الكونغرس الأميركي يتجنب الإغلاق الحكومي بصعوبة

صوّت مجلس الشيوخ لصالح اتفاق مؤقت لتمويل الحكومة الأميركية مساء السبت (أ.ب)
صوّت مجلس الشيوخ لصالح اتفاق مؤقت لتمويل الحكومة الأميركية مساء السبت (أ.ب)
TT

الكونغرس الأميركي يتجنب الإغلاق الحكومي بصعوبة

صوّت مجلس الشيوخ لصالح اتفاق مؤقت لتمويل الحكومة الأميركية مساء السبت (أ.ب)
صوّت مجلس الشيوخ لصالح اتفاق مؤقت لتمويل الحكومة الأميركية مساء السبت (أ.ب)

نجح الكونغرس الأميركي، السبت، في تجنّب الإغلاق الحكومي بصعوبة، وذلك بفضل تحول مفاجئ تمثل في موافقة مجلس النواب على خطة لتمويل الحكومة الفيدرالية حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني). وبعد تمرير مجلس الشيوخ مشروع القانون، وقّع الرئيس جو بايدن عليه قبيل منتصف ليل السبت.

وفي تتابع سريع للأحداث داخل «كابيتول هيل»، صوّت ائتلاف من نواب ديمقراطيين وجمهوريين لصالح تمرير خطة من شأنها تمويل الوكالات الحكومية، وتوفير مليارات الدولارات لجهود التعافي من الكوارث، إلا أن مشروع القانون لم يتضمن مساعدات مخصصة لأوكرانيا، رغم ضغوط البيت الأبيض وأعضاء من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري داخل مجلس الشيوخ في هذا الاتجاه. وأقرّ نواب ديمقراطيون الخطة في كل الأحوال، بوصفها السبيل الأسرع لتجنب تعطل أعمال الحكومة على نطاق واسع.

جهود اللحظة الأخيرة

واضطلع الرئيس الجمهوري لمجلس النواب، كيفين مكارثي، الذي ظل رافضاً أسابيعَ التعاونَ مع الديمقراطيين للتوصل إلى حل لمشكلة الإنفاق، بشرح المقترح للجمهوريين خلال اجتماع مغلق، صباح السبت، ثم أسرع بطرحه على التصويت في ظل إجراءات خاصة تطلبت دعماً كبيراً من الجانب الديمقراطي لتمرير المقترح.

واشتكى ديمقراطيون في البداية من أن مكارثي فاجأهم بالخطة، وكان يحاول دفعهم لتمرير مقترح من 71 صفحة دون إتاحة الوقت الكافي لتفحصه، بيد أنهم في الوقت نفسه لم يرغبوا في التعرض لاتهامات بتقديم أولوية للمساعدات الأميركية لأوكرانيا على تمويل الوكالات الحكومية، ودفع رواتب مليونين من أفراد المؤسسة العسكرية، و1.5 مليون موظف فيدرالي.

ومن جهته، سأل النائب الجمهوري مايك لولر، من نيويورك، الديمقراطيين داخل مجلس النواب: «هل تقولون إنكم ستغلقون الحكومة إذا لم يتح تمويل لأوكرانيا؟»، وذلك رغم تصويت العشرات من زملائه الجمهوريين لصالح الإغلاق الحكومي.

في نهاية الأمر، جرت الموافقة على الإجراء المقترح بـ335 صوتاً مقابل 91 صوتاً، مع تصويت 209 ديمقراطيين و126 جمهورياً لصالحه، ومعارضة 90 جمهورياً وديمقراطي واحد له.

رهان خطير

وجاءت النتيجة مشابهة لتصويت آخر جرى مطلع العام الحالي لتجميد الحد الفيدرالي للديون. ومن المتوقّع أن تتسبب هذه الخطوة في صعوبات أمام مكارثي، الجمهوري من كاليفورنيا، مع تهديد فصيل ينتمي لليمين المتطرف بمحاول إسقاطه من رئاسة المجلس بعد تعاونه مع الديمقراطيين للحيلولة دون إغلاق الحكومة.

ومع ذلك، فإنه بعد محاولة فاشلة، الجمعة، للفوز بأصوات جمهورية كافية لتجنب الإغلاق، لم يجد مكارثي أمامه بديلاً عن العمل مع الديمقراطيين، إذا أراد حقاً تجنب إغلاق سيخلف أضراراً سياسية واقتصادية كبيرة. وعلق مكارثي على الأمر بقوله: «أحب المراهنة».

وفور التصويت، انفض انعقاد مجلس النواب، تاركاً لمجلس الشيوخ قراراً إما بتمرير التشريع وإما بمواجهة اللوم عن الإغلاق. وفي ظل غياب بدائل تذكر، وتأييد الجمهوريين داخل مجلس الشيوخ لمشروع القانون القادم من مجلس النواب، تخلى مجلس الشيوخ عن خطته المقترحة التي تضمنت تقديم 6 مليارات دولار لأوكرانيا، ووافق على النسخة القادمة من مجلس النواب بعدد أصوات 88 صوتاً مقابل 9 أصوات.

