«أتقدم بإجراء لعزل رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي»، بهذه الكلمات أعلن النائب الجمهوري مات غايتس عن قراره المضي قدماً بمساعي عزل رئيس مجلس النواب الجمهوري عن منصبه.
قرار تاريخي، حصل مرة واحدة فقط في الولايات المتحدة منذ 100 عام، ويدل على اتساع هوة الانقسامات الجمهورية، التي رسّخها وصول مكارثي إلى مقعد الرئاسة بعد 15 جلسة تصويت ماراثونية في مجلس النواب، بسبب عرقلة «صديقه» اللدود غايتس.
فخطوة النائب الجمهوري هذه ما كانت لتكون ممكنة من دون الصلاحيات التي أعطاها له مكارثي ضمن تسوية توصل إليها معه مقابل صوته الحاسم الذي أوصله إلى رئاسة المجلس، ليصبح غايتس شوكة في خاصرة رئيس المجلس الذي سارع بعد طرح مشروع عزله إلى التغريد بلهجة ملئها التحدي: «لنفعل هذا». ليهبّ غايتس قائلاً على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «لقد فعلت هذا للتو...».
Just did. https://t.co/zdQk3GblbV
— Matt Gaetz (@mattgaetz) October 2, 2023
لكن مقعد مكارثي ليس آمناً كما يدعي رئيس المجلس؛ فالأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس النواب لا تسمح له سوى بخسارة 4 أصوات من حزبه إن لم يحصل على دعم الديمقراطيين. وبالفعل، فقد أعلن 3 نواب جمهوريين عن دعمهم غايتس في مساعيه، وهم آندي بيغز، وإيلي كارين، وبوب غود الذي انتقد قرار مكارثي إقرار مشروع التمويل المؤقت قائلاً: «لقد استسلم كلياً لتمرير تمويل من دون شروط بدعم 209 ديمقراطيين في مجلس النواب... لقد كان اتفاقاً سيئاً للشعب الأميركي».
ومع تنامي الأصوات الجمهورية المعارضة له، يقف مكارثي أمام خيار محرج سياسياً وحزبياً بمواجهة خيار يتيم، وهو طلب مساعدة الحزب المعارض لقاعدته الحزبية لإنقاذه من براثن العزل.
النفوذ الديمقراطي
مما لا شك فيه أن مكارثي سيسعى إلى طرح حيل تشريعية لتجنب التصويت المباشر على رئاسته، منها التصويت لإسقاط مساعي العزل بدلاً من التصويت لصالحه، وهو إجراء يحتاج إلى الأغلبية البسيطة لإقرار وإفشال «مشروع غايتس»؛ ما يعني أن رئيس المجلس لن يحتاج بالضرورة كي يصوت الديمقراطيون لصالحه، بل أن يمتنعوا عن التصويت لإقرار إفشال العزل. لكن حتى في هذه الحالة، سيحتاج مكارثي، المعروف بعدم تعاونه مع الحزب الأزرق، إلى إقناع زعيم الديمقراطيين في المجلس جايمس جيفريز بدفع نوابه إلى الامتناع عن التصويت.
ولن يأتي هذا القرار من دون ثمن سياسي، فمن المؤكد أن يسعى جيفريز إلى انتزاع وعود من مكارثي قد تتضمن توزيعاً مختلفاً في اللجان المختصة، أو تنازلات في إجراءات عزل الرئيس الحالي جو بايدن.
وفي كل الحالات، يقف رئيس المجلس الموالي لترمب أمام موقف لا يحسد عليه؛ فلجوؤه إلى الديمقراطيين قد ينقذه من الورطة الحالية، لكنه سيهدد مساعيه المستقبلية في جمع التبرعات، خصوصا من الناخبين الذين سيعدّون تودده للحزب المعارض خيانة حزبية، وهذا ما تحدث عنه غايتس قائلاً: «إذا أراد الديمقراطيون امتلاك كيفين مكارثي، فيمكنهم الحصول عليه... إذا أرادوا تبنيه، يمكنهم فعل ذلك...».