لا يحظى الرئيس جو بايدن بشعبية كبيرة في استطلاعات الرأي، رغم النجاحات التي يروجها البيت الأبيض في مجال إصلاح الديمقراطية المتداعية بعد أربع سنوات من عهد ترمب، وإصلاح علاقات الولايات المتحدة الخارجية، وإصلاح الاقتصاد، وخفض معدلات التضخم العالية وتحسن أرقام الوظائف والأجور. وفي استطلاع تلو الآخر يعرب الناخبون الديمقراطيون والمستقلون عن قلقهم بشأن عمر بايدن البالغ من العمر 80 عاما وزلات لسانه وما يتعلق بقدرته البدنية والذهنية للقيام بمهام الوظيفة الرئاسية في فترة ولاية ثانية.
وخلال الشهر الحالي، أظهر استطلاع أجرته شبكة إن بي سي نيوز أن 68 في المائة من الناخبين قلقون من أن بايدن لا يمتلك الصحة العقلية والبدنية الضرورية للعمل كرئيس، وقال 55 في المائة إن لديهم مخاوف كبيرة. وجد استطلاع أجرته يو إس إيه توداي وجامعة سوفولك للديمقراطيين والمستقلين أن 37 في المائة يقولون إن عمر الرئيس جعلهم أقل احتمالا للتصويت له. وجد استطلاع آخر لمجلة إيكونيميست وموقع YouGov أن 45 في المائة من المستقلين يقولون إن صحة بايدن وعمره «يحدان بشدة من قدرته على القيام بالمهمة».
وأظهر استطلاع لوكالة أسوشييتد برس ومركز NORC لأبحاث الرأي العام أن 36 في المائة فقط من الأميركيين يوافقون على أداء بايدن في ملف الاقتصاد ووجد الاستطلاع نفسه أن 55 في المائة من الديمقراطيين يقولون إن بايدن لا ينبغي أن يترشح مرة أخرى للرئاسة ورغم ذلك قال 82 في المائة إنهم سيصوتون لصالح بايدن.
ويتخوف الديمقراطيون بشدة من نتائج هذه الاستطلاعات، وشعور الناخبين تجاه الرئيس الحالي، وتدور النقاشات حول ما إذا كان من المفيد من المنطلق السياسي والانتخابي للحزب الديمقراطي أن يخوض بايدن الانتخابات بهذه النتائج المشكوك بها.
قضية هانتر
وتزيد مشاكل هانتر بايدن من تعقيد الوضع، وهي تضع الرئيس بايدن في حرج بالغ مع الرأي العام الأميركي، مع تزايد المخاطر من استمرار استغلال الجمهوريين لهذه القضية، لمحاولة عرقلة إعادة انتخاب بايدن. ووجد استطلاع أسوشييتد برس أن غالبية الأميركيين (حوالي 58 في المائة) لا يثقون في قدرة بايدن للحد من الفساد في الحكومة و30 في المائة فقط يثقون في قدراته لمكافحة الفساد. وتتزايد الأخبار حول أن هانتر بايدن حصل على أموال بملايين الدولارات من كيانات أجنبية مثل أوكرانيا والصين واستغل اسم والده في عقد تلك الصفقات.
وقد أصبحت حياة هانتر الشخصية والتجارية قضية تثير شرخاً أقوى بين الأميركيين، والأمر الأكثر إثارة للقلق أن هذه القضية ألقت بالفعل بظلال من الشكوك بين الناخبين أن بايدن يتصرف بطريقة ما (غير أخلاقية) لحماية ابنه، وإبرام صفقة بها معاملة تمييزية، وأن بايدن فشل في التمييز بين ولائه لأسرته وبين نزاهة المنصب الرئاسي. رغم أن مشاكل هانتر بايدن تعد «جنحا» وليست مثل جرائم ترمب «الجنائية» لكن الناخبين لن يروا الفرق، ويصدقون ادعاءات ترمب بتسييس القضايا ضده لعرقلة وصوله للبيت الأبيض.
من جانب آخر يتخوف الديمقراطيون من احتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترمب (77 عاما) بترشيح الحزب الجمهوري، وخوض سباق الرئاسة والفوز مرة أخرى بالبيت الأبيض. وكان الاعتقاد أن مشاكل ترمب القانونية ستعوقه عن الوصول إلى البيت الأبيض إلا أن المخاطر أصبحت أكبر من احتمال فوز ترمب، وارتفاع شعبيته مع تزايد الملاحقات القانونية.
ويتخوف الديمقراطيون والمحللون من تصريحات ترمب الذي أعلن صراحة أن فترته الثانية ستتضمن «إنهاء جميع القواعد واللوائح والمواد، حتى تلك الموجودة في الدستور» وهو ما يعني أن الحزب الديمقراطي سيواجه رئيسا مارقا يحاول إجهاض الديمقراطية الدستورية الأميركية.
بدائل لبايدن
ويخشى قادة الحزب الديمقراطي من أن الدفع بمرشح آخر بدلا من الرئيس بايدن سيؤدي إلى المخاطرة بتقسيم الحزب. ووفقا لموقع الحزب الديمقراطي، هناك 150 مرشحا محتملا لخوض سباق الرئاسة، منهم روبرت كيندي (70 عاما) الذي يحظى بحوالي 13 في المائة من تأييد الديمقراطيين، ومؤلفة الكتب ماريان ويليامسون التي تحظى بدعم بنسبة 9 في المائة فقط، وبقية المرشحين الآخرين معظمهم يتولون مناصب في الكونغرس ومناصب المحافظين في عدة ولايات من بينهم عضو الكونغرس من مينيسوتا، دين فيليبس، الذي يقول إنه يفكر في خوض معركة ضد الرئيس بايدن وهو بالكاد اسم مألوف داخل ولايته.
أما الأسماء المعروفة والمرشحة فقد شملت بيل دي بلاسيو حاكم مدينة نيويورك السابق، وإلهان عمر النائبة الديمقراطية، وحاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم، ووزير النقل الأميركي بيت بوتيجيج، وانتقلت التسريبات أيضا حول وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون والسيدة الأولى الأسبق ميشيل أوباما.
ويقول المحللون إن ميشيل أوباما ستحظى بتأييد أكبر من بايدن إذا قفزت إلى السباق، خاصة أنها تحظى بدعم قوي بين النساء والناخبين الذين تقل أعمارهم عن 55 عاما والديمقراطيين المعتدلين. فيما يعاني بايدن من انخفاض شعبيته بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما والديمقراطيين في الجنوب الغربي وبين الناخبين الذين يرون أن معدلات الجريمة عالية وخارجة عن السيطرة.
هل يتراجع بايدن عن ترشيح نفسه؟
يبدو أنه سؤال جدلي وليس مطروحا في ذهن الرئيس بايدن، ويشير المحللون إلى أن بايدن يبدو مفتونا بقوة وسلطة الرئاسة لدرجة أنه غير قادر على رؤية أي شخص آخر قادر على القيام بعمله. يمكن لوجه جديد من صفوف المسؤولين الديمقراطيين أن ينعش ساحة السياسة الأميركية في وقت يقول فيه الديمقراطيون والجمهوريون والمستقلون إنهم يخشون احتمال عودة مواجهة انتخابية بين ترمب وبايدن.