وفي تعليقه على تمرير مجلس الشيوخ الخطة قبل الموعد النهائي بـ3 ساعات فقط، قال السيناتور تشاك شومر، الديمقراطي من نيويورك وزعيم الأغلبية داخل المجلس: «يمكن للشعب الأميركي أن يتنفس الصعداء: لن يكون هناك إغلاق حكومي. وبعد محاولتهم أخذ حكومتنا رهينة، لم يجن الجمهوريون من حركة (اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) شيئاً».

دعم أوكرانيا

وفي بيان أصدره بعد تمرير مجلس الشيوخ مشروع القانون، وصف بايدن الأمر بأنه «خبر سار للشعب الأميركي»، مضيفاً: «أتوقع تماماً وفاء رئيس المجلس بتعهده أمام الشعب الأوكراني، وعمله على ضمان تمرير الدعم اللازم لمعاونة أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة».

وعبّر أعضاء من كلا الحزبين عن ثقتهم بقدرتهم على كسب تمويل لصالح أوكرانيا، خلال الأسابيع المقبلة. لكن الإخفاق في الإشارة إلى الدعم المخصص لأوكرانيا في مشروع القانون جاء انعكاساً لتراجع الدعم الجمهوري لدعم هذه البلاد.

ويتوقّع أن تشهد واشنطن صراعاً محتدماً قادماً حول تمويل جهود الحرب في أوكرانيا، وذلك رغم زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي لواشنطن في محاولة لضمان استمرار الدعم الأميركي. ووافق الكونغرس على تقديم مساعدات عسكرية وإنسانية واقتصادية بقيمة 113 مليار دولار، مقسمة على 4 حزم، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما طلب بايدن 24 مليار دولار إضافية.

وفي هذا الصدد، قال النائب مايكل كيغلي، من إلينوي، وهو الديمقراطي الوحيد الذي صوّت ضد مشروع القانون، لغياب إشارة إلى مساعدات لأوكرانيا في التشريع المقترح: «يعد مشروع القانون انتصاراً لبوتين والمتعاطفين معه بكل مكان. ونعلم أن أمامنا 45 يوماً لإصلاح هذا الخطأ الفادح».

وفي المقابل، يرفض جمهوريون من اليمين المتطرف دعم الخطة الرامية لتجنب الإغلاق الحكومي، والتي عُرفت باسم «قرار الاستمرار»، لإبقائها على مستويات التمويل التي أقرت في وقت كان الكونغرس فيه تحت السيطرة الديمقراطية، العام الماضي. وعلق النائب آندي بيغز، الجمهوري من أريزونا، عبر حسابه على موقع «إكس» بقوله: «بدلاً من الانحياز لحزبه اليوم، وقف مكارثي إلى جانب 209 ديمقراطياً لتمرير قرار الاستمرار الذي يبقي على مستويات الإنفاق وسياسات بايدن - بيلوسي - شومر. لقد سمح للحزب الواحد المهيمن على واشنطن العاصمة بالفوز من جديد. فهل ينبغي أن يبقى رئيساً للمجلس بعد الآن؟».

وقبل عقد التصويت، قال مكارثي إنه يدرك أن التشريع الجديد يمكن أن يخلق تحدياً أمامه، لكنه أبدى استعداده لخوض المخاطرة من أجل تمرير تشريع من شأنه الإبقاء على الحكومة عاملة.

* خدمة صحيفة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

الولايات المتحدة​ ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لتشكيل إدارته؛ حيث زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون سمحت بالاعتداء الجنسي على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقربة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لمنصب وزيرة العدل.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي «مستعد» لأي عودة للتوتر في عهد ترمب

أعلنت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى الولايات المتحدة، يوفيتا نيلوبشينه، اليوم (الجمعة)، أن الاتحاد الأوروبي مستعد للتعامل مع أي عودة للتوتر التجاري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
TT

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

وكشفت الصحيفة أن الاتفاق المطروح يتضمن الدعوة لهدنة 60 يوماً، تنسحب خلالها إسرائيل من جنوب لبنان وينسحب مقاتلو «حزب الله» لشمال الليطاني.

كما أشارت إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار يشمل انتشار الجيش اللبناني وبعثة حفظ السلام في المنطقة الحدودية خلال هدنة الـ60 يوماً».

وقال المسؤولون للصحيفة إن الاتفاق يشمل آلية جديدة برئاسة أميركا، لضمان بقاء قوات «حزب الله» وإسرائيل خارج المنطقة الحدودية.

ويأمل المفاوضون في أن تصمد الهدنة 60 يوماً لتتحول إلى دائمة خلال عهد إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.