إدارة بايدن لتقييد الاستثمارات الأميركية في صناعات التكنولوجيا الصينية

القرار يفتح جبهة جديدة في الصراع الاقتصادي بين واشنطن وبكين

الرئيس الأميركي ونظيره الصيني خلال لقاء على هامش قمة العشرين في بالي 14 نوفمبر 2022
الرئيس الأميركي ونظيره الصيني خلال لقاء على هامش قمة العشرين في بالي 14 نوفمبر 2022
TT

إدارة بايدن لتقييد الاستثمارات الأميركية في صناعات التكنولوجيا الصينية

الرئيس الأميركي ونظيره الصيني خلال لقاء على هامش قمة العشرين في بالي 14 نوفمبر 2022
الرئيس الأميركي ونظيره الصيني خلال لقاء على هامش قمة العشرين في بالي 14 نوفمبر 2022

تستعد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، لإصدار أمر تنفيذي يهدف إلى تقييد بعض الاستثمارات الأميركية في صناعة التكنولوجيات الحساسة في الصين، والتي يقول البيت الأبيض إنها تشكل مخاطر أمنية وتهدد الأمن القومي الأميركي. وقد تفتح هذه الخطوة، التي ستثير غضب بكين بلا شك، جبهة جديدة في الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين.

وتهدف إدارة بايدن إلى تضييق الخناق على الاستثمارات في صناعة تقنيات معينة، ومنع رأس المال والخبرة الأميركية من المساعدة في تطوير تكنولوجيا تدعم الصناعة العسكرية الصينية.

الحد من الاستثمار في التكنولوجيا الصينية

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي كبير في إدارة بايدن أن القيود التي ستعلنها ستمنع شركات الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري من الاستثمار في بعض قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، مثل الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات المتقدمة، في محاولة لوقف تحويل الدولارات الأميركية والخبرة إلى الصين. كما ستطلب الإدارة من الشركات الأميركية التي تقوم باستثمارات في نطاق أوسع من الصناعات الصينية الإبلاغ عن هذا النشاط، مما يمنح الحكومة رؤية أفضل في التبادلات المالية بين الولايات المتحدة والصين.

وألمح مسؤولون كبار أن القيود الصريحة على الاستثمار ستستهدف بشكل ضيق قطاعات قليلة يمكن أن تساعد الجيش الصيني في تطوير الصناعات العسكرية، ولكن ليس تعطيل الأعمال التجارية المشروعة مع الصين. وأشار المسؤولون إلى أن هذا الأمر التنفيذي استغرق إعداده أكثر من عام، ومن المرجح أن ينطبق فقط على الاستثمارات الجديدة.

وعلّق مسؤولون كبار على هذه التحضيرات، إذ أشارت وزيرة الخزانة جانيت يلين الشهر الماضي إلى أن القرار سيستهدف فقط قطاعات معينة ولن يكون له تأثير جوهري على مناخ الاستثمار في الصين. كما شدّدت على أن قيود الاستثمار الأميركي لن تؤذي الصين بشكل أساسي.

بدورها، قالت سالوني شارما، متحدثة باسم مجلس الأمن القومي: «لقد ركزت إدارة بايدن منذ البداية على صياغة نهج يعالج مخاطر الأمن القومي الناشئة عن الاستثمارات الخارجية بطريقة فعالة وقابلة للتنفيذ، ولها تأثير على جهود الحكومة الصينية لاكتساب قدرات حساسة، أكثر من تأثيرها على القدرة التنافسية للشركات الأميركية».

وسيكون هذا الإجراء من الخطوات المهمة التي تتخذها الولايات المتحدة، وسط صدام اقتصادي مع الصين، لتضييق الخناق على التدفقات المالية الصادرة. ويمكن أن يمهد الطريق لمزيد من القيود على الاستثمارات بين البلدين في السنوات المقبلة.

بين التهدئة والتصعيد

سعت إدارة بايدن خلال الأشهر الماضية إلى تهدئة التوترات مع الصين، واستئناف الاتصالات خاصة على الصعيد العسكري. وقام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بزيارة بكين التقى خلالها بالرئيس شي جينبينغ، تبعتها زيارة لوزيرة الخزانة جانيت يلين التي شددت على أهمية التنسيق والتعاون بين البلدين بما يحقق مصالح الاقتصاد العالمي.

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً الوزير بلينكن في بكين يونيو الماضي (أ.ب)

ولم تفلح هذه الجهود في طمأنة بكين وتخفيف التوتر معها. وجددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، معارضة الصين لـ«تسييس وتسليح» التجارة وقضايا التكنولوجيا.

وسعى مسؤولو بايدن في تصريحاتهم إلى التخفيف من وقع القرار التنفيذي الأخير، وعدوا أنه يندرج في إطار حماية الأمن القومي للولايات المتحدة، وليس الإضرار بالاقتصاد الصيني.

في الوقت نفسه، واصلت إدارة بايدن الضغط من أجل «إزالة المخاطر» عن سلاسل التوريد، عبر تطوير شبكة موردين خارج الصين. وقد عززت بشكل مطرد قيودها على بيع تقنيات معينة إلى الصين، بما في ذلك أشباه الموصلات للحوسبة المتقدمة.


مقالات ذات صلة

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

أظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوماً جمركية بنحو 40 % على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ هوارد لوتنيك رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة كانتور فيتزجيرالد في تجمع جماهيري للمرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب في ماديسون سكوير غاردن في نيويورك 27 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار هوارد لوتنيك الرئيس التنفيذي لشركة خدمات مالية وزيراً للتجارة

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الثلاثاء)، أنه اختار هوارد لوتنيك الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت وزيراً للتجارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أميركا اللاتينية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) يلتقي في بوينس آيرس نظيره الأرجنتيني خافيير ميلي (د.ب.أ)

ماكرون يدافع في الأرجنتين عن اتفاقات المناخ والمزارعين الفرنسيين

التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأرجنتيني خافيير ميلي بهدف «الدفاع» عن المزارعين الفرنسيين الرافضين لاتفاق التجارة الحرة.

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.