدلاً منه.

بعد يومين فقط، عقدت هاريس لقاءً انتخابياً كان الأكبر للديمقراطيين منذ بدء الحملة، وجمعت 120 مليون دولار من التبرعات خلال أيام، بعدما رهن العديد من المانحين الديمقراطيين دعمهم المالي بشرط انسحاب بايدن من السباق.

الرئيس الأميركي جو بايدن يرتدي سترة بعثة الولايات المتحدة للأولمبياد (رويترز)

وبعدما كان التقدم في سنّ بايدن سلاحاً بيد ترمب، انقلب السحر على الساحر، وبات الجمهوري البالغ 78 عاماً، أكبر مرشح رئاسي سنّاً في تاريخ الانتخابات.

ضخّ ترشح هاريس زخماً جديداً لدى الديمقراطيين في استطلاعات الرأي، إذ تمكَّنت، خلال أسبوع فقط، من تقليص فارق النقاط الثلاث لصالح ترمب إلى النصف.

لكن الديمقراطيين يدركون أن الطريق للاحتفاظ بالبيت الأبيض ليس سهلاً. وقال المتخصص في استطلاعات الرأي ضمن فريق ترمب توني فابريزيو: «بعد فترة وجيزة، سينتهي شهر العسل بالنسبة إلى هاريس، وسيعاود الناخبون التركيز على دورها الشريك والمساعد لبايدن».

من جهته، قال جيمس كارفبل أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الديمقراطي لشبكة «إم إس إن بي سي» إن على الديمقراطيين الكفّ عن الاحتفال بفرح والتحضير للعاصفة المقبلة.

وقال: «إنهم يهاجموننا وسيواصلون القيام بذلك. هذا النوع من الابتهاج لن يكون ذا فائدة لفترة طويلة». حتى الرئيس السابق باراك أوباما قرع جرس الإنذار بالنسبة لمعسكره الديمقراطي، مذكّراً بضرورة استعادة ثقة الناخبين قبل التمكن من الفوز.