مساعي أميركية لتقييد تصريحات ترمب في قضية «قلب الانتخابات» 

منصة «إكس» تسلم المدعي الخاص 32 رسالة للرئيس السابق  

ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ساوث داكوتا (رويترز)
ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ساوث داكوتا (رويترز)
TT

مساعي أميركية لتقييد تصريحات ترمب في قضية «قلب الانتخابات» 

ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ساوث داكوتا (رويترز)
ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ساوث داكوتا (رويترز)

بالتزامن مع طلب المدّعي الخاص الأميركي جاك سميث من القاضية تانيا تشاتكن، الجمعة، إصدار أمر حظر نشر محدود بحق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، كشفت محطة «سي إن إن» الأميركية أن منصة «إكس» («تويتر» سابقاً) سلمت المحققين 32 رسالة خاصة لترمب، في إطار التحقيقات الجارية حول دوره في محاولة قلب نتائج انتخابات 2020.

وقال سميث أمام محكمة واشنطن الفيدرالية إن الانتقادات المتكررة من ترمب لمسؤولي وزارة العدل، وسكّان واشنطن، والقاضية المكلّفة بالملف تانيا تشاتكن، قد تؤثر على آراء هيئة المحلّفين التي ستتألّف من سكان محليين. وردّ ترمب سريعاً على منصته «تروث سوشال» قائلاً: «أقوم بحملة انتخابية لأصبح رئيساً (...) ولا يُسمح لي بالتعليق! إنهم يسرّبون معلومات ويكذبون ويقاضون، ولن يسمحوا لي بالكلام!».

وقال سميث إن تصريحات ترمب «قد يكون لها تأثير ملموس على حياد هيئة المحلّفين، وفي الوقت نفسه على شهادات الشهود». وأضاف في وثيقة قضائية أن أي فرد يقرأ أو يسمع تعليقات ترمب «قد يخشى منطقياً أن يكون الهدف التالي لهجمات المدّعى عليه».

المدعي الخاص جاك سميث في وزارة العدل الشهر الماضي (أ.ب)

وستبدأ محاكمة ترمب في 4 مارس (آذار) 2024 عشية «الثلاثاء الكبير»، وهو اليوم الذي ستجري فيه الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في 15 ولاية، لاختيار مرشحهم الرئاسي. ويعد ترمب الأوفر حظاً لنيل ترشيح الجمهوريين، ومواجهة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، في إعادة لانتخابات 2020.

وحتى ذلك الحين، يسعى سميث إلى منع ترمب من الإدلاء بأي تصريحات مهينة بحق أي شخص ذُكر اسمه في القضية، أو قد يُذكر، أو بشأن الشهود المستقبليين. وسبق لترمب أن اتهم تشاتكن بأنها «تكرهه»، ووصف مكتب المدّعي الخاص بعبارة غير لائقة. وعدّ مكتب المدّعي أن هذه التصريحات تحوّلت إلى تهديدات حقيقية، لافتاً إلى أنه «من الواضح أن هذه التهديدات سببها التصريحات المتكررة الصادرة عن المتّهم». وفي منتصف أغسطس (آب)، أوقفت امرأة في ولاية تكساس على خلفية توجيهها تهديدات بالقتل للقاضية تشاتكن التي لم تستجب بعدُ لطلب سميث بالحد من تعليقات ترمب قبل محاكمته.

32 رسالة من «إكس»

من جهة أخرى، أتاح موقع «إكس» لسميث إمكانية الوصول إلى ما لا يقل عن 32 من الرسائل الخاصة للرئيس السابق. وسلمت المنصة تلك الرسائل بعد تلقيها مذكرة تفتيش وخوضها مواجهة قانونية مع السلطات، إثر تمنعها عن تسليم تلك المستندات في الموعد المحدد. وقالت شبكة «سي إن إن» إن المدعين الفيدراليين تمكنوا في أغسطس (آب) الماضي من الوصول إلى جزء كبير من رسائل ترمب المباشرة، إلا أن التفاصيل لم تكن معروفة في ذلك الوقت.

ترمب يتحدث في تجمع انتخابي الجمعة (أ.ب)

وكتب ممثلو الادعاء أن المواد التي قدمها «إكس» للحكومة تضمنت 32 رسالة فقط من الرسائل المباشرة، ما يشكل نسبة ضئيلة من إجمالي العدد الذي نشره ترمب، لافتين إلى جهوده في تقويض التحقيق أو التأثير عليه ونشره ادعاءات كاذبة بالاحتيال، والضغط على مسؤولين فيدراليين لانتهاك واجباتهم القانونية، والانتقام ممن لم يمتثل لمطالبه والتحريض على أعمال العنف في مبنى الكابيتول.

معلومات «مضللة»

واتهم ترمب باستخدام حسابه على المنصة لنشر معلومات مضللة وتقديم ادعاءات كاذبة حول ما يسمى بتزوير الانتخابات، وفق الدعوى. كما كشفت «سي إن إن» أن المنصة قدمت دعوى قضائية لاستئناف حكم قضائي بتغريمها دفع 350 ألف دولار، بسبب عدم التزامها بالموعد النهائي للامتثال لمذكرة التفتيش التي أصدرها سميث.

أنصار ترمب ينتظرون خطابه في تجمع بواشنطن الجمعة (أ.ف.ب)

وأذنت المحكمة بأمر التفتيش في يناير (كانون الثاني) 2023، وفقاً للملفات، بالإضافة إلى أمر بعدم الإفصاح، ومنحت المنصة 10 أيام لتقديم المواد المطلوبة. ويسعى المحققون للحصول على بيانات من «إكس» من أكتوبر (تشرين الأول) 2020 حتى يناير 2021، وهي الفترة التي تغطي الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وتمرد 6 يناير 2021 في مبنى الكابيتول. وتحولت القضية إلى معركة قانونية بين المنصة والسلطات القضائية، بعدما تمنعت عن تسليم الرسائل بحجة الحفاظ على السرية، وسعيها إلى تغيير أمر عدم الإفصاح قبل تقديم المواد المطلوبة. وقالت الشركة إنها لن تفي بالموعد النهائي لأنها لم تتلقَ إشعاراً كافياً للقيام بذلك، ثم قالت إنها لن تمتثل لأمر عدم الإفصاح دون تغييرات بسبب «الدعاية المكثفة حول التحقيق».


مقالات ذات صلة

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

شؤون إقليمية مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين (الخارجية الإيرانية)

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

اتفق كبار الدبلوماسيين في الصين وإيران، السبت، على أن الشرق الأوسط «ليس ساحة معركة للقوى الكبرى»، ولا ينبغي أن يكون ساحة للمنافسة الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ ترمب بعد محاولة اغتياله الأولى في بنسلفانيا - 13 يوليو 2024 (رويترز)

أميركا في 2024... سوابق ومفاجآت

شهدت الولايات المتحدة أحداثاً تاريخية متعاقبة، من إدانة رئيس أميركي بتهم جنائية، إلى حصول امرأة سوداء على ترشيح حزبها، مروراً بمحاولة اغتيال مرشح رئاسي مرتين.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شعار تطبيق «تيك توك» يظهر إلى جانب صورة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

سعياً لـ«حل سياسي»... ترمب يدعو المحكمة العليا لتعليق قانون يهدّد بحظر «تيك توك»

حث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المحكمة العليا الأميركية على إيقاف تنفيذ قانون من شأنه أن يحظر تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير «تيك توك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم (رويترز)

المكسيك تعلن نشر «تطبيق للإنذار» لرعاياها بعد تهديدات ترمب

أعلنت الحكومة المكسيكية نشر «تطبيق إنذار» لرعاياها في الولايات المتحدة المهددين بالترحيل الجماعي، كما أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
الاقتصاد شاشة تعرض حركة سهم «إنفيديا» بينما يعمل تاجر في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

المستثمرون يتوقعون استمرار الزخم في الأسواق الأميركية حتى منتصف يناير

بعد اختتام عام مميز للأسهم الأميركية، يتوقع المستثمرون أن يستمر الزخم الإيجابي في الأسواق حتى منتصف يناير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ترمب وماسك: منافسة على السلطة أم شراكة؟

TT

ترمب وماسك: منافسة على السلطة أم شراكة؟

ترمب وماسك يشاهدان مباراة مصارعة في نيويورك يوم 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
ترمب وماسك يشاهدان مباراة مصارعة في نيويورك يوم 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أيام عصيبة عاشتها واشنطن في الأسبوعين الأخيرين من العام الحالي، فالصراع المعتاد على إقرار تمويل المرافق الحكومية تأجج وتشعّب مع تدخل الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، وحليفه إيلون ماسك، في متاهات المفاوضات والصفقات، مما أدى إلى إفشال الاتفاق الأولي الذي توصل إليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي بعد مسار المفاوضات الشاقة، ودفع بالمشرعين إلى الهلع والتخبط، قبل التوصل إلى اتفاق آخر نجح في اجتياز عقبات التصويت قبل ساعات قليلة من موعد الإغلاق الحكومي.

ورغم نجاة الجمهوريين من نيران رئيسهم الصديقة قبل تسلمه الحكم، فإن هذه الحادثة تظهر تحديات المرحلة المقبلة مع تَسَنُّم ترمب الرئاسة، وما ستحمله معها من صعوبات ومفاجآت ستزعزع الأسس والأعراف التي اعتادتها أروقة الكونغرس ودهاليز البيت الأبيض.

رجل المفاجآت

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

أثبت ترمب، الذي عاش معه المشرعون 4 أعوام طويلة من المفاجآت في ولايته الأولى، مجدداً أنه رجل لا يمكن التنبؤ بأفعاله وتصريحاته التي تسقط مشروعات أو تبثّ الحياة فيها، ليأتي صديقه ماسك ويصبّ الزيت على نار هذه المفاجآت ويضيف لفحة من عدم اليقين الذي تحمله الأعوام الأربعة المقبلة من حكم ترمب، وربما ماسك. فمالك شركتَي «تسلا» و«إكس»، الذي سلّمه ترمب دفة إدارة الكفاءة الحكومية التي تهدف إلى مكافحة البيروقراطية الفيدرالية، رأى في الاتفاق المؤقت لتمويل المرافق الفيدرالية فرصته الأولى للتصدي للبيروقراطية المستشرية في الحكومة الأميركية. فهذا المشروع مشبع كالعادة بصفقات وتسويات بين الحزبين لا علاقة لها بتمويل المرافق الفيدرالية، مثل بند يعطي المشرعين زيادة في مرتباتهم. لكن هذا ليس مفاجئاً مطلقاً، فقد اعتادت واشنطن العمل بهذا الأسلوب الضروري في بعض الأحيان لضمان إقرار مشروعات من هذا النوع. وغالباً ما ينتظر المشرعون مشروعات التمويل الحكومي لإقحام بعض البنود من أجنداتهم، وإقرارها في هذه المشروعات الضخمة التي تضيع فيها هذه التفاصيل.

وفي حين يقول كثيرون إن هذه هي البيروقراطية بعينها، فإن صناع القرار، مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون، يهبّون للدفاع عن المسار التشريعي ولـ«تفسيره» لأشخاص خارج المنظومة التقليدية، مثل إيلون ماسك. وهذا ما حدث في اتصال هاتفي جمع الرجلين بعد إفشال المشروع الأول، حيث «فسّر» جونسون لماسك طبيعة عمل الكونغرس والتشريعات؛ على حد قوله.

«الرئيس ماسك»

ماسك خلال حدث انتخابي لترمب في بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

غرّد ماسك أكثر من 100مرة لإفشال الصفقة الأولى من التمويل، ونجح في ذلك، مسلّطاً الضوء على نفوذه المتصاعد. واستغل الديمقراطيون تدخله في الشأن التشريعي لوصفه بـ«الرئيس ماسك» أو «رئيس الظل»، وزرع بذور الشك في نفس ترمب الذي يراهن كثيرون على استيائه من هذا التوصيف الذي من شأنه أن يسرق الأضواء منه. وهذا ما تحدّث عنه نجل ترمب؛ دونالد جونيور، قائلاً: «أترون ما يحاول الإعلام فعله لإيذاء العلاقة بين والدي وإيلون؟ إنهم يسعون لخلق شرخ لمنعهما من تنفيذ المهمة، ولا يمكننا السماح بذلك».

تصريح أعاد ماسك التأكيد عليه، فغرّد بنفسه قائلاً: «دُمى السياسة والإعلام التقليدي تلقوا تعليماتهم الجديدة، ويسعون إلى خلق شرخ بيني وبين ترمب. وسيفشلون». فماسك يعلم جيداً أن استراتيجية الديمقراطيين قد تؤتي ثمارها، وتهدد العلاقة التي عمل جاهداً على تعزيزها عبر التبرع بأكثر من 250 مليون دولار لحملة ترمب الرئاسية. ولهذا، يسعى جاهداً، وبكل حذر، لتجنب حقل الألغام الذي يواجهه كل من يعمل في دائرة ترمب المقربة.

وهذا ما تحدث عنه حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، كريس كريستي، الذي كان مقرباً من ترمب قبل أن يصبح من أشد المنتقدين له. وتوقع كريستي أن «تنتهي العلاقة عندما يرى ترمب أن ثمة خطأ ما، فيسعى لإلقاء اللوم على ماسك في هذا الخطأ».

من ناحيته، سعى ترمب إلى التصدي لمحاولات التشكيك في علاقته بماسك بطريقته الخاصة، مؤكداً لمجموعة من مناصريه أن ماسك لا يستطيع أن يكون رئيساً؛ «لأنه لم يولد في الولايات المتحدة». وقال: «لا؛ لن يكون رئيساً. أنا بأمان»، في تصريح مشبع بالمعاني المبطنة، وقد يدل على نجاح استراتيجية الديمقراطيين.

ماسك رئيساً لمجلس النواب؟

رئيس مجلس النواب مايك جونسون يتحدث للصحافيين في 20 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ورغم أن مقعد الرئاسة بأمان من ماسك، فإن مقعد رئاسة مجلس النواب منفتح على استقباله... فإذا ما دلّت أزمة التمويل الحكومي على شيء، فهو هشاشة موقع الجمهوري مايك جونسون في مقعد رئاسة المجلس، مما فتح الباب أمام دعوة عدد من المشرعين ماسك إلى السعي لانتزاع الشعلة من جونسون في الانتخابات على رئاسة المجلس، التي ستُجرى في 3 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان السيناتور الجمهوري راند بول من أول الداعين إلى ذلك، مذكراً بأن الدستور الأميركي لا يتطلب انتخاب رئيس للمجلس من أعضاء مجلس النواب. وقال: «رئيس مجلس النواب لا يجب أن يكون بالضرورة عضواً في الكونغرس. لا شيء سيعرقل (المستنقع) أكثر من انتخاب إيلون ماسك». وتابع بول في دعوة مباشرة إلى النواب: «فكروا في الأمر... لا يوجد شيء مستحيل».

وسرعان ما ردت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين على هذه الدعوة، مُعربة عن انفتاحها على دعم ماسك في هذا المنصب، ومنذرة بمشوار صعب أمام جونسون للاحتفاظ برئاسة المجلس. وهنا علق جونسون، الذي لا يزال حتى الساعة يتمتع بدعم ترمب، بسخرية حذرة، قائلاً: «لقد تحدثت مع ماسك عن التحديات الضخمة في هذا المنصب... وقلت له: هل تريد أن تكون رئيساً للمجلس؟ فرد قائلاً: قد يكون هذا أصعب عمل في العالم... أعتقد أنه محق».

وفي حين لم يشهد الكونغرس في تاريخه انتخاب رئيس لمجلس النواب من خارج المجلس، رغم سماح الدستور بذلك، فإن البعض يقول إن ماسك قادر على كسر القاعدة